حسابات التموقعات وراء تعثر التوافق حول لائحة اللجنة التنفيذية الجديدة للاستقلال    التصعيد فالتعليم غادي كيكبر.. إضراب جديد كيتوجد ليه فالوقت لي بدا استدعاء الأساتذة الموقوفين للمثول أمام المجالس التأديبية    الفكُّوس وبوستحمّي وأزيزا .. تمور المغرب تحظى بالإقبال في معرض الفلاحة    رغم ارتفاع الأسعار .. منتوجات شجرة أركان تجذب زاور المعرض الدولي للفلاحة    حماس: حصيلة الشهداء ترتفع إلى 34454    نهضة بركان يستعد لمواجهة ضيفه الجزائري وهؤلاء أبرز الغائبين    الأرصاد تتوقع أمطارا وثلوجا في المغرب    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    مؤتمر الاستقلال.. اختلاف على اللائحة أجل انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية    المعرض الدولي للفلاحة 2024.. توزيع الجوائز على المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    إعدام ثلاثة صحراويين بتندوف.. الجزائر و"البوليساريو" في قفص الاتهام    ثورة الجامعات الأمريكية.. غزة تحرر العالم    خبراء "ديكريبطاج" يناقشون التضخم والحوار الاجتماعي ومشكل المحروقات مع الوزير بايتاس    ميسي كيحطم الرقم القياسي ديال الدوري الأميركي بعد سحق نيو إنغلاند برباعية    مور انتخابو.. بركة: المسؤولية دبا هي نغيرو أسلوب العمل وحزبنا يتسع للجميع ومخصناش الحسابات الضيقة    نظام المطعمة بالمدارس العمومية، أية آفاق للدعم الاجتماعي بمنظومة التربية؟ -الجزء الأول-    هل تصدر الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو؟    تعيين حكم مثير للجدل لقيادة مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    ليفار: قرارات الرداد أثرت فخسارتنا لماتش الحسنية وغانشكيو به للجنة التحكيم باش ياخد الجزاء ديالو    الحبس النافذ للمعتدين على "فتيات القرآن" بشيشاوة    بسبب خريطة المغرب.. إتحاد العاصمة الجزائري يتجه نحو تكرار سيناريو الذهاب    "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان "مالمو"    الحسنية يلحق الهزيمة الأولى بالجيش الملكي في البطولة    الحرب في غزة محور مناقشات قمة اقتصادية عالمية في المملكة السعودية    ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار    ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق "تيك توك"؟    السلطات المغربية تتعقب صاحب صفحة "لفرشة"    محاولة الهجرة إلى سبتة تؤدي إلى مصرع شاب وظهور جثته في الحسيمة    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    محمد صلاح عن أزمته مع كلوب: إذا تحدثت سوف تشتعل النيران!    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    توقيف سارق ظهر في شريط فيديو يعتدي على شخص بالسلاح الأبيض في طنجة    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    بمشاركة خطيب الأقصى.. باحثون يناقشون تحولات القضية الفلسطينية    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    ما هو صوت "الزنّانة" الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بالحرب النفسية؟    بدء أشغال المجلس الوطني لحزب "الميزان"    رسميا.. نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    قيادة الاستقلال تتوافق على لائحة الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    الأمثال العامية بتطوان... (584)    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشكورون هؤلاء العلمانيون
نشر في هوية بريس يوم 04 - 03 - 2018

أيام نحسات هذه التي مرت وتمر وستمر، توزعت الأدوار وترادفت الخرجات وتمايزت الصفوف، وتفرقت دماء الحقوق والأعراض والأغراض، وانتصر الزعم الأشر للأحياء والأموات، كأنها الوزيعة تستهم على حظوظها الضباع والأسود، توزعت الوسائل وتوحدت الأهداف بين سخائم العلمانية، فقد استغل أبناؤها غفوة الناس وسِنَة أهل الحق وغربة الإسلام بين ذويه فجاسوا خلال الديار، حتى كادوا أوكانوا قاب قوسين أو أدنى من أن يحركوا للناس حبالهم فيخيل إليهم أنها من سحرهم حيّات تسعى…
مساكين هؤلاء، نعم مساكين يشتركون في مذلة المسكنة وإن هرولت بهم مقاعد الكراسي وصهوة الحَصَانات، ونخوة التكايا والصفات.
نعم قد يقع كلامهم من نفوس بعضنا موقع الاستفزاز واستنزاف طاقة الصبر، فيهدر وقت الطاعات والقربات بين مشاعر الانشغال بأساطير كذبهم وتباكيهم وبهتانهم وكيدهم الضعيف، ولكننا كما كل واحد تحققت لناصيته بيقين لا تنال منه رياح الشبهات مستشرفات الوعد الحق، لا نزال نؤمن بدوام هذا الدين محفوظ الكيان مرعي الذات مقدس المحراب منصور الآل في علو وتمكين وفي غير حزن ولا وهن ولو بعد حين.
