طنجة: وفاة الأربعيني الذي أضرم النار في جسده بشارع أهلا متأثرا بحروقه البليغة    بنك المغرب: ارتفاع الديون المتعثرة ب4,5 في المائة    700 مليون درهم لدعم مربي الماشية وإعادة تكوين القطيع الوطني    وزارة الصحة الإيرانية تعلن مقتل 627 شخصا في الهجمات الإسرائيلية    أولمبيك الدشيرة يحرز لقب أول نسخة من كأس التميز    تفاصيل الحكم بالسجن على بطل الكيك بوكسينغ جمال بن صديق في بلجيكا    موجة حر غير مسبوقة تضرب المغرب لستة أيام متتالية.. الأرصاد الجوية تحذر وتعلن مستوى يقظة برتقالي    أسبوع دموي على الطرقات.. 23 قتيلاً ومئات الجرحى في أزيد من 2000 حادثة سير بالمغرب    مأساة.. أربعيني يُضرم النار في جسده ويفارق الحياة بعد 24 ساعة من المعاناة    الداخلية تشرع في إعداد لوائح المجندين الجدد تنفيذا للتعليمات الملكية    موازين.. الفناير تراهن على التراث والتجديد لمواجهة ضغوط السوشيال ميديا    كأس العالم للأندية.. مبابي يستأنف تدريباته الجماعية مع ريال مدريد    مونديال الأندية.. دورتموند يقهر أولسان وفلومينينسي يفلت من كمين صنداونز    عكس باقي مدن الشمال .. حملات محتشمة بإقليم الحسيمة لتحرير الشواطئ    إعلام فرنسي: أشرف حكيمي قدم موسما استثنائيا ويستحق الكرة الذهبية    نزاع حول حقوق هولوغرام عبد الحليم حافظ يشعل مواجهة قانونية بين XtendVision ومهرجان موازين    ولد الرشيد يجري مباحثات مع نائب رئيس جمهورية السلفادور حول سبل تعزيز التعاون الثنائي    توقعات طقس الأربعاء في المغرب    لجنة مركزية من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تحل بشفشاون لمواكبة التلقيح ضد الحصبة    أول مصنع من نوعه خارج القارة الآسيوية .. المغرب يدخل عصر البطاريات الخضراء باستثمار 20 مليار درهم    انقلاب شاحنة على الطريق الوطنية رقم 2 باقليم الحسيمة يخلف اصابات    بعد وفاة مؤسسه بنعيسى... موسم أصيلة الثقافي الدولي يواصل مسيرته بصيغة صيفية حافلة بالفنون    ابتلاع كيس يحتوي على مخدرات يودي بحياة موقوف بطنجة خلال تدخل أمني    السياحة المغربية تحقق أداء قويا في 2025 بارتفاع العائدات وعدد السياح    انطلاق أول عملية توريق للديون المتعثرة وأخرى قيد الإعداد    اجتماع بوزارة الداخلية لتحديد معايير استخراج أسماء المدعوين لأداء الخدمة العسكرية برسم الفوج المقبل للمجندين    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 56 ألفا و156 منذ بدء الحرب    إيران تؤكد أن منشآتها النووية "تضررت بشدة" جراء الهجمات الأميركية    الملك محمد السادس يهنئ أمير قطر بذكرى توليه الحكم    مبادرة مدنية ترفض حرمان الجمعيات من التبليغ عن الفساد وتعتبره دوسا على الدستور والالتزامات الدولية للمغرب    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة            كأس العالم للأندية.. طاقم تحكيم كندي بقيادة درو فيشر يدير مباراة العين الإماراتي والوداد الرياضي    المنتخب المغربي النسوي يبدأ تحضيراته استعدادا لكأس أمم إفريقيا    بنكراد: معظم المحتجين في 20 فبراير بمجرد ما عرضت عليهم المناصب ذهبوا لها وانفضوا    بكين.. مؤتمر يستكشف أوجه التعاون الصيني – المغربي في قطاع السياحة    مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران جيش الاحتلال يواصل استهداف غزة واتصالات لوقف الحرب وسط وعود جديدة لترامب        طنجة.. كلب يهاجم فتاة وسائق يدهس شابا ويلوذ بالفرار    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    أكاديمية المملكة تنظم تظاهرة دولية    مجلس النواب الأميركي يرفض مبادرة لعزل ترامب    الجواهري: الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي بسبب تصاعد حالة اللايقين العالمية    ترامب يؤكد مجددا أن المواقع النووية في إيران "دمرت بالكامل"    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    أموال الناظور تمول مدنا أخرى.. أين الأبناك من تنمية المنطقة ودعم الرياضة والثقافة كما أرادها جلالة الملك؟    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التِّرياق المجرَّب
نشر في هوية بريس يوم 21 - 03 - 2020

كلمة قالها حبيب أبو محمد رحمه الله : " التِّرياق المجرَّب: الدعاء". نعم، إنه الدعاء: سلاح المسلم في السراء والضراء، وأنيسه عند حدوث الملمات المهلكات، ومفزعه عند وقوع الأزمات المدلهمات. بل هو العبادة، كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ"، وَقَرَأَ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) ص. سنن الترمذي. لا، بل هو أفضل العبادة. قال صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ العِبَادَةِ الدُّعَاءُ" ص. الجامع. وقال صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى الله سُبْحَانَهُ مِنَ الدُّعَاءِ" ص. سنن ابن ماجة.
