أوروبا الغربية تستقبل موسم الصيف بموجة حرّ مبكرة وجفاف غير مسبوق        المحكمة تصدر حكمها في حق الشخص الذي ادعى كذبا معرفته بمصير مروان المقدم    سيدة مسنة تُنهي حياتها شنقًا بضواحي شفشاون    أمير قطر يتلقى اتصالاً هاتفياً من الملك محمد السادس    ترامب: الرد الإيراني كان ضعيفا للغاية    تعليق مؤقت لحركة الملاحة الجوية في البحرين والكويت كإجراء احترازي في ظل تطورات الأوضاع الإقليمية    وأخيرا.. حزب العدالة والتنمية يُندّد بما تفعله إيران    نظام أساسي جديد لموظفي الجماعات الترابية    فرنسا تجدد التأكيد على أن حاضر ومستقبل الصحراء "يندرجان بشكل كامل في إطار السيادة المغربية"    عملية "مرحبا 2025".. تعبئة لنقل 7.5 ملايين مسافر و2 مليون سيارة عبر 13 خطا بحريا    مصرع سائق دراجة ناريةفي حادث اصطدام عنيف بضواحي باب برد    27% من القضاة نساء.. لكن تمثيلهن في المناصب القيادية بالمحاكم لا يتجاوز 10%    رويترز عن مسؤول أمريكي: قد يأتي الرد الإيراني خلال يوم أو يومين    الذهب يرتفع وسط الإقبال على أصول الملاذ الآمن مع ترقب رد إيران    حموشي: المديرية العامة للأمن الوطني تولي أهمية خاصة لدعم مساعي مجابهة الجرائم الماسة بالثروة الغابوية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    بوريطة يستقبل وزير الشؤون الخارجية القمري حاملا رسالة من الرئيس أزالي أسوماني إلى الملك محمد السادس    توقيع اتفاقية شراكة إطار بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات لتعزيز الإدماج السوسيو اقتصادي للشباب    إيران تقصف قاعدة العديد الأمريكية بقطر    شرطي يستعمل سلاحه الوظيفي بالقنيطرة لتوقيف شقيقين عرضا سلامة عناصر الشرطة والمواطنين لتهديد جدي    بوتين: لا مبررات قانونية أو أعذار للعدوان ضد إيران    ياسين بونو يتوج بجائزة رجل المباراة أمام سالزبورج    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر        بنعلي: لن نتوفر على دينامية في البحث العلمي في الطاقات المتجددة بدون تمويل مستدام    كأس العالم للأندية.. "الفيفا" يحتفل بمشجعة مغربية باعتبارها المتفرج رقم مليون    إشكالية التراث عند محمد عابد الجابري بين الثقافي والابستيمي    بسمة بوسيل تُطلق ألبوم "الحلم": بداية جديدة بعد 12 سنة من الغياب    جلالة الملك يهنئ دوق لوكسمبورغ بمناسبة العيد الوطني لبلاده    ارتفاع حصيلة ضحايا تفجير إرهابي استهدف المصلين في كنيسة بدمشق    الشعباني: "نهائي كأس العرش ضد أولمبيك آسفي سيكون ممتعا.. وهدفنا التتويج باللقب"    صديق المغرب رئيس سيراليون على رأس المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا ( CEDEAO)    مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تنظم المعرض الفوتوغرافي "أتيت من نظرة تَعْبُرُ" للفنان المصور مصطفى البصري    نقابيو "سامير" يعودون للاحتجاج على الموقف السلبي للحكومة وضياع الحقوق    "تالويكاند" في دورته الرابعة.. تظاهرة فنيّة تحتفي بتراث أكادير وذاكرتها    رأي اللّغة الصّامتة – إدوارد هارت    وسط ارتباك تنظيمي.. نانسي عجرم تتجاهل العلم الوطني في سهرة موازين    هذه تدابير مفيدة لتبريد المنزل بفعالية في الصيف    موازين 2025.. الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تمتع جمهورها بسهرة متميزة على منصة النهضة    إسبانيا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى "التحلي بالشجاعة" لمعاقبة إسرائيل    الناخب الوطني النسوي يعقد ندوة صحفية بعد غد الثلاثاء بسلا    المغرب ‬يعيد ‬رسم ‬خريطة ‬الأمن ‬الغذائي ‬في ‬أوروبا ‬بمنتجاته ‬الفلاحية ‬    الكركرات.. توقيف شاحنة محملة بالكوكايين القادم من الجنوب    ألونسو: من الأفضل أن تستقبل هدفًا على أن تخوض المباراة بلاعب أقل    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    وثيقة مزورة تعكس انزعاج الجزائر من نجاحات المغرب    كأس العالم للأندية 2025.. ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي (3-1)    طنجة.. تتويج فريق District Terrien B بلقب الدوري الدولي "طنجة الكبرى للميني باسكيط"    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسلحة ‬الرقمية: ‬من ‬خيال ‬العلم ‬إلى ‬واقع ‬الحرب ‬السبيرية
نشر في لكم يوم 29 - 03 - 2019

دشّنت ‬الرواية ‬الأدبية ‬الخيالية ‬الشهيرة ‬الموقّعة ‬بعنوان ‬‮«‬فرنكنشتاين ‬أو ‬بروميثيوس ‬الحديث‮»‬ ‬‮«‬Frankenstein or The Prometheus‮»‬ ‬لكاتبتها ‬‮«‬ماري ‬شِلِّي‮»‬ ‬‮«‬Mary Shelley‮»‬ ‬سنة ‬1818م. ‬كانت ‬أحداثها ‬الخيالية ‬تدور ‬حول ‬ما ‬قام ‬به ‬طبيب ‬مغامر ‬كان ‬يبحث ‬عن ‬إكسير ‬الحياة، ‬حيث ‬أوجد ‬مخلوقا ‬عبارة ‬عن ‬مسخ ‬من ‬قطع ‬جثث ‬بشرية ‬يحسّ ‬ويشعر ‬ويبحث ‬عن ‬من ‬يفهم ‬للتواصل ‬معه، ‬لكنه ‬لم ‬يستطع ‬أن ‬يصل ‬إلى ‬نفس ‬الحياة ‬الإنسانية ‬رغم ‬طموحه ‬في ‬ذلك. ‬ولقد ‬ألهمت ‬هذه ‬القصة ‬الخيالية ‬العديد ‬من ‬المخرجين ‬السينمائيين ‬الذين ‬ترجموا ‬أحداثها ‬السردية ‬الخيالية ‬إلى ‬أعمال ‬سينمائية ‬خالدة، ‬مثل ‬الفيلم ‬الذي ‬اضطلع ‬ببطولته ‬الممثل ‬الشهير ‬‮«‬روبير ‬دي ‬نيرو‮»‬ ‬‮«‬Robert De Niro‮»‬ ‬سنة ‬1994، ‬والفيلم ‬الذي ‬اضطلع ‬فيه ‬الممثل ‬‮«‬آرون ‬ايكهارت‮»‬ ‬‮«‬Aaron Eckhart‮»‬ ‬بالبطولة ‬سنة ‬2014. ‬
جاءت ‬فكرة ‬هذه ‬القصة ‬الخيالية ‬مستوحاة ‬من ‬حلم ‬الكاتبة ‬‮«‬ماري ‬شلِّي‮»‬ ‬الذي ‬رأت ‬فيه ‬طبيبا ‬يخترع ‬إنسانا ‬مسخا، ‬وروت ‬حلمها ‬لزوجها ‬الشاعر ‬‮«‬بيرسي ‬بيش ‬شيلي‮»‬ ‬‮«‬ ‬Percy Bysshe Shelley‮»‬ ‬فشجعها ‬على ‬سردها ‬في ‬رواية ‬أدبية ‬مستوحية ‬شخصية ‬فرنكنشتاين ‬من ‬الطبيب ‬الخيميائي ‬الشهير ‬‮«‬كونراد ‬ديبي ‬يوهان‮»‬ ‬‮«‬Johann Conrad Dippel‮»‬ ‬الذي ‬حاول ‬أن ‬يصنع ‬من ‬أجزاء ‬جثث ‬الموتى ‬التي ‬كان ‬يجمعها ‬إنسانا ‬جديدا ‬بعد ‬أن ‬يحقنها ‬بدم ‬البنات ‬الشابات. ‬ومهما ‬يكن ‬الأمر، ‬فالمؤكّد ‬أنّ ‬القصة ‬الخيالية ‬تلك ‬كانت ‬بمثابة ‬محاولة ‬سردية ‬أولى ‬في ‬مجال ‬رواية ‬الخيال ‬العلمي، ‬إلى ‬جانبها، ‬سوف ‬تظهر ‬روايات ‬أخرى ‬جديدة، ‬كتلك ‬التي ‬كتبها ‬‮«‬إدغار ‬آلان ‬بو‮»‬ ‬‮«‬Edgar Allan Poe‮»‬ . ‬غير ‬أنّ ‬الانطلاقة ‬الحقيقية ‬لهذا ‬اللون ‬الروائي ‬الجديد ‬قد ‬بدأت، ‬فعليا، ‬مع ‬قصص ‬‮«‬جول ‬فيرن‮»‬ ‬‮«‬Jule Verne‮»‬ ‬التي ‬انفردت ‬بخيالها ‬العلمي ‬الذي ‬عُدّ ‬ثورة ‬في ‬المخيال ‬السردي ‬الأدبي، ‬إلى ‬جانب ‬ارتكازها ‬على ‬حقائق ‬علمية ‬مؤكّدة، ‬منحت ‬رواياته ‬نوعاً ‬من ‬قدرة ‬تنبؤية ‬مغلّفة ‬بمسحة ‬تفاؤلية ‬تشي ‬بنوع ‬الحياة ‬البشرية ‬المستقبلية ‬التي ‬سوف ‬يجترح ‬فيها ‬العلم ‬المعاصر ‬وتطبيقاته ‬آفاقا ‬رحبة ‬وعجيبة، ‬هي ‬أقرب ‬إلى ‬السحر ‬بمقاييس ‬منتصف ‬القرن ‬التاسع ‬عشر. ‬وتوسع ‬آفاق ‬رواية ‬الخيال ‬العلمي ‬في ‬القرن ‬العشرين ‬بصدور ‬رواية ‬‮«‬عالم ‬جديد ‬شجاع‮»‬ ‬سنة ‬1932 ‬للكاتب ‬الانجليزي ‬‮«‬ألدوس ‬هكسلي‮»«‬Aldous Leonard Huxley‮»‬ .‬ ‬
