رغم الأرقام التي تشير إلى أن البنوك المغربية جمعت حوالي 10 ملايير درهم سنة 2024 من عمولات الزبناء فقط، إلا أن شهية هذه المؤسسات لمراكمة الأرباح على حساب جيوب المواطنين لا تتوقف، حيث عمدت في الآونة الأخيرة إلى فرض زيادات جديدة، حتى دون إشعار مسبق، وهو ما أشعل غضب جمعيات حقوق المستهلك. وعبرت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك عن استيائها البالغ من تنامي الاختلالات في العلاقة التعاقدية بين موردي الخدمات البنكية وبين عموم المستهلكين في العديد من المجالات والعمليات النقدية، مستنكرة الزيادات التي طالت عدة عمليات.
وسجلت الجامعة في بيان لها سوء معاملة الأبناك، بعدم احترام حق المستهلك في الإعلام الواضح والملائم بخصوص جميع العمليات البنكية المتعلقة بحسابه البنكي، كخصم الرسوم والاقتطاعات المتعلقة به، وذلك طبقا لمقتضيات القوانين الجاري بها العمل. وتوقفت جامعة "حقوق المستهلك" على الزيادات غير المبررة في عمليات التحويل البنكي كما هو الحال بالنسبة لصندوق الضمان الاجتماعي والتي انتقلت من 10 دراهم إلى 33 درهما بدون سابق إعلام. والزيادة في سعر بطاقات الشباك الأوتوماتيكي والتي انتقلت في بعض الحالات من 65 درهما إلى أكثر من 169 درهما. وأشار تقرير حديث لمجلة "جون أفريك" إلى أن العمولات تشكل 14% من صافي الناتج البنكي بالمغرب (10 ملايير درهم)، حيث تفرض المؤسسات البنكية رسوما تثقل كاهل الأسر، وكذا أفراد الجالية الذين بلغت تحويلاتهم نحو 117 مليار درهم العام الماضي. ويشجع انغلاق السوق المغربي في وجه البنوك الأجنبية، تنامي ما وصفته "حقوق المستهلك" ب"الاختلالات" التي تمارسها هذه البنوك المحلية، خاصة وأن القطاع البنكي، حسب "جون أفريك" يخضع لهيمنة حفنة من "الحيتان الكبيرة"؛ ويتعلق الأمر بالتجاري وفا بنك: الذراع المالي للهولدينغ الملكي "المدى"، أكبر مؤسسة مالية في البلاد، وبنك أفريقيا: المملوك لرجل الأعمال عثمان بنجلون، أحد أبرز المقربين من دوائر الحكم، وفي السنوات الأخيرة، دخلت أسماء جديدة من العائلات النافذة إلى القطاع، منها عائلة مريم بنصالح (المعروفة بمجموعة "هولماركوم") وعائلة حفيظ العلمي التي باتت تملك "سهام بنك"، حيث أنشأ كل منهما بنكاً خاصاً، ما عزز الطابع الاحتكاري للسوق. ولفت ذات التقرير إلى أن هذه التركيبة تجعل أي منافس أجنبي، خصوصاً إذا كان يعرض خدمات مجانية أو منخفضة التكلفة، مرفوضاً ضمنياً من قبل هذه المؤسسات التي ترى في السوق المغربية "ريعاً مضموناً". وأكد التقرير في ذات الصدد أن البنك الرقمي البريطاني Revolut الذي يراهن على استراتيجية تقوم على خدمات مصرفية أساسية مجانية عبر تطبيق رقمي متطور، قد بدأ في غشت الماضي محادثات مع بنك المغرب لبحث دخوله السوق المغربية، في خطوة قد تهدد مواقع البنوك المحلية التي راكمت أرباحاً ضخمة من العمولات خلال السنوات الماضية. لكن حظوظه ضعيفة أمام النفوذ السياسي والاقتصادي للأبناك المحلية التي لن تفرط في دجاجة العمولات التي تبيض المليارات سنويا. وتؤكد "حقوق المستهلك" أن اختلالات القطاع البنكي في علاقته بالزبون لا تتوقف على رفع الاقتطاعات، بل تشمل أيصا سوء الخدمات التي تعيق مصالح المستهلك، وفرض شركة التأمين عند الاقتراض دون إعطاء حرية اختيار المستهلك، وعدم توفير السيولة بالصرافات الأوتوماتيكية خاصة بالأعياد والعطل… وفي ظل هذا الواقع، تطالب الجامعة جميع البنوك المعنية بضرورة الامتثال لأحكام القانون 31.08 وتمكين المستهلك من الإعلام الواضح والملائم بخصوص جميع العمليات المتعلقة بحسابه البنكي حرصا على توازن العلاقة التعاقدية وشفافية السوق البنكي وضمان تحقيق أهداف الخدمات المصرفية. كما دعت في بيانها الجهات المعنية إلى وضع الحدود الضرورية للممارسات التجارية التعسفية التي تلجأ إليها البنوك عندما تشرع لنفسها اللجوء إلى تغيير مضامين العقد من طرف واحد دون الاكتراث بإعلام المستهلك، مما يؤدي إلى حصول اختلال كبير في العلاقة التعاقدية بين الحقوق والواجبات، ويلحق أضرارا جلية بمصالح المستهلك الاقتصادية.