إجراء قرعة الأدوار التمهيدية لبطولتي رابطة الأبطال وكأس الكونفدرالية الإفريقيتين لكرة القدم السبت المقبل بدار السلام    بادس.. ذاكرة شاطئ يهمس بحكايا التاريخ        بلاغ هام من شركة Baleària لزبنائها المسافرين عبر ميناء طنجة المتوسط خلال شهر غشت    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الأربعاء إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة    بعد أيام من حادث مماثل.. سيارة تدهس شخصًا وتُنهي حياته بمدخل تطوان            عشرات المهاجرين يحاولون الوصول إلى سبتة سباحة    دقيقة صمت في هيروشيما إحياء لذكرى مرور 80 سنة على إلقاء القنبلة الذرية عليها    كتاب طبطبة الأحزاب    وهبي معلقا على قرار رفض بعض مواد المسطرة المدنية... "لا نخشى الرقابة الدستورية بل نشجعها ونراها ضمانة لدولة القانون"    توقيف أفارقة متورطين في تزوير جوازات سفر وشهادات مدرسية أجنبية ووثائق تعريفية ورخص للسياقة    رئيس الفيفا جياني إنفانتينو: دعم الملك محمد السادس جعل المغرب نموذجاً كروياً عالمياً    المغرب... تضامن مستمر ومتواصل مع فلسطين بقيادة الملك محمد السادس    حين ينطق التجريد بلغة الإنسان:رحلة في عالم الفنان التشكيلي أحمد الهواري    النجمة أصالة تغني شارة «القيصر» الدراما الجريئة    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" بمناسبة اليوم الوطني للمهاجر    مقتل وزيرين في غانا إثر تحطم طائرة    حزب الله يرفض قرار الحكومة اللبنانية تجريده من سلاحه    نشوب حريق في شقة سكنية بمدينة الفنيدق    معاذ الضحاك يحقق حلمه بالانضمام إلى الرجاء الرياضي    أكلو : إلغاء مهرجان "التبوريدة أوكلو" هذا الصيف.. "شوقي"يكشف معطيات حول هذه التظاهرة    ابن الحسيمة "بيتارش" يلتحق بالفريق الأول لريال مدريد    المديرية العامة للأمن الوطني تطلق حركية الانتقالات السنوية    نقل جندي إسباني من جزيرة النكور بالحسيمة إلى مليلية بمروحية بعد إصابته في ظروف غامضة    عدد ضحايا حوادث السير يرتفع بالمدن فيما يسجل انخفاضا خارجها خلال شهر يوليوز    أشبال الأطلس يستعدون للمونديال بمواجهتين وديتين ضد منتخب مصر    طفل يرى النور بعد ثلاثين عامًا من التجميد    غزة.. انقلاب شاحنة مساعدات يخلف 20 قتيلا ومستوطنون يهاجمون قافلة معونات قرب مخيم النصيرات    أسعار النفط ترتفع    الموثقون بالمغرب يلجأون للقضاء بعد تسريب معطيات رقمية حساسة    بورصة الدار البيضاء تستهل الجلسة بأداء مستقر يميل للصعود    "وصل مرحلة التأزم البنيوي".. 3 مؤسسات رسمية تدق ناقوس الخطر بشأن أنظمة التقاعد        حزب "النهج" ينبه إلى تصاعد الاحتجاجات ضد التهميش ويستنكر الأسعار الخيالية المصاحبة للعطلة الصيفية        بعد طول انتظار: افتتاح حديقة عين السبع في هذا التاريخ!    الهند تعزز شراكتها مع المغرب في سوق الأسمدة عقب تراجع الصادرات الصينية    مراكش والدار البيضاء أفضل الوجهات المفضلة للأمريكيين لعام 2025    بطولة فرنسا: لنس يتوصل لاتفاق لضم الفرنسي توفان من أودينيزي    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تعقد اجتماعاً حاسماً لدراسة تعديلات قانونية وهيكلية    المغرب يدرب 23 عسكرية من 14 دولة على عمليات حفظ السلام الأممية    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 193 بينهم 96 طفلا    «أكوا باور» السعودية تفوز بصفقة «مازن» لتطوير محطتي نور ميدلت 2 و3    بين يَدَيْ سيرتي .. علائم ذكريات ونوافذ على الذات نابضة بالحياة    حين يضع مسعد بولس النقاط على حروف قضية الصحراء المغربية في عقر قصر المرادية.    بنما تعلن من جديد: الصحراء مغربية... ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل النهائي    سفير إسرائيل السابق في فرنسا يناشد ماكرون: إذا لم تفرض عقوبات فورية على إسرائيل فسوف تتحول غزة إلى بمقبرة    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحكمة الرقمية وهدر إنتاج كتاب الضبط
نشر في هسبريس يوم 25 - 06 - 2020


لا تستطيع إدارة ما لا تستطيع قياسه...
