تعزيز النظم الزراعية والغذائية محور مباحثات بين صديقي والمدير العام لمنظمة الفاو    العربية للطيران المغرب تدشن قاعدتها الجوية الجديدة بتطوان    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة (نصف النهاية).. المغرب يواجه ليبيا وعينه على الاقتراب من لقبه القاري الثالث و انتزاع بطاقة العبور للمونديال    سفيان رحيمي يعتلي صدارة هدافي دوري أبطال آسيا    الاتجار في البشر يورط خمسة أشخاص بفاس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة            هل يتراجع "الكاف" عن تنظيم نسخة جديدة من "السوبرليغ" في 2024؟    نهضة بركان يشد اليوم الرحال إلى الجزائر لمواجهة اتحاد العاصمة في كأس "الكاف"    لماذا رفض لاعبان من ريال مدريد تسديد الركلات الترجيحية ضد مانشستر سيتي؟    تقرير دولي يكشف عن عدد مليونيرات طنجة.. وشخص واحد بالمدينة تفوق ثروته المليار دولار    بوركينا فاسو تطرد 3 دبلوماسيين فرنسيين    سفيرة المغرب بإسبانيا تعلن عن التزام الرباط بإعادة فتح المعابر التجارية مع مليلية وسبتة رغم التأخيرات    اليوم العالمي للتراث .. مناسبة لإبراز غنى الموروث الثقافي الوطني المادي واللامادي    الدار البيضاء.. افتتاح معرض تشكيلي جماعي بعنوان : «التنوع المختزل في الريشة الإبداعية»    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    عزيز حطاب يكشف ل"القناة" حقيقة عودة "بين القصور" بجزء ثانٍ في رمضان المقبل!    تفاصيل اعتداء على بوليسي فأصيلة.. وقف بزناس روشيشي فبراج وخوه غفلو وضربو بجنوية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    رونالدو يكسب يوفنتوس في ملف تحكيم    اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بعد أمطار غير مسبوقة    أكادير تحتضن الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ    تنظيم الدورة الثانية لمعرض كتاب التاريخ للجديدة بحضور كتاب ومثقفين مغاربة وأجانب    توقيف شخص متورط في حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية بطنجة    الدائرة الانتخابية فاس الجنوبية اللي معروفة ب"دائرة الموت".. 8 دالمرشحين كيتنافسو وعينهم على المقعد البرلماني لي كان عند البوصيري(صور)    ندوة فاشلة ديال البوليساريو دارتها للتضامن العربي معاها ونظام العسكر جاب ليهم سوداني ساكن فإسطنبول    النفط يستقر بعد انخفاض حاد بسبب مخاوف إزاء الطلب والتوتر بالشرق الأوسط    إحباط محاولة تهريب 116 ألفا و605 أقراص مهلوسة إلى داخل التراب الوطني    بينهم سوري.. عقود عمل وهمية والإتجار بالبشر يطيحان ب5 أشخاص في فاس    البنك الدولي .. التوترات والمديونية تزيد ضبابية مستقبل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    "نتفليكس" تعرض مسلسلا مقتبسا من رواية "مئة عام من العزلة" لغارسيا ماركيز    الحكومة ‬المغربية ‬تؤكد مآل ‬تجديد ‬اتفاقية ‬الصيد ‬البحري    استطلاع: الأسرة المغربية غير قادرة على حماية أطفالها من مخاطر "التواصل الاجتماعي"    أما ‬حان ‬لمجلس ‬الأمن ‬الدولي ‬أن ‬ينهي ‬هذا ‬المسلسل ‬؟    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    ما العلاقة التي تربط المغربية كريمة غيث بنجم الزمالك المصري؟    نور الدين مفتاح يكتب: سوريالية بالفرنساوية    موهبة كروية جديدة تُشغل الصراع بين المغرب والجزائر    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب هذه الدولة    الأمم المتحدة.. بمجلس الأمن سجال محتدم بين هلال ووزير الخارجية الجزائري بشأن البحر المتوسط    بلاغ جديد وهام من وزير الداخلية    تحداو ظروف الحرب وخرجو يبدلو الجو.. مئات الفلسطنيين قصدو البحر فغزة باش يستمتعو بالما والشمش (فيديو)        لماذا أصدرت شركة أبل تحديثاً لهواتفها يعالج الرمز التعبيري للعلم الفلسطيني؟    