أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    رقم قياسي.. المغرب يستقبل 18 مليون سائح خلال 11 شهرا    مسؤولون يدعون إلى تعزيز الاستثمار وتسريع وتيرة تجديد الوحدات السياحية في سوس ماسة    أمريكا تعلّق جميع طلبات الهجرة لرعايا 19 دولة    مونديال 2026.. قرعة النسخة الأكبر على الإطلاق الجمعة في واشنطن    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    انطلاق عملية "رعاية 2025-2026" لتعزيز صحة القرب في مواجهة موجات البرد    كيوسك الأربعاء | المغرب يراهن على الجمع بين التحلية والتكنولوجيات لبناء مستقبله المائي    أمن مراكش يوقف شابا بحوزته هاتف سائحة تعرضت للسرقة بالخطف        17 يوما قبل "كان 2025".. سلطات أكادير تسابق الزمن لإطلاق نقل عمومي جديد وسط تحديات    مهرجان مراكش يكرم راوية ويمنحها "النجمة الذهبية" اعترافا بمسار حافل    جماعة المحمدية.. اتهامات لأيت منا بالتناقض في ملف النخيل.. "الواقع يكشف عكس تصريحاته"    الاتحاد الأوروبي يطوق الغاز الروسي    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    إسرائيل تتوصل برفات غير مطابق    سامسونغ تُفاجئ العالم بهاتف ثلاثي الطي .. والسعر يصدم الجميع!    بيليغريني: أمرابط لم يعد إلى التداريب    المغرب يحطم أرقامه السياحية    زنقة الفارابي بطنجة تتحول لفوضى.. عاملات "سبا" يعتدين على شرطي ويهرّبن مشتبهاً فيه وسط غضب السكان!    مراكش تحتفي براوية .. ليلة تكريم لمسار فني استثنائي    لفتيت: روح المسؤولية الجماعية تسم التحضير للاستحقاقات التشريعية المقبلة    المنتخب السعودي يفوز على عمان في أول مبارياته بكأس العرب    المركز الاستشفائي الجامعي بأكادير ينال إشادة الصين كنموذج للنهضة الصحية المغربية    كأس العرب (قطر 2025).. المنتخب المصري يتعادل مع نظيره الكويتي (1-1)    السكتيوي: الفوز مستحق رغم الظروف الصعبة... والبداية الإيجابية تمنحنا دفعة قوية    لتعزيز التكوين الدبلوماسي..توقيع اتفاقية تعاون بين المغرب والنيجر    التوقيع على اتفاقية انضمام مجلس النواب إلى البوابة الوطنية للحق في الحصول على المعلومات    وصول السفير الأمريكي الجديد ريتشارد بوكان إلى الرباط    المغرب يشارك بعرضين في المنافسة الرسمية لمهرجان المسرح العربي في القاهرة    بوتين: روسيا مستعدة للحرب مع أوروبا    المعارضة الاتحادية تتّهم الحكومة بخدمة لوبيات التأمين: "مشروع حوادث السير تشريع على المقاس"    أزمور/ افتتاح الدورة الثالثة من المهرجان الدولي للفن والتراث "أزمآرت"    الفنان والمنشد محمد أنس الكوهن مقدم الطريقة العيساوية يصدر فيديو كليب جديد    المنتخب المغربي الرديف يهزم جزر القمر بثلاثية في مستهل مشواره بكأس العرب    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    كأس العرب.. المنتخب المغربي يفتتح مشواره في البطولة بالفوز على جزر القمر (3-1)    انطلاق التسجيل في اللوائح الانتخابية للغرف المهنية لسنة 2026    نشرة إنذارية .. تساقطات ثلجية وهبات رياح قوية غدا الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    شهد شاهد من