طالب العديد من الباحثين والخبراء المغاربة بتمكينهم من الولوج إلى المعلومات اللازمة، بهدف المساهمة بما لديهم من إمكانات وكفاءات في الجهود الوطنية لمواجهة جائحة فيروس "كورونا" المستجد، وفي دعم السياسات العمومية القائمة على الأدلة العلمية. وفي عريضة نشرها مركز “طفرة“، وجه العشرات من الباحثين والإحصائيين وعلماء الأوبئة والخبراء الاقتصاديين والأساتذة والصحافيين والجغرافيين والأطباء والمحامين والمبرمجين، رسالة مفتوحة إلى المندوب السامي للتخطيط يعبرون فيها عن رغبتهم “في العمل بصفة تطوعية على إيجاد حلول حاسمة للتحدي الذي تواجهه بلادنا، وعلى مساندة جهود السلطات العمومية والمجتمع المدني من أجل رفع هذا التحدي، وتأدية واجبهم كمواطنين”.
واشتكى الموقعون على الرسالة من عدم توفرهم على المعطيات الخام اللازمة لأداء مثل هذا العمل، رغم “انخراط المغرب في مسار الشفافية منذ سنوات عدة، وهي الإرادة التي يعكسها الدستور في الفصل 27، وجاءت ترجمتها بشكل ملموس من خلال اعتماد القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات في فبراير 2018، وتأكدت من خلال انخراط الحكومة في مبادرة "الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة" في يوليوز من نفس السنة”. ولفتت الرسالة إلى أن “الإطار القانوني الوطني، إلى جانب الالتزامات الدولية للمغرب، يحددان اليوم المسار الذي يتعين اتباعه، وهو نشر المعطيات التي تتوفر عليها المندوبية السامية للتخطيط، وفق معايير المؤسسات المنتِجة للإحصائيات العمومية، بمعنى أن تكون هذه المعطيات مفتوحة وقابلة لإعادة الاستخدام ومُحيَّنة وكاملة ومتاحة بشكل يسهل معه الوصول إليها”. واعتبر الموقعون أن الوصول إلى المعلومة، يعد اليوم “أداة فعالة بالنسبة لكافة أصحاب النوايا الحسنة الراغبين في المساهمة في الجهود المبذولة لتجاوز هذه الأزمة، كلٌّ حسب إمكانياته وكفاءاته ودرجة استعداده”، مشددين على أن “احتكار المعلومة يعد عائقا إضافيا، حتى بالنسبة للسلطات العمومية، ذلك أنه بحرمان نفسها من الاستفادة من الذكاء الجماعي، تحكم الدولة على نفسها باتخاذ قرارات صعبة في ظل غموض متزايد”. وأكد الموقعون على أن “نشر المعطيات والتحاليل يعد أساس كل خطوة علمية، حيث يسمح بمقارنة الأفكار والنماذج وبتحديد الثغرات وإصلاحها، بل أكثر من ذلك، فإنه يسمح بتحقيق التقدم، إضافة إلى أن وفرة المعطيات والبيانات المنشورة على يد الدولة تغذي البحث العلمي في شتى المجالات، علما بأن مشاركات الباحثين الوطنيين والدوليين، وأعمالهم الرامية إلى مقارنة المعطيات ووضع النماذج، كلها مساهمات تمكن السلطات العمومية من الاستفادة من الخبرات الأكاديمية لتوجيه سياساتها العمومية في زمن الأزمة الذي نعيشه حالياً” وطالب الموقعون من المندوب السامي “إتاحة كافة المعطيات الدقيقة (microdonnées) التي أسفر عنها الإحصاء العام، وسائر الوثائق المتعلقة بها، إضافة إلى الدراسات السوسيو-اقتصادية وتلك الخاصة بالأسر المعيشية والشغل والاستهلاك التي أنجزتها المندوبية”. وأشار الموقعون في رسالتهم إلى أن “المعطيات المنشورة من طرف المندوبية السامية للتخطيط في الوقت الحالي، بما فيها "المعطيات الدقيقة للإحصاء"، تعتبر غير كاملة نظرا لافتقارها لعدد كبير من المتغيرات والمعطيات الوصفية، كما أنها معروضة بناء على نطاق جغرافي لا يسمح بإجراء تحاليل ملائمة”، مؤكدين أن “هذه المعطيات يمكن نشرها دون المس بحماية المعطيات الشخصية، وذلك بما يتماشى مع تشريعاتنا الوطنية وأفضل الممارسات الدولية”. وفي الأخير ناشد الموقعون المندوب السامي بمباشرة تفعيل الالتزامات الدستورية والقانونية والرمزية التي تعهدت بها الدولة في هذا الصدد، مؤكدين على أن توفر هذه المعطيات شرط من شروط وجود البحث العمومي الوطني، ناهيك عن كونها أداة قيمة لتجاوز هذه الأزمة.