بوريطة يستقبل وزير العلاقات الخارجية البنمي، حاملا رسالة خطية من رئيس جمهورية بنما إلى جلالة الملك    غزة.. الدفاع المدني يعلن مقتل 20 فلسطينيا على الأقل بنيران إسرائيلية قرب مركز لتوزيع المساعدات    أسبوع الفرس .. تنظيم الدورة الأربعين من 5 إلى 13 يوليوز المقبل بالرباط    اسبانيا.. إحباط محاولة تهريب 13 سيارة فارهة مسروقة نحو المغرب    سبتة المحتلة تسجّل دخول 87 مهاجرا سريّا في غضون 15 يوما    مقاييس التساقطات المطرية خلال ال 24 ساعة الماضية    موسم حج 1447ه.. عملية إجراء القرعة من 23 يونيو الجاري إلى 04 يوليوز المقبل    طنجة.. أربعيني يقفز من قنطرة للراجلين فوق سكة القطار بخندق الورد    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    في أول لقاء مع جمهوره المغربي.. ديستانكت يكشف ألبومه العالمي وسط تفاعل صاخب        بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الأسبوع بأداء سلبي    الذهب يقترب من أعلى مستوياته في شهرين    اعتداء وعنف بفاس.. توقيف شخص والتحقيق جارٍ لتوقيف شقيقه    رسميا.. لا مباراة لبرشلونة في المغرب هذا الصيف لهذا السبب    النظام ‬الجزائري ‬الملاذ ‬الآمن ‬لجبهة ‬البوليساريو ‬الإرهابية ‬    امطار رعدية ورياح عاصفية مرتقبة بمنطقة الريف    طفلة مغربية تفارق الحياة بسبب صعقة كهربائية في مهرجان إسباني    الهند تعلن العثور على الصندوق الأسود الثاني للطائرة المنكوبة    الخطوط الملكية المغربية تضيف 700 ألف مقعد لخدمة الجالية.. الناظور من المدن المستفيدة    النهضة البركانية تطيح بالزعيم وتعبر إلى نصف نهائي كأس العرش    نقابة للتعليم العالي تعلن عن الإضراب وتحتج أمام الوزارة    بناصر رفيق: المرأة التجمعية شريك أساسي في بناء مغرب الديمقراطية والتنمية    تطوان: تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    هومي: جعلنا من قضايا الغابات أولوية استراتيجية لأهميتها في المحافظة على التوازنات البيئية    تقارير.. برشلونة يقرر إلغاء إجراء المباراة الودية بالمغرب شهر غشت القادم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    تحت الرعاية الملكية.. بن جرير تحتضن الدورة الخامسة للمناظرة الوطنية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني    وفاة والدة الصحافية والإعلامية قائمة بلعوشي    موسم حج 1447ه : عملية إجراء القرعة من 23 يونيو الجاري إلى 04 يوليوز المقبل (وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية)    وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تحدد تاريخ إجراء قرعة الحج لموسم 1447 هجرية    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد    تضامنا مع غزة… وقفات احتجاجية تطالب بكسر الحصار ووقف الإبادة    إيران تعلن عدد قتلاها منذ بدء الغارات الإسرائيلية    الاتحاد الدولي لكرة القدم يرد على المشككين في "الموندياليتو"    الرجاء يؤجل انطلاق تداريب الفريق الأول استعدادا للموسم المقبل    النفط يرتفع في ظل تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات        إيران تعلن إعدام "جاسوس" عمل لصالح الموساد الإسرائيلي    لليوم الرابع.. تصعيد حاد بين إسرائيل وإيران يرفع من وتيرة النزاع ويثير قلق المجتمع الدولي        "نقاش الأحرار" يحط الرحال بسوس    ألكسندر دوغين: إسرائيل قد تلجأ إلى "خيار شمشون" وتستخدم السلاح النووي    8 قتلى في إسرائيل وإصابة 287 آخرين ووسائل إعلام عبرية تتحدث عن دمار هائل في تل أبيب الكبرى    توتنهام الإنجليزي يضم المهاجم الفرنسي ماتيس تيل بشكل نهائي    حملات تضليل رقمية تستهدف حموشي.. وتُراهن على النصاب هشام جيراندو    نهضة بركان يبلغ نصف نهائي الكأس    المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة يحتفي بشخصيات بارزة من عالم الفن السابع    