تُخيم سحابة رمادية كثيفة على المناطق الجبلية المحيطة بجماعتي دردارة وباب تازة، بإقليم شفشاون، بعدما أتت النيران على مساحات شاسعة من الغطاء الغابوي، في أحد أخطر حرائق هذا الموسم، فيما أطلقت الوكالة الوطنية للمياه والغابات إنذارا مبكراً بخصوص خطر اندلاع حرائق جديدة في شمال البلاد خلال الأيام القليلة المقبلة. وتُظهر مشاهد جوية ملتقطة حديثاً الطريق الوطنية رقم 2، التي تخترق المنطقة الجبلية بين تطوانوشفشاون، وهي محاطة بامتدادات متفحمة على الجانبين، حيث لم تصمد الأشجار أمام سرعة انتشار النيران، التي استمرت لساعات رغم تدخل فرق الإطفاء البرية والجوية. - إعلان - ويأتي هذا الوضع بعد 48 ساعة من حرائق مهولة اندلعت في غابات جماعة دردارة وامتدت إلى مشارف باب تازة، متسببة في موجة هلع في صفوف السكان، وإجلاء جزئي لعدد من الأسر، دون أن تُسجّل خسائر بشرية. غير أن الخسائر البيئية كانت جسيمة، وسط صعوبات في الوصول إلى بؤر الاشتعال بسبب التضاريس الوعرة. وفي السياق ذاته، أعلنت الوكالة الوطنية للمياه والغابات أنها ستشرع في إصدار خرائط تنبؤية ميدانية ابتداءً من 17 إلى 20 غشت الجاري، تُحدد بدقة المناطق المعرضة لخطر الحرائق، استناداً إلى معايير الغطاء النباتي، وقابليته للاحتراق، والمعطيات المناخية والجيومورفولوجية. ووفق التصنيف الجديد، تم وضع أقاليم شفشاون، طنجة-أصيلة، فحص أنجرة، المضيق-الفنيدق، وتازة ضمن منطقة "الخطورة القصوى"، ما يعني احتمالاً كبيراً لاندلاع حرائق في حال توفر أي شرارة أو نشاط بشري غير منضبط. أما أقاليم الحسيمة، تطوان، وزان، العرائش، إفران، وتاونات، فتم تصنيفها ضمن خانة "الخطورة المرتفعة"، في وقت حذرت فيه الوكالة من مغبة التهاون أو الاستهتار في المناطق المجاورة للغابات، خصوصاً مع تزامن الموجة الحالية مع ذروة الاصطياف. ودعت السلطات جميع السكان والعاملين في المجالات الغابوية والمصطافين إلى تفادي إشعال النار أو إلقاء أعقاب السجائر، أو القيام بأي نشاط قد يسبب شرارة. كما طالبت بالإبلاغ الفوري عند رصد أي دخان أو تصرف مشبوه. وتسعى الدولة المغربية إلى تعزيز نهج الاستباق في مواجهة الحرائق، بعدما سجلت السنوات الأخيرة حرائق مدمرة في الشمال، أبرزها حرائق غابة غابو وتلمبوط سنة 2022، التي شكلت نقطة تحول في المقاربة الوطنية لإدارة الكوارث البيئية.