تطوّر ‬هذا ‬الجنس ‬الأدبي ‬متخذا ‬أبعادا ‬عديدة ‬ومختلفة (‬علمية ‬وتقنية ‬واقتصادية ‬وثقافية) ‬جرّاء ‬الثورة ‬العلمية ‬والتكنولوجية ‬والاقتصادية ‬التي ‬شهدها ‬العالم ‬بعد ‬الحربين ‬العالميتين ‬الأولى ‬والثانية. ‬وإذا ‬ما ‬تركنا ‬الجانب ‬التاريخي ‬لرواية ‬الخيال ‬العلمي، ‬وصرفنا ‬النظر ‬إلى ‬بحث ‬الخلفيات ‬والأغراض ‬المختلفة (‬الاقتصادية ‬والسياسية ‬والعسكرية) ‬التي ‬يُحتمل ‬أن ‬يخدمها ‬هذا ‬الجنس ‬الأدبي ‬أو ‬يروّج ‬لها؛ ‬فإنّ ‬ما ‬تشي ‬به ‬بعض ‬الإنتاجات ‬السينمائية ‬المعاصرة، ‬حول ‬هذه ‬المسألة، ‬هو ‬التركيز ‬على ‬استثمار ‬الثورة ‬التكنولوجية ‬الرابعة ‬ذات ‬الأبعاد ‬الالكترونية ‬والإعلامية ‬في ‬خدمة ‬فكرة ‬القوة ‬والحرب ‬والسيطرة. ‬فبقدر ‬سعة ‬الخيال ‬العلمي ‬وحريته، ‬غدا ‬من ‬الممكن ‬جدّا ‬استثمار ‬ما ‬استجد ‬من ‬العلوم ‬الدقيقة ‬المعاصرة، ‬خاصة ‬منها ‬الحسابية ‬والمنطقية ‬والمعلوماتية ‬الرياضية، ‬التي ‬بفضلها ‬يتم ‬تشكيل ‬خوارزميات ‬وبناء ‬سيناريوهات ‬منطقية ‬قابلة ‬لرسم ‬عوالم ‬ممكنة ‬وافتراضية ‬دقيقة ‬تسمح ‬بتوجيهها ‬لرسم ‬معالم ‬قوّة ‬مفترضة ‬قابلة ‬للتحقّق ‬الواقعي ‬على ‬ضوء ‬شروط ‬منطقية ‬وواقعية ‬معيّنة. ‬
وهكذا، ‬تحاول ‬الأعمال ‬الأدبية ‬والفنية – ‬السينمائية ‬تقديم ‬سيناريوهات ‬خيالية ‬بطرق ‬إبداعية، ‬تعتمد ‬الحدس ‬والتلقائية، ‬وكذلك ‬استعارة ‬آخر ‬المستجدات ‬العلمية، ‬إمّا ‬من ‬أجل ‬استشراف ‬المستقبل ‬ورسم ‬صورة ‬تفاؤلية ‬عنه، ‬أو ‬لرسم ‬صورة ‬قاتمة ‬وتشاؤمية ‬عمّا ‬هو ‬ممكن ‬أن ‬تحمله ‬تلك ‬الأحداث ‬المستقبلية، ‬كنتيجة ‬للاختراعات ‬الجديدة ‬في ‬مجال ‬تكنولوجيا ‬الحروب ‬والتغيّرات ‬المناخية ‬والنزاعات ‬الاقتصادية ‬وتدهور ‬مصادر ‬الطاقة ‬والغذاء ‬والبيئة، ‬وغيرها ‬من ‬التحوّلات ‬السلبية ‬التي ‬لا ‬تبشّر ‬بالخير. ‬ثمّ ‬أصبح ‬من ‬الضروري ‬على ‬هؤلاء ‬الكتاب ‬المهتمين ‬برواية ‬الخيال ‬العلمي ‬مسايرة ‬المستجدات ‬العلمية ‬الهائلة ‬في ‬مجالات ‬التكنولوجيا ‬المعاصرة، ‬وبالأخص ‬تكنولوجيات ‬الكومبيوتر ‬والإعلام ‬والاتصال ‬التي ‬جعلت ‬العالم ‬الحالي ‬قرية ‬صغيرة ‬واحدة ‬سهلة ‬التبادل ‬والاختراق ‬والولوج ‬في ‬كل ‬نقطة ‬من ‬نقطها ‬الجغرافية ‬المتعددة. ‬لذا، ‬يلزم ‬كتاب ‬رواية ‬الخيال ‬العلمي ‬أن ‬يطلقوا ‬العنان ‬لخيالهم ‬في ‬تناول ‬كل ‬ما ‬من ‬شأنه ‬أن ‬يترتّب ‬من ‬مشاكل ‬وأنماط ‬سلوكية ‬وعادات ‬أخلاقية ‬ومتاعب، ‬بل ‬وجرائم ‬حربية ‬لم ‬تشهدها ‬البشرية، ‬وكلّ ‬ما ‬يمكن ‬أن ‬يفضي ‬إليه ‬تسخير ‬وتوظيف ‬الذكاء ‬الاصطناعي ‬في ‬تكوين ‬وقائع ‬جديدة، ‬والتي ‬سمتها ‬سيطرة ‬الافتراضي ‬والتهديد ‬بتجسيده ‬على ‬أرض ‬الواقع ‬عبر ‬ما ‬يصطلح ‬عليه ‬ب»الحروب ‬السيبرية‮»‬ ‬ذات ‬الأساس ‬الالكتروني ‬الآلي ‬والربوتي ‬الفتاك. ‬
ولقد ‬تعرّض ‬الكاتب ‬الأمريكي ‬الشهير ‬‮«‬اسحاق ‬اسيموف‮»‬ ‬‮«‬Isaac Asimov‮»‬ ‬لهذه ‬المسألة ‬الشائكة ‬والمستجدة، ‬خاصة ‬في ‬رواياته ‬الخيالية ‬حول ‬التأثيرات ‬الناجمة ‬عن ‬تطور ‬الكومبيوتر ‬وشبكات ‬الانترنيت ‬المعقدّة. ‬والواقع ‬أنّ ‬الحرب ‬السبيرية ‬قد ‬تحولت ‬من ‬عالم ‬الافتراض ‬إلى ‬الواقع ‬المعيش ‬للناس، ‬خاصّة ‬على ‬شبكة ‬الأنترنت ‬حيث ‬إن ‬الفتك ‬بالخصم ‬رقميا ‬قد ‬يؤدي ‬إلى ‬تجميد ‬ممكنات ‬قوته ‬المحتملة. ‬والحرب ‬السيبرية، ‬أو ‬الإلكترونية، ‬هي ‬في ‬النهاية ‬حرب ‬خطيرة ‬وممكنة، ‬حيث ‬يهاجم ‬القراصنة ‬‮«‬Hackers‮»‬ ‬الملفات ‬ومواقع ‬محتملة ‬والتي ‬تخص ‬الخصم ‬والعدو، ‬وفي ‬نفس ‬الوقت ‬تقوم ‬على ‬آليات ‬الدفاع ‬عن ‬المعلومات ‬الشخصية ‬من ‬هجمات ‬القراصنة ‬المحتملة ‬عن ‬طريق ‬برامج ‬تجسّسية ‬خبيثة ‬تتلف ‬البيانات ‬والمواقع ‬الرسمية ‬للهيئات ‬والمؤسسات ‬المختلفة. ‬أما ‬كلمة ‬‮«‬سيبيرية‮»‬ ‬فقد ‬بدأ ‬استخدامها ‬منذ ‬ستينيات ‬القرن ‬الماضي ‬في ‬توصيف ‬ما ‬يقع ‬من ‬صراع ‬استخباراتي ‬وهجوم ‬حربي ‬عدائي ‬ضد ‬عدو ‬محتمل ‬في ‬الواقع. ‬ولقد ‬أطلقها ‬بداية ‬‮«‬مانفريد ‬كلاينس‮»‬ ‬‮«‬Manfred Claynes‮»‬ ‬و»ناثان ‬كلاين‮»‬ ‬‮«‬Nathan Kline‮»‬ ‬عندما ‬مزجا ‬مصطلح ‬‮«‬الاليكترونيات‮»‬ ‬بمفهوم ‬‮«‬الإنسان‮»‬. ‬
لكن، ‬يبقى ‬مفهوم ‬‮«‬الحرب ‬السيبرية‮»‬ ‬يشير ‬لدى ‬فئات ‬كثيرة ‬من ‬الناس ‬إلى ‬أشياء ‬مختلفة؛ ‬فقد ‬يُستخدَم ‬المصطلح ‬للإشارة ‬إلى ‬وسائل ‬وأساليب ‬القتال ‬التي ‬تتألف ‬من ‬عمليات ‬في ‬الفضاء ‬الإلكتروني، ‬وقد ‬ترقى ‬إلى ‬مستوى ‬النزاع ‬المسلح ‬أو ‬تُجرى ‬في ‬سياقه ‬ضمن ‬المعنى ‬المقصود ‬في ‬القانون ‬الدولي. ‬لذلك، ‬ساور ‬اللجنة ‬الدولية ‬قلق ‬بشأن ‬الحرب ‬السيبرية ‬بسبب ‬ضعف ‬الشبكات ‬الإلكترونية ‬والتكلفة ‬الإنسانية ‬المحتملة ‬من ‬جراء ‬الهجمات ‬السيبرية. ‬فعندما ‬تتعرض ‬الحواسيب ‬أو ‬الشبكات ‬التابعة ‬لدولة ‬ما ‬لهجوم ‬أو ‬اختراق ‬أو ‬إعاقة، ‬فقد ‬يجعل ‬هذا ‬الأمر ‬المدنيين ‬عرضة ‬لخطر ‬الحرمان ‬من ‬الاحتياجات ‬الأساسية. ‬كما ‬قد ‬تتعطل ‬أنظمة ‬تحديد ‬المواقع (‬تقنية ‬GPS) ‬عن ‬العمل، ‬أو ‬تحدث ‬إصابات ‬في ‬صفوف ‬المدنيين ‬من ‬خلال ‬تعطيل ‬عمليات ‬إقلاع ‬مروحيات ‬الإنقاذ. ‬وقد ‬تتعرض ‬السدود ‬والمنشآت ‬النووية ‬وأنظمة ‬التحكم ‬في ‬الطائرات ‬لهجمات ‬سيبرية ‬لاعتمادها ‬الكلّي ‬على ‬الحواسيب ‬والأنظمة ‬الإلكترونية. ‬وبما ‬أنّ ‬شبكات ‬الأنترنيت ‬عادة ‬ما ‬تكون ‬مترابطة، ‬فقد ‬بات ‬من ‬الصعّب ‬الحدّ ‬من ‬آثار ‬هجوم ‬سيبري ‬ضد ‬جزء ‬من ‬المنظومة ‬دون ‬الإضرار ‬بأجزاء ‬أخرى، ‬أو ‬تعطيل ‬المنظومة ‬بأكملها؛ ‬لذا ‬من ‬المحتمل ‬جدّا ‬أن ‬تتضرر ‬مصالح ‬ملايين ‬الناس. ‬
وسيرا ‬على ‬هذا ‬المنوال، ‬فتحت ‬الأبحاث ‬العلمية ‬الباب ‬على ‬مصراعيه ‬نحو ‬الحصول ‬على ‬ما ‬يسمى ‬ب ‬‮«‬الكائن ‬السيبري‮»‬، ‬ممّا ‬يؤشّر ‬بأن ‬العلم ‬يسير ‬بخطوات ‬متسارعة ‬نحو ‬تنفيذ ‬ما ‬كنا ‬نظنّه ‬سيبقى ‬خيالاً ‬في ‬الأفلام ‬والروايات. ‬وبذلك، ‬نكون ‬في ‬طريقنا ‬إلى ‬أن ‬تصبح ‬هذه ‬التكنولوجيا ‬المميزة ‬حقيقةً. ‬ويظهر ‬بأن ‬فكرة ‬تعزيز ‬قدرات ‬البشر ‬بإمكانيات ‬إلكترونية ‬وميكانيكية ‬وحيوية ‬في ‬ذات ‬الوقت، ‬قد ‬أصبحت ‬على ‬بعد ‬خطوات ‬من ‬متناول ‬أيدينا، ‬حيث ‬استطاع ‬علماء ‬اليوم ‬التحكم ‬في ‬بعض ‬الحشرات ‬عبر ‬أوامر ‬إلكترونية ‬مدروسة. ‬ذلك ‬ما ‬تمكن ‬الباحث ‬الياباني ‬‮«‬هيروتاكا ‬ساتو‮»‬، ‬مع ‬فريقه ‬في ‬جامعة ‬‮«‬نانيانغ‮»‬ ‬للتكنولوجيا ‬بسنغافورة، ‬من ‬تجريبه ‬لمّا ‬ركّبوا ‬أقطاب ‬كهربائية ‬في ‬نوع ‬معين ‬من ‬الخنافس ‬تعرف ‬باسم ‬‮«‬خنافس ‬الزهرة‮»‬ ‬‮«‬flower beetles‮»‬، ‬وهي ‬معروفة ‬علميًّا ‬بتسمية ‬‮«‬Mecynorrhina torquata‮»‬، ‬بغرض ‬تحفيز ‬مجموعات ‬عضلات ‬معينة ‬موجودة ‬في ‬أرجلها؛ ‬ومن ‬خلال ‬تغيير ‬تسلسل ‬التحفيز ‬الكهربائي ‬بترتيبات ‬معينة، ‬تمكن ‬الفريق ‬من ‬السيطرة ‬على ‬مشية ‬الخنافس. ‬غير ‬أنّه، ‬وعبر ‬تغيير ‬مدة ‬الإشارات ‬الكهربائية ‬المرسلة ‬عبر ‬هذه ‬الأقطاب، ‬تمكن ‬العلماء ‬أيضًا ‬من ‬تغيير ‬سرعة ‬المشية ‬وطول ‬الخطوة. ‬كما ‬تمكن ‬بعض ‬العلماء ‬في ‬السابق ‬من ‬الحصول ‬على ‬حشرات ‬يمكنها ‬الطيران ‬والعدو ‬والزحف ‬فعليا، ‬لكن ‬العملية ‬الخاصة ‬بسيطرتنا ‬على ‬أمور ‬التحكم ‬مثل ‬سرعة ‬المشي ‬وغيرها، ‬يمكنها ‬أن ‬تمنحنا ‬القدرة ‬على ‬توجيه ‬هذه ‬الحشرات ‬لكي ‬تنجز ‬مهام ‬أكثر ‬تعقيدًا؛ ‬وهما ‬تأتي ‬أهمية ‬هذه ‬التجربة ‬المميّزة ‬لفريق ‬‮«‬هيروتاكا ‬ساتو‮»‬ ‬‮«‬Hirotaka sato‮»‬ ‬في ‬سنغافورة. ‬
يطلق ‬على ‬هذا ‬النوع ‬من ‬الكائنات ‬اسم ‬‮«‬سايبورغ‮»‬ ‬‮«‬Cyborg‮»‬، ‬وهي ‬كلمة ‬مختصرة ‬لمصطلح ‬عضو ‬سيبرياني ‬‮«‬cybernetic organism‮»‬ ‬، ‬وهي ‬عبارة ‬عن ‬إشارةً ‬إلى ‬الكائنات ‬التي ‬تمتلك ‬أجزاءً ‬عضوية ‬وأخرى ‬بيوميكاترونيك (‬أساسها ‬دمج ‬عناصر ‬ميكانيكية ‬وأخرى ‬إلكترونية ‬وثالثة ‬حيوية). ‬ويختلف ‬هذا ‬المفهوم ‬عن ‬مفاهيم ‬مشابهة ‬أخرى ‬مثل ‬‮«‬بيونيك‮»‬ ‬‮«‬Bionic‮»‬، ‬أو ‬ما ‬يطلق ‬عيه ‬عادة ‬ب ‬‮«‬بيوروبوت‮»‬ ‬‮«‬Biorobot‮»‬، ‬وهما ‬يخصّان ‬تعيين ‬الإنسان ‬الآلي ‬بالأساس. ‬وينطبق ‬مصطلح ‬‮«‬العضو ‬السيبري‮»‬ ‬على ‬الكائن ‬الحي، ‬لأنّه ‬عندما ‬يستعيد ‬وظيفته ‬تتعزّز ‬قدراته ‬بدمج ‬مكونات ‬اصطناعية ‬وتكنولوجية ‬مع ‬نوع ‬معين ‬من ‬ردود ‬فعله ‬كما ‬في ‬تجربة ‬‮«‬ساتو‮»‬ ‬وزملائه. ‬ويعتقد ‬العلماء ‬أنّ ‬تكنولوجيا ‬‮«‬السايبورغ‮»‬ ‬تلك ‬ستكون ‬جزءً ‬من ‬ثورة ‬ما ‬بعد ‬بشرية، ‬حيث ‬سيُعزّز ‬البشر ‬بطرق ‬صناعية ‬آلية ‬تمنحهم ‬كفاءات ‬مميزة ‬وقدرات ‬تقنية ‬خاصة. ‬
يظهر ‬أنّه ‬ومع ‬تطوّر ‬البحث ‬العلمي ‬والتقني ‬الحالي، ‬لم ‬تعد ‬فرضيات ‬العلم ‬حبيسة ‬ما ‬يسمّى ‬برواية ‬الخيال ‬العلمي، ‬وإنّما ‬تحوّلت ‬إلى ‬حقائق ‬ميدانية. ‬ولقد ‬تأتى ‬ذلك ‬من ‬وجهة ‬نظر ‬السبيرية ‬المعاصرة ‬عبر ‬الكفايات ‬الحسابية ‬الرياضية ‬المنطقية ‬التي ‬تمكن ‬من ‬وضع ‬برامج ‬رياضية ‬قابلة ‬للتنزيل ‬على ‬أرض ‬الواقع ‬وقد ‬تُدمج ‬في ‬أنساقها ‬خصائص ‬بيو-‬تكنولوجية ‬أو ‬إعلامية ‬على ‬شكل ‬سيناريوهات ‬حربية ‬قابلة ‬للاستعمال ‬لردع ‬الخصوم ‬أو ‬مهاجمتهم، ‬سواء ‬عبر ‬فيروسات ‬أو ‬برامج ‬خبيثة ‬أو ‬عبر ‬أسلحة ‬ربوتية ‬مبرمجة ‬للقيام ‬بأدوار ‬خاصة. ‬وبهذا ‬المعنى ‬تكون ‬السبيرية ‬قد ‬حوّلت ‬الحرب ‬إلى ‬نظرية ‬رياضية (‬ف.‬بيكيليس؛ ‬منوعات ‬سيبيرية) ‬وإعلامية ‬قابلة ‬للأجرأة ‬والتنفيذ ‬ميدانيا.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.