دافع وزير الصحة أمين التهراوي، اليوم الأربعاء، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب على تفويت وزارته صفقة لاستيراد "البوتاسيوم" لزميله في الحكومة ووزير التربية الوطنية سعد برادة، معتبرا أن الصفقات تبرم مع الشركات لا مع الأشخاص، ورمى مسؤولية تطوير إطار تشريعي لتضارب المصالح على البرلمان نفسه. ورد الوزير خلال اجتماع اللجنة على ما أثير حول تضارب المصالح بكون الصفقات العمومية لا تُبرم مع أشخاص ذاتيين بل مع شركات خاضعة للقانون التجاري، وأضاف أن تطوير إطار تضارب المصالح ليس مسألة تخص قطاع الصحة وحده، بل هو ورش تشريعي جماعي يمكن للبرلمان بلورته بالصيغة التي يراها مناسبة، مؤكدا على أن الإدارة ملتزمة بتطبيق القوانين الحالية كما هي دون انتقائية أو استثناءات.
ودائما حول صفقة تزويد السوق بالبوتاسيوم التي فازت بها شركة الوزير برادة، أوضح التهراوي أنها أُسندت لشركة محلية منتجة، وفي إطار طلب عروض صارم، وليس لشركة مستوردة ذات ترخيص مؤقت كما ادعى ذلك عبد الله بوانو رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية. وصرّح الوزير بأن جميع عمليات اقتناء الأدوية تتم حصرياً في إطار القانون، وتخضع لمنظومة الصفقات العمومية ومرسوم يحدد بدقة قواعد المنافسة وشروط المشاركة ومساطر الترشح ومبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص. كما شدد على أن هذه الصفقات تُعلن مسبقاً على البوابة الوطنية للصفقات العمومية، وتخضع لرقابة صارمة من المصالح المختصة بوزارة المالية، ما يجعل قرارات الاقتناء غير خاضعة لأي اجتهادات شخصية أو قرارات فردية. وذكّر الوزير بأن تدبير التراخيص الخاصة بالأدوية كان سابقاً موكولاً إلى مديرية داخل الوزارة، وقد كان موضوع تقارير رقابية واستطلاعية متعددة في سنتي 2015 و2021، والتي أجمعت على وجود اختلالات بنيوية في النظام القديم وأوصت بشكل واضح بإحداث وكالة وطنية مستقلة لتدبير الأدوية والمنتجات الصحية، وقد تم إخراج الوكالة التي تضطلع بتنفيذ التوجهات الاستراتيجية للدولة في مجال السياسة الدوائية، خاصة ما يتعلق بضمان السيادة الدوائية، وتأمين التوافر المستمر للأدوية، وضمان الجودة والسلامة، واعتماد حكامة حديثة ومستقلة ذات صرامة تقنية. وأشار المتحدث إلى أن من أهم رهانات الحكومة في السياسة الدوائية، تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الحيوية ذات الحساسية العالية، انسجاماً مع التوجهات الكبرى للدولة الرامية إلى تعزيز السيادة الدوائية والصناعية، وتقليص التبعية للأسواق الخارجية وتقلباتها، وحماية المرضى من مخاطر الانقطاعات أو الأزمات الدولية المفاجئة. ومن جهة أخرى، اعتبر الوزير أن حضوره أمام اللجنة بطلب منه، ليس إجراءً شكلياً، بل رسالة واضحة بأن الوزارة لا تخفي شيئاً، وأن النقاش المؤسساتي داخل اللجنة هو الإطار الطبيعي والسليم لمناقشة كل ما يتعلق بملف الأدوية، سواء تعلق الأمر بالصفقات العمومية، أو بالتراخيص الاستثنائية، أو بالادعاءات المثارة حول تضارب المصالح، داعياً إلى الارتقاء بمستوى الخطاب العمومي وتحصينه من المزايدات التي لا تخدم المواطن ولا الوطن.