وما كان الله تعالى ليفتح للناس باب الدعاء ويغلق عليهم باب الإجابة، وهو القائل -سبحانه-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إني لا أحمل همَّ الإجابة، ولكن همَّ الدعاء، فإذا أُلهمتُ الدعاء، فإن الإجابة معه".
ويقول أبو الدرداء رضي الله عنه: "ادع الله في يوم سَرَّائك، لعله يستجيب لك في يوم ضرائك".
بل إن الله تعالى يغضب من العبد الذي يترك دعاءه، ولا يعيره من العناية ما يستحقه. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ لَمْ يَدْعُ اللهَ سُبْحَانَهُ ، غَضِبَ عَلَيْهِ" ص. سنن ابن ماجة.
لا تسألنَّ بُنَيَّ آدم حاجة * وسل الذي أبوابه لا تحجبُ
فالله يغضب إن تركت سؤاله * وبُنَيُّ آدمَ حين يسأل يغضبُ
ولا يعتقدن أحد أن كثرة الذنوب والمعاصي تحجزه عن الدعاء، فتصيبه باليأس من اللجإ إلى الله لقضاء حوائجه. قال سفيان بن عيينة رحمه الله :"لا تتركوا الدعاء، ولا يمنعكم منه ما تعلمون من أنفسكم، فقد استجاب الله لإبليس وهو شر الخلق، قال: (قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)".
وفي صحيح سنن الترمذي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحِى إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ".
وكان يحيى بن معاذ رحمه الله يقول: "كيف أمتنع بالذنب من الدعاء، ولا أراك تمتنع بالذنب من العطاء؟".
بل إن الدعاء قد يرد القضاء، ويغالب البلاء بإذن الله تعالى . يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ. وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ (بإزالته أو الصبر عليه)، وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ(بصرفه ودفعه). وَإِنَّ الْبَلاَءَ لَيَنْزِلُ، فَيَتَلَقَّاهُ الدُّعَاءُ، فَيَعْتَلِجَانِ (يَصْطَرِعان ويَتَدَافعان) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" ص. الجامع.
فانظر إلى هذا الفضل العظيم الذي ينطوي عليه الدعاء، كيف نخسره بالخطيئة نقترفها، وبالمعصية نجترحها، أو بالغفلة تصيبنا؟ فالعاقل منا من فطن إلى هذا الكنز العظيم، والسلاح القوي.
بل أصرح منه قوله صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَ الدُّعَاءُ، وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَ الْبِرُّ". يقول ابن القيم -رحمه الله-:"للبلاء مع الدعاء ثلاث مقامات:
إما أن يكون الدعاء أقوى من البلاء، فعندئذ يدفع الدعاءُ البلاء.
وإما أن يكون الدعاءُ أضعفَ من البلاء، فيقوى البلاءُ على الدعاءِ، فَيُصابُ به العبد.
وإما أن يتقاوم الدعاءُ والبلاءُ، فيمنع كلٌّ منهما صاحبَه".
لقد كان الدعاء سلاحَ الأنبياء الذي لا يهزم، والسهمَ الذي لا يخطئ:
أما نوح عليه السلام فقال فيه تعالى : (وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ)، وذلك حين (دَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ)، فقال تعالى : (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ)، أي من الغرق.
فالدعاء إذاً منجاة المؤمنين من ظلم الظالمين.
وأما ذو النون عليه السلام فقال فيه تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).
فالدعاء إذاً منجاة للمؤمنين من أهوال الدنيا وكربها.
وأما زكرياء عليه السلام فقال فيه تعالى : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَفَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ).
فالدعاء -إذاً ينفع العقيم، فيتفضل عليه المولى -عز وجل- بالولد وإصلاح الأهل.
وإبراهيم عليه السلام دعا ربه في وقت الشدة والمحنة، وقد عزم قومه على رميه في النار، فجاءت الإجابة: (يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخذ الأسباب المادية لملاقاة العدو، ويجعل تاج هذه الأسباب الدعاء. فبعد أن رسم صلى الله عليه وسلم خطة جيش المسلمين في غزوة بدر، بات صلى الله عليه وسلم يهتف بربه عز وجل -داعيا. فعن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْف، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: "اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي.اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي.اللهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ". فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ)، فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ .رواه مسلم.
ويقول أنس رضي الله عنه: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا غَزَا قَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي، وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ" ص. سنن أبي داود.
فالدعاء إذاً يرفع البلاء، ويهزم الأعداء.
وأما أيوب عليه السلام فقال فيه تعالى بعد أن فتك به المرض، وضاقت عليه الدنيا، وهرب عنه الأقرباء والأصحاب : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ).
فالدعاء إذاً ماحق للأمراض، ومزيل للأسقام.
