أكدت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أن التقييم المرحلي للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد الذي باشرته الهيئة في إطار مهامها الدستورية، أظهر أن منجزات الاستراتيجية بقيت محدودة ومجزأة قطاعيا، ولم تحدث الأثر المطلوب على المواطنين والمواطنات. وشددت الهيئة خلال مداخلة لأمينها العام في عرض مشروع الميزانية الفرعية للهيئة برسم السنة المالية 2026، اليوم الأربعاء بمجلس المستشارين، على أن المغرب أمام رهانات تنموية كبرى، ولا يمكن إنجاح أوراشه إلا بتقليص الفساد كشرط أساسي للتنمية المتينة والمندمجة والمستدامة.
وأشارت أن الظروف أصبحت مواتية لإطلاق استراتيجية من جيل جديد ترتكز على تقييم موضوعي للسياسات السابقة واستثمار تراكمتها، موضحة أنها بصدد إعداد استراتيجية عملها الخماسية للفترة الممتدة من 2025 إلى 2030، وسيتم إطلاقها خلال الأيام المقبلة، حيث ستغطي مجالات تدخل الهيئة المحددة في القانون 46.19. واعتبرت أن بناء منظومة النزاهة هو المدخل الحقيقي لترسيخ الثقة وتعزيز التنمية، وأن مكافحة الفساد لا تنجح برؤية شمولية تجعل الوقاية والثقافة المؤسسية في صميم الفعل العمومي، مشيرة أن الانتقال من النصوص القانونية إلى الأثر الملموس يتطلب تعبئة جماعية وإرادة سياسية، وانخراطا مؤسساتيا شموليا. وتطرقت الهيئة خلال تقديم مشروع ميزانيتها لتطور وضعية الفساد في المغرب عبر عدة أرقام ومعطيات، مؤكدة أن كل المؤشرات تظهر استمرار الوضع غير المرضي لمستوى تفشي الفساد في المغرب، حيث تدهور تصنيف البلاد دوليا، متراجعا من المركز 47 عام 2015، إلى المركز 95 عام 2024. وأبرزت أن المغرب تراجع أيضا في مؤشر "بيرتلسمان" المتعلق بالتحول السياسي، حيث انتقل من المرتبة 47 بنقطة 4.48 في 2006، إلى المرتبة 106 بنقطة 3.52 في 2024، أي خسارة 32 مركزا، لافتا إلى أن هذا التراجع يعزى إلى انخفاض مهم في معايير المشاركة السياسية، سيادة القانون، والاندماج السياسي والاجتماعي. وسجلت الهيئة أنه بين عامين 2023 و2024 لوحظ ارتفاع في مستوى الخطر في مجال شفافية الحكومة والإدارة العامة، بزيادة نقطة واحدة من 64 إلى 65، إلى جانب التراجع بالمؤشر الفرعي المتعلق بالحكامة.