ثوران بركان في روسيا للمرة الأولى منذ أكثر من 450 عاما    شخصيات مقدسية تشيد بمبادرة جلالة الملك إرسال مساعدة إنسانية وطبية عاجلة لسكان قطاع غزة                ليكيب الفرنسية تفجر المفاجأة.. رسائل سرية تفضح مؤامرة للإطاحة بحكيمي بتهم الاغتصاب والسرقة    حملة دولية للمطالبة بالإفراج الإنساني عن ناصر الزفزافي    انطلاق النسخة الثامنة من كأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين بدار السلام    تسمم أسرة مغربية مقيمة بالخارج يؤدي إلى إغلاق محل للوجبات السريعة بالناظور    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    مطالبًا بالحقيقة والعدالة.. شقيق مروان المقدم يشرع في إضراب مفتوح بالحسيمة    قلق داخل الجيش الإسرائيلي من ارتفاع معدلات انتحار الجنود بسبب المشاهد الصعبة في غزة    قافلة طبية تخفف معاناة مرضى القلب بجرسيف    تهديدات جهادية تستنفر درك السنغال    تقرير: أكثر من 12 ألف رأس نووي في العالم .. 87 بالمائة منها بيد دولتين فقط    ولاء يتجاوز المال .. باحث يرفض عرضًا ب1.5 مليار دولار من مارك زوكربيرغ    جباري يعزز هجوم سينسيناتي الأمريكي        المغرب حليف إستراتيجي دولي لصياغة توازنات جديدة في إفريقيا والعالم    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    وزارة الداخلية تطلب من الأحزاب تقديم اقتراحاتها حول التحضير للانتخابات القبلة قبل نهاية شهر غشت    تنزانيا تفتتح مشوارها في "الشان" بفوز مستحق على بوركينا فاسو    السكتيوي: الفوز على أنغولا مفتاح البداية القوية وهدفنا هو اللقب    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان        رسالة من ترامب إلى الملك: "الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بسيادة المغرب على الصحراء"    مدريد تتجه لإسقاط السرية عن أرشيفها.. وتوقعات بالكشف عن ملفات تاريخية حساسة مع المغرب    ميمون رفروع يطلق أغنيته الجديدة "ثبرات" ويعيد الروح للأغنية الريفية        3 قتلى في حادث بالطريق السيار    نادي المحامين بالمغرب ينتقد "انتهاكات قانونية جسيمة" في متابعة حكيمي    حادثة سير مروعة قرب سطات تخلف ثلاثة قتلى وطفلين مصابين    مهدي فاضيلي يزيل الستار عن "ساريني"    بورصة الدار البيضاء تغلق الأسبوع على ارتفاع ب0,85% في مؤشر "مازي"        خريبكة تحتفي بمونية لمكيمل في الدورة العاشرة لمهرجان الرواد    "حماس" تكذب مبعوث ترامب: لن نتخلى عن السلاح إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد        الداخلية تُؤكد التزامها بضمان نزاهة وشفافية الانتخابات القادمة    تقرير: الدار البيضاء تصعد إلى المرتبة 431 ضمن المدن العالمية.. ومراكش تسجل أدنى تقييم وطني في رأس المال البشري    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    خبراء "نخرجو ليها ديريكت": الخطاب الملكي يعكس الرؤية الملكية الحكيمة    مجلة أجنبية تشيد بجمال وتنوع المغرب السياحي    الدار البيضاء .. نجوم العيطة يلهبون حماس عشاق الفن الشعبي        نجم البحر يهدد الشعاب المرجانية في جزر كوك    نيوزيلندا تفرض رسوما على زيارة الأجانب للمواقع السياحية الأكثر شعبية    في رحيل زياد الرّحْباني (1956-2025) سيرةُ الابْن الذي كَسَّر النَّاي .. ومَشَى        دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرصة السعودية للخروج من حلف الشيطان
نشر في لكم يوم 18 - 10 - 2019

