حجيرة يدعو إلى تجارة دولية أكثر ملاءمة لواقع القارة الإفريقية    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    احتجاجات دولية بعد إطلاق إسرائيل النار على وفد دبلوماسي في جنين    مقتل موظفين بسفارة إسرائيل بواشنطن    قرار استثنائي من الفيفا يهم الوداد    إندريك يغيب عن كأس العالم للأندية بسبب الاصابة    طقس الخميس .. أجواء حارة نسبيا وزخات رعدية بعدة مناطق    فاجعة بجماعة إونان.. حريق مأساوي يودي بحياة أسرة كاملة    كيوسك الخميس | مناورات لمكافحة أسلحة الدمار الشامل بميناء أكادير العسكري    مندوبية التخطيط: عدد فقراء المغرب انخفض من 4.5 مليون إلى 2.5 ملايين شخص خلال 10 سنوات    مندوبية التخطيط تكشف تراجعًا في الفقر متعدد الأبعاد وتحذر من استمرار الفوارق المجالية    الجديدة: تسليط الضوء على الأدوار الاستراتيجية للقوات الخاصة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    رقم قياسي جديد.. عدد زوار فضاء الأبواب المفتوحة للأمن الوطني تجاوز مليوني زائر    مقتل موظفيْن إسرائيليين في واشنطن    أمام نظيره الجنوب إفريقي وعلى مسمعه: ترامب يدين 'الإبادة الجماعية' ضد الأقلية البيضاء    الإمارات تتوسع في غرب إفريقيا: جولة دبلوماسية رفيعة المستوى تفتح آفاقًا استثمارية جديدة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر    إدانة "عائلة جيراندو" بالحبس والغرامة    من تطوان إلى إشبيلية.. مسيرة فنية تحتفي بجسور الثقافة بين المغرب وإسبانيا    إسبانيا تراقب عن كثب تقارب المغرب وكوريا الجنوبية بشأن قضية الصحراء    عزلة الجزائر تتفاقم في الساحل: نظام غارق في الخطابات ومتخلف عن دينامية التحالفات    إصابة شاب بجروح خطيرة في جريمة طعن بحي أمغوغة الصغيرة بطنجة    العثور على رضيع حديث الولادة داخل علبة كرتونية بطنجة    الحسيمة تحتضن المؤتمر الدولي JIAMA'25 حول الذكاء الاصطناعي والرياضيات التطبيقية    مدرب نهضة الزمامرة: الزعيم استحق التأهل إلى ربع نهائي كأس العرش    كرة القدم والاستثمار .. المغرب يسرع الخطى نحو كأس إفريقيا والمونديال    استهداف قوات الاحتلال الاسرائيلي للسفير المغربي بفلسطين يثير موجة من التنديد    مصرع سائق دراجة هوائية دهساً تحت عجلات شاحنة بطنجة (فيديو)    الوكيل العام الجديد للملك لدى محكمة النقض يؤكد التزامه باستقلال القضاء وحماية الحقوق والحريات في كلمة تنصيبه الرسمية    "غوشن باور" تبدأ "خلال أيام" إنشاء أول مصنع بطاريات ضخم للسيارات الكهربائية بالمغرب    المصالح الأمنية المغربية عززت قدراتها في مواجهة المخاطر المرتبطة باستضافة التظاهرات الرياضية الكبرى    توتنهام يتوج بلقب الدوري الأوروبي    ماركا: الوداد المغربي يسعى لضم كريستيانو رونالدو    يومية "لو باريزيان" الفرنسية: أشرف حكيمي.. "رياضي استثنائي"    اكتشاف أثري يظهر التقارب الحضاري بين طنجة ومناطق إسبانية وبرتغالية    مجلس المنافسة: الترخيص لمؤسسات الأداء والشركات الفرعية للبنوك بالعمل ابتداء من 1 ماي 2025    الفنانة سمرا تصدر "محلاها ليلة".. مزيج إسباني عربي بإيقاعات عصرية    نادي "صرخة