حب الملوك بصفرو : 101 سنة من الاحتفاء بالكرز والتراث المغربي الأصيل    ريدوان وبيتبول يبدعان في أغنية مونديال الأندية    بعد غيابه لقرن من الزمان.. كزناية تحتضن مهرجان التبوريدة    فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    فرينش مونتانا يشعل حفل افتتاح مونديال الأندية بأمريكا بإطلالة بقميص المنتخب المغربي بخريطة المغرب كاملة    إيران تقصف معهد وايزمان الإسرائيلي للعلوم    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما    السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسخرة الترويج للدارجة
نشر في هسبريس يوم 29 - 03 - 2013

بداية ، لابد من التأكيد على شيء من الأهمية بمكان، هوأن الدارجة المغربية ، كما يمكن أن يؤكده علماء اللغة و المتخصصون اللسانيون في الدراسات الدكلوسية ، تمثل المستوى " المتدني" للغة العربية، و أما المستوى" العالي" فهو اللغة العربية المنقحة التي ننعتها ب"الفصحى " أو" الفصيحة " ،و هذا المستوى العالي هو المستوى الذي يختاره المتعلم أو المثقف باللغة العربية عندما يريد أن يكتب في ميدان من ميادين المعرفة. هذان الوجهان لعملة واحدة تتميز به جميع اللغات الحية، فلغة التداول و التخاطب اليومي، ليست هي لغة القراءة و الكتابة التي تحتاج إلى تفكير و روية و إلى لغة قوية ،عالمة ودقيقة. الطفل الفرنسي ،على سبيل المثال، عندما يلج المدرسة لأول مرة، لا يملك إلا الدارجة الفرنسية La langue familière ، و هي لغة مختلفة، في كثير من جوانبها ، عن اللغة الفرنسية المعيارية.
La langue normative
هذه الدارجة الفرنسية، يصعب على من تعلم فقط المستوى المنقح من اللغة الفرنسية ،مثل عدد كبير من المغاربة ،أن يفهمها بسهولة ، و هي أداة لغوية يطلب من الطفل الفرنسي التخلي عنها عند ولوجه المدرسة ،لكي يتعلم اللغة الفرنسية المنقحة التي بها سيستوعب جميع المواد التي سيدرسها و التي هو مطالب بالكتابة و القراءة بها.
قد يطول بي المقام إذا أردت أن أعطي أمثلة لتوضيح هذا الأمر. يكفي أن أقول : إن عددا هائلا من المفردات التي يكون الطفل الفرنسي قد تعلمها في منزله، أي في دارجته، لا نعثر عليها في القواميس الفرنسية المعيارية، لسبب بسيط هو أن أكاديمية اللغة الفرنسية لا تعترف بهذه المفردات، لأنها تمثل الوجه المتدني أو العاميأو الدارجي للغة الفرنسية كما أن هناك تراكيب صرفية / نحوية كثيرة في الدارجة الفرنسية لا تقبلها اللغة الفرنسية العالمة .
و إذا السؤال هو: " لماذا لا تدرس فرنسا دارجتها لأبنائها و تبعث إلى المغرب،إحدى مستعمراتها القديمة، بعض" علمائها "، أمثال "كوبي" و " بنطلوليلا" و"حجاج كلود"، و باقي "فقهائها" المغرضين ، لإعطائنا الدروس في نوع اللغة التي يجب أن ندرس بها في المغرب، و الترويج لدارجة، إذا أردنا ترقيتها و تطويرها ، لجأنا حتما إلى مستواها العالي وهو ما نسميه ب "اللغة العربية الفصيحة" .؟
و الجواب على هذا السؤال هو أن الفرانكونيين المغاربة ، أي المغاربة الذين درسوا فقط بالفرنسية و لا يقوون علي تركيب جملة واحدة بالعربية الفصحى، يشتغلون ، وهم في غالبيتهم أصحاب القرار بالمغرب، بعقلية فرنسية ، كانت مختفية إلي حين، و بدأت تنفث سمومها في الآونة الأخيرة. هذه الأصوات الفرنكوفونية المغربية هي التي تنادي باستعمال
2
الدارجة في التعليم و غير التعليم ،وهي تفعل هذا ليس حبا في هذه الدارجة التي نعشقها نحن لأنها جزء من حميميتنا، و لكن لأنها لا تملك ناصية العربية المنقحة ، العالمة، الفصحى، التي يسهر أبناء الشعب المغربي الليالي الطوال من أجل أن يتعلموها في المدارس العمومية ، كما يفعل التلاميذ و الطلبة الفرنسيون عندما يريدون أن يبتعدوا عن دارجتهم ، ليتمكنوا من إتقان لغة " أندري مالرو " و لغة " لويس باستور " التي بها يلجون عالم المعرفة و التي لا تعترف الأكاديمية الفرنسية إلا بها.
