"الرسالة" تعلق المشاورات مع الداخلية    فنانون وشخصيات عامة يطالبون فرنسا وبلجيكا بتوفير حماية دبلوماسية لأسطول الصمود المتجه إلى غزة    وفاة الإعلامي المغربي سعيد الجديدي رائد النشرات الإسبانية    أشبال الأطلس يستهلون مشوارهم في مونديال الشباب بملاقاة إسبانيا        المغرب ومنظمة الطيران المدني الدولي يوقعان اتفاقا لتطوير تعاونهما        ما هي العقوبات التي أعيد فرضها على إيران؟    رئيس وزراء النيجر في الأمم المتحدة: اليورانيوم صنع مجد فرنسا وجلب البؤس لشعبنا    ألمانيا.. عشرات الآلاف في برلين يطالبون بوقف الحرب على غزة    رئيس كولومبيا يتهم أمريكا بانتهاك القانون الدولي بعد إلغاء تأشيرته    الجمعية" تستنكر التدخل الأمني والاعتقالات خلال وقفة احتجاجية بمراكش    إلياس محسوب يعوض حمزة كوتون في تشكيلة وهبي لكأس العالم    طقس الأحد.. رياح قوية وتطاير غبار بعدد من مناطق المملكة    الموت يغيّب الإعلامي سعيد الجديدي    لماذا تمنع احتجاجات "جيل Z" بينما يسمح في الوقت نفسه بمسيرات التضامن مع فلسطين؟    إطلاق سراح المحامي فاروق المهداوي بعد اعتقاله على خلفية احتجاجات بالرباط    دراسة: المعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر استعدادا للكذب والخداع    "حماس" تنفي تلقي مقترحات جديدة    رحيل الإعلامي سعيد الجديدي.. أول صوت إخباري بالإسبانية على الشاشة المغربية    المغرب يعزز ترسانته العسكرية ب597 مدرعة أمريكية من طراز M1117..    تحليل إخباري: قمع احتجاجات جيل "زِد" قد يحول الغضب الرقمي إلى كرة ثلج في الشارع            دوري أبطال إفريقيا: نهضة بركان يتأهل للدور الموالي بانتصاره على أسكو دي كار    الاتحاد الوطني لنساء المغرب يتكفل بإيمان ضحية تازة بأمر من الأميرة للا مريم    دوري أبطال إفريقيا: الجيش الملكي يتأهل للدور الموالي بفوزه على ريال بانغول الغامبي    أولمبيك الدشيرة يتغلب على ضيفه الكوكب المراكشي    تصويت "البالون دور": هذه هي جنسيات الصحفيين الثلاثة الذين منحوا أصواتهم لحكيمي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الأسبوع على وقع الانخفاض    إحباط تهريب 12 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط    انطلاق بيع تذاكر مواجهة المغرب والبحرين بالرباط    تحليل إخباري: المغرب يواجه هشاشة في سوق العمل رغم فرص التحول المستقبلي    تدشين ملعب بمعايير NBA بالبيضاء    احتيال محتمل في صفقات الألواح الشمسية من الصين يهدد المغرب بخسائر بمئات ملايين الدراهم    نقابة المهن الموسيقية ترفض قانون حقوق المؤلف الجديد وتتهم الحكومة بتهميش الفنانين        بعد رحيل المؤسس بن عيسى .. موسم أصيلة الثقافي يجيب عن سؤال المستقبل    رامي عياش يسترجع ذكريات إعادة "صوت الحسن" وصداها العربي الكبير    القوات المسلحة الملكية تبرز التراث المغربي في معرض الفرس بالجديدة    تصنيف "ستاندرد آند بورز" الائتماني يضع المغرب بنادي الاستثمار العالمي    "الجاز بالرباط".. العاصمة تحتفي بروح الجاز في لقاء موسيقي مغربي- أوروبي    مهنيو الفلاحة بالصحراء المغربية يرفضون الخضوع إلى الابتزازات الأوروبية    أخنوش يتباحث بنيويورك مع الأمينة العامة لمنظمة التعاون الرقمي    طقس السبت.. أجواء حارة نسبيا بالجنوب والجنوب الشرقي مع ضباب وأمطار خفيفة محليا    "يونايتد إيرلاينز" توسع رحلاتها المباشرة بين مراكش ونيويورك لفصل الشتاء    مسرح رياض السلطان يفتتح موسمه الثقافي الجديد ببرنامج حافل لشهر اكتوبر        مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بنبيل عيوش وآيدا فولش وإياد نصار    مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو        الاتحاد الأوروبي يوافق بشروط على علاج جديد للزهايمر    الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطرح للنفايات يحول حياة سكانٍ إلى جحيم بضواحي العرائش

لَمْ يحْتج إدريس إلى كثير من الكلام للبرهنة على فظاعة المعاناة التي يتجرّعها سكّان "تجزئة المنار 2″، الواقعة على بعد بضعة كيلومترات من مدينة العرائش، بسبب مطرح للنفايات لا يبعد عن بيوتهم سوى بأقلّ من مائة متر، ويتجرّعون سمومه بالليل والنهار.
قال إدريس بغضب: "الخْنز خْنقنا، والدراري ديالنا كيمرضو بْسباب هاد الزبالة.."، ثمّ رفع ملابسه وكشف عن بقعة حمراء ممتدة تحت إبطه قال إنّ سببها هو السموم المنبعثة من مطرح النفايات المجاور لبيته، وكلّفه علاجها مليونين ونصف المليون سنتيم.
