أكدت سعاد البراهمة، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن ملف معتقلي حراك الريف وكافة المعتقلين السياسيين في المغرب ما يزال يشكل "جرحا مفتوحا نازفا في مسار العدالة والحقوق والحريات"، مشددة على أن الإفراج عنهم يتطلب "إرادة سياسية حقيقية لدى الدولة المغربية لطي هذا الملف الذي هو دون أدنى ريب امتداد في الحاضر لانتهاكات الماضي الجسيمة والأليمة". وخلال مداخلة لها في اللقاء الذي نظمته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مساء السبت 7 شتنبر الحالي، حول موضوع "النضال المتواصل من أجل إطلاق سراح معتقلي حراك الريف وجميع المعتقلين السياسيين في المغرب"، أبرزت البراهمة أن استمرار اعتقال هؤلاء الشباب "لا يخدم صورة المغرب ولا استقراره، بل يعمق الإحباط ويفاقم الاحتقان"، داعية الدولة إلى اتخاذ "المبادرة السياسية الشجاعة من أجل إطلاق سراح من تبقى من معتقلي حراك الريف وكافة المعتقلين السياسيين والسياسيات".
وتوقفت البراهمة عند ما اعتبرته ظلما مضاعفا، يتمثل في استثناء معتقلي الريف من قرارات العفو، معتبرة أن هذا النهج "يعكس منطق الانتقام الذي طبع التعامل مع المنطقة وأبنائها ويطيل في عمر الاحتقان الاجتماعي". وتابعت البراهمة أن الملف بعد مرور نحو ثماني سنوات من الاعتقال أصبح يشكل "جرحا مفتوحا"، مضيفة: "الأدهى أن هؤلاء المعتقلين يُستثنون بشكل متكرر من قرارات العفو أو الإفراج، رغم توالي الإفراجات عن معتقلين سياسيين آخرين ومعتقلي رأي". وشددت المتحدثة على أن قضية معتقلي الريف "ليست مسألة يمكن اختزالها في مجموعة من الأشخاص فقط بقدر ما هي قضية عدالة اجتماعية وحقوق إنسان"، مذكّرة بأن شباب الحراك "خرجوا ما بين 2016 و2017 للمطالبة بأبسط الحقوق الاجتماعية والثقافية في منطقة عانت طويلا من الإقصاء والتهميش والعسكرة"، لكن الدولة، عوض الاستجابة لهذه المطالب المشروعة، "اختارت المقاربة الأمنية والقمع، مما أسفر عن اعتقالات بالجملة وأحكام جائرة وصلت إلى 20 سنة سجنا نافذا" تضيف البراهمة. وأفادت أن هذا اللقاء يأتي في سياق حملة دولية واسعة يقودها العديد من الفاعلين للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين. وأوضحت أن هذا الترافع يكتسي أهمية خاصة، خصوصا في ظل الوضع الإنساني للقيادي ناصر الزفزافي، قائلة: "للأسف لم تؤخذ مناشدات الجميع من أجل إطلاق سراحه بعين الاعتبار، رغم الظروف الإنسانية المرتبطة بمرض والده الذي كان يصارع السرطان في لحظاته الأخيرة". وشددت البراهمة على أن احتجاجات الريف كانت سلمية "بأشكال وأساليب مدنية رفيعة، طيلة شهور دون تسجيل أي انزلاقات أو أحداث". وأوضحت أن الحراك رفع مطالب أساسية مثل رفع العسكرة المفروضة على المنطقة منذ 1958، وإحداث جامعة ومستشفى لعلاج السرطان، "ذلك المرض الذي لا يزال يحصد أرواح العشرات، وآخرهم والد ناصر الزفزافي". كما أشارت إلى أن الفساد المستشري بالمنطقة أكد صحة ما ناضل من أجله المحتجون، حيث تم إعفاء مسؤولين نافذين من بينهم وزراء كانوا مكلفين بمشروع "المنارة المتوسط" في أواخر 2017.