ولذلك تجدنا من منطلق هذا التحقق والاستشراف لا نملك إلا أن نشفق عليهم وهم في غيّهم يعمهون وفي كل واد يهيمون، وهم قبل هذا الإشفاق مشكورون على مغادرتهم لمتاريس النفاق وخدوره الخادعة، وإيثارهم مواجهة الإسلام بوجه سافر صلد ورأس حاسر جعد، مشكورون وقد ترجمت أفمامهم بغضاء ما تخفيه صدورهم، مشكورون وقد انبجست من معدن حجارتهم حقيقة قلة مائهم حتى وقفنا على مظنة ومئنة قبوله ورجحان احتمال حملهلدنس الغرب وعدوى الاستغراب.
وليس يدري المرء لماذا يقع كلامهم منا موقع الأزوالاستفزاز والانفعال الذي يصاحب وقع خرجاتهم المنقول عبر الأثير والموثق بالصوت والصورة والصفة، وكأن لسان حال المستفَزين منا يحكي اعتباطا وغباء انتظاره أن يخرج آل عيوش ومن كان على شاكلتهم وشاطرهم ركوب مركوبهم من الفنانين والكتاب والصحفيين والأطباء والشعراء ومن أتبعهم من المتحولين والجمعويين ومن انضوى من غيرهم في سلك الغاوين، أن يخرجوا جميعا ناصحين موصين مصرحين بوعظ وإرشاد يسوق الناس إلى محاريب الأخلاق، ومحاضن الإحسان، ومكاره العفاف والتورع ومجاهدة النفوس، وحملها باللوم والمحاسبةعلى توطن منازل الإطمئنان، ومقاصد النجاة هنا وهنالك، حيث لا ينفع مال ولا بنون ولا جاه ولا حسب ولا نسب…
ولربما علم هؤلاء المناوئون مستشرف هزيمتهم، كما علمها من سبقهم فجرب وحارب وضرب ثم ولّى الدبر مهزوم الجمع مكسور الجناح مهزوز الهيبة، وتلك سنة الله وحكمه الحاسم متى ما التقت صوارم الفريقين مصداقا لقوله جل جلاله "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" ولكن الأدوار يجب ألا ينقطع سيلها ولا ينضب سؤر مائها، ومن أدرانا في دائرة ما تلوثت به قلوبهم من أدران شك وظلم شرك وإخلاد هزيمة نفسية أن يظنون بالله الظنون، وقد أخذت الأرض زخرفها وظنوا أنهم قادرون عليها.
وتلك حقيقة تجعل العاقل المنصف منا لا يقبل في محله ودواخل وجدانه هذا الاستفزاز والانفعال مع رؤية ذلك المروق ومجاراته إلا على سبيل التعبد به والتقرب بكمد شعوره إلى ملك الملوك جل ثناؤه وعظم شأنه-فإن الحرام ما حاك في الصدر وأن يُجعل هذا الشرط قاعدة انطلاق لا تخلف لنا بوجودها مع القواعد والخوالف، على أن نستثمر حركة الانطلاق الإيجابي في طرق أبواب العلاج بل سبل الوقاية التي تستوعب طهارتها ومناعتها مكونات الأمة وثوابتها من دين ولغة وإمارة ورعيل شباب، لا يزال عظمه لم ينضج ولم يبلغ أشده بعد، فلا يزال معرضا لفتنة وإصابة وسائل الإعلام المتواطئة في انحياز مفضوح لهذا الفصيل وجوقته المترفة، لقد صار هذا الإعلام يأكل من خيرنا وخير ما نملك وينيب لغيرنا ولشر ما يملك، ماخور قد ضج بكل مقذور، وكرياس اجتمعت في مجرى كنيفه كل الموبقاتوالمهلكات، لقد جرف سيله كل مريد لبضاعته المطففة، وساق الكثير إلى ردغة الخبال ومراتع الهلاك، وساهم في تحويل كثرتنا إلى غثاء وزبد قد شد الرحال في صوب الذهاب جفاء…
لقد كان من سوء حظنا الالتفات إلىماجريات هذه الخرجات حتى كان مما سمعناه حديث الوزير ومعه الأشيميط، الذي غزى دوائبهاليقق، واشتعل رأسه شيبا، وهما يعزفان سمفونية ما أسموه حقوق الجسد وحرية مسافحة الرجل للرجل والمرأة للمرأة، بل التماهي مع إشباع نزوات هذا الجسد بكل جرأة وصفاقة.
