أعلنت عائلة أحمد الزفزافي، والد قائد حراك الريف ناصر الزفزافي، أن جثمان الراحل سيُشيع بعد صلاة العصر يوم الخميس، حيث ستقام صلاة الجنازة في المسجد العتيق بمدينة الحسيمة، قبل أن يُوارى الثرى بمقبرة المجاهدين بأجدير. ومنذ إعلان وفاة الراحل الذي اشتهر بلقب "عيزي أحمد"، مساء الأربعاء بعد صراع مع المرض، خيّم حزن عميق على مدينة الحسيمة ومواقع التواصل الاجتماعي داخل المغرب وخارجه، في وقت ما يزال فيه ابنه ورفاقه يقضون أحكاماً طويلة بالسجن.
أحمد الزفزافي لم يكن أبا فقط بل تحول طيلة السنوات الماضية، منذ إعتقال إبنه ورفاقه عام 2017، إلى رمز لصبر عائلات المعتقلين، رافق ملفهم أمام المحاكم وفي الساحات بصوت هادئ ونبرة متزنة، مدافعاً عن حق ابنه ورفاقه في الحرية، قبل أن يسقطه المرض ويغيب عن المشهد العام خلال الأسابيع الأخيرة التي قضاها في المستشفى. خبر وفاته لم يكن مفاجئاً بالنظر إلى حالته الصحية المتدهورة، لكنه هزّ الرأي العام لأنه رحل دون أن يرى ابنه حراً خارج أسوار السجن. وسرعان ما تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى فضاء واسع للعزاء والتضامن، حيث كتب ناشطون حقوقيون وصحافيون تدوينات مؤثرة استحضروا فيها صبر الرجل ونزاهته، فيما تداول آخرون صوراً قديمة له إلى جانب ابنه المعتقل. ابنه طارق كتب في تدوينة قصيرة على فيسبوك: "أبي الغالي الصامد عيزي أحمد في ذمة الله. إنا لله وإنا إليه راجعون"، وهي العبارة التي سرعان ما انتشرت على نطاق واسع وأطلقت موجة من التعليقات والتضامن. الصحافي توفيق بوعشرين، في تدوينة طويلة لاقت تفاعلا كبيرا، كتب : "ليس السرطان من أخذه لأجَلِه، بل الخذلان هو من عجّل برحيله."، بينما كتب الصحافي عبد الصمد بنشريف"هذا الطوفان من المواساة والتضامن الذي اكتسح منصات التواصل الاجتماعي هو بمثابة استفتاء شعبي ينبغي أخذه بعين الاعتبار لطي صفحة معتقلي حراك الريف وإنهاء مأساتهم وآلام عائلاتهم ". أما الصحافي محمد المساوي، إبن مدينة الحسيمة، فكتب "علينا ان نكون في مستوى هذا الفقد الجلل، علينا ان نحج الى الحسيمة للمشاركة في جنازة عيزي احمد، ومن لم يستطع فأضعف الايمان ان يشارك في الحداد غدا، فلنجعل غدا الخميس حدادا وطنيا، كل من موقعه واستطاعته،" في مدينته الحسيمة، حيث اندلعت احتجاجات "حراك الريف" سنتي 2016–2017 بعد وفاة بائع السمك محسن فكري، يخيّم جو من الأسى، إذ يصف كثيرون ليلة وفاة "عيزي أحمد" بأنها "ليلة طويلة من الحزن"، في مدينة أعطاها الراحل أعز ما يملك: حياته وحرية ابنه. وفاة "عيزي أحمد" أعادت إلى الواجهة مأساة قادة الحراك الستة، وفي مقدمتهم ناصر الزفزافي المحكوم ب20 عاماً، ورفاقه نبيل أحمجيق، محمد جلول، سمير إغيد، محمد حاكي وزكرياء أظهشور، الذين ما يزالون خلف القضبان. وقد رأى نشطاء أن رحيل والدهم الرمزي يجب أن يكون دافعاً جديداً لإطلاق سراحهم. بين الحزن الإنساني والجدل الحقوقي، رحل أحمد الزفزافي تاركاً وراءه إرثاً من الصبر وشهادة على معاناة عائلات دفعت ثمناً غالياً، فيما يظل الحكم الأخير مؤجلاً لمحكمة التاريخ.