أهلها.. منظمات إسرائيلية تكشف أبشع عام قتل وتهجير للفلسطينيين منذ 1967    فنانون مغاربة: المهرجان الدولي للفيلم منصة لا غنى عنها للإبداع السينمائي    تشكيلة السكتيوي أمام جزر القمر    توظيف مالي لمبلغ 3,2 مليار درهم من فائض الخزينة    قاموس أكسفورد يعلن عن كلمة العام 2025    مشروع مالية 2026 يتخطى العقبة الأولى بمجلس المستشارين بعد المصادقة على جزئه الأول    الذهب ينخفض مع جني المستثمرين للأرباح    الرئيس الفرنسي يبدأ زيارة للصين غدا الأربعاء    التوزاني: فيلمي "زنقة مالقة"عودة إلى الجذور والأكثر حميمية في مساري    الحصبة تتراجع عالميا بفضل التطعيم    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدبيات الأمم المتحدة وواقع العدالة الاجتماعية في العالم
نشر في هوية بريس يوم 16 - 06 - 2023

تبدو المسافة شاسعة بين ما تراكمه الأمم المتحدة من أدبيات عن العدالة الاجتماعية وبين واقع الممارسة على الأرض، بشكل يعزز اليقين بأن العالم لازال بعيداً تماماً عن كسب رهان العدالة الاجتماعية. لإثبات ذلك هناك عدة مظاهر تظهر حيناً في المعارك الانتخابية والسجالات السياسية، وفي أحيان أخرى تظهر عبر أبحاث ودراسات علمية موضوعية، كمثال على ذلك نستحضر صورة انعدام العدالة الاجتماعية في المجتمع الفرنسي كما صورها في تجمع انتخابي سابق، الوجه اليساري البارز جان-لوك ميلنشون المرشح السابق للرئاسيات الفرنسية وأحد الوجوه السياسية القليلة على الساحة الفرنسية التي لازالت تحاول أن تعطي مضموناً مختلفاً للسياسة في المرحلة المعاصرة.
ذكر ميلنشون بحجم الفوارق الصارخة في الأجور، مذكرا بأن المليارديرات الفرنسيين في 19 شهراً التي تغطي فترة جائحة كورونا، حصلوا على 236 مليار أورو وهو ما يعني 12 مليار شهرياً، 414 مليون أورو في اليوم، 17 مليون أورو في الساعة، 287 ألف أورو في الدقيقة و4790 أورو في الثانية، بينما هناك 17 مهنة حددتها وزارة العمل الفرنسية نظير العمال المنزليين، لا يتعدى معدل أجورهم ما بين 682 أورو في الشهر، لعمال الإصلاحات و766 أورو في الشهر للصرافين والصرافات و859 أورو في الشهر لعمال البستنة والعاملين في القطاع الفلاحي، ثم ما بين 787 و1023 أورو في الشهر لحراس الأمن. أما بالنسبة لحمالي السلع داخل المخازن فلا يتعدى دخلهم الشهري 1035 أورو، وعمال البناء لا يتعدى دخلهم الشهري 1145 أورو في الشهر، والعمال المؤهلين للأشغال العمومية فلا يتجاوزون 1400 أورو في الشهر. هذه الفوارق الكبيرة التي توجد في واحدة من نماذج الدول الغربية الرأسمالية لا تمثل حالة خاصة، بل هي تعكس حقيقة الواقع الذي يعرفه الاقتصاد المعولم.
كوفي عنان الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة أكد سنة 2004 أن العالم لم يشهد ما يعادل حجم الفقر الذي ينتشر منذ أربعين سنة التي هي عمر العولمة، كما أن نفس الفترة لم تسجل خروج أي بلد من دوامة الفقر وذلك منذ السبعينات من القرن الماضي، بل على العكس من ذلك هناك دول انزلقت إلى الفقر أو شارفت على ذلك كما تمثله تجربة الأرجنتين التي عادت بصعوبة من الهاوية بعد خصوعها الكامل للمؤسسات المالية الدولية.
في الضفة الغربية للمحيط الأطلسي، لا يوجد هناك اختلاف عن المشهد الذي صوره ميلنشون في فرنسا، بل ربما مظاهر توحش الرأسمالية هناك تظهر بشكل أكبر وأبشع، حيث يقدم الاقتصادي الجزائري/الكندي عمر أكتوف، وهو يفسر مفهوم العولمة، أرقاما صادمة تبرز حجم الفوارق الصارخة بين الدخل المالي لرموز العولمة، مقارنة، ليس فقط مع باقي العاملين في الحقل الاقتصادي حيث يحصل مثلاً كل عامل من بين ستة عمال كنديين على أجر يعادل عتبة الفقر وفي الولايات الأميركية المتحدة نجد عاملاً من بين أربعة أو خمسة عمال يحصل على أجر يعادل عتبة الفقر أي ما بين 40 و 60 مليون أميركي، بل مع متوسط الدخل لسنوات بعدد من الدول عبر العالم ومنها الولايات المتحدة الأميركية نفسها، إذ نجد أن معدل أجور المدراء ورؤساء المجالس الإدارية وكبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى الكندية في الساعة، يتراوح ما بين 6 آلاف دولار و73 ألف دولار، بل إن ثلاثة أشخاص وهم: جاك ويلش الرئيس التنفيذي السابق لجنرال إليكتريك وغراسو الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد بنيويورك ثم الرئيس المدير العام لكارفور الفرنسية، سيحصلون كمنحة نهاية الخدمة بعد الإحالة على التقاعد على ما يعادل 20 ألف سنة من متوسط الدخل الأميركي، و200 ألف سنة متوسط الدخل الجزائري، و600 ألف سنة من متوسط الدخل في البنين، ومليون و200 ألف سنة من متوسط الدخل في بنغلاديش.
في وقت يعيش فيه 3 ملايين إنسان بأقل من دولار واحد في اليوم، في مقابل 3 دولارات يومياً لكل بقرة أوروبية وأميركية كدعم لإغناء أصحاب الضيعات الذين هم أغنياء في الأصل، يبرز وجه اللامساواة في اقتصاد عالمي غارق في المضاربة وبعيد عن الاقتصاد الحقيقي، ولا يمثل سوى محرقة كبيرة وقودها الأساس هو الطبقات الفقيرة بما فيها الطبقة المتوسطة التي تآكلت بفعل الأزمات المالية وجشع الرأسمال.
الحماية الاجتماعية تعتبر إحدى وحدات قياس مؤشرات العدالة الاجتماعية.. ولأهمية الحماية الاجتماعية نجدها في المغرب قد شكلت على مدى سنوات، أحد أهم المواضيع التي أثارت نقاشات واسعة في علاقتها بأدوار الدولة وحجم تدخلها، وظلت دائما في صدارة المطالب التي عبرت عنها فئات إجتماعية مختلفة. كما أن غياب الحماية الاجتماعية اعتبر نقطة ضعف كبيرة في السياسات العمومية التي اعتمدها المغرب منذ عقود، بل إن كثيراً من التقارير الدولية التي قامت بتقييم عدد من البرامج التنموية المغربية، خلصت إلى أن تلك البرامج بالرغم من أهميتها وحجم الموارد التي تم استثمارها لتحقيقها، فإن عائدها الاجتماعي بقي ضعيفاً مقارنة مع تجارب مقارنة أنجزت بتكلفة أقل خاصة في أميركا اللاتينية. موضوع الحماية الاجتماعية يثار أيضا في سياق نقاش دولي أوسع، يتمثل في مساءلة أدوار الدولة خاصة بعد رفع يدها عن عدد واسع من القطاعات ذات الطابع الاجتماعي.
ففي أوج انتشار جائحة كورونا، انكشفت كثير من الأعطاب المتعلقة بالخدمات ذات الطابع الاجتماعي، خاصة في قطاعات الصحة والتعليم، وفي ظل استمرار التنظير لضرورة الحد الأدنى من الدولة من خلال دفعها للتخلي عن وظيفتها الاجتماعية والتركيز فقط على أدوارها الأمنية في استعادة لأطروحة الثنائي تاتشر وريغن بداية ثمانينات القرن الماضي، اختار المغرب أن يسبح ضد التيار، إذ أعلن الملك محمد السادس في خطاب العرش لسنة 2020 وفي عز أزمة كوفيد-19 عن إنطلاق أكبر ورش إجتماعية في تاريخ المغرب حتى دون انتظار نتائج اللجنة التي كانت تعمل منذ أكثر من سنة على نموذج تنموي جديد، ويتعلق الأمر بتعميم الحماية الاجتماعية لتشمل أزيد من 20 مليون مغربي في أجل أقصاه خمس سنوات وبتكلفة تبلغ 51 مليار درهم.
فهل ينجح المغرب في كسب رهان الحماية الاجتماعية ومنه تحقيق العدالة الاجتماعية في حدودها المقبولة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.