علي لمرابط.. أو عندما تطغى السخافة على الصحافة    الصين: ارتفاع قيمة التجارة الدولية في السلع والخدمات بنسبة 6 في المائة في أبريل    ترامب ينصح ماكرون ب"إبقاء باب الطائرة مغلقا" بعد الفيديو مع زوجته    "غوغل" تفعل ميزة تلخيص البريد الإلكتروني بالذكاء الاصطناعي تلقائيا في "جي ميل"    بطولة انجلترا: ليفربول يتعاقد رسميا مع الهولندي فريمبونغ    طقس حار وزخات متفرقة بعدة مناطق اليوم السبت    كيوسك السبت | الحكومة تطلق رؤية شاملة لدفع عجلة التنمية بإقليم جرادة    توقيف شخص بأكادير بشبهة تورطه في تعريض فتاتين للعنف بالشارع العام    رواية جديدة تعالج "طوفان الأقصى" .. الكنبوري "لن يعيش في تل أبيب"    ناموس طنجة يُعكّر ليالي السكان وجماعة المدينة "في سُبات"    بمناسبة عيد الأضحى 1446.. المكتب الوطني للسكك الحديدية يعزز خدماته ببرنامج خاص        موعد مباراة سان جيرمان ضد إنتر ميلان والقنوات الناقلة    عطلة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    انتظارات سيدي إفني من العامل ضرهم    لقجع يهنئ أولمبيك الدشيرة بالصعود        ارتفاع صادرات قطاع الطيران بنسبة 14 في المائة خلال أبريل (مكتب الصرف)    الجيش المغربي يقصف "مشهبوين" داخل المنطقة العازلة بالصحراء المغربية    أوزين والانشقاق: لا أحد غادر حزب "السنبلة" والفضيلي لا يمكنه تأسيس حزب في عقده التاسع    ممثل خاص للاتحاد الأوروبي: نضطلع مع المغرب بدور مهم في منطقة الساحل    إهانة.. إسرائيل منعت وزراء خارجية عرب من زيارة السلطة الفلسطينية في رام الله                    نيتفليكس تكشف عن موعد النهاية الكبرى للمسلسل العالمي    بلدية برشلونة تقطع علاقاتها مع إسرائيل وتعلق اتفاق الصداقة مع تل أبيب    استنطاق ناري للناصري.. وبعيوي في لائحة المتهمين المنتظرين أمام المحكمة    ماكرون: الاعتراف بدولة فلسطين "واجب أخلاقي"    الكاف يحدد مواعيد وملاعب كأس إفريقيا للسيدات المغرب 2025    للجمعة ال78.. وقفات بمدن مغربية تندد بالمجازر الإسرائيلية وتستنكر سياسة التجويع    توقيف عدد من المشتبه بهم بسبب الغش في الامتحانات    صادرات "الحامض" المغربي تعود للانتعاش وتحقق 2.7 مليون دولار كعائدات    منافسة شرسة في تصفيات كأس محمد السادس للكراطي.. أبطال العالم يتنافسون على تذاكر النهائي    ترامب يلمّح إلى تجدد التوترات التجارية مع الصين    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية كرواتيا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    "الفلاحي كاش" تعزز خدمات تحويل الأموال بشراكة استراتيجية مع "ريا" العالمية    سفراء البيئة والتنمية يبصمون على نجاح لافت للنسخة الثالثة من "مهرجان وزان الوطني للحايك"    موجة الحرارة في المغرب تتجاوز المعدلات الموسمية بأكثر من 15 درجة    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الذهب يتكبد خسائر أسبوعية بنسبة 1.6 بالمئة مع صعود الدولار    بطولة إيطاليا.. ماسيميليانو أليغري مدربا جديدا لميلان    333 مليون درهم لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من فيضانات ورزازات    "أنت مرآتي".. شاك تيسيث إنو : إقامة فنية بين الحسيمة وبروكسل تعكس تعددية الهويات    طنجة.. انطلاق الدورة