الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء        جلالة الملك يأمر بإرسال مساعدة إنسانية وطبية عاجلة لفائدة ساكنة قطاع غزة    كندا تعتزم الاعتراف رسميا بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة شتنبر المقبل    بين القصف والتجويع.. سقوط مزيد من القتلى الفلسطينيين في غزة    رئيس لبنان يرفض سلاح "حزب الله"    ميدفيديف يرد على ترامب: لسنا إيران    تشيلي.. إجلاء أكثر من مليون شخص تحسبا لوصول تسونامي    "ميتا" تزيد الأرباح بفضل الذكاء الاصطناعي    توقيف سيدة بشبهة حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية بسلا    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس بالمغرب    السلطات الفرنسية توقف الزوج المتهم في مقتل زوجته نواحي تازة    حادث اصطدام بين سيارة ودراجة نارية يخلف قتيلين ضواحي الحاجب    كيوسك الخميس | أمريكا تبرز ريادة الملك لفائدة السلام وتشيد بالشراكة الدائمة    المنتخب المحلي يضمن 200 مليون قبل انطلاق "الشان"    إجلاء أكثر من مليون شخص في التشيلي تحسبا لوصول تسونامي    العسكر ينهي حالة الطوارئ في بورما        هولندا.. ذئب يهاجم طفلاً ويجرّه للغابة.. والسلطات تُحذر السكان    التازي يشيد بروابط المغرب والإمارات    الموريتاني بدة يتشبث بمطالب مالية    إنفانتينو: المغرب ضمن النخبة الكروية    "بنك المغرب" يسجل ربحا يفوق مليار درهم في 2024 .. و"الكاش" ينمو ب8%    لقاء يتناول الأمن السيبراني بالقنيطرة    سينما الشهرة.. النجومية معركة بين الرغبة في التفرد والخوف من النسيان    وفاة السفير المغربي السابق وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال محمد ماء العينين    الريسوني توضح شروط الاستفادة من العقوبات البديلة والفئات المستثناة منه    بعد المصادقة على إحداث مؤسسات جامعية بالحسيمة.. جهان الخطابي: نترافع من أجل كلية الطب    بنك المغرب: القروض أرخص والودائع أقل ربحًا بعد تخفيض الفائدة    اسبانيا.. هذا ما صرح به المغربي الذي فجر احداث توري باتشيكو أمام المحكمة        موسيقى الراب والشعبي وكناوة تصدح في سهرة اليوم الثالث من صيف الاوداية    بنك المغرب: الأصول الاحتياطية الرسمية بلغت 375,5 مليار درهم خلال سنة 2024    الميوعة والبؤس الجامعي… حين تتحول الجامعة إلى مسرح احتفال لا مختبر فكر    تجربة احترافية جديدة لأبوخلال وعبقار    حصيلة الإنجازات وآفاق الريادة المغربية    بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد .. المؤسسة الملكية بين الثبات الداخلي والحركية الخارجية: حصيلة سنة من الفعل والتأثير    الفن فقد أحد أكثر وجوهه نقاء وتواضعا .. وداعا لطفي لبيب الفنان الجندي الذي شارك في حرب أكتوبر ورفض تكريم الاحتلال    ترقية المتصرفين التربويين: بين تناقضات الجواب الوزاري والخرق الصريح للقانون    الملك محمد السادس يُكرم لبؤات الأطلس بعد بلوغهن نهائي كأس إفريقيا    تغييرات جديدة تطال صفوف الوداد    مكتب المطارات يعين مديرين جديدين    ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    بنك المغرب يصدر قطعة نقدية تذكارية بمناسبة الذكرى ال26 لتربّع جلالة الملك على العرش    مشاهير مغاربة يهنئون الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ال26 لعيد العرش    رحيل الفنان المصري لطفي لبيب عن 72 عاما بعد صراع مع المرض    15 دولة غربية تدعو البلدان الأخرى إلى إعلان عزمها الاعتراف بفلسطين    تقارير: قرعة المونديال في لاس فيغاس    كندا.. مونتريال تستضيف مهرجان "أوريونتاليس" في غشت المقبل بمشاركة المغرب    معرض فوتوغرافي يفحص تغيير "الصحون" أذواق ورؤى وذهنيات المغاربة    عضة كلب ضال تودي بحياة طفل نواحي الناظور    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    متى ينبغي إجراء الفحوص الدورية على العينين؟    