انخفاض أسعار النفط بعد اتفاق أوبك على خفض الإنتاج    68 قتيلا على الأقل في حصيلة غرق مركب للمهاجرين قبالة اليمن وفقا للمنظمة الدولية للهجرة    "بوكينغ" أمام دعوى من آلاف الفنادق بأوروبا        أستراليا تتهم مواطنة صينية بالتجسس        عاكف تتوج ببطولة "فريستايل إفريقيا"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين        الدرونات تساعد على سرقة السياح في تايلاند    ترتيب شباك التذاكر في سينما أميركا الشمالية    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء        توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    كيوسك الإثنين | مراكش والدار البيضاء ضمن الوجهات الأكثر جاذبية للسياح الأمريكيين    تقرير: ارتفاع في عدد المهاجرين غير النظاميين إلى سبتة ومليلية المحتلتين منذ بداية 2025    جماهري يكتب: من أجل قواعد نهائية في تدبير الانتخابات    سوق الشغل في المغرب خلال الفصل الثاني من 2025.. مؤشرات متباينة وسط تداعيات الجفاف وتراجع الفلاحة    فرنسا ترحل طالبة فلسطينية إلى قطر بعد اتهامها بكتابة منشورات "معادية للسامية"    بطولة انجلترا: تشلسي يتعاقد مع الظهير الأيسر الهولندي هاتو    حماس تقول إنها لن تسمح للصليب الأحمر بالوصول إلى الرهائن إلا إذا تم فتح ممرات إنسانية    حين يغيب تكافؤ الفرص… تضيع شفافية الانتخابات    وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    حادثة مأساوية بطنجة.. مصرع سيدة وسقوط سيارة في مجرى واد بعد اصطدام عنيف    مسيرة تناصر قطاع غزة من ساحة الأمم إلى أبواب ميناء "طنجة المدينة"    ‬إسبانيا ‬تزيل ‬علمها ‬من ‬جزيرتين ‬قبالة ‬الحسيمة ‬دون ‬إعلان ‬رسمي.. ‬    المغرب.. أقدم أصدقاء أمريكا وركيزة في مسار العلاقات التاريخية    السكتيوي: الفوز على أنغولا نتيجة نضج تكتيكي واضح    رواج الموانئ المغربية يسجل ارتفاعا ب11,6% خلال النصف الأول من 2025    مصرع طيار وابنه في تحطم طائرة خفيفة في إسبانيا    حريمات أفضل لاعب في لقاء أنغولا    الشركات الرياضية تختبر حدود التمويل والحكامة في كرة القدم المغربية    الجزائر تروج لوثيقة وهمية للطعن في اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء    إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لفجيج..بن حمزة يوضح    شخصيات مقدسية تشيد بمبادرة الملك محمد السادس إرسال مساعدة إنسانية وطبية عاجلة لسكان قطاع غزة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية النيجر بمناسبة العيد الوطني لبلاده    لفتيت يقدم خطة الدولة من 7 أهداف لتعزير المسار الديمقراطي والأحزاب ملزمة بتقديم ردها قبل نهاية غشت    مبابي يشهد.. حكيمي يحترم النساء حتى وهو في حالة سُكر    "3 لاءات" نقابية تواجه خطط الإصلاح الحكومية لأنظمة التقاعد المغربية    موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وبهبات رياح من الأحد إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    نازهي يسائل وزير الثقافة حول اختلالات مسرح محمد عفيفي بمدينة الجديدة    جمعية أنزا الهجرة والتنمية تنظم الدورة الرابعة لمهرجان المهاجر    "عرش المحبة حين يغني المغرب في قلب تونس"    النجمة أصالة تغني شارة "القيصر" دراما جريئة من قلب المعتقلات    المركز السوسيوثقافي أبي القناديل يحتظن حفلا مميزا تخايدا لذكرى 26 لعيد العرش المجيد    السياسة وصناعتُها البئيسة !    دراسة تحذر: هل يكون عام 2027 بداية نهاية البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي؟        دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلام المستحيل
نشر في لكم يوم 06 - 11 - 2023

تعتبر قضية الصراع على أرض فلسطين بمثابة آخر حلقة في الصراع ضد المشروع الاستعماري الأوروبي الذي ينضوي تحت لوائه مشروع الحركة الصهيونية الرامي إلى إنشاء وطن قومي ليهود أوروبا يوفر لهم حماية من تهديد موجة معاداة السامية المنتشرة في أوروبا.
ونشأت الصهيونية كحركة قومية ليهود أوروبا الوسطى والشرقية في سياق ظهور مشاريع قيام دول قومية لشعوب هذه المنطقة مثل الصرب واليونان والبلغار والمجريين والبولنديين. ومَثَّل تنامي موجة معاداة السامية وتخوُّف السكان اليهود في هذه المنطقة من الانصهار داخل القوميات الأخرى دافعا لظهور الصهيونية كقومية يهودية.