وَعْد منقوض
وسط مطرح مدينة العرائش أبقار تقتات على النفايات، وغربان يُضفي لونها الأسود القاتم قتامة على المكان. أما الرائحة المنبعثة من شتّى أنواع النفايات المرمية في المطرح، من نفايات منزلية ومخلّفات السمك والجيَف، فتصيب المرء بالدوران، وتطرح سؤال لماذا اختار سكان "المنار 2" أن يسكنوا في هذا الفضاء الموبوء؟
حسب الشهادات التي استقيناها من عين المكان، قال لنا مواطنون إنّ قدومهم إلى "تجزئة المنار 2" جاء بعد ترحيلهم من حي صفيحي بمدينة العرائش، وتلقّوا وعودا من لدن مسؤولي المدينة بأنّ مطرح النفايات سيتمّ تحويله إلى مكان آخر؛ لكنّ هذا الوعد ما زال عالقا، بالرغم من مضّي خمس سنوات.
الروائح "النفاثة" المنبعثة من مطرح النفايات تصل إلى عُمق الحيّ السكني المجاور الغارق في التهميش، إذ إنّ أغلب بيوته لم يستطع قاطنوها حتّى إخفاء معالم الأجور بالطلاء، بسبب حالتهم الاجتماعية الضعيفة، ويقول السكان إِنَّهُم يعيشون على الدوام تحت سحابة قاتمة من أدخنة المطرح.
"اللهم إن هذا منكر"
حين كنّا نتحدّث إلى مواطنين وسط الحيّ، خرجت سيّدة عجوز من بيتها، بعد أن علمت أننا صحافيون، تصرخ بصوت عال: "اللهم إن هذا منكر، الزبّالة قهراتنا، وقهرونا الدخاخن ديالها، وحتى شي مسؤول ما بغاش يشوف من حالنا، هوما عندهم كي الربح كي الخسارة، وحْنا كنعانيو".
لا تنتهي معاناة سكان "تجزئة المنار 2" بالعرائش أبدا، ففي ساعات النهار تُفرغ شاحنات الشركة المكلفة بالنظافة الأزبال في المطرح،، ويلخّص مواطن حالة الحيّ لحظتها بالقول "ديك الساعة ما تقدرش ضُّورْ هْنا". وفي الليل، تتواصل المعاناة، حيث يأتي مشردون إلى المطرح ويضرمون النار في النفايات للتدفئة، فلا يلْفي السكان حلّا آخر غير إيصاد نوافذ بيوتهم في انتظار أن يأتي الفرج.
ويبدو أن انتظار الفرج طال، فبعد مرور خمس سنوات، يقول السكان إنّ أبواب جميع المسؤولين موصدة في وجوههم، بالرغم من أن المتضررين خاضوا عددا من الوقفات الاحتجاجية، وأغلقوا الطريق أمام شاحنات جمع الأزبال للحيلولة دون إفراغ شحنتها في المطرح، "ومْلّي كانمشيو باش نشوفو العامل كيجيبو السلطة كيهزونا"، تقول السيدة العجوز.
"شْحال قدّنا نصبرو؟"
المعاناة المريرة لسكان "تجزئة المنار 2" بالعرائش يحكي جزءا من تفاصليها أحمد؛ هذا الرجل الخمسيني، يملك محلا صناعيا غير بعيد عن المطرح، يقول إنه يضطر في المساء إلى مغادرة الحيّ لاستحالة قضاء الليل فيه، ويعود عند أولاده الذين يقطنون وسط مدينة العرائش.
يحكي أحمد أنّ أولاده رفضوا الانتقال للسكن في "تجزئة المنار 2″، أما هو فقد حتّمت عليه ظروف عمله قضاء سحابة يومه في هذا المكان، ويواصل سرْد شريط المعاناة قائلا: "واحد الليلة قلت ننعس هنا، وعشت في العذاب، واخا تسدّ الشراجم الريحة ديال الدخاخن كتوصل حتى لقاع الدار".
وأضاف مستنكرا: "مْلّي كنوقفو الكاميونات ديال الشركة ديال الزبل كيقولو لينا غي صبرو، ولكن شحال قدنا نصبرو، خاصّ المسؤولين يبعّدو علينا هاد المصيبة، حتى حنا مواطنين ومن حقنا نعيشه حياة كريمة، واش عندنا كْبدة العود؟ را حْنا غي بشر".
"شْلّة وعود"
مسؤولو مدينة العرائش على عِلْم بمعاناة السكان المجاورين لمطرح النفايات بالمدينة؛ "لكنّ كل ما يقومون به هو أنهم كايعطيونا شْلّة وعود، وما كاينفدوهاش"، يقول شاب من سكان "تجزئة المنار 2″، مضيفا أنّ السكان قاموا باعتصام لمدة 25 يوما، قبل أن يتم تفريقهم بالقوة. وكانت شركة النظافة، طيلة مدة الاعتصام، تفرغ النفايات في مكان آخر. وحين تشتّت جمع المحتجين جمعت تلك الأزبال وأعادت إفراغها في المطرح المجاور لهم.
وإذا كان سكان "تجزئة المنار 2" بالعرائش يعيشون وسط فضاء ملوّث ويتجرّعون مرارة سموم المطرح ليلا ونهارا، فإنّ الفضاء الذي يقطنونه لا يحمل من "التجزئة" إلا الاسم؛ ذلك أنّ البيوت غير مرتبطة بالكهرباء، بالرغم من أن أعمدة النور مجاورة لبيوتهم، وما زالوا ينيرون بقنينات الغاز والشموع. كما أنّ البيوت غير مزوّدة بالماء الشروب. أما باقي المرافق، من حدائق وأماكن لعب الأطفال وغيرها، فتلك بالنسبة إليهم لا تزال مجرد أحلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.