إن تحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها، هو الهدف الرئيسي السادس من ميثاق اصلاح منظومة العدالة، ويرتكز أساسا على استخدام التكنولوجيا الحديثة وذلك من أجل تحقيق العدالة الرقمية والحوسبة الشاملة للإجراءات والمساطر القضائية، وهذا ما جعل هيئة كتابة الضبط بالمغرب تنخرط بكل جدية ووطنية في تنزيل هذا الورش الكبير للبلاد، وأصبحت هي من تصنع المعلومة بمحاكم المغرب في سبيل الرقي بخدمات الإدارة القضائية، ولكن ما نعيشه اليوم هو التقييم الخاطئ لعمل هيئة كتابة الضبط، وهذا هو هدفنا من الورقة البحثية والتي سنحاول من خلالها الكشف عن الاختلالات الموجودة بجميع برامج المحكمة الرقمية والتي تم تنزيلها بمحاكم المملكة، وسنعتمد بالأساس على تحليلنا الواقعي لعمل كاتب الضبط بالمحكمة الرقمية، وكيف أنه تم طمس الهوية الرقمية لكاتب الضبط في هذا العصر الجديد الذي نعيشه.
إن تحليلنا لكل هذا، سيكون من منظور علمي تقني محض، وسنحاول فهم هدر إنتاج كاتب الضبط، وكيف تم طمس هويته أثناء تنزيل مشروع المحكمة الرقمية على أرض الواقع؟ وهل هاته البرامج يجب إعادة هيكلتها أم يجب الاستغناء عنها نهائيا وإعادة هندستها من جديد؟ هذا ما سنجيب عنه من خلال المحاور الآتية:
المحور الأول: طمس هوية كاتب الضبط وهدر إنتاجه.
المحور الثاني: المحكمة الرقمية والارهاق الوظيفي.
المحور الأول: هدر إنتاج كاتب الضبط وطمس هويته
منذ انخراط وزارة العدل في الورش الكبير لتحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها وخصوصا تنزيل مشروع المحكمة الرقمية، هيئة كتاب الضبط بمختلف تخصصاتها، رحبت بهذا القرار الوطني وانخرطت بكل جدية وموضوعية في تنفيذ وإنجاح هذا المشروع، حيث أنه من الضروري الانتقال من العمل النمطي والتقليدي لكتابة الضبط إلى العمل الرقمي الذي سيجعل من محاكم المملكة محاكم رقمية. وبالفعل أصبحت كتابة الضبط تعتمد على برامج معلوماتية خاصة بتدبير وتسيير الإدارة القضائية بمختلف شعبها ومكاتبها وأقسامها.
ولكن إذا تأملنا جيدا في هذا التحول من التقليدي إلى الرقمي بالإدارة القضائية، فسنجد أنه لم يتم رقمنة جميع الخدمات (الإجراءات والمساطر) التي تشرف عليها كتابة الضبط سواء بالرئاسة أو النيابة العامة، نأخذ كمثال على ذلك أنه لم يتم اعتماد أي برنامج يحسب كم مواطن استقبلت كتابة الضبط ونوع الخدمة المقدمة له، ومن الموظف الذي قام بالخدمة وهذا ما نسميه هدرا لإنتاج كاتب الضبط، فكتابة الضبط يأتي عملها بالأساس من المرحلة الأولى وهي استقبال المواطن-المتقاضي بصندوق المحكمة إلى المرحلة النهائية المتمثلة في تنفيذ الأحكام، فالعملية الآتية ليس بهذا الاختصار كما تعلمون، فهي مجموعة عمليات تقوم بها كتابة الضبط وقد تصل إلى متوسط خمسين إجراء في الملف الواحد (التجربة الشخصية للباحث)، فالبرهان الأول على هدر إنتاج كتابة الضبط هو الاعتماد الخاطئ على إحصاء غير واقعي، والذي يركز على المخلف والمسجل والمحكوم والباقي، فهذا المؤشر الإحصائي يعزز إنتاج القضاة فقط ولا يوضح الإنتاج الحقيقي لكاتب الضبط، فيجب أن نعلم أن برنامج تدبير الملفات المدنية لا توجد به آلية تقوم بعد طبع الاستدعاءات، طلبات التصوير، الاشهاد، تسليم نسخ أحكام، مذكرات الدفاع، وكم من محضر أنجز(محاضر التنفيذ بجميع أنواعها...) إلخ، والأعظم من كل هذا فجميع البرامج لا يوجد بها إنتاج كل موظف على حدة، فمثلا في برنامج تدبير الدعوى العمومية بالنيابة العامة تجد إنتاج كل نائب وكيل الملك، حيث يتم احتساب عدد القرارات التي اتخذت في مجموعة الشكايات المقدمة أمام النيابة العامة، وهنا يجب أن نعلم أن كل إجراء يقوم به نائب وكيل الملك في مقابله كاتب الضبط بالنيابة العامة يقوم بستة إجراءات في الشكاية الواحدة، أي إجراء لنائب وكيل الملك يوازيه 06 إجراءات لكاتب الضبط بالنيابة العامة، وهذا ما يفسر لنا هدر قوة إنتاج جد مهمة لكاتب الضبط، فالمسؤولون عن هندسة البرامج المعلوماتية بالإدارة القضائية لم يضعوا مؤشرات حقيقية تقيم إنتاج كاتب الضبط. وبالتالي فهدر إنتاج كاتب الضبط هو طمس لهويته، وكما ترون فإن هذه الاختلالات والتشويهات التي شابت برامج المحكمة الرقمية هي التي جعلت البعض يخطأ في تقييم العمل الحقيقي لكتابة الضبط.