حالة الفوضى و عدم الاستقرار و تفشي الفقر و عجز التنمية فى مختلف أرجاء العالم العربي، نتاج طبيعي للحكم الفردى الذي أهلك الحرث والنسل، وفرض حالة من القحط العقلي والشلل الأدبى، رفعت منسوب اليأس وقلصت دائرة الأم ، وأقنطت العباد ودمرت البلاد… و المفارقة أن هذا التخريب يتناقض صراحة مع توجيهات الإسلام التي يتم لي عنقها –سلبا أو إيجابا- لتوافق رغبات و أهواء بعض السادة الحكام، فالإسلام جاء في الأساس لإخراج العباد من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد، وأسس لحرية الرأي و المعتقد، ووضع قواعد عامة لتوسيع خيارات الناس على المستوى الفردي و الجمعي..و تبعا لذلك، فلا مجال لإلغاء العقل ورفض الرأى الآخر ٬و لا بد من تبادل الحجج و تفاعل الآراء للتوصل للحقيقة، ولا مكان لتكميم الأفواه وفرض وجهة نظر واحدة، و صاحب الصواب لا يهاب النقاش ،لكن المأساة تحدث من مبطل يريد بالعصا أن يخرس الآخرين، ويسلك مسلك فرعون قديما عندما قال"ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" فكانت النتيجة المنطقية لهذا الطغيان و الاستعلاء الغرق فى الدنيا والحرق فى الآخرة.. فالاستبداد السياسى "شر مطلق" لأنه يدمر كل أسباب الارتقاء والتقدم ٬ ولا تصلح الحياة برجل أو نظام يدعي العلم بكل شئ ٬ ويتهم الناس كلهم بأنهم دونه وعيا وفهما، فالأمم تصعد و تنهض عندما تسود فيها الشورى و الحكم الرشيد، تتسع دائرة العمل بمبدأ "إن رأيتم خيرا فأعينونى، وإن رأيتم شرا فقوموني"ف الدول المتقدمة والسائرة في طريق التقدم ليس فيها مكان للتفرعن و للحكم الفردي المستبد…
وهذا المدخل عام يشمل مختلف البلاد العربية، و لكن بدرجات متفاوتة فحالة الحراك الشعبي التي عمت المنطقة بعد 2011 قد نجحت في توسيع حرية بعض الشعوب العربي، و أخرجتها من دائرة الحكم المطلق و أسست لقدر من حرية الرأي و التعبير.. ومن دون شك، أن هذه الشعوب ستنجح مع الوقت في إزالة أثار الحكم الفردي الاستبدادي، و ستجني ثمار التمرد على الظلم و الطغيان، لكن للأسف هذا التوصيف يصدق على بلاد الحرمين الشريفين، التى انحرفت في السنوات الأخيرة عن منهج الحق و العدل و عارضت و خالفت المقاصد و المبادئ التي قامت عليها الدولة السعودية، و الميثاق الذي تم بين أهل الحكم و أهل الرأي، فهي بحسب المؤسسين مهد للإسلام و حامية للشريعة وأحكامها..
فبعدما كانت السعودية في مخيال عامة المسلمين بلد الإسلام و الحرمين، و الأمن والسلام و نصرة المظلوم و إعلاء كلمة الأمة، أصبحت هذه الصورة تتوارى تدريجيا لتحل محلها مشاهد الدماء و الدمار و التهجير في اليمن، و اعتقال أهل الرأي و تقطيع و اغتيال المعارضين للنظام و التطبيع، مع الكيان الصهيوني والتنكر للشعب الفلسطيني و حقوقه العادلة، ودعم الأنظمة المستبدة و الثورات المضادة في بلدان الربيع العربي..كل هذه الانحرافات في السياسة السعودية تمت لخدمة النظام الحاكم،و استجابة للأجندة والإملاءات الأمريكية، خاصة في جزئية جانب حصار ايران ووقف تمددها في الإقليم في معارضة صريحة لمصالح شعب الحرمين، و كان من نتائج هذا الانحراف في السياسات أن أصبحت بلاد الحرمين تحت قصف صواريخ و طائرات الحوثيين،و عرضة لعداء الرأي العام العربي و الدولي.. فما الذي جنته السعودية من تورطها في اليمن؟ و من وضع يدها في سدنة الدولة العميقة في بلدان الربيع؟ و هل تمكنت بالفعل من حماية النظام من موجة الاحتجاجات الشعبية؟ و هل تقلص المد الشيعي أو الايراني في الاقليم؟
مبدئيا، نقدنا للنظام السعودي نابع من الخوف على بلاد و شعب الحرمين، و نابع من إدراكنا لخطورة ما يحدث في السعودية، و أن الانجراف وراء سياسات فاشلة ومدمرة لن يقتصر على بعض الخسائر في الأرواح أو الأموال بل أثاره المدمرة تتجاوز النظام السعودي لتشمل بلاد الحرمين و باقي الإقليم ،فقد سبق و أشرنا في مقالين لهما صله بمقتل "جمال خاشقجي"، أن السعودية ستدفع ثمن هذا الجرم وسيتم استغلاله من قبل أمريكا و معظم البلدان الغربية لابتزاز النظام السعودي، وقلنا في حينه أن الخروج من الورطة رهين: أولا- بعزل ولي العهد السعودي، والذي اعترف مؤخرا بمسؤوليته السياسية عن الحادث، وثانيا- القصاص منه هو وباقي المتورطين وفقا للشريعة الإسلامية المطبقة في السعودية، أما محاولات ايجاد "كبش فداء" لإنقاذ رأس ولي العهد فلن تجدي نفعا