بمشاعر الفخر والاعتزاز يحيي المغاربة الذكرى 70 لعيد الاستقلال يوم الثلاثاء 18 نونبر 2025، وهو العيد الذي تجمع جميع الهيئات السياسية وفعاليات المجتمع المدني وغيرها، على أنه مناسبة لتجسيد أسمى معاني التلاحم بين العرش والشعب في ملحمة الكفاح المتواصل، من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة وسيادتها وقدسيتها. ولاسيما أن هذه الذكرى جاءت خلال هذه السنة المباركة في ظل القرار 2797 الصادر عن مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 31 لأكتوبر 2025، والقاضي بمنح "الصحراء الغربية" حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية، باعتباره الحل الأمثل للنزاع المفتعل… وهو ما يعد ترسيخا لوحدة الوطن وتتويجا للجهود الدؤوبة للدبلوماسية الملكية الحكيمة وما قدمه المغرب من تضحيات على مدى خمسة عقود، وأوحى إلى الملك محمد السادس بجعل يوم 31 أكتوبر من كل سنة عيدا وطنيا جديدا تحت اسم "عيد الوحدة"، ومناسبة أخرى يمنح خلالها جلالته عفوه الشريف، اعتبارا لما حدث من تحول تاريخي في مسار قضية الصحراء وما تكرسه من وحدة وطنية وترابية راسخة، وفق مضمون البيان الصادر عن الديوان الملكي يوم: الثلاثاء 4 نونبر 2025، إضافة إلى أن ذات البيان أوضح أن إطلاق إسم "عيد الوحدة" على هذه المناسبة الوطنية، التي ستظل مناسبة وطنية جامعة للتعبير عن التمسك بمقدسات المملكة وحقوقها المشروعة، تم بناء على ما يحمله هذا الاسم من دلالات ورموز مرتبطة بالوحدة الوطنية والتمسك الدائم والثابت بالوحدة الترابية للملكة. فمن هنا يمكن القول بأنه إذا كان عيد الاستقلال يرمز إلى نهاية حقبة الاستعمار والحماية التي فرضت على المغرب منذ أوائل القرن العشرين، وتخلد لانتصار إرادة شعب وملكه اللذين استطاعا تحرير البلاد من براثن الاستعمار الفرنسي والإسباني، ليتوج كفاحهما بعودة الملك محمد الخامس وعائلته من المنفى في مدغشقر يوم 16 نونبر 1955 حاملا معه بشرى بزوغ فجر جديد من الحرية والاستقلال، حيث استقبل بحفاوة كبيرة من قبل الشعب المغربي، ليعلن أمامهم عن بداية مرحلة جديدة من تاريخ المغرب، حيث قال: "الحمد لله، لقد عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" ويقصد بالجهاد الأكبر بناء مغرب حر ومستقل. وفي 2 مارس 1956 تم الإعلان عن نهاية الحماية الفرنسية، وبداية خطوات الاستقلال الكامل، ليستكمل إنهاء الاستعمار الإسباني في المناطق الشمالية. لذلك لا يمكن لأي مواطن حر يعتز بمغربيته ويحترم ملوك وطنه أن ينسى مثل هذا الحدث التاريخي البارز، الذي يعتبر مناسبة لاستحضار تلك التضحيات الكبرى التي قدمها الآباء والأجداد الشرفاء جنبا إلى جنب مع الملك محمد الخامس من أجل الكرامة والحرية. وهو الحدث الذي يوثق لإصراره على تحقيق السيادة الوطنية ووحدة التراب المغربي، ومن المستحيل ومهما كانت الظروف نسيان تفاصيله العريضة، إذ سيظل راسخا في الأذهان عبر الأزمان، حتى تستطيع الأجيال المتعاقبة استلهام الدروس والعبر، والعمل الدائم على وحدة الصف وبناء مغرب قوي ومتماسك تحت قيادة عاهل البلاد… وبعد وفاة الملك محمد الخامس حمل ابنه الملك الحسن الثاني المشعل، ليشرع هو الآخر في بناء الدولة الحديثة، دولة المؤسسات، معلنا عن نظام دستوري ديمقراطي، يقوم على العدالة واحترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وسعيا إلى توحيد المغرب واستكمال وحدته الترابية قام رحمه الله بإطلاق أعظم مسيرة سلمية "المسيرة الخضراء" المظفرة في تاريخ المغرب يوم 6 نونبر 1975، وذلك من أجل استرجاع الصحراء المغربية من يد المستعمر الإسباني… ثم جاء الملك محمد السادس إلى الحكم بعد وفاة والده الحسن الثاني رحمه الله في 23 يوليوز 1999، عاقدا العزم على مواصلة مسيرة الإصلاح والتحديث، مع التركيز على تعزيز الديمقراطية والحقوق والحريات في المغرب، حيث ما انفك يطلق عديد المبادرات ذات الهامة مثل تكوين هيئة الإنصاف والمصالحة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وغيرها من المشاريع والأوراش الكبرى الرامية إلى تعزيز التنمية المستدامة والاستقرار في المغرب. واستطاع أن يقود بحكمة وتبصر دبلوماسية رائدة لدعم قضية الوحدة الترابية، مقترحا على مجلس الأمن الدولي خطة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية خلال 2007، مما أدى إلى تزايد الدعم الدولي لهذا المقترح الذي وصف بالجاد وذي مصداقية، كحل أمثل للنزاع المفتعل. وبما أن ما بذله المغرب من جهود مضنية وقدمه من تضحيات كبرى بقيادة عاهله المفدى في سبيل استرجاع الصحراء، توج يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 بصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797 الذي يقضي بمنح الصحراء حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية، فقد قرر ملك البلاد محمد السادس جعل يوم 31 أكتوبر من كل سنة عيدا وطنيا تحت اسم "عيد الوحدة"، تخليدا لهذا التحول التاريخي في إطار مسار ملف الصحراء، ولما تحمله هذه المناسبة من رمزية ودلالات عميقة مرتبطة بالوحدة الوطنية والترابية الراسخة للملكة المغربية، وبحقوقها المشروعة في السيادة والوحدة. إننا وفي انتظار قرارات أخرى مماثلة، نرى في القرار الملكي الداعي إلى جعل يوم 31 أكتوبر من كل سنة عيدا وطنيا جديدا تحت اسم "عيد الوحدة"، أنه فضلا عن كونه مبادرة استثنائية تهدف إلى ترسيخ هذا اليوم في الذاكرة الوطنية الجماعية، هو كذلك هدية ملكية رمزية إلى جميع المغاربة من طنجة إلى لكويرة، تهدف إلى تكريس قيم الوطنية والاعتزاز بالهوية.