والواجب على المسلمين وقت انتشار الأوبئة والجوائح، أن يأخذوا بالأسباب المادية، من بحث عن الدواء، واتخاذ للاحتياطات الضرورية التي يدلي بها أهل الاختصاص لمنع انتشار هذه الأوبئة، ثم يجعلوا للدعاء ما يستحقه من عناية ورعاية، دعاء ملؤه الصدق والإخلاص. قال حذيفة رضي الله عنه: "ليأتينَّ على الناس زمان، لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريِق".
فالله عز وجل يجيب دعاء المضطرين. قال تعالى : (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ). وعنعن عبد الله بن أبي صالح قال: دخل علي طاووس يعودني، فقلت له: ادع الله لي يا أبا عبد الرحمن. فقال: ادع لنفسك، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه.
ولئن كانت الصلاة تدور حول محور الدعاء، بل إن الصلاة معناها الدعاء، فقد ثبت علميا ما فيها والدعاءِ بعدها من الفوائد النفسية، الكفيلة بالقضاء على عدو صحة الإنسان المعاصر: القلق، والاكتئاب، والتوتر.
فقد أثبتت إحدى الدراسات أن العبادة والتأمل لمدة 12 دقيقة يومياً، تؤخر أمراض الشيخوخة، وتخفض الإجهادات والقلق، وأن الخضوع، والعبادة، وممارسة الصلاة، تمنح الإنسان شعوراً بالأمن، ومزيداً من الحب والرحمة، بينما الإلحاد، والغضب، والاحتجاج.. تتلف الدماغ بشكل مستمر.
وبدعم من المنظمة الدولية للصحة، قام الباحثون بدراسة حالة 92395 سيدة، تراوحت أعمارهن ما بين 50 و79 عاماً، فتبين أن نسبة الوفاة انخفضت بمقدار 20 في المائة لدى النساء اللواتي يؤدين الصلاة ولو مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، بالمقارنة مع الأخريات، وأن المحافظة على أداء الصلاة خمس مرات، مع التسبيح، والدعاء، وذكر الله بعد الفراغ منها، تمدنا بأحسن نظام للتدريب على الاسترخاء، والهدوء النفسي، مما يسهم في التخلص من القلق، والتوتر العصبي.
ومن الأدعية النافعة لصرف الأضرار والأوبئة:
1 عن عبد الرحمن بن ابي بكرة أنه قال لأبيه: يَا أَبَتِ، إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ:"اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي.اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي. اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِى. لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ"، تُعِيدُهَا ثَلاَثًا حِينَ تُصْبِحُ، وَثَلاَثًا حِينَ تُمْسِي. فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِهِنَّ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ. ص. سنن أبي داود.
2 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ" مسلم.
3 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي، وَدُنْيَايَ، وَأَهْلِي، وَمَالِي. اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي.اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي" ص. سنن أبي داود.
4 عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَالَ: بِسْمِ الله الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُمْسِيَ" ص. سنن أبي داود.
وعند ابن ماجة: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ، وَمَسَاءِ كَلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ الله الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ".
5 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ.قَالَ: "أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ تَضُرَّكَ" رواه مسلم.
6 وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَعَوَّذُوا بِالله مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ".
7 وفي صحيح مسلم عن عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَادَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟". قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ:اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سُبْحَانَ الله، لاَ تُطِيقُهُ، أَفَلاَ قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ". قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُ،فَشَفَاهُ.
8 عن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ الله صَلَّى صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّى لَنَا، فَأَدْرَكْنَاهُ، فَقَالَ: "أَصَلَّيْتُمْ؟". فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا. فَقَالَ: "قُلْ".فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا. ثُمَّ قَالَ: "قُلْ".فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا. ثُمَّ قَالَ: "قُلْ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا أَقُولُ؟ قَالَ:"قُلْ: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ"ص. سننالترمذي.
9 وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ" ص. سنن أبي داود.
10 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الشيطان قال له: "إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ: (اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ) حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ الله حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ" البخاري.
11 وأورد الإمام البخاري تحت "باب: الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ وَالْوَجَعِ"، حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ".
12 ومما قال الإمام الشافعي رحمه الله : "لَمْ أَرَ أَنْفَعَ لِلْوَبَاءِ مِنَ التَّسْبِيحِ".
والمؤمن متفائل بطبعه، يدعو الله، وينتظر الإجابة. فعن الحسن رحمه الله في قوله تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، قال: "اعملوا وأبشروا، فإنه حق على الله عز وجل أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات، ويزيدهم من فضله".
ولا يستبطئ أحدنا الإجابة، وإن طال الابتلاء، فإن مع العسر يسرا. قال الأوزاعي رحمه الله : "أفضل الدعاء: الإلحاح على الله عز وجل والتضرع إليه".
فكيف بعد هذا يأتي أحدنا فيهزأ بالدعاء، ولا يراه شيئا؟
أَتَهْزَأُ بِالدُّعَاءِ وَتَزْدَرِيهِ * وَمَا تَدْرِي بِما صَنَعَ الدُّعَاءُ
سِهَامُ اللَّيلِ لا تُخْطِي وَلَكِنْ * لها أمدٌ وللأمدِ انقضاءُ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.