استخدام الهاتف في سن مبكرة يهدد الصحة العقلية    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رموز افريقية خالدة (1/2)
نشر في هسبريس يوم 19 - 12 - 2013


**مانديلا
برحيل الزعيم الأممي نيلسون مانديلا،يكون العالم قد دخل مرحلة يتم أخرى،فالإنسانية حقا تائهة وحمقاء،بدون إشعاع نبل شخص غير عادي، أوشك أن يكون نبيا.بغياب مانديلا فيزيائيا،تطوى بشكل نهائي صفحة،آخر من تبقى من سلالة سياسة لن تكررها الوقائع بكل تأكيد مرة أخرى،على الأقل بنفس القداسة.طينة نادرة من البشر،نجد في طليعتها مانديلا إلى جانب غاندي وغيفارا.الثلاثة،يجسدون بكل المقايس الطهر والنقاء الآدمي في أعظم وأجمل تعبيراته. إنهم، متصوفة السلطة،الذين أرسوا بنضال أسطوري،جدارا أخلاقيا بين الإنسان وسمّ السلطة،ثم العفن والمستنقع.هزم غاندي،الأساطين العسكرية للإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس،بروحه الكونية التي تنبعث من جوفها الشمس.غيفارا،أدرك كرسي السلطة بالحديد والنار،لكنه سرعان ما اكتشف أن أحلامه بحجم البشر،فتخلى وغادر.مانديلا،حكم ثلاث سنوات،فقط ليوزع أثناءها كل صباح هنا وهناك قيم التسامح، مرمما ما يمكن ترميمه بين السود والبيض،فاطمأن على أن بلده،أخذ فعلا مساره الصحيح،ثم عاد إلى بيته.
هو نفس الأفق الذي ابتغاه لمجريات الربيع العربي،كي لاينتهي إلى ما انتهى إليه حاليا، في مصر وتونس وليبيا ولما لا سوريا؟مؤكدا عبر رسالته الشهيرة إلى الشعوب العربية المنتفضة،أن :((إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم)) ،بالتالي إلحاحه على ضرورة،تجاوز الكراهية والأحقاد،بالإسراع نحو سيادة ديمقراطية سلمية.مانديلا، الذي أرادت له عنصرية البيض،داخل بلد كنت تشاهد في كل مكان عبارة :((ممنوع دخول الكلاب والسود))،أن يقضي سبعة وعشرين حبيس إحدى زنازين سجن "فكتور فستر"،لم يستغل موقعه الجديد كرئيس،كي يشعلها حربا انتقامية،بل بادر بحكمة المتصوفة،إلى تأسيس لجنة الحقيقة والإنصاف،سعيا منه لمداواة جروح ذاكرة السود نحو البيض،لكن مع خلق فسحة أمل للتعايش بين الجنسين تحت سماء وطن واحد، رحيم،يضمن حق الجميع في الحياة.
يخاطب مانديلا شعوب انتفاضة الربيع،بقوله :((لقد خرجتم لتوكم من سجنكم الكبير)) ،غير أن استثمار ماضاع من الزمان، قصد بناء دولة المستقبل،يقتضي بحسبه تبني استراتجية ذكية تتمثل في الالتفاف على رموز النظام السابق الماسكة بالمفاصل الكبرى للدولة،بهدف احتوائها وإدماجها في سياق مابعد التغيير،بغية قطع رؤوس الفتنة وتجنب الحروب الأهلية،ثم سد المنافذ أمام أشكال العرقلة التي قد يلتجئ إليها المتربصون بالعهد الجديد…
عندما دفن مانديلا في قرية "كونو" بجوارأجداده،بناء على وصيته،تضمنت شاهدة قبره جملة وحيدة :((هنا يرقد رجل،قام بواجبه)).شذرة،اختزلت في ومضة نيتشوية،كل ماكتب ويكتب وسيكتب،عن رجل،لن يقال بصدده،كان ذات يوم عابر سبيل ،بل هو للسرمدي،اسمه:تاتا ماديبا.
