تشهد خريطة الهجرة العالمية للأثرياء تحولات غير مسبوقة سنة 2025، مع توقعات بأن ينتقل عدد قياسي من أصحاب الثروات العالية، بما يفوق 142 ألف مليونير، من بلدانهم إلى وجهات جديدة بحثا عن مناخات أكثر استقرارا وضمانا لثرواتهم. وتظهر البيانات التي نشرتها شركة "هينلي آند بارتنرز" بالشراكة مع مؤسسة "نيو وورلد ويلث" في تقريرهما السنوي حول الهجرة العالمية للثروات، أن المغرب بات حاضرا على خارطة استقطاب الأثرياء لأول مرة بشكل ملحوظ كميا. ففي التصنيف العالمي الصادر عن التقرير، سجل المغرب تدفقا إيجابيا صافيا يقدر ب 100 من أصحاب الثروات الصافية العالية في سنة 2025، مع تقديرات بأن كل هؤلاء الأثرياء المهاجرين يحملون معهم نحو 0.9 مليار دولار أمريكي من الثروات القابلة للاستثمار.
ويتضح أن المغرب بتحقيقه نموا في عدد المليونيرات بنسبة 36 بالمائة بين 2014 و2024، يندرج ضمن هذا النمط الصاعد، ولو بنسق أبطأ. وقد كشف التقرير أن الهجرة الواسعة للأثرياء باتت تشكل محركا استثماريا هاما للدول التي تعرف كيف توظف هذا التدفق. كما يشير إلى أن أغلب الأسواق الأسرع نموا في الثروات عالميا خلال العقد الماضي، مثل مونتينيغرو (+124 بالمائة)، والإمارات (+98 بالمائة)، ومالطا (+87 بالمائة)، وكوستاريكا (+72 بالمائة)، كلها استفادت من تدفقات ثروات مهاجرة عززت من حجم استثماراتها وأسواقها العقارية والخدمات المالية بها. في قائمة الدول العشر الأولى من حيث صافي التدفقات الإيجابية للمليونيرات لعام 2025، تصدرت الإمارات العربية المتحدة القائمة بفارق واضح، باستقطاب +9800 مليونير، متبوعة ب الولاياتالمتحدة (+7500)، ثم إيطاليا (+3600) وسويسرا (+3000)، وكلها دول تعتمد على بنى تحتية قوية، ونظم ضريبية تنافسية، وسياسات جذب استثمارية مدروسة. تليها السعودية (+2,400)، التي تشهد ارتفاعا في الاستثمارات الخاصة تماشيا مع أهداف "رؤية 2030″، وتبرز أيضا سنغافورة (+1600)، والبرتغال (+1400)، واليونان (+1200) ضمن الدول الصاعدة في هذا المجال. في المقابل، تعاني المملكة المتحدة من أكبر موجة هروب واضحة لأصحاب الثروات(-16,500 مليونير)، متبوعة بالصين (-7800)، والهند (-3500)، وكوريا الجنوبية (-2400). ويعزى هذا النزيف إلى عوامل متنوعة منها الزيادات الضريبية، عدم الاستقرار السياسي، والقيود التنظيمية. ويشير التقرير إلى أن المملكة المتحدة، التي كانت في السابق وجهة مفضلة للأثرياء، أصبحت اليوم أكبر "مصدر" للثروات الخاصة، في ما يشبه "خروج ثروات" مماثل لخروجها من الاتحاد الأوروبي. إضافة إلى ما سبق، يشير تقرير "نيو وورلد ويلث" إلى أن التدفق المالي المصاحب لهجرة الأثرياء لا يقتصر فقط على الأصول القابلة للاستثمار، بل يشمل أيضا تدفقات غير مباشرة مثل الإنفاق العقاري، إنشاء شركات جديدة، وتحويلات مالية دورية نحو بلدانهم الأصلية، مما يجعل من هؤلاء الأفراد مصدرا اقتصاديا متعدد الأبعاد.