ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، مجزرة جديدة في قطاع غزة راح ضحيتها أكثر من 200 شهيد وجريح، بعدما استهدفت فلسطينيين احتشدوا في محيط مركز توزيع المساعدات التي تشرف عليها شركة أميركية بتأمين إسرائيلي بالمنطقة العازلة في رفح. أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة الأحد مقتل 31 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 176 آخرين بجروح بنيران إسرائيلية خلال توزيع مساعدات غذائية، فيما نفى الجيش الإسرائيلي أن يكون أطلق النار على مدنيين، مشيرا الى تقارير "كاذبة". وتواجه إسرائيل ضغوطا دولية متزايدة بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة الذي تحوّل إلى ركام، فيما تقول الأممالمتحدة إن كل سكان القطاع المحاصر معرّضون للمجاعة، معتبرة أن المساعدات التي سُمح بدخولها منذ أيام بعد حصار مطبق استمرّ أكثر من شهرين، ليست سوى "قطرة في محيط". وأفاد الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل عن إطلاق نار إسرائيلي في رفح في جنوب القطاع قرب موقع مساعدات تابع لمؤسسة غزة الإنسانية الأميركية أدّى الى وقوع "31 شهيدا على الأقل وأكثر من 176 مصابا بينهم عشرات الحالات الحرجة". وذكر أن "آليات إسرائيلية أطلقت النار في اتجاه آلاف المواطنين الذين توجهوا فجر الأحد" الى المكان. من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي أنه "لم يطلق النار على مدنيين"، واصفا التقارير بأنها "كاذبة". وقال في بيان "تشير نتائج تحقيق أولي إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يطلق النار على مدنيين أثناء وجودهم قرب أو داخل موقع توزيع المساعدات الإنسانية". وجاء في بيان صادر عن مؤسسة غزة الإنسانية التي تديرها شركة أمن خاصة أميركية ومتعاقدة مع الولاياتالمتحدة، "تمّ توزيع جميع المساعدات اليوم بدون أي حوادث". وأضاف "سمعنا أن حركة حماس تروّج لهذه التقارير المزيفة عمدا. إنها غير صحيحة ومفبركة". وروى سامح حمودة (33 عاما) لوكالة فرانس برس أنه كان في المكان، مضيفا "كان آلاف الناس ينتظرون فتح المركز، الى أن بدأ توزيع المساعدات. فجأة، أطلقت طائرات مسيّرة النار على الناس، كذلك أطلقت دبابات نيرانا كثيفة وقتل أشخاص أمامي". وقال بصل إن "طواقم الدفاع المدني ومواطنين استخدموا عربات تجرّها حمير" ونقلوا القتلى والمصابين إلى مستشفى ناصر في خان يونس (جنوب). وفي حادثة منفصلة، أكد بصل "نقل شهيد وعشرات المصابين بينهم عدد من الأطفال والنساء" جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي النار تجاه أشخاص كانوا متجمعين قرب مركز مساعدات أميركي آخر قرب مفترق نتساريم على طريق صلاح الدين جنوب مدينة غزة (وسط). "فخ موت" وفي رد فعل على التقارير، أعرب فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، المحظورة في إسرائيل منذ بداية العام، عن أسفه لأن توزيع المساعدات الإنسانية في غزة أصبح بمثابة "فخ مميت". في مستشفى العودة في مخيم النصيرات في وسط القطاع، بدا في لقطات فيديو لفرانس برس أن عددا من الإصابات هي في الأرجل ولشبان وأطفال، وعملت الطواقم الطبية على تضميدها. وتجمعت أمهات لتفقّد أبنائهن، من بينهن أم محمد أبو خوصة التي قالت "من يلقي علينا صاروخا، هل سيأتي لي بمساعدة؟ لن يجلب لي مساعدة". وأضافت "أريد أن يعيش أولادنا كما كانوا، أن يخرج ابني إلى مدرسته ويرجع ليجد صحن عدس، أنا راضية، لكن أن يرجع بأمان، هذا كل ما أريد". ووصفت فيكتوريا روز، الجراحة البريطانية في مستشفى ناصر في خان يونس، حيث تم نقل العديد من الجرحى، مشهد "مذبحة مطلقة" في المنشأة. وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود في بيان الأحد أن الأشخاص الذين عالجتهم بعد اصابتهم في مركز توزيع المساعدات أفادوا عن تعرضهم لإطلاق نار "من جميع الجهات" من قبل القوات الإسرائيلية. ووصفت منسقة شؤون الطوارئ في المنظمة كلير مانيرا نظام توزيع المساعدات التابع ل"مؤسسة غزة الإنسانية" بأنه "يفتقر للإنسانية والفعالية إلى حد بعيد". "لماذا يدعون الناس للذهاب؟" منذ بداية الأسبوع الفائت، سمحت إسرائيل مجددا بعبور محدود لشاحنات الأممالمتحدة عبر معبر كرم أبو سالم، لكن بوتيرة بطيئة. وبدأت مؤسسة غزة الإنسانية توزيع الطعام في قطاع غزة في 26 ماي. وقالت المؤسسة الأحد إنها وزعت أكثر من 4,7 ملايين وجبة غذائية حتى الآن. ورفضت الأممالمتحدة التعاون مع المؤسسة، قائلة إنها تنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية. وقال عبد الله بربخ الذي يقيم مع أبنائه وأحفاده في خيمة في منطقة المواصي، إنه شاهد أيضا إطلاق النار قرب مركز المساعدات في رفح حيث احتشد الناس "بأعداد كبيرة محدثين فوضى وزحاما وصراخا". وسأل "لماذا يدعون الناس للتوجه إلى مراكز المساعدات ويطلقون النار عليهم؟ هذه مجزرة مقصودة". لكنه أضاف "أنا لا أستطيع تحمّل الجوع، فما بالك الأطفال الذين يتضوّرون جوعا ويموتون؟". مفاوضات متعثرة ولم تحقّق المفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 20 شهرا أي تقدّم يُذكر، منذ استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية بحدود منتصف مارس بعد هدنة لستة أسابيع. وأعلنت حركة حماس السبت إنها سلمت الوسطاء ردّا "إيجابيا" على الاقتراح الأميركي لهدنة من ستين يوما، لكن الموفد الأميركي ستيف ويتكوف اعتبر الردّ "غير مقبول على الإطلاق". وقال ويتكوف على منصة إكس "على حماس أن تقبل بالاقتراح الذي قدمناه كأساس لإجراء مفاوضات يمكن أن نبدأها اعتبارا من الأسبوع المقبل". وينص اقتراحه على الإفراج عن عشرة رهائن أحياء و18 متوفين محتجزين في غزة، على دفعتين، في مقابل اطلاق سراح عدد من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأحد أنه أوعز إلى الجيش بمواصلة القتال ضد حماس في غزة "بمعزل عن أي مفاوضات". إلى ذلك، أعلنت قطر ومصر الأحد عزمهما على "تكثيف الجهود" للتوصل الى هدنة في غزة، وأكدتا في بيان مشترك "تؤكد قطر ومصر بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة الأميركية، على اعتزامهما تكثيف الجهود لتذليل العقبات التي تشهدها المفاوضات". من جهتها، أكدت حماس في بيان الأحد "استعداد الحركة للشروع الفوري في جولة مفاوضات غير مباشرة، للوصول إلى اتفاق حول نقاط الخلاف". وقُتل أكثر من 54418 شخصا، غالبيتهم من المدنيين، في حرب الإبادة التي تشنّها الدولة العبرية في قطاع غزة منذ ذلك الحين، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس والتي تعتبرها الأممالمتحدة موثوقة.