للفنون" يتألق ويمثل المديرية الإقليمية بالعرائش في المهرجان الجهوي لمؤسسات الريادة    التشكيلي بن يسف يتألق في اشبيلية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    الرجاء يعلن عن لقاء تواصلي مع المنخرطين بخصوص الشركة الرياضية للنادي    وزارة التربية الوطنية تُكوِّن أطرها لتدريس "الهيب هوب" و"البريكينغ" في المدارس    إيداع رئيس جماعة بني ملال السابق سجن "عكاشة" رفقة مقاول ومهندس    تتويج المواهب الشابة في الدورة الثالثة لمهرجان الفيلم المغربي القصير بالجوال    ولد الرشيد: التعاون الإفريقي أولوية    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    باحثون بريطانيون يطورون تقنية جديدة تسرع تشخيص أورام الدماغ    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    طنجة تحتفي بالثقافات في أولى دورات مهرجان الضفاف الثلاث    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    المغرب يمنح أول ترخيص لشركة خاصة بخدمات الطاقة    في مجاز الغيم: رحلة عبر مسجد طارق بن زياد    الذهب يصعد إلى أعلى مستوى له خلال أسبوع مع تراجع الدولار    المغاربة... أخلاق تُروى وجذور تضرب في عمق التاريخ    وفد من مركز الذاكرة المشتركة يزور الشيخة الشاعرة والمفكرة سعاد الصباح    تلك الرائحة    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه الحياة القذرة..
نشر في هسبريس يوم 22 - 06 - 2013

البارحة..كنت أتجول داخل قيسارية بمدينة الرباط قتلا للوقت في انتظار أن يحين موعد ندوة تافهة سيستعمرها الكلام الخشبي، فلفت انتباهي منظر عجيب غريب: كان هناك محلين لبيع الملابس..تقريبا نفس السلع ونفس الأثمنة..لكن الزبناء كانوا يتجمعون كالنحل على واحد منهما مهملين الآخر..نفس الملاحظة بمحل آخر لبيع الأطعمة السريعة..نفس الأثمنة ونفس الأطباق..إلا أن واحدا منهما يعرف فراغا تاما مقابل جلبة بالآخر..وكذلك الأمر بمكتبتين قريبتين من القيسارية..نفس الكتب ونفس الأسعار..لكن واحدة مهجورة من الزبناء والأخرى كأنها دار عرس..
لم أكن في حياتي اشتراكيا ولا شيوعيا..إلا أنني لا أفهم كيف نصرُّ على إغناء البعض وتفقير البعض الآخر..لا أفهم كيف تتراص الصفوف لابتياع بعض الخبز من مخبزة بالغة الثراء..بينما نهمل امرأة فقيرة تجلس جنب الشارع تبيع خبزها بكثير من الحنان وبكثير من اللذة التي لا تقدمها آلات الخبز الجديدة..لا أفهم كيف نسافر إلى المحلات التجارية الكبرى من أجل شراء علبة شاي في حين يمكن شراءها من بقال يُعيل أسرة وربما عائلة..لا أفهم كيف لا نشتري علبة مناديل ورقية من عاطل ونفضل شراءها من محل وبعد ذلك نقول إن العاطلين لا يبحثون عن حلول لأنفسهم..
الكثير من الأشياء لا أفهمها في هذه الحياة القذرة..لا أفهم كيف يولد طفل في السويد وآخر في الصومال..لا أفهم كيف يؤدي طفل بريء خطأ دولته وخطأ التاريخ وخطأ الظروف..لا أفهم كيف تتحول كل أحلام مواطن ما إلى مجرد السكن والشغل..بينما يضمن أحدهم عمله وسكنه منذ أن تتفتح عينيه على الحياة..لا أفهم كيف يستفيق شخص ما على أصوات الرصاص وهزات المدافع..ويستفيق أحدهم على أصوات الموسيقى وأغاني الفرح..