** جوليوس نيريري:
هو من أشهر السياسيين، الذين أنجبتهم القارة السمراء،خلال فترات المد التحرري،المرتبطة زمانيا برغبة جل الدول الأفريقية،التخلص من سطوة الإستعمار الغربي.لم يكن فحسب مجرد رئيس لبلد صغير اسمه "تانزانيا"، بل أحد أكبر رموز وحدة الأفارقة ودعاتها منذ1963،ملوحا دائما بشعار : ((إننا نؤمن بالوحدة الأفريقية،إيماننا بإفريقيا ذاتها)) ، مدافعا عن قضايا الأفارقة،في مختلف أروقة المحافل العالمية،ومن أبرز نشطاء حركة عدم الانحياز خلال سنوات الخمسينات والستينات،مما جعله يحظى بسمعة دولية.
ولد نيريري سنة1922،تلقى تعليمه الأولي في بلدة "موسوما" ثم انتقل إلى "تابورا'' الثانوية التابعة للكنيسة الكاثوليكية.سافر صوب انجلترا من أجل إكمال دراسته،في كلية ''أدنبرة".حين عودته،اشتغل بالتدريس،وقد عمل بتفان حتى يقضي على الأمية،المنتشرة بين أفراد وطنه.غير أن انغماسه في السياسة،اضطره كي يتخلى عن التعليم، متفرغا إلى العمل النضالي. أسس سنة 1954،حزب الإتحاد الوطني الإفريقي،الذي تبنى دعوة التحرر السلمي،واستطاع استقطاب العناصر المثقفة في بلاده مركزا على ضرورة التخلص من كل أشكال التمييز والقبلية ،التي كرستها السياسة البريطانية.
أصبح عام 1960،رئيسا للوزراء،تمكن من توحيد المجموعتين الجغرافيتين "تجانيقا" و"زنجبار"،الخاضعتين للسلطة البريطانية، فأسفر الأمر عن تكوين دولة تنزانيا،التي صار نيريري رئيسا لها عام .1964اتجه عمله نحو تحسين الأوضاع المجتمعية لأبناء شعبه،وبناء الاقتصاد الوطني ورفع مستوى التعليم وتوفير الرعاية الصحية للجميع.مشاريع،تفانى في سبيل تجسيدها على أرض الواقع،إلى غاية سنة1985،حينما تخلى طواعية عن الرئاسة.
**كوامي نيكروما:
على منوال سيرة مانديلا ونيريري،عندما يذكر اسم نيكروما،تقفز بسرعة إلى أذهاننا مواصفات خاصة:بدوره كان أول رئيس لبلده غانا المستقل وقتها،المساهمة في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية والنضال في سبيل تحقيقها،مكافحة الاستعمار،إخراج حركة عدم الإنحياز إلى الوجود،بجانب طبعا عبد الناصر وتيتو ونهرو وشون لاي،تنمية الوعي القومي ومناهضة النزعات العرقية والقبلية،تعميم التعليم،إقامة نظام اشتراكي يتوخى تحقيق حياة كريمة للشعب،انطلاقا من بناء مرتكزات للتصنيع وإحداث ثورة زراعية،كما أدخل إلى بلده نظام الضمان الصحي والاجتماعي،إلخ.
نيكروما،صاحب مؤلفات :"أتكلم عن الحرية"،"يجب أن تتحد إفريقيا"،و"الإستعمار الجديد"،المتزوج من سيدة مصرية تدعى "فتحية"،كمجرد تعبير عن حبه وتقديره لعبد الناصر،الذي رشحها له،غير أنها ستتمتع بشعبية كبيرة في غانا، حتى بعد انقلاب العسكر على زوجها والإطاحة بحكمه.أقول،إن مساره لايختلف عن باقي رموز التحرير الإفريقي،فنيكروما المزداد سنة1909 ،تخرج من دار المعلمين في أكرا وعمل أستاذا.لكنه،عام 1935 ،سيسافر إلى أمريكا،كي يلج مجددا الفصول الدراسية بجامعة "لينكولن"ثم مدرسة الاقتصاد اللندنية سنة 1945 . مرحلة،خبر معها عمليا وميدانيا العمل الطلابي.