وهكذا اصطبغت الصهيونية، باعتبارها قومية يهودية، بالصبغة الخاصة التي تميز قوميات شعوب أوروبا الوسطى والشرقية، واستنسخت الصهيونية نمط قومية شعوب هذه المنطقة، والذي يستند إلى مرجعيات ثلاث: الأولى يمثلها وجود لغة وثقافة، والثانية يمثلها وجود دولة خلال حقبة سابقة من التاريخ، والثالثة يمثلها ارتباط الأمة ارتباطا وثيقا بالدين (المسيحية الأرتودوكسية بالنسبة للصرب واليونان والبلغار، والمسيحية الكاتوليكية بالنسبة للبولنديين.)
ولإيجاد لغة قومية خاصة بهم استحدث الصهاينة لغة جديدة، وهي المعروفة حاليا بالعبرية الحديثة. ولإيجاد دولة خلال حقبة سابقة من التاريخ استدعوا فكرة العودة إلى أرض الأجداد في فلسطين. ولربط مشروعهم بالدين، وأمام معارضة رجال الدين اليهود، أنشأوا حركة صهيونية دينية تدعو إلى العودة إلى فلسطين أرض الميعاد. ومن المفارقات التي لاحظها أحد المؤرخين اليهود أن مؤسسي الصهيونية لم يكونوا يؤمنون في غالبيتهم بالله، ولكن يؤمنون أن الله وعدهم بفلسطين كأرض مقدسة.
إن أكبر خطر خلقته الصهيونية يتمثل في توظيف الصهاينة للدين اليهودي ونصوص الكتاب المقدس (The Bible) لخدمة أغراض سياسية، وذلك بربط حركتهم القومية بفكرة العودة إلى فلسطين باعتبارها الأرض المقدسة التي وعدها الله لليهود في كتابهم المقدس.
وما زاد من هذا الخطر وجود تيار في المسيحية البروتستانتية ظهر في إنجلترا خلال القرن السابع عشر، ويعرف بإسم «تحقيق النبؤات»، ويؤمن أتباعه بنبؤة مبنية على تأويل نصوص في الكتاب المقدس (The Bible) مرتبطة بعودة المسيح ومفادها أنه في نهاية الزمان سيجتمع اليهود في فلسطين (الأرض المقدسة)، فيتحولون إلى المسيحية، ثم تبدأ حقبة تدوم ألف سنة يعم فيها السلام. وتُوصف التيارات التي يؤمن أتباعها بهذه النبؤات بوصف «المسيحانية» (messianism).
وفي هذا السياق ظهرت حركة الصهيونية المسيحية في أوساط الحركات المسيحية البروتستانتية الأصولية، والتي يؤمن أتباعها أن إنشاء دولة يهودية في فلسطين (الأرض المقدسة) يعتبر بمثابة خطوة في مسيرة تحقيق المخطط الإلهي لنهاية تاريخ البشرية. وبناء على الإيمان بهذه النبؤات تبذل الحركة الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية قصارى جهدها لتأمين الدعم غير المشروط للكيان الصهيوني في فلسطين.
كما يتجلى مدى هذا الخطر الذي خلقته الصهيونية حين نستحضر تاريخ الحروب التي اندلعت للسيطرة على الأماكن المقدسة في فلسطين، حتى بين المسيحيين أنفسهم، كما كان الحال في حرب القرم خلال القرن الثامن عشر ، تلك الحرب التي كان من ضمن أسبابها الصراع للسيطرة على الأماكن المقدسة في مدينة بيت لحم بفلسطين، والتي دارت بين الإمبراطورية الروسية ممثلة للمسيحية الشرقية من جهة، ومن جهة أخرى تحالف الإمبراطورية الفرنسية وبريطانيا ممثلتين للمسيحية الغربية.
تعتبر العملية العسكرية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني، وأطلقت عليها إسم «طوفان الأقصى»، بمثابة منعطف تاريخي في الصراع على أرض فلسطين ضد المشروع الاستعماري الأوروبي. و«تحوُّل البارادايم» (paradigm shift) الذي أحدثته معركة طوفان الأقصى جعل الصهاينة وأمريكا وحلفائها من أقطاب المشروع الاستعماري الأوروبي يعتبرون هذا التحول في الصراع على أرض فلسطين بمثابة تهديد وجودي يؤذن بزوال الكيان الصهيوني.
إن قضية الصراع على أرض فلسطين مشبعة ومثقلة بالتاريخ، وتستعيد الهويات العميقة والنصوص المقدسة وتحقيق النبؤات «المسيحانية»، ويبدو أن عنوانها سيبقى هو «السلام المستحيل».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.