إذا ،هؤلاء الذين ينادون بالتدريس بالمستوي البسيط للغة العربية أي بالدارجة ،هم أناس لا يفقهون شيئا في اللغة العربية العالمة، و لا بتراثها الهائل الذي راكمته خلال قرون طويلة، لأنهم بكل بساطة تخرجوا من مدارس فرنسية تركها الفرنسيون بالمغرب، بتزكية من طبقة تحكمت في مقاليد الأمور غداة الاستقلال، و هي نخبة مستلبة تعرف أنه بواسطة هذه المدارس ، ستستمر اللغة الفرنسية في مواجهة اللغة العربية الفصحي ، اللغة الحضارية الكبيرة التي باستطاعتها وحدها الآن أن تقلب جميع موازين المتثبتين باللغة الاستعمارية القديمة. و الواقع المخزي الذي يريد أن يفرضه هذا المنتوج الفرنكفوني على المغاربة ، و ذلك بدفاعه عن استعمال الدارجة كمطية ،هو جعل اللغة الفرنسية تسود في كل مكان . وهناك بوادر شتي تؤكد ذلك. و عندما ينادي الفرانكفونيون المغاربة بالتدريس بالدارجة، فأكيد أنهم لم و لن يبعثوا بفلذات أكبادهم للمدرسة العمومية المغربية حيث يريدون لهذه الدارجة - و كم من دوارج بالمغرب؟ - أن تسود ، و هي التي لن يفهمها أحد خارج المغرب،مما سيساهم في عزل المغرب عن عمقه الإسلامي وعن باقي الدول التي تنتشر فيها اللغة العربية . و أكيد كذلك أنهم لم و لن يستعملوها في حياتهم اليومية، هم الذين يفضلون في غالب الأحيان الزواج بالفرنسيات بدل بنات هذا الوطن الذي " يحبونه" كثيرا...
الدارجة أداة للتدريس؟ إنه العبث. ماذا سندرس بالدارجة؟ و بأية وسائل ديداكتيكية سندرس وهي وسائل منعدمة تماما؟ و أين هي الكتب المدرسية التي سنستعمل بالدارجة إذا افترضنا أننا سنطبق هذه الفكرة المجنونة النابعة من عقول حقودة على اللغة العربية، مع العلم أن اللغة العربية راكمت تجربة هائلة في تدريس مختلف المواد العلمية و الأدبية ؟
وهل للدارجة التراث الثقافي الضخم اللصيق باللغة العربية الفصيحة ،و هل لها ملايين المؤلفات التي تزخر بها المكتبة العربية و التي ألفها أصحابها عبر عشرات القرون ...
أليست هذه دلائل تثبت على أن أصحاب هذا الطرح لا يرومون من ورائه سوى القضاء على اللغة العربية التي يأبون ألا يروا فيها إلا لغة تصلح فقط للصلاة، لغة لا علاقة لها بالعلم مع أن الواقع يكذب ذلك، بدليل أن هناك المئات من الكتب العلمية تصدر اليوم-كما كانت بالماضي- باللغة العربية، عبر العالم العربي و الإسلامي ( هناك على سبيل المثال كتب علمية مترجمة من الإنجليزية تأتينا من الكويت تتناول بالدرس و التحليل مواضيع علمية دقيقة في لغة عربية علمية و مبسطة و بأثمان في متناول جميع الجيوب ..) .ثم ، أو ليس صحيحا أن تطوير الدارجة لا يمكن أن يتم إلا بالتجائها إلى اللغة العربية؟ و إذا لماذا الإصرار على الدارجة؟
3
عندما نطرح الدارجة كبديل للفصحى، فمعنى هذا أن الفصحى بقدراتها اللغوية و التراثية الهائلة فشلت ،و أن الدارجة ستنجح حيث فشلت الفصحى. إنه العبث مرة أخرى. و الذين يتهمون اللغة العربية بكونها السبب الرئيسي في الفشل الدراسي للكثير من الطلبة في الجامعة المغربية ، ينسون أو يتناسون أن السياسة التعليمية التي أوقفت ، بدون تبرير علمي مقنع ، تعريب المواد العلمية بالباكالوريا هي المسؤولة الأولي و الأخيرة عن هذا الفشل. اللغة العربية غير مسؤولة عن هذا الفشل ، بل الفشل هو فشل "الساهرين" على الحقل التعليمي بالمغرب ... و هنا نطرح السؤال الجوهري: " لماذا لم يواصل التعريب في الجامعة بخصوص المواد العلمية؟ لماذا حكمنا على اللغة العربية بالعجز و القصور؟ ألم يكن حريا بنا أن نتابع التعريب بالجامعة على الأقل بالنسبة لمن كانوا يرغبون في ذلك لضعفهم في اللغة الفرنسية؟ ألم يكن مستحيلا أن تطلب الدولة باستعمال اللغة العربية في الإدارات المختلفة و الأبناك و المقاولات و جل المرافق الحياتية لفسح مجال التشغيل للمتخرجين من الجامعة باللغة العربية في مختلف المواد العلمية؟ لماذا نتهم اللغة العربية بالقصور و نحن اقتصرنا بالتدريس بها بالثانوي و أوصدنا باب الجامعة عنها ؟ ما الفرق بين أن تدرس العلوم بالباكالوريا و بالسنة الأولى من الجامعة باللغة العربية؟ هل هناك فرق كبير بين المستويين؟ هل كان هذا سيكون صعبا على المدرسين و لماذا لم نحاول كما حاولنا في الثانوي مع أساتذة جلهم كانوا مكونين علميا باللغة الفرنسية فتحولوا إلى التدريس باللغة العربية دون عناء كبير ؟ الأسئلة قد تتناسل إلى ما لانهاية، وهي أسئلة يظل الجواب الوطني الصريح عنها هو أن النية كانت مبيتة من طرف خصوم اللغة العربية، لوقف مسيرة التعريب بأبواب الجامعة، وذلك لتوجيه تهم واهية و مجانية للغة أجهضت في مسيرتها و لم تعط لها الفرصة لتبيان قدراتها لتدريس العلوم بها وذلك،بفضل أبناءها الذين لم يفشلوا في تعريب المواد العلمية بالثانوي، و بالتالي كان الهدف البعيد من هذا كله هو الحفاظ على لغة أجنبية يريد أصحابها الفرنسيون ( و أحفادهم الفرانكفونيون المحليون )بواسطتها الحفاظ على امتيازات لهم في بلاد كانت مستعمرة من مستعمراتهم ، يتحكمون في ثرواتها كما يحلو لهم.
الخلاصة هو أن مسخرة استعمال الدارجة في التدريس يراد منها بالدرجة الأولى القضاء على اللغة العربية لفتح المجال أمام لغة أجنبية يشعر أصحابها في دواخلهم أن اللغة العربية بقوتها الهائلة و صلابة المتمسكين بها، تهدد مصالحهم وقد تسلب منهم مواقع يعتقدون أنهم هم الأولى بها . و ليس غريبا أن تأتي هذه الدعوة من مغاربة يظنون خطأ أن تمكنهم من اللغة الفرنسية سيجعلهم ذات مصداقية فيما يريدون الإقدام عليه أمام معربين، ترسخ في ذهن الكثير منهم أن اللغة العربية هي سبب تأخر من اعتبرها لغة رسمية له. و قد جاءت الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية لدحض هذه التوجهات باستعمالها للغة الفرنسية دفاعا عن اللغة العربية، و قد أعلنت الجمعية يوم ميلادها، سنة 2007، أن سلاح اللغة الفرنسية هو أحسن سلاح في يدها للدفاع عن اللغة العربية ، أمام خصومها الفرانكفونيين المحليين المشعوذين الذين ينعتونها بكل أنواع التحقير، و هي عنصرية مقيتة لن يكتب لها الدوام .
4
ستتصدى لها الجمعية بكل الوسائل المشروعة، في الشهور المقبلة ، بالحجة العلمية و الإقناع المبني على الدلائل العلمية الثابتة.، بعدما نجحت في خلق تعبئة عامة بالبلاد دفاعا عن اللغة العربية ...و آخر الأمواج الهادرة لهذه التعبئة ما أعلنه بعض الإخوة الأمازيغيين من استعداد لحماية اللغة العربية في ائتلاف وطني من أجل اللغة العربية نتمنى له النجاح و المثابرة وعدم الانبهار ببعض الكراسي الزائفة التي تلوحها لهم بعض الجهات التي تراخت عن الدفاع عن اللغة العربية لأسباب غي مفهومة ...
*رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.