أواخر عام 1947،عاد إلى غانا أو ساحل الذهب كما سميت وقتها،أصبح أمين عام "مؤتمر شاطئ الذهب"،وبداية النضال المؤسساتي من أجل الاستقلال.ترك هذا التنظيم بعد اعتقاله سنة1948،مؤسسا في المقابل منبرا صحافيا اسمه"أخبار المساء"،بهدف الترويج لأفكاره.عاد مرة أخرى إلى تشكيل حزب جديد سماه "المؤتمر الشعبي"،من أجل تحقيق الحكم الذاتي للغانيين.اعتقل نكروما مجددا بعد سلسلة من الإضرابات وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات.في فبراير1951،أجرت السلطات البريطانية انتخابات عامة،قاد حملة حزبه من داخل السجن،أسفرت عن تحقيقه لنتائج كاسحة،فأطلق سراح نكروما الذي تولى رئاسة الوزراء شهر مارس 1952،ثم توصل من خلال مفاوضات مع بريطانيا إلى صياغة دستور1954،الذي أصبح جميع الوزراء بموجبه من الأفارقة.شهر ماي 1960 ،أجري استفتاء شعبي،أقر جمهورية غانا وانتخاب نيكروما أول رئيس للجمهورية المستقلة،ثم أعيد انتخابه سنة 1965 . غير أن النهضة التي حققها أثارت استياء العسكريين،مما دفعهم إلى محاولة اغتياله مرات عديدة،لكنهم أخفقوا،وبقوا يترقبون إلى أن انتهزوا فرصة زيارته الرسمية لجمهورية الفيتنام،فأسقطوا نظامه واستولوا على الحكم.
**باتريس لومومبا:
ربما اعتبر مصير لومومبا،شبيها في مناحي بما تعرض له المهدي بن بركة،بحيث كان لومومبا الشاب الإفريقي الأسود البسيط الذي عمل بداية موظفا في البريد،ملاحقا من قبل وكالة الإستخبارات الأمريكية وخلفها الموساد طبعا،ثم البلجيكية وحلف الناتو،فكانت نهايته بشعة للغاية،تنم عن كل معاني الجرم،اعتبرها بعض الباحثين أهم اغتيال سياسي خلال القرن العشرين.تهمة لومومبا،أنه برؤيته السياسية التحررية،سيقف لامحالة سدا منيعا أمام أطماع الدوائر الامبريالية،نحو ثروات الكونغو الغنية.يقول في رسالته إلى زوجته،قبل إعدامه بوقت قصير :((خلال نضالي من أجل استقلال وطني لم أشك لحظة واحدة أن القضية المقدسة،التي أوقف لها رفاقي وأنا حياتنا الكاملة،ستنتصر في النهاية.ما أردناه لبلادنا، حقها في حياة شريفة وفي الكرامة الكاملة والاستقلال من دون قيود…لم تدفعني الهجمات الوحشية ولا المعاملة القاسية ولا التعذيب إلى التوسل طلبا للرحمة،لأني أفضل أن أموت ورأسي عال،وإيماني راسخ،وثقتي بقدرة بلادي ثابتة،على أن أعيش في عبودية وازدراء للمبادئ المقدسة)).
ولد لومومبا،سنة1925،تعلم وعمل في البريد.التحق عام 1955،بالحزب الليبرالي البلجيكي موزعا لمطبوعاته.أسس مع زملائه حركة وطنية كانت تؤمن بالوحدة الإفريقية تأثرا بنكروما الغاني،كانت أقوى الحركات السياسية في الكونغو،حظي لومومبا بشعبية واسعة،وقاد مواجهات ومظاهرات مع البلجيكيين،أدت إلى اعتقاله لمدة ستة أشهر،ثم أفرج عنه كي يساهم في إنجاح مفاوضات مائدة مستديرة عقدت في بروكسيل حول تقرير مصير الكونغو،أعقبتها انتخابات عامة فاز بها حزبه بالتحالف مع آخرين،وانتخب لومومبا رئيسا للوزراء،لكن بعد عشرة أسابيع من انتخابه انقلب عليه الجيش بقيادة "موبوتو سيسي كو".
بعد تعذيب وحشي،ربطوا لومومبا إلى جذع شجرة وأمطروه بوابل من الرصاص،دفنوه على عجل،ثم نبشوا قبره في اليوم التالي وأذابوا جثته في الأسيد،بل كسر أحدهم فك لومومبا منتزعا بعض أسنانه ليحتفظ بها،ربما تدرعليه مالا وفيرا في مزاد للتحف؟؟ ….
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.