سجل الاقتصاد المغربي آفاق تحسن تدريجي ومستقر خلال أفق التوقعات الممتد إلى سنة 2027، وفق ما أورده تقرير "التوقعات الاقتصادية العالمية – دجنبر 2025″، والذي صنف المغرب ضمن بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي يُنتظر أن تستفيد من تحسن الظروف الاقتصادية الإقليمية وتراجع الضغوط التضخمية. وتوقع التقرير الصادر عن مؤسسة "إرنست ويونغ" أن ينتقل معدل النمو الحقيقي للناتج الداخلي الإجمالي من 2.3 بالمائة سنة 2024 إلى 2.6 بالمائة سنة 2025، قبل أن يتسارع إلى 4.8 بالمائة سنة 2026 ويبلغ 5.5 بالمائة سنة 2027، وهو المسار الذي يعكس تحسناً تدريجياً لكنه ثابت في الأداء الاقتصادي المغربي مقارنة بسنوات سابقة اتسمت بصدمة تضخمية واضطرابات مناخية أثرت على الإنتاج الفلاحي.
كما أشار التقرير إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تضم المغرب إلى جانب الجزائر ومصر وتونس ودول مجلس التعاون الخليجي، مرشحة لتسجيل نمو اقتصادي إجمالي ينتقل من 3.9 بالمائة سنة 2025 إلى 4.1 بالمائة سنة 2026، مدفوعاً بارتفاع إنتاج النفط في دول الخليج، وباستمرار النشاط غير النفطي، وتحسن الطلب الداخلي، مع استفادة اقتصادات شمال إفريقيا من تحسن الشروط الخارجية وتراجع حدة التضخم، وهو ما يوفر بيئة أكثر استقراراً للنشاط الاقتصادي المحلي. ويربط التقرير تحسن آفاق النمو في المغرب بعدة عوامل داخلية، من بينها التعافي المرتقب للإنتاج المحلي، وتحسن الأداء الفلاحي بعد سنوات من الجفاف النسبي، إضافة إلى الاستفادة من دينامية التجارة الإقليمية، حيث يورد التقرير أن المغرب يُتوقع أن يستفيد من مكاسب الإنتاج الداخلي ومن تعافٍ فلاحي ينعكس إيجاباً على النمو وعلى التوازنات الاقتصادية، خاصة في سياق إقليمي يشهد توسعاً في أنشطة الخدمