ماكرون يكسر صمته في وجه الجزائر: لا امتيازات بلا احترام لحقوق الإنسان    الحدث يقترب.. هذا موعد إعلان قائمة المرشحين للكرة الذهبية 2025    ياسين بونو ضمن المرشحين لجائزة أفضل حارس في العالم 2025        سائحة إسبانية تحذر: لا تلتقطوا الصور في المغرب دون إذن            الفتح الناظوري يضم أحمد جحوح إلى تشكيلته            الوكالة المغربية للدم ومشتقاته تؤكد أن وضعية مخزون الدم بالمملكة مطمئنة        نهائي كأس إفريقيا يُطيح بالمنتخب المغربي النسوي خارج ال60 عالميا    منخرطو الوداد يرفضون الاتهامات ويجددون مطلبهم بعقد الجمع العام    تعيينات جديدة في صفوف الأمن الوطني    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية كوت ديفوار بمناسبة العيد الوطني لبلاده    المغرب... البلد الوحيد الذي يقدّم مساعدات إنسانية مباشرة للفلسطينيين دون وسطاء وبكرامة ميدانية    وفاة شاب إثر أزمة قلبية داخل محطة القطار بطنجة    مظاهر عشوائية تشوه جمالية مارينا طنجة.. وأين هي أعين السلطات؟    رخص مزورة وتلاعب بنتائج المباريات.. عقوبات تأديبية تطال أندية ومسؤولين بسبب خروقات جسيمة    المغرب ‬يرسّخ ‬جاذبيته ‬السياحية ‬ويستقطب ‬‮«‬أونا‮»‬ ‬الإسبانية ‬في ‬توسع ‬يشمل ‬1561 ‬غرفة ‬فندقية ‬    يوليوز 2025 ثالث أكثر الشهور حرارة على الإطلاق عالميًا    في ‬دلالات ‬المضمون : ‬ توطيد ‬المسار ‬الديمقراطي ‬و ‬تطوير ‬الممارسة ‬السياسية ‬لتعزيز ‬الثقة ‬في ‬المؤسسات    انتقالات: سون هيونغ-مين ينضم للوس أنجليس الأمريكي    تتويجا ‬لمسار ‬ناضج ‬وجاد ‬من ‬الجهود ‬الدبلوماسية : ‬    التامني: قرار المحكمة الدستورية صفعة قوية لحكومة عاجزة عن احترام الدستور    الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي فرضها ترامب تدخل حيز التنفيذ    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    أزمة ‬الإجهاد ‬المائي ‬تطل ‬على ‬بلادنا ‬من ‬جديد..‬    كيوسك الخميس | المغرب الأول مغاربيا والثالث إفريقيا في الالتزام بأهداف المناخ    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    الداخلة.. ‬‮«‬جريمة ‬صيد‮»‬ ‬تكشف ‬ضغط ‬المراقبة ‬واختلال ‬الوعي ‬المهني ‬    منشق شمالي يدخل كوريا عبر الحدود البحرية    زيلينسكي يجدد الدعوة للقاء مع بوتين    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    وقف حرب الإبادة على غزة والمسؤولية الوطنية    الرباط تفتتح مرآبًا عصريًا تحت الأرض لتخفيف ضغط السير وسط المدينة    هذه تفاصيل رسالة ماكرون للوزير الأول فرانسوا بايرو بخصوص التعامل بحزم مع الجزائر    الحرائق تخرج عن السيطرة في فرنسا.. قتلى ومفقودون ومناطق بأكملها تحت الرماد    ترامب يهدد برسوم جمركية جديدة على الهند بسبب النفط الروسي ونيودلهي ترد: الاتهامات "غير مبررة"    حين يتحدث الانتماء.. رضا سليم يختار "الزعيم" ويرفض عروضا مغرية    دعم السينما يركز على 4 مهرجانات    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالأخضر    خبيرة غذائية تبرز فوائد تناول بذور الفلفل الحلو    تكريم كفاءات مغربية في سهرة الجالية يوم 10 غشت بمسرح محمد الخامس        حين ينطق التجريد بلغة الإنسان:رحلة في عالم الفنان التشكيلي أحمد الهواري    النجمة أصالة تغني شارة «القيصر» الدراما الجريئة    أكلو : إلغاء مهرجان "التبوريدة أوكلو" هذا الصيف.. "شوقي"يكشف معطيات حول هذه التظاهرة    طفل يرى النور بعد ثلاثين عامًا من التجميد    الموثقون بالمغرب يلجأون للقضاء بعد تسريب معطيات رقمية حساسة    بين يَدَيْ سيرتي .. علائم ذكريات ونوافذ على الذات نابضة بالحياة    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدريس الأمازيغية بين الواقع والمتوقع

مرت أكثر من ثلات عشرة سنة على خطاب 30 يوليوز 2001 الذي اعتبر الأمازيغية مكونا أساسيا لثقافة وطنية متعددة مما يقتضي نهج سياسة لغوية جديدة تستوجب العناية اللائقة بها. وتكاد تمضي مثل هذه السنون على خطاب أجدير 17 أكتوبر 2001 الذي ورد فيه أن النهوض بالأمازيغية مسؤولية لأنه لا يمكن لأية ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية ونصَّ الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على ضرورة إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية وضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني والجهوي والمحلي.
هذه المرجعيات السياسية اعتبرت حينها محطات بارزة من شأنها أن تشكل منعطفا تاريخيا نحو بناء ديموقراطية حقيقية في دولة مدنية تنبني على الاختلاف واحترام المرجعيات الدولية التي ترفض الإقصاء والتهميش وتنص على حماية حقوق المجموعات في إرثها الثقافي والرمزي وعلى النهوض بلغاتها الأصلية في التعليم والإعلام وكافة القطاعات الحيوية، لكن ومع تعاقب السنوات بدأ يتضح بجلاء أن الواقع أبعد ما يكون عن الخطابات وأن تنزيل مقتضياتها وتطبيقها يعتريه الكثير من الخلل والارتجالية، ليبقى السؤال الكبير الذي يفرض نفسه هو: ماذا تحقق للأمازيغية من 2001 إلى اليوم؟
سؤال لن نتعرض للإجابة عنه بدقة لكونها تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم، لكن أشد المتفائلين لن يقر أن الأمازيغية قد تحقق لها الكثير، فحتى الاعتراف الصوري في دستور 2011 لم يعزز حتى الآن على الأقل بالقوانين والآليات التي من شأنها أن تجعل من الأمازيغية لغة رسمية فعلا.
غير أن نظرة فاحصة للمنظومة التربوية المغربية ستكون كافية للاقتناع أن الأمازيغية فعلا تعاني من سياسة ذر الرماد في العيون، ثلاث عشرة سنة كافية لإعطاء الأمازيغية ما تستحقه باعتبارها ثقافة ولغة مغربية متجذرة لو كانت هناك إرادة فعلية لتحقيق ذلك، إلا أن الواقع الملموس أثبت أن قضية إدماج الأمازيغية تصفية لحسابات سياسية أكثر من كونها مشروعا وطنيا حقيقيا، فهناك هوة عميقة جدا بين القول والفعل، وهناك اختلالات مهولة في الممارسة المرتبطة بتدريس الأمازيغية كما شهد بذلك شاهد من أهلها (الأستاذ مولاي العربي الحسناوي العلوي،مفتش تربوي،الجريدة التربوية العدد 48): ["فمن المدرسين من لايدرسها إطلاقا رغم ثبوتها في جداول الحصص ، ومنهم من لا يحترم الغلاف الزمني المخصص لها كما يلاحظ أن ثمة شبه غياب للتأطير التربوي لتدريس الأمازيغية في الميدان"]، والأدهى أن من المدرسين من يجاهر بعدائه للأمازيغية ثقافة ولغة، أما على مستوى الإعلام فالأزمة أشد وأعوص.
أمام هذا الوضع لابد أن نقف وقفة تأمل حقيقية لتحليل الأسباب التي تقف حجر عثرة أمام مشروع الأمازيغية إلى اليوم والتي نرى منها:
1 اختصار القضية الأمازيغية في المسألة اللغوية: حيث إن الخطاب الإعلامي والشعبي المتداول يناقش الأمازيغية باعتبارها لغة فقط عن قصد أو غير قصد في حين يهمل ثقافة عريقة ضاربة جذورها في القدم ينبغي أن تعطى نصيبها من الاهتمام بالدراسة والتحليل لأن فيها من قيم الانفتاح وقبول الآخر ما يمكن أن ينهل منه مجتمعنا اليوم الذي بدأ يغرق في مستنقعات قيم دخيلة على ثقافتنا كمغاربة.
2 إشكالية المعيار: لقد جعل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية منذ تأسيسه من أولوياته العمل على معيرة اللغة الأمازيغية التي تتشعب إلى لغات كثيرة وليس إلى ثلاث لغات كما يروَّج له ، لكن هذه العملية تعترضها تحديات منها: أية لغة من اللغات الأمازيغية سنعتمدها كمعيار؟ وعلى أية أسس؟ هل هذا المعيار المعتمد من طرف المعهد اليوم لغة ينطق بها الأمازيغ أم أنها لغة ولدت في المعهد وستبقى حبيسة جدرانه؟ أليست معيرة أية لغة تؤدي إلى حفظ لغة في مقابل القضاء على لغات كثيرة؟ ( فالقرآن مثلا خلَّد لغة قريش كعربية معيار فيما كان ذلك سببا في ضياع كل لغات القبائل الأخرى).
3 الحرف تيفيناغ: رغم قناعة المعهد باعتماد كتابة الأمازيغية بحرف تيفيناغ، إلا أن هذا الخيار لم يكن موفقا بالرغم مما يمكن أن يقال عن تجذر تيفيناغ في الثقافة الأمازيغية، لأن التجربة أثبتت وبالملموس أن هذا الخط يشكل أحد العوائق الرئيسة في وجه انتشار الكتابة الأمازيغية على نطاق واسع، وهو الأمر الذي كان بالإمكان تجاوزه وذلك بحفظ تيفيناغ كإرث ثقافي واعتماد الحرف اللاتيني أو العربي في الكتابة خاصة وأن الدراسات الأمازيغية على المستوى الجامعي تعتمد الخط اللاتيني في كتابة الأمازيغية.
4 تبخيس الإعلام للثقافة الأمازيغية: تفاءل الكثيرون بإنشاء قناة أمازيغية من شأنها أن تعرف المغاربة بالثقافة الأمازيغية وما يميزها من غنى وتنوع حسب المناطق، لكن الحقيقة أن الإعلام السمعي البصري يمارس وظيفة تبخيسية ليس للثقافة الأمازيغية بل للثقافة المغربية عموما.
ومن هنا يبقى السؤال مطروحا دائما: هل هناك فعلا إرادة حقيقية لإدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية والإعلامية كمكون ثقافي لا يتجزأ من هوية المغاربة أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد شعارات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.