لقد تذكرت وأنا في غمرة ذلك الاستفزاز والانفعال اللامعقول كيف كان العربي الأبي في عز الحاجة وشديد الضيق والقَدَرة، وفي ذلك الزمن الذي ما فتئنا ننعته في غير فرط ولا تفريط بالجاهلية الأولى لا يبيع الفرس الذي ركبته زوجه مخافة أن يركبه رجل من بعدها من شدة الغيرة عليها، ولك أن تزن وتتصور علة المنع هنا، ثم تعطف على هذا التصور بمقارنته بخطاب الرجلين ودعوتهما النافقة أدبا، والمستعلية في غير حياء ولا مروءة ولا إدام وجه، ولعمري أين هذه الحيدة الخلقية من غيرة الحيوان على نقاوة جنسه وصفاء نسله…
إنهم اليوم وقد تآلفت أفئدتهم، واجتمعت كلمتهم فسلقوا هذا الدين العظيم وأمة أهله بألسنة حداد أشحة على الخير، يمارسون هجومهم الكاسح، وعزاؤنا أنهم فقدوا بوصلة الاتجاه، وصاروا يسبحون ضد التيار، بل ضد الصوب الفطري الذي يفزع له الناس مع تنفيذ الله لوعده بكل تجديد لأمر هذا الدين، ولنا أن نؤكدحقيقة هذا الفزع فرارا من تهمة الرجم بالغيب، بإيحاء وإحالة على جمهرة الاستدراكات التي تقر بها عين الغيرة، والانطباعات الغاضبة والتعاليق المتمردة على هذا الإقعاد السلوكي المشين.
ولنا بعد هذا حتى لا نجانب الإنصاف أن نعترف أن هذا التغول العلماني وتصوّله في بلاد المسلمين لم يكن ولم يأت إلا بعد أن استام عقله الحداثيقلوب المسلمين وعقولهم وأولويات انشغالاتهم، إذ أسفر هذا البلاء والاختبار عن حقيقة دواخل المسلمين وأنها دواخل أفرغت من جوهر الإسلام وحقيقة الوحي وقبسه، فتراوح انتساب المسلم الصوري بين معرفة الاسم وإقامة الرسم، حتى صارت التوقيعات العقدية والتوليفات الشعائرية عبارة عن تكرار فعل وترديد قول يحيل كلاهما على تقاليد ومألوفات وجدالات عقيمة لا روح فيها ولا التزام، يحصل هذا الأدنى في زحمة ومناخ تعمّه العتمة ويعلوه ضجيج منظم الصياح ومترادف الصراخ يرمي بكل تهمة ويعلق كل مثلبة على شماعة التدين مرة والدين مرات، ويلبس الإسلام وأهله مسؤولية كل نقيصة وتسفل جارح، وينتج في اجترار لا يكل ولا يمل الشبه تلو الشبه، ظلمات مركوم بعضها فوق بعض، حركة وطاويطها بين كر وفر يتنفج بالإثم والعدوان.
فعنوان كرّهم أن تكون المواجهة مباشرة مع الدين شعيرة وشريعة، بدعوى أن الدهر قد تجاوز أحكامه، وأنه صار من المعرة الاحتكام إلى أحكام دينية تاريخية والأمم من حولنا قد وصلوا إلى العرجون القديم، وشطروا الذرة، وبلغوا من العلم المادي تطورا عظيما متقدما، ولا شك أن حقيقة هذا الكرّ أوضح من أن يجادل في وجودها من عدمها مجادل، وهو عنوان يجعل استغرابنا من خرجة وزير عاب على المخيمات إيقاظ الأطفال لصلاة الفجر أو استنكارهلحضهم على حضور مشهد الجمعاتوالضرب صفحا عن ما يتعرضون إليه من اغتصاب واعتداء جنسي على الحق والصدق، يجعل استغرابناعاريا ومتجردا عن كل تبرير يسوغ معه أن ننفعل أونكون من معشر المستَفَزين…
أما عنوان فرّهم فمفاده تشدقهم مراوغة وتدليسا بأن المواجهة ليست مع هذا الدينالعظيم، وإنما منطقة المدافعة وحقيقة المعركة مع فهم متطرف لنصوص الإسلام واحتكار لهذا الفهم من قوى تقليدية جامدة، وإحاطتها له بهالة وقشرة سميكة تحول بين سماحتهوبين معبودهم من جنس ما يحبون أن يسموه في سياق دفاعهم بالآخر…
وحري بنا التنبيه على أن هذا الفر لا يردف ذلك الكر، ولا يندفع إلى الخطوط الأمامية للمواجهة إلا عندما يستام أصحابه ردة فعل الجماهير التي تمثل جانب الأغلبية، فيترجح في جوفهم الخوف من انكشاف اللعبة فيُرْمَوْن ويُتَهمون بالمروق من الدين والبراءة المطلقة منأحكامه خبرا وطلبا.
وحري بنا أيضا الإشارة في الأخير إلى أننا بين فرّهم وكرّهم، لا نزداد إلا تقربا إلى الله وإيغالا لطيفا في محبته، وهو الحليم الذي لو آخذهم لتخطفهم طير الموت قبل أن تمرق كلمات جحودهم من حناجرهم الساخنة ونواصيهم المصرة في مكابرة على أن تخوض معركة خاسرة بكل المقاييس، نسأل الله للجميع توبة نصوحا تطهرنا جسدا وروحا، كما نسأله جل في علاه أن لا يؤاخذنا بدندنة السفهاء منا إنه هو العزيز الحكيم.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.