الملك يستقبل ثلاثة أعضاء جدد بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية    مجلس وزاري برئاسة الملك.. إصلاحات عسكرية وتعيينات استراتيجية ومشاريع إنمائية    نبذة عن بلاوي رئيس النيابة العامة    نصف نهائي ناري لكأس إفريقيا ينتظر أشبال الأطلس    فريق الرجاء يكتسح شباب المحمدية    تعيين محمد عكوري مديراً عاماً للمجموعة الصحية الترابية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة    العدالة البلجيكية تضرب بقوة.. "بلاك" خلف القضبان و"الجزائري" في قبضة المغرب    شخص يُنهي حياة شقيقه في القصر الكبير بسبب خلاف "تافه"    تعزيز التعاون الثنائي محور انعقاد الدورة الاولى للجنة المشتركة بين المغرب وجمهورية بوروندي    تزامنا مع عرض مسرحية صينية بالرباط.. السفير الصيني بالمغرب يشيد بمستوى العلاقات الثقافية بين بكين والرباط    إخراج السجناء لزيارة أقاربهم المرضى أو لحضور مراسم دفن أقاربهم المتوفين.. مندوبية السجون توضح    منتخب "U20" إلى نصف نهائي كأس إفريقيا بمصر ومونديال الشيلي بعد فوز مثير على سيراليون    المغرب يتأهل إلى مونديال الشباب ويبلغ نصف نهائي أمم إفريقيا تحت 20 عاما    كارلو أنشيلوتي مدربا لمنتخب البرازيل    حماس تفرج عن الرهينة عيدان ألكسندر    مناورات "الأسد الإفريقي" تنطلق بأكادير لتجويد قدرات الحروب الحديثة    "العصبة المغربية": وصل الإيداع حق    رئيس الحكومة الأسبق يتعرض لحادث انزلاق داخل منزله    معتقل حراك الريف نبيل أحمجيق يحصل على الماستر بميزة "حسن جدا"    التامك: الرقمنة مدخل لتأهيل الفضاءات السجنية والتصدي للجرائم المتطورة    المبادرة بطنجة تقود مسيرة حاشدة ضد سياسة التجويع بغزة    الجوق السمفوني الملكي يمتع جمهور مدينة الدار البيضاء    السعدي: التكوين المهني السبيل الوحيد لإنقاذ الحرف المهددة بالانقراض    باريس تؤكد نيتها الرد «بشكل فوري» و«حازم» و«متناسب» على قرار الجزائر طرد المزيد من الموظفين الفرنسيين    الحكومة تقر بغلاء أسعار العقار بالمغرب وتؤكد أن برنامج دعم السكن حقق أهدافه    المغرب يتوقع ارتفاع صادراته لمصر إلى 5 مليارات درهم بحلول 2027    رسميا: أنشليوتي يقود منتخب البرازيل    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    الخزينة العامة للمملكة تكشف المداخيل الجمركية    15 فيلما مطولا تتنافس في الدورة 25 لمهرجان خريبكة الدولي للسينما الإفريقية    سلطات دار أقوباع تمنع تجار الفخار من احتلال الملك العمومي    حكيمي أفضل لاعب إفريقي في فرنسا    أحزاب المعارضة بالبرلمان تقترب من إسقاط حكومة أخنوش وهذا مضمون الملتمس    الفنان سعيد الشرادي يحيي حفلا فنيا بمدينة مراكش    بابا ليو الرابع عشر يطالب بإنهاء العنف في غزة وإيجاد تسوية سلمية في أوكرانيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مبيعات الإسمنت تجاوزت 4.52 مليون طن عند نهاية أبريل الماضي    القضاء يمنع مصطفى لخصم من مغادرة التراب الوطني بعد متابعته بتهمة تبديد المال العام    نداء العيون-الساقية الحمراء: الدعوة لتأسيس نهضة فكرية وتنموية في إفريقيا    أمريكا والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية وتهدئة التوتر التجاري    ترامب يشيد بالحصول على طائرة رئاسية فاخرة من قطر    شركة الدار البيضاء للخدمات تنفي توقف المجازر في عيد الأضحى    حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع تركيا    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    النفط يرتفع أكثر من 3% متأثرا بالتفاهم التجاري بين أمريكا والصين    هذه هي حقيقة توقف مجازر الدار البيضاء في عيد الأضحى    الجيش الملكي يتأهل لعصبة الأبطال الإفريقية    ندوة علمية بالحسيمة تسلط الضوء على التراث الثقافي بإبقوين ورهانات التنمية السياحية    "ريمالد" تنشر لعثماني عن الحكومة    المغرب والصين: تعاون استراتيجي يثمر في التصنيع والطاقة الخضراء    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات الفرنسية .. "التضخم المعلوماتي" وتحطيم حقائق الآخرين
نشر في هسبريس يوم 15 - 04 - 2022

في كتابه "عصر الصدام" أو الشجار، يتحدث الباحث الفرنسي كريستيان سالومون عن القرن 21 كحقبة تتميز بفقدان الثقة في الخطاب العام. انفجار "الويب" وصخب شبكات التواصل الاجتماعي أوصلا الرأي العام وكذا الخطاب السياسي إلى فقدان البوصلة والتشبث بلغة العنف عوض الإقناع. إنها ظاهرة عالمية ولا تقتصر على مجتمع معين، لكنها تشكل خطرا حقيقيا على مستقبل المجتمعات الديمقراطية.
