أكد الفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين أن النزاع العسكري الجاري بين إسرائيل وإيران تجاوز حدود المواجهة التقليدية، ليصبح نزاعا على مفترق هجمات نووية وتغيرات منهجية في النظام الدولي. يتوقع دوغين، مستندا إلى مصادر داخل دوائر صنع القرار في إسرائيل، أن من بين السيناريوهات المطروحة ما يُعرف باسم "خيار شمشون"، وهو سيناريو يتضمن لجوء إسرائيل لاستخدام الأسلحة النووية بشكل مباشر ضد إيران أو ضد خصوم محيطين مثل اليمن.
ولا يُستبعد أيضا، بحسب دوغين، احتمال تنفيذ تفجيرات لما يُعرف ب"القنابل القذرة" داخل الأراضي الإسرائيلية نفسها. وأكد الفيلسوف المعروف بلقب "عقل بوتين" في الصحافة الأمريكية، أن هذا الاحتمال ليس مجرد تهويل أو ورقة ضغط، بل سيناريو واقعي يتم تداوله ومناقشته بجدّية في بعض الأوساط الإسرائيلية. وفي رأي دوغين فإن هذه الحرب ليست مجرد رد فعل نفسي على هجوم حركة حماس على إسرائيل واحتجاز الرهائن، بل هي حرب مدبرة تخدم أهدافا استراتيجية إسرائيلية. ومن هذه الأهداف، بحسبه، مواجهة التحديات الديموغرافية التي تواجهها إسرائيل في محيط عربي واسع، حيث تعتبر الدولة اليهودية "جزيرة إثنية ودينية صغيرة" وسط بحر عربي ضخم، ما دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى اتخاذ خطوات وصفها دوغين ب"الإبادة الجسدية للفلسطينيين مع نقل الناجين خارج إسرائيل". ويربط دوغين هذه السياسات بتطلعات دينية لدى التيار الصهيوني الديني الذي يرى في نزاع القدس وتهديم المسجد الأقصى بداية لحرب النهاية وفقا للمعتقدات الدينية. على الصعيد الجيوسياسي، يؤكد دوغين أن النزاع في الشرق الأوسط هو أحد جبهات صراع أوسع بين الغرب الذي يسعى للحفاظ على هيمنته، والعالم متعدد الأقطاب الذي تمثله روسيا ودول أخرى. فالجبهة الأولى لهذا الصراع هي أوكرانيا حيث يصف دوغين النظام هناك ب"النازي" المدعوم من الغرب في مواجهة روسيا، والجبهة الثانية هي الشرق الأوسط. ويشير إلى أن الغرب، عبر إسرائيل وحلفائه في دول الخليج، خصوصاً الإمارات، يحاول تقويض قوة العالم الإسلامي الشيعي، الذي يعتبره "الطليعة الأيديولوجية للإسلام". من جهة أخرى، فإن نجاح إيران في هذا الصراع سيقلب صورة إسرائيل كقوة قوية، ويفتح الباب لإعادة تشكيل النظام العالمي ضمن محور "روسيا–إيران" متعدد الأقطاب، بحسب رأي ألكسندر دوغين الذي يعد من أبرز الأصوات المحسوبة فكريا على دوائر القرار القومي في موسكو. في هذا السياق، يربط الفيلسوف بين تصاعد المواجهة في الشرق الأوسط وبين تحالف أعمق بين روسياوإيران، في إطار ما سماه "محور مقاومة متعدد الأقطاب". ويرى أن هذا التحالف هو نقطة انطلاق لمواجهة الهيمنة الغربية، وأن الصراع مع إسرائيل ليس معزولا قاريا بل جزء من خريطة استراتيجية متكاملة تشمل آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية . ويعتقد دوغين أن وتيرة التصعيد في الشرق الأوسط تترافق مع اتساع رقعة التوترات في أوروبا وآسيا، مما ينذر، بحسب رأيه، باقتراب اندلاع ما سماه "الحرب العالمية الثالثة". ويقول في توصيفه: "الأيام القليلة المقبلة قد لا تكون مجرد أيام مشحونة بالأحداث، بل قد تكون مفصلية… لقد قرر أنصار العولمة بجدية إما إشعال حرب أهلية داخل الولاياتالمتحدة، أو إشعال نزاع نووي في الشرق الأوسط قد يتطور إلى حرب عالمية ثالثة." وتحدث دوغين عن تحول في الخطاب العالمي تجاه إسرائيل بعد هجوم إيران، معبرا عن هذا التغيير ب"فتح نافذة أوفرتون". وقال إن ضرب الجمهورية الإسلامية لإسرائيل كسّر الصورة الذهنية القائلة بأن إسرائيل لا تُقهر، وأن هذا الهجوم يشكّل لحظة رمزية تُحرّر الخطاب العالمي من خطاب التفوّق الإسرائيلي المطلق.