بعد الانتقادات التي طالته على خلفية كلمة له حول تزويج الفتيات، خرج عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية لينفي مقارنته للنساء بطائر "بلارج"، وأكد أن العرف الذي ترسخ في المجتمع بأن الزواج يأتي بعد الدراسة، هو عرف خاطئ وجريمة في حق المرأة، فالفتاة يمكنها أن تكمل دراستها بعد الزواج، دون أن تضيع "سعدها". وأوضح بنكيران في كلمة مصورة نشرها على صفحته ب"فيسبوك" أنه لم يقصد الإساءة للمرأة المغربية حينما شبهها ب"بلارج"، مشيرا إلى أن القصد من التشبيه هو الوحدانية التي يعيشها هذا الطائر، والتي يرفض أن تعيشها المرأة.
وقال بنكيران إنه يؤمن بأن حق التعليم والتعلم للمرأة حق شرعي، كما هو الشأن بالنسبة لعملها، وأنه يؤمن بحريتها في أن تفعل بنفسها ما تشاء في إطار ما فيه الإجماع ووفق القانون والشريعة، ولا يدخل في هذا حريتها في تعاطي الدعارة وما إلى ذلك. وتوقف المتحدث على ما اعتبره ظاهرة برزت في السنوات الأخيرة، حيث استقر في عرف المجتمع أن أي فتاة تُقدم لخطبها وكانت تدرس، يتم رفض الزواج إلى حين إتماما الدراسة، معتبرا أنه لا يوجد مانع مبدئيا، لكن سن إتمام الدراسة بدأ يرتفع، وبدأت ظاهرة تأخير زواج النساء، وهناك من لا يتزوجن. وأشار إلى أن هذا العرف أدى إلى ارتفاع "العنوسة" في صفوف النساء اللائي كان لهن حظ الدراسة وتوظفن واشتغلن، وجزء منهن يعشن وحدهن. وشدد على أن عرف "حتى نكمل قرايتي عاد نتزوج" خطأ، لم يعترض عليه أحد في البداية لكن عواقبه بدأت تظهر، وانتقد حرمان الفتيات ما بين 16 و24 سنة من الزواج، بسبب أخطاء شاعت، وهي أخطاء خطيرة وجريمة في حق المرأة، لأنها ستكبر ولن تجد من يكون في جانبها. واعتبر أنه بإمكان الفتاة أن تكمل دراستها بعد الزواج، وهناك من يدرسن وهن أمهات، لكن إذا ضاعت فرصة الزواج قد لا تتكرر، والعواقب صعبة خاصة عند الشيخوخة، وقد تنحرف المرأة للفساد. وفي ذات الصدد، أصدرت نساء العدالة والتنمية بيانا ينتقد "ما راج من تأويلات مغرضة ومجتزأة لتصريح بنكيران"، واعتبرت أن التصريح صدر في سياق قلق مشروع بسبب المعطيات المقلقة التي أفرزها الإحصاء العام الأخير حول انخفاض معدل الخصوبة وتراجع الزواج وتقدم سن الأمومة، وشيخوخة المجتمع، وهي كلها مؤشرات تستوجب نقاشاً وطنياً مسؤولاً، ووضع سياسات عمومية مستعجلة. كما أن كلامه لم يكن ضد تعليم الفتاة أو تمكينها، بل دعا إلى تحقيق التوازن بين التحصيل الدراسي والاستقرار الأسري. وعبرت نساء "البيجيدي" عن الاستغراب الشديد للصمت المطبق لعدد من الهيئات والجمعيات النسائية تجاه قضايا حقيقية وخطيرة تعاني منها النساء المغربيات يوميًا، خاصة في العالم القروي والمناطق المهمشة، من حرمان من الماء الصالح للشرب، ومن العلاج، ومن التعليم بسبب وعورة المسالك، أو حرمان من منحة الأرامل ومنحة تيسير…، في مقابل تجييش غير مبرر ضد بنكيران. ودعت نساء العدالة والتنمية إلى التحلي بروح المسؤولية والانخراط في النقاش الجاد حول أوضاع الأسرة المغربية، والبحث عن حلول واقعية لما تعانيه النساء من هشاشة، وبطالة، وعزلة، وصعوبات اجتماعية واقتصادية. ودعا ذات المصدر إلى إجراء دراسات علمية وموضوعية حول ظاهرة العزوف عن الزواج وتراجع الخصوبة، وبلورة سياسات عمومية متكاملة تعالج اختلالات الأسرة وتحفز على تكوين أسر مستقرة ومتماسكة، مع تشجيع الزواج المتوازن المبني على القيم الدينية والوطنية، والذي لا يتناقض مع التعليم والتمكين، بل يعززهما. وأكد ذات المصدر أن خطاب بنكيران يعكس توازناً بين القيم الدينية والوطنية ومقتضيات العصر، ويعبر عن مشروع إصلاحي متجذر في الواقع المغربي، هدفه المصلحة العامة، وحماية الأسرة، والإنصات لنبض المجتمع، لا تصفية الحسابات الإيديولوجية.