إن تنزيل المحكمة الرقمية لا يعني أن نملأ محاكم المملكة بالعتاد المعلوماتي، وببرامج معلوماتية لا تعكس واقع عمل كتابة الضبط الحقيقي، بل كان يجب على أصحاب القرار بقطاع العدل أن يضعوا هندسة شاملة لجميع الخدمات والإجراءات والمساطر المقدمة من طرف كتابة الضبط، ولتكون محكمة رقمية تعكس الإنتاج الحقيقي لكل كاتب الضبط بصفة خاصة ولهيئة كتابة الضبط بصفة عامة.
المحور الثاني: المحكمة الرقمية والإرهاق الوظيفي
إن قواعد البيانات بالمحكمة الرقمية مملوءة بالمعلومات وفيها نسبة تضمين وتحيين مائة بالمائة، وهذا ما كان سيعزز من تخفيف الضغط على كتاب الضبط بمحاكم المملكة، إذ يمكن للمواطن/المتقاضي أن يستفيد من خدمات بوابة الإدارة الرقمية دون الانتقال إلى محاكم المملكة، وفي نفس الوقت إعفاء الموظف من استقبال المتقاضي، ولكن الحال أن الموظف ما زال المسؤول يلزمه بتقديم هاته الخدمة رغم أن المعلومة موجودة بالبوابة الرقمية للمحاكم، فهنا نطرح التساؤل عن جدوى هذه الرقمنة إذا لم نستفد منها من جهتين من جهة نستغل وقت فراغ الموظف في تنفيذ خدمات أخرى بأقل جهد وأقل تكلفة، ومن جهة أخرى نعزز من مؤشر تقييم خدمة البوابة الرقمية، فهذه الازدواجية في العمل التي يقوم بها كاتب الضبط هي من مسببات الإرهاق الوظيفي.
كذلك نجد من مسببات الإرهاق الوظيفي لكاتب الضبط هو التضخم في البرامج المعلوماتية المعتمدة حاليا بمحاكم المملكة، فمثلا لو أخذنا بعين الاعتبار برنامج تدبير الدعوى العمومية، فالمكلف بالاستنطاق يدخل معلومات المقدم أمام النيابة العامة وعند اتخاذ قرار الإيداع بالسجن (الاعتقال الاحتياطي)، يستخرج كاتب الضبط بالنيابة العامة مطبوع الإيداع بالسجن، وبعدها نجده مضطرا تسجيل معلومات المعتقل ببرنامج آخر وهو برنامج تدبير الاعتقال الاحتياطي، إذن لدينا برنامجان لا صلة بينهما مع تكرار إدخال المعلومات، وهذا أيضا إرهاق وظيفي لكاتب الضبط، والأكثر من ذلك فبرنامج تدبير الدعوى العمومية كان الأجدر عندما ندخل رقم الشكاية يجب أن يعطينا البرنامج آخر إجراء تم اتخاذه، مثلا شكاية تمت بها المتابعة وبعدها تم الحكم في الملف وتم استئنافه وتم النقض فيه، فعندما يريد المتقاضي بالبوابة الرقمية أن يطلع على آخر إجراء اتخذ بشأن شكايته، مجرد أن يكتب رقم شكايته تتاح له جميع المراحل التي مرت منها شكايته إلى آخر إجراء، إلا أنه نجد غير ذلك فالمواطن مضطر أن يذهب للمحكمة كل مرة للسؤال عن إجراءاته، وهذا ما يضع كاتب الضبط دائما في حالة إرهاق وظيفي، فالمقصود من كل هذا الشرح أن نفهم أن البرامج المعتمدة بالمحكمة الرقمية هي المسببة في رداءة الخدمات المقدمة من طرف الإدارة القضائية.
إن تحليل الواقع الذي يعيشه كاتب الضبط في عصر المحكمة الرقمية (النسخة الحالية)، هو ضرورة ملحة لكي لا نبخس عمل هيئة كتابة الضبط وأيضا لكي لا نخطئ في تقييم ذلك، فبدل أن نتهم كتاب الضبط بعدم العمل أو بالتقصير في الأداء يجب أن نعترف بأنه آن الأوان أن نعيد النظر جيدا في جميع برامج المحكمة الرقمية المعمول بها حاليا، وأن يكون نقاش عمومي جاد حول تنزيل محكمة رقمية في نسخة جديدة تكون عادلة وخالية من الهدر.
*منتدب قضائي بالمحكمة الابتدائية بكلميم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.