كما أنها معارضة صريحة للشريعة التي تطبقها السعودية، قال عليه الصلاة والسلام :" إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، و إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد" (صحيح البخاري)، و سيظل العزل و القصاص هو المخرج الوحيد و المجدي لإغلاق ملف مقتل "خاشقجي"، و ترميم صورة النظام التي تلطخت بدماء الرجل.. و برأينا أن الإعتراف بالخطأ خير و أفضل من التمادي فيه، لأن التمادي في هذه الحالة سيكلف السعودية الكثير من الخسائر المادية والمعنوية، و سكوت النظام و محاولته استثمار مرور الوقت على أمل أن ينخفض الإهتمام الدولي بالقضية ، هو رهان خاسر و لن يجدي نفعا، كما أن الرهان على كسب دعم أمريكا و الغرب توجه فيه مجانبة للصواب، و لا يعني أن المملكة لن تستطيع التوصل إلى تفاهمات " مؤقتة" مع هذه القوى و الضغط عليها، لكن ذلك سيكون على حساب تقديم مزايا و تنازلات سياسية وإقتصادية، تضر بمصلحة الشعب السعودي، و بالأمة العربية والإسلامية ككل، لأن الجزيرة العربية ليست ملكا لأهلها، بل هي ملك لنحو ملياري مسلم، على إعتبار أن رسالة الإسلام انطلقت من أرضها، و على هذه الأرض ولد و بعث و دفن نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام و على أرضها توجد معظم المقدسات الإسلامية و في مقدمتها مكة المكرمة والروضة الشريفة…
كما أن السعودية مطالبة بالانسحاب من اليمن و تعويض الشعب اليمني عن الأضرار التي لحقت به، و ايجاد تسوية عادلة مع هذا الشعب، فالقوة الصلبة للسعودية لن تستطيع هزيمة هذا الشعب، و محاولتها مواجهة المد الايراني عبر التدخل في اليمن و مختلف بؤر التوتر فيه إهدار للجهد و الموارد، فقوة السعودية مستمدة أساسا من قوتها الناعمة، والتي تضررت بفعل السياسات الخاطئة،فالنظام السعودي "إنتحر سياسيا"، و عرض مشاعر المسلمين للأذى فعَلَمُ المملكة يحمل رسالة الإسلام و من المعيب أن يكون هذا العلم برمزيته الدينية و التوحيدية موضع شبهة أو إتهام، فأعداء الإسلام و في مقدمتهم الصهاينة الحاقدين على الإسلام و معهم حراكات التبشير و التنصير تستغل ذلك أبشع استغلال لتأكيد المزاعم المغلوطة عن الإسلام و المسلمين، و من ذلك أن هذا الدين مصدر للعنف و القتل…
فالنظام السعودي مطالب بمراجعة سياساته، فلعل تداعيات قضية "خاشقجي"، و قصف الداخل السعودي و خاصة قصف "أرامكو" من قبل طائرات مسيرة "حوثية".. و ما صاحب ذلك، من خسائر مالية ضخمة وتوقف جزئي لإنتاج النفط، و هو ما كشف أن الحماية العسكرية الأمريكية غير ذات جدوى، و أن الاموال السعودية التي تدفع لأمريكا كمقابل للحماية، لو تم استثمارها في بناء اليمن و باقي البلدان العربية، لأصبحت السعودية قادرة على تغيير وجه السياسات الدولية، ولتمكنت من تغيير موازين القوى الإقليمية.. لكن هذه الأحداث المتتالية رغم سلبياتها، هي فرصة – بنظرنا- لمراجعة الذات و القيام بنقد ذاتي موضوعي للأشخاص و السياسات، و بالتالي فرصة لخروج النظام السعودي من حلف الشيطان عبر استبعاد المتورطين، و العودة إلى الحق و العدل، و الابتعاد عن الظلم و الطغيان، و الإستكبار على الضعفاء، و الخنوع المذل للأقوياء..و مقدمة ذلك، وقف العدوان على الشعب اليمني، و العمل على إعادة إعمار هذا البلد، و تضميد جروح و معاناة ملايين اليمنيين، فلعنة اليمن ستلاحق السعودية حكومة وشعبا و كل من شارك في هذا العدوان و لو بالصمت، و الانصياع للهوى تحت ذريعة مقاومة وحصار النفوذ الإيراني هو نوع من الجنون، فالحد من نفوذ إيران يمر عبر بوابة الوحدة العربية والإسلامية، فالسعودية عندما اختارت وأد الثورات العربية ، فقد أضعفت نفوذها وقلصت مجالها الحيوي، و ألحقت بأمنها القومي ضررا كبير..و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون…
إعلامي و أكاديمي متخصص في الإقتصاد الصيني و الشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.