الأولى لمهرجان الضفاف الثلاث    المغرب يشارك بلندن في الاحتفال بيوم إفريقيا    السميرس: الحوامض فَقَدَ 40 ألف هكتار.. والوسطاء يُضرّون بالمنتِج والمستهلك    الولايات المتحدة تلغي عقدا ب590 مليون دولار مع موديرنا لتطوير لقاح ضد إنفلونزا الطيور    ما لم يُذبح بعد    كابوس إسهال المسافرين .. الأسباب وسبل الوقاية    ضمنها تعزيز المناعة.. هذه فوائد شرب الماء من الأواني الفخارية    من تهافت الفلاسفة إلى "تهافت اللحامة"    بن كيران وسكر "ستيڤيا"    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    









رمضان للذات
نشر في هوية بريس يوم 07 - 04 - 2022

لعل أبرزما يجب، أن يميز رمضان، بالنسبة إلى المؤمنين والمؤمنات بدوره وقيمته حقا، هو أنه شهر العودة إلى الذات، الذات الفردية والذات الجماعية، بكل ماتعنيه هذه العبارة (الذات) من معنى، وما تستلزمه من مراجعة صادقة، ووقفة جادة وكاشفة، مع كل ما يصدر عن هذه الذات (الإنسان بالمفرد والجمع ) من أخطاء وخطايا، ومن مطامع وتلوينات سلبية، نظرية وسلوكية، يتطبع بها الفرد طيلة العام.
فلا علاقة لشهرالصيام، بغوغاء الجماعة؛ إنه شهر الإنفراد بالذات، والإختلاء بالنفس، من أجل مكاشفتها بحقيقتها، بما يؤدي في النهاية إلى ترشيدها وتسديدها، وتخليصها مما علق بها من أخلاط وأدران، يصعب حصرها.
رمضان زمن يأتي، والذي يأتي عادة، لا بد أن يحمل معه جديدا وامتيازا، ليكون لمجيئه معنى. وبكل تأكيد، لن يكون هذا الجديد هو، المزيد من الإستهلاك، وأحاديث الأكل والشرب، والمفاخرة باستعراض الموائد والجلابيب، الشيء الذي يغرق فيه الكثير من الناس، ويمضون أغلب لحظات هذا الشهر، في الجري وراء تحصيله.
ذواتنا الفردية، غارقة في الآفات، وحياتنا الجماعية غارقة في ألوان من الأعطاب، وهذا ما يفسربالضبط، تخلفنا المزمن، أو الذي نريده أن يبقى مزمنا، على الأصح، ويأتي أحيانا بعض العلماء، بمناسبة حلول شهر الصيام، لينبهوا إلى بعض المطبات الأخلاقية التي تعوق السير العادي للحياة، وتبقى الكثير من المطبات الأخرى بلا معالجة، ولا إشارة، ولا تحليل، لأسباب كثيرة ومتداخلة، تشكل بدورها ولوحدها، جزء من تخلفنا المزمن، أو الذي نريده أن يكون مزمنا، وأشير بهذه المناسبة إلى بعض تلك المطبات :
_ علاقتنا بالزمن : أعمار أكثرنا، في عمومها، أوقات متشابهة، نمضي جلها في الجري وراء تحصيل لقمة العيش، وتجميع بعض المصالح والأغراض، المادية في أغلبها، مع وجود تفاوت كبير وفارق، بين طبقة اجتماعية وأخرى، في عملية الجري والتحصيل هذه، فلماذا نحن هنا الآن ؟، ماذا يعني وجودنا فوق هذه الأرض ؟، هذا سؤال كبير، يرهن مصيرنا الدنيوي والأخروي معا، وينتظر أن نجيب عنه في مثل هذه المناسبات الدينية، ماذا نفعل بأعمارنا ؟؛ قلما نعثر على أجوبة عميقة ومضبوطة؛ خطاب أكثر علمائنا ووعاظنا، حول الوقت، غارق في العموميات، التي تقول كل شيء، لكي لا تقول شيئا، في النهاية، (العبادة، الذكر، قراءة القرآن…إلخ )، وماذا بعد ؟؟، ولذلك نستمر في التعايش مع نفس المفارقة، نتحدث طويلا عن الوقت، ثم نضيع كل الأوقات، فيما لا فائدة منه؛ وبالطبع، لذلك أسبابه الكثيرة والمتداخلة، ومنها أن هناك من يريد لأوقات المواطنات والمواطنين، أن تظل بلا معنى، بوسائل شتى، معيشية وإعلامية وغيرها.