الانتخابات الفرنسية في مرحلتها الأولى دليل آخر على أن المجتمعات، خاصة تلك الديمقراطية منها، تمر بمرحلة صعبة تطغى عليها المواجهة العنيفة وما يليها من تمزق في المواقف يفسح المجال لشعبوية اكتسحت القلوب وأعمت العقول: أكثر من ثلثي المصوتين في فرنسا اختاروا مرشحين متطرفين، سواء من أقصى اليمين أو أقصى اليسار.
الصراع السياسي في فرنسا أو في غيرها من الدول الديمقراطية أصبح منذ مدة طويلة أسير خطاب يغلب عليه طابع المواجهة الضارية نتيجة "التضخم" في المعلومات وفي الآراء التي أصبح هاجسها الأوحد هو قوة الظهور، وتكراره ل"تحطيم حقائق" الآخرين عوض البحث عن الدقة والمصداقية.
ما هو واضح اليوم أن هذا "التضخم" المعلوماتي ولد عدم ثقة عام في كل مصادر الإعلام، مستبدلا إياها باستنباطات مؤامراتية لشرح التحولات التي يشهدها عالمنا المعاصر، كما أنتج مجموعة لا متناهية من "الخبراء والمختصين" الذين يفهمون كل شيء ويتكلمون في كل شيء دونما أي حرج أو خجل. النتيجة هي انتشار السطحية في معالجة مواضيع لها تأثير خاص وعميق في حياة الأفراد والمجتمعات.
فبقليل من التمعن في نتائج الانتخابات الأولية الفرنسية مثلا سيلاحظ المرء أن اليمين المتطرف بكل تنويعاته ربح ما يناهز ثلاثة ملايين ونصف مليون صوت مقارنة بانتخابات الجولة الأولى من سنة 2017. الحضور المستمر والقوي لإيريك زمور في وسائل الإعلام أعطى نتائجه الإيجابية حتى وإن كانت أقل مما توقعه هو وأتباعه.
هذه النتائج أفادت مارين لوبان، التي بدا خطابها أكثر رصانة مقارنة بذلك المستعمل من طرف زمور؛ وكلاهما يحاول تقديم نفسه كبديل لمنظومة سياسية تدافع عن مصالح النخبة في فرنسا، ناسيين أو متناسيين أنهما جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة التي يزعمان محاربتها.
لوبان تقتات من العمل السياسي منذ صغرها، بل استفادت من الجبهة الوطنية التي أسسها والدها لترث خطابه وتطوره بما يخدم مصالح جد ضيقة مرتبطة أساسا بمصالح العائلة. وإيريك زمور استعمل المنظومة السياسية التي يهاجمها اليوم واستخدم أدواتها بكل مهارة لإشباع غروره الذي يبدو أكثر حجما من القيمة الثقافية التي يتبجح بامتلاكها.
الأمر نفسه يمكن قوله عن جان لوك ميلونشون، مرشح أقصى اليسار؛ فالرجل سبق له أن اشتغل وزيرا منتدبا مكلفا بقطاع التكوين المهني، بل إنه هو نفسه اعترف في كتاب نشره سنة 2012 بأنه كان عضوا في المجمع الماسوني الفرنسي، ما يعني أنه كان عنصرا متميزا من النخبة التي يدعو اليوم إلى محاربتها.
كل هذه الحيثيات لم تمنع الناخب الفرنسي من ترجيح كفة الخطابات المتطرفة، التي تبدو احتجاجا على وضع اجتماعي صعب أكثر منها بديلا لمنظومة سياسية ولدت خلال العقود الأخيرة تذمرا شاملا، خاصة بعد أزمة 2008 وبعد جائحة كورونا.
من هنا فما يبدو نتيجة للسطحية العامة التي أصابت الخطاب السياسي في الدول الديمقراطية، وجعلت الغالبية حذرة من كل شيء، نستنتج أن ما يتجلى فعلا هو أن هذه المجتمعات أصبحت أكثر سذاجة وقابلة للتلاعب بها من قبل أي دعوة، مهما كانت بساطتها، للتمرد العفوي وغير العقلاني. كما أن السياسي فهم أن اللغة الوحيدة لاستمرار وجوده في الساحة اليوم تمر أساسا عبر خطاب اصطدامي مستمر، حتى وإن كان ذلك على حساب التعايش السلمي الذي هو أهم أساس ترتكز عليه الديمقراطيات.
الانتخابات الفرنسية تتجلى بهذا الشكل كمختبر حقيقي لمدى قدرة الديمقراطيات على مقاومة هذا الزحف الشعبوي الذي ينخر مجتمعات نعتبرها نموذجا يقتدى به لبناء دول تسودها سلطة القانون والمؤسسات وليس نزوات الأشخاص. وأي تقويض للديمقراطية الفرنسية عبر تغليب الخطاب الشعبوي لن يكون في صالح الشعوب مهما كان هذا الخطاب مغريا وجذابا لمن فقد الأمل في التغيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.