أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، تقريره الخاص باحتجاجات جرادة. وقال المجلس إنه ذ يرحب بالعفو الملكي على معتقلي احتجاجات جرادة، فإنه يدعو لاحترام حق التظاهر السلمي، وإعمال التأويل الحقوقي بغض النظر عن التصريح أو الإشعار، والعمل على تطوير المبادئ التوجيهية الوطنية التي تؤطر تدخل القوات العمومية.
وأبرز أن لجانه الجهوية لم تسجل خلال زياراتها لمعتقلي احتجاجات جرادة أي ادعاءات بخصوص التعذيب خلال الحراسة النظرية، إلا أنه سجل تصريحات بخصوص الممارسة المهينة والحاطة بالكرامة. وطالب المجلس بفتح تحقيق بخصوص الجرحى من المحتجين خلال فض احتجاجات 14 مارس ونشر نتائجه، وضمان حق التظاهر السلمي، وإن لم يتقيد بالشروط القانونية المنصوص عليها. وانتقد المجلس تعثر تنفيذ المشاريع التنموية في الإقليم وانعدام مفهوم الحكامة في تدبيرها، وتعثر الوساطة قبل وأثناء وبعد الاحتجاجات، كما سجل أن الشعارات التي رفعت أثناء مختلف الاحتجاجات، تمحورت حول مطالب ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية وتنموية محلية، وعلى وضع برامج بديلة للتنمية. وسجل المحلس سلمية النظاهرات في مدينة جرادة منذ انطلاقتها، ما عدا حتجاجات يوم 14 مارس 2018 التي عرفت أعمال عنف وإضرام نار ترتب عنهإ إصابة 312 جريح من القوا ت العمومية، من بينهم من هم في حالة خطيرة، و32 جريح من بين المحتجين، من بينهم قاصر في حالة حرجة. وأوصى بتقييم التقدم المحرز وأثر "خطة العمل المستعجلة" التي أطلقتها السلطات الجهوية، في 14 فبراير 2018، استجابة لمطالب المتظاهرين في جرادة؛ وكذا المشاريع التي تم تنفيذها حتى الآن كجزء من تفاعل السلطات العمومية مع مطالب المتظاهرين. ودعا المجلس في ذات التقرير إلى تنفيذ مقتضيات الاتفاقية الجماعية التي أبرمت بين "شركة مفاحم المغرب" وعدد من النقابات الممثلة للعاملين، بما فيها تيسير ولوج عمال المناجم إلى العلاج؛ ومساءلة "شركة مفاحم المغرب" من حيث احترامها لمسؤوليتها الاجتماعية اتجاه العاملين وإعمالها للمبادئ ذات الصلة بالمقاولة وحقوق الإنسان. وطالب بالإسراع في إعداد وتنفيذ برامج اقتصادية واجتماعية كفيلة بتحقيق نموذج تنموي مندمج ومتوازن يرتكز على المقاربة الحقوقية، ويستجيب لمطالب وحاجيات الإقليم وساكنته، لاسيما ما يتعلق بمكافحة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي والعمل على التقليص من التفاوت المجالي. ودعا المجلس السلطات العمومية إلى مواصلة عملية إغلاق الآبار المهجورة التي يتم استغلالها بطريقة عشوائية لضمان حماية حياة وأمن وسلامة المواطنين، وتحديد المناطق التي سيتم استغلالها لاستخراج الفحم لتجنب ولوج الأشخاص إلى المناطق المحفوفة بالخطر؛ وتطهير المدينة من الحطام المعدني وأنقاض الفحم، ودراسة إمكانيات إعادة تدوير مخلفات المناجم من المدينة مع خلق مساحات خضراء ومرافق ترفيهية للسكان. وجدد المجلس دعوته بضرورة مراجعة قانون المسطرة الجنائية والنصوص ذات الصلة بها، لملاءمتها مع الالتزامات الدولية، خاصة على مستوى، وتقوية دور الدفاع خلال مرحلة ما قبل المحاكمة، بحضوره أثناء مرحلة البحث لتمهيدي؛ وإدماج الحق في الطعن في كافة القرارات المتعلقة بسلب الحرية، خاصة قرار الوضع في الحراسة النظرية. وأوصى بمراجعة القانون الجنائي لملاءمته مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان خاصة فيما يتعلق بمراعاة مبدأ الشرعية والضرورة والتناسب، وتغيير صياغة الفصول 263 وما يليها، و300 وما يليها، و308 من القانون الجنائي في اتجاه تدقيق العناصر التكوينية لجرائم إهانة موظف عمومي والاعتداء عليه، والعصيان ومقاومة أشغال أمرت بها السلطات العامة، احتراما لمبدأ الشرعية الجنائية وما يستوجبه من وضوح للنص الجنائي وتفسيره الضيق، وإضافة مقتضى جديد يتعلق بالعنف في الفضاء العمومي والتحريض عليه في سياق التظاهر. وطالب بضرورة السماح لملاحظي المحاكمات المنتدبين من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان بحضور الجلسات السرية، بما فيها جلسات التحقيق الإعدادي وجلسات قضايا الأحداث والجلسات التي تقرر المحكمة جعلها سرية. وجدد المجلس دعوته إلى مراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بالتجمعات العمومية والتظاهر السلمي لملاءمتها مع المقتضيات الدستورية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما يكفل توسيع استعمال الفضاء المدني وضمان بيئة مواتية لعمل المدافعين عن حقوق الإنسان.