لا أفهم كيف يولد أحدهم مسلما والآخر مسيحيا..فيقتل الأول الثاني لأنه ليس على ملته..ويستعمر الثاني الأول لأنه ليس على دينه..لا أفهم كيف يعتقد بعضهم بأنه شعب الله المختار لأنه يهودي بالوراثة فيقرر إبادة من لم يختره الله..لا أفهم لماذا يفكر بعضهم على أنه ينتمي لخير أمة أخرجت للناس وهو الذي لم يقدم في حياته خيرا ولا صلاحا..لا أفهم لماذا نُحّقر أديان بعضنا بعضا وهي من عند الله جميعا..لا أفهم كيف أعطينا لأنفسنا الحق بأن ندخل الجنة وحدنا والبقية كفرة جهلة سيتم شوائهم في نار جهنم..
لا أفهم كيف يولد واحد في هذا الوطن بملعقة من ذهب في فمه..وكيف يولد آخر في نفس الوطن بملعقة من علقم..لا أفهم كيف يدرس الأول في أحسن المدارس وأرقى الجامعات ويشتغل في أفضل الوظائف..وكيف يحصر الثاني نفسه في مدارس حقيرة بأعطاب متعددة..وجامعات فاشلة بترقيعات كبيرة..ليجد نفسه وهو يجر عربة خضراوات في نهاية حياته..لا أفهم كيف يحمد بعضهم الله لأن وُلد في بلد كالمغرب من حقه أن يفعل ما يريد فيه..وكيف يشتم بعضهم القدر لأنه كبر في حضن وطن مرّ قتل كل أحلامه وأمانيه..
لا أفهم كيف ينجح أحدهم بضربة حظ..كذلك الذي فتح موقعا بسيطا من أجل نسيان حبيبته فوجد نفسه أصغر ملياردير في العالم..ولا أفهم كيف يفشل أحدهم..وهو الذي لاحق طول حياته النجاح فما وجد منه سوى المشقة والسراب..لا أفهم كيف يدرس المرء عشرين سنة من حياته..وفي النهاية يشتغل بأجر حقير لا يكفيه حتى لمصاريف العيش..ولا أفهم كيف لا يفرق أحدهم بين رقم 6 ورقم 9 ومع ذلك يركب آخر الموديلات ويُسيّر أكبر الشركات..لا أفهم كيف يَكون المغرب بلدا متخلفا وهو الغني بفوسفاطه وثرواته السمكية..وكيف تَكون اليابان بلدا متقدما وهي التي تستعمرها الزلازل والنكبات..
لا أفهم كيف ينهش مجرم ما وجه فتاة بريئة لأنها لم تتوفر على ما يريد سرقته..ولا أفهم كيف يخرج هذا المجرم بكفالة رغم أنه شوَّه حياة الفتاة ورماها إلى خط التماس..لا أفهم كيف يسرق مسؤول ما أموال الشعب..ويرسل موظفه إلى السجن قربانا لأخطائه..لا أفهم كيف يدخل بريء إلى السجن ويقضي فيه السنوات إن لم يتوفاه الموت داخله..بينما يعيش الكثير من المجرمين بيننا ناعمين بهواء أجمل بلد في العالم..
لا أفهم كيف تنقلب المشاعر ويصير الحبيب عدوا..لا أفهم كيف تتحول الكثير من قصص الحب إلى كوارث غدر وخيانة.. .لا أفهم كيف تباع الأحاسيس في أسواق النخاسة فيصير الحب مملوكا لمن يدفع أكثر..لا أفهم كيف يعشق الواحد منا الآخر..وتجد الآخر يعشق واحدا آخر..كل يعشق في الآخر..ولا أحد فكر بأن شخصا يحبك وقادر على تضحية من أجلك..خير لك من حبيب متعجرف ينظر إلى السماء ولا يحس حتى بوجودك.
أنا عاجز عن فهم هذه الحياة القذرة..صراحة عاجز.. !
http://www.facebook.com/ismailoazzam
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.