هل نستطيع إعادة بناء الإنسان فينا، وبالتساوي بين كل المواطنين والمواطنات، بما يجعلنا ندري ما نريد، ونريد ما ندري؛ من أجل هذا يأتي رمضان.
_ علاقتنا بالعبادة : أكثر المؤمنين والمؤمنات، يعتبرون العبادة دينا (بفتح الدال)، يجب أن يقضى ليرتاحوا منه، وشعائر محددة، تتم إقامتها، في أحسن الأحوال، وينتهي الأمر، وقلما يتم الإنتباه إلى المعنى الشامل والبنائي للعبادة، الذي يعني كل الحياة، بكل تفاصيلها، ولا سيما الجانب العملي السلوكي، والحضوري والحضاري، وسوء فهم الكثيرين لمعنى العبادة، يعني إعادة إنتاج نفس الممارسات والأخطاء، وأكبر تلك الأخطاء، المفاصلة النكدة، بين النظرية والتطبيق، بين إطالة الحديث في المتن الديني، قرآنا وسنة، وبين التخلف الكبيرفي الواقع العملي، وعلى كافة المستويات والأصعدة، الشخصية منها (شيوع الأنانيات، عبادة المصالح والذوات، تبرير الأخطاء والخطايا، الكذب، إخلاف المواعيد،…)، والجماعية ( النفور من العلم والمعرفة، فساد العلاقات الإجتماعية، تدني السلوك المدني، غياب الإتقان في العمل، والميل إلى الكسل، والسطو على جهود الآخرين، مخاصمة البيئة…).
مرة أخرى، رمضان يأتي من أجل تجديد معنى التدين فينا، فهما وسلوكا، على مستوى الفرد الواحد أولا، الذي يشكل بعدها الجماعة، فلا علاقة لرمضان، بكل هذه النمطية في الخطاب وفي السلوك، التي نستقبل بها هذا الشهر، كل عام.
_ معنى الجود : يرتبط رمضان عند أكثرالمؤمنين والمؤمنات بالعطاء، أو بما نسميه (الجود)، بناء على حديث صحيح، يكثر تداوله في رمضان؛ والمشكلة هنا، أن معنى الجود، يختزل في بعض الأعطيات والصدقات المادية، التي يمنحها بعض المواطنين والمواطنات، لبعض الفقراء، ومحترفي الفقر، ما يحول شهر رمضان إلى مناسبة لمفاقمة ظاهرة التسول، حيث يلاحظ كيف تمتلئ جل الشوارع وأبواب المساجد عندنا، بالكثير من المتسولين والمتسولات، من مختلف الأعمار والأجناس، ويتكرر هذا المشهد كل عام، ما يحول زمن رمضان عند الكثيرين، إلى مناسبة للتسول، أو لاحتراف التسول، والمؤكد أن هذه الصور، تعاكس تماما مقاصد رمضان، الذي يأتي ليرفع الناس وبالتساوي، إلى مقام الحياة الكريمة، التي تعني حياة المواطنة الكاملة؛ وبالطبع، فحياة التسول، وانتظار بعض الأعطيات، لا تصنع تلك المعاني.
رمضان للذات، فالذوات هي من تصنع التقدم، حين تريد، وتقدر، والذوات هي من تديم التخلف وتبقيه، حين لا تريد، ولا تقدر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.