ملف "انفصال القبايل" عن الجزائر يصل الأمم المتحدة!    نشرة الأخبار: رقم قياسي في الملل    حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    أرقام رسمية.. 3000 مغربي مصاب بمرض "الهيموفيليا" الوراثي وها شنو موجدة وزارة الصحة لهاد النزيف الدموي    المغرب يحتضن فعاليات "ليالي الفيلم السعودي" في نسختها الثانية    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاوف الصين من سيطرة طالبان على أفغانستان
نشر في لكم يوم 17 - 08 - 2021

صدق من وصف أفغانستان ب"مقبرة الإمبراطوريات"، فعلى هذه الأرض انكسرت شوكة الإمبراطورية البريطانية عند نهاية القرن 19 ، و في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي إنهار على أرضها الإتحاد السوفياتي، و اليوم يتكرر ذات المشهد بانسحاب القوات الأمريكية و معها قوات حلف الناتو، بعد نحو عقدين من الاحتلال و الصراع مع حركة طالبان، وها هي اليوم تعود حركة طالبان مجددا للسيطرة على البلاد و فرض أجندتها على الإدارة الأمريكية و باقي القوى الدولية المتحالفة أو الغازية ، و في ذلك رسالة لحكام العالم العربي الذين فرطوا في حقوق و ثروات بلدانهم خوفا من القوة الأمريكية ، هذه القوة التي لم تجد بديلا عن الخضوع لإرادة حركة طالبان … و في هذا المقال لن أركز على النصر الذي حققته طالبان و نجاحها في تحرير البلاد من المحتل الأجنبي ، و إنما سأركز على موقف الصين من حركة طالبان، و هل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان يخدم مصلحة الصين؟ و هل يمكن اعتبار هذا الانسحاب بمثابة شهادة وفاة للهيمنة الأمريكية على النظام الدولي و انسحابها للظل، في مقابل صعود قوى دولية جديدة و على رأسها الصين؟

و منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في أبريل الماضي، عن الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من أفغانستان ، دار نقاش بداخل الصين عن المنهجية التي ينبغي تبنيها للتعامل مع أفغانستان.. فالصين تتشارك حدوداً مع أفغانستان تمتدّ على 76 كلم، و بمجرد إعلان طالبان عن سيطرتها على السلطة بعد فراغ السلطة في كابول، أعلنت الصين عن إقامة "علاقات ودية" مع طالبان، وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية "هوا شونيينغ" في مؤتمر صحفي على أن بكين "تحترم حق الشعب الأفغاني في تقرير مصيره ومستقبله"، وأضافت أن عناصر طالبان "عبّروا مرات عدة عن أملهم في تطوير علاقات طيبة مع الصين"…وأشارت المتحدثة إلى أن السفارة الصينية لدى كابول "تواصل العمل بشكل طبيعي"… و قالت وزارة الخارجية الصينية إنها تأمل في أن تتمكن طالبان من الوفاء بوعودها لضمان "الانتقال السلس" للوضع الأفغاني و "كبح جميع أنواع الإرهاب و الأعمال الإجرامية "…
و حرصت وسائل الإعلام الحكومية الصينية على تصوير الوضع في أفغانستان على أنه "إذلال" كبير للولايات المتحدة، واستخدمته للدفاع عن تفوق ما يسمى بسياسة "عدم التدخل" الصينية في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ، و في هذا الصدد قالت جلوبال تايمز في افتتاحية نُشرت في ساعة متأخرة من ليل الأحد "التغيير الجذري في الوضع في أفغانستان هو بلا شك ضربة قوية للولايات المتحدة، فقد أعلنت الفشل الكامل لنية الولايات المتحدة في إعادة تشكيل أفغانستان"،"إن هزيمة الولايات المتحدة دليل أوضح على عجز الولايات المتحدة مقارنة بحرب فيتنامفالولايات المتحدة بالفعل مثل" النمر من ورق، و الجدير بالذكر أن الصين لعبت دورا محوريا في هزيمة الجيش الأمريكي في فيتنام
