حذفت شركة "يوتيوب"، المملوكة لمجموعة "غوغل"، أكثر من 700 مقطع فيديو توثق انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، بعد إغلاقها حسابات ثلاث منظمات حقوقية فلسطينية بارزة، في خطوة وُصفت بأنها "نكسة خطيرة" لحرية التعبير والعدالة الدولية. وقالت المنصة، في رد على استفسارات موقع "ذا إنترسبت"، إن الحذف جاء التزاماً بالعقوبات التي فرضتها وزارة الخارجية الأمريكية على هذه المنظمات، بسبب تعاونها مع المحكمة الجنائية الدولية في قضايا تتهم مسؤولين إسرائيليين بارتكاب جرائم حرب في غزة.
وأوضحت الناطقة باسم "يوتيوب" أن الشركة "تلتزم بالامتثال الكامل للعقوبات والقوانين التجارية المعمول بها"، مؤكدة أن المنصات التابعة ل"غوغل" لا يمكن أن تُستخدم من قبل كيانات خاضعة لعقوبات أمريكية. منظمات حقوقية فلسطينية مستهدفة وشمل الحذف حسابات كل من مؤسسة الحق في رام الله، ومركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وهي من أبرز الجهات الحقوقية التي وثّقت الانتهاكات الإسرائيلية على مدى عقود. وقالت منظمة الميزان إن قناتها أُغلقت في 7 أكتوبر "دون أي إشعار مسبق"، معتبرة أن القرار "يحد من قدرتها على التواصل مع جمهورها وإيصال صوت الضحايا". أما مؤسسة الحق، التي حُذفت قناتها في 3 أكتوبر، فوصفت الخطوة بأنها "فشل ذريع في مبادئ حقوق الإنسان"، مشيرة إلى أن "يوتيوب يسهّل من خلال قراراته إسكات الأصوات الفلسطينية استجابة للعقوبات الأمريكية". بدوره، قال باسل الصوراني، المستشار القانوني للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن الحذف "يمثل تواطؤاً في إسكات الضحايا الفلسطينيين"، مؤكداً أن محتوى القناة كان "توثيقياً بحتاً" ويعتمد على "أدلة دامغة بشأن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين منذ السابع من أكتوبر". أكثر من 700 مقطع مفقود ووفقاً لتقديرات "ذا إنترسبت"، أدى إغلاق الحسابات الثلاثة إلى محو أكثر من 700 مقطع فيديو، تضمنت تحقيقات وأفلاماً وثائقية وشهادات لضحايا التعذيب والقتل في غزة والضفة الغربية، من بينها تحقيقات حول مقتل الصحفية الأمريكية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة وأطفال قُتلوا في غارات إسرائيلية على شاطئ غزة. بعض هذه المقاطع ما يزال متاحاً عبر نسخ محفوظة في أرشيف الإنترنت أو على منصات بديلة مثل "فيميو" و"فيسبوك"، إلا أن معظمها اختفى من المجال العام دون إمكانية الوصول إليه. "إسكات للأدلة" وقالت المحامية كاثرين غالاغر من مركز الحقوق الدستورية الأمريكي إن ما فعله "يوتيوب" "يخدم الأجندة السياسية التي سعت إدارة ترامب إلى فرضها منذ سنوات لمحو الأدلة على جرائم الحرب الإسرائيلية". وأضافت أن "الكونغرس لم يمنح الرئيس صلاحية قطع تدفق المعلومات أو منع الجمهور من الوصول إلى مواد توثيقية مشمولة بالحماية القانونية". وفي بيانٍ له، قال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إن الخطوة "تحمي الجناة من المساءلة وتعيق توثيق الجرائم ضد المدنيين الفلسطينيين"، مؤكداً أن المنصة "انحازت ضد العدالة وضد حق الضحايا في إيصال أصواتهم إلى العالم".