فمنذ إعلان الانسحاب الأمريكي من أفغانستان و العديد من الدول و القوى الإقليمية تسعى لتكثيف نفوذها في أفغانستان ، و في مقدمة هذه البلدان الصين ، إذ أن أفغانستان لها مكانة خاصة ضمن استراتيجية الأمن القومي الصيني، و ضمن مبادرة الحزام و الطريق ، لكن التحديات الأمنية التي تفرضها العودة المفاجئة لطالبان هي أكثر إلحاحًا بكثير من أي مصالح استراتيجية في المستقبل…لذلك فإن الصين تتعامل مع الملف الأفغاني بحذر شديد و تتحرك بطريقة "الأضواء الباهتة" ..فتحسبا لخطر حدوث فوضى في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية ، بدأت بكين اعتباراً من أيلول/سبتمبر 2019 محادثات مع طالبان التي زار وفد منها الصين آنذاك…
و يمكن القول بأن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان يصب من جهة، في مصلحة الأمن القومي الصيني، فبكين كانت متوجسة من الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان، التي تشترك في حدود 50 ميلاً (80 كيلومترًا) مع منطقة شينجيانغ بغرب الصين في نهاية ممر واخان الضيق… لكن من جهة أخرى فإن التواجد العسكري الأمريكي بالرغم من ما أثاره من مخاوف إلا أنه حقق للصين إستقرار نسبي طيلة العقدين الماضيين.
فالصين تخشى من أن تصبح أفغانستان قاعدة للإنفصاليين و التي تصفهم بكين " بالإرهابيين والمتطرفين" و الذين يقاتلون من أجل استقلال منطقة شينجيانغ ذات الأغلبية المسلمة – وهي قضية ذات أولوية أثارها وانغ مع قادة طالبان خلال اجتماعهم الشهر الماضي. وردًا على ذلك، تعهدت طالبان بأنها "لن تسمح أبدًا لأي قوة باستخدام الأراضي الأفغانية للانخراط في أعمال ضارة بالصين"..
فعلى الرغم من أن بكين تعاملت بنوع من البراغماتية مع حركة طالبان بإعتبارها تملك قوة على الأرض، و شكلت طيلة الفترة الماضية أداة لاستنزاف القوة الأمريكية، إلا أنها كانت دائمًا غير مرتاحة لأجندة طالبان الأيديولوجية" فالحكومة الصينية تخشى من أن تنتقل عدوى النموذج الطالباني إلى تركستان الشرقية و تشمل عموم الإقليم بما في ذلك باكستان…و لعل هذه المخاوف الأمنية هي التي دفعت بكين إلى انتقاد أسلوب الولايات المتحدة في الانسحاب و وصفته بالتصرف "غير المسؤول" و "الانسحاب المتسرع"..
فقد عبّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية "هوا تشونينغ" عن التفكير الصيني في 5 مايو 2021 بالقول إن تصاعد العنف في أفغانستان يرجع إلى إعلان الولايات المتحدة "المفاجئ" عن سحب قواتها من أفغانستان. ومنذ الإعلان عن الإنسحاب و الدبلوماسية الصينية تتحرك بفعالية بإتجاه احتواء التداعيات السلبية لهذه الخطوة على استقرار أفغانستان والإقليم، وعلى الأمن القومي الصيني خاصة و أن الصين تشترك مع أفغانستان، حدود في منطقة شينجيانغ ذات الأغلبية الإيغورية المسلمة…
و قد تابعنا قبل فترة التقارير الاستخباراتية و الإعلامية التي كشفت عن مراكز إحتجاز لمسلمي الإيغور، و كيف تم استغلال ذلك من قبل البلدان الغربية للضغط على الحكومة الصينية، فهل نجاح طالبان في إقامة إمارة إسلامية على أرض أفغانستان بعد دحر المحتل الأمريكي، سيكون مقدمة لدعم حركة "الجهاد" من أجل استقلال تركستان الشرقية، و هل ستضطر الصين بدورها للدخول للمستنقع الافغاني على غرار ما فعلت باقي القوى الكبرى؟ أم أنها ستكتفي بالاعتراف بحركة طالبان وتغليب المصالح الاقتصادية على التباينات الأيديولوجية؟ و هو ما سنحاول شرحه بتفصيل في المقال الموالي إن شاء الله تعالى.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون..
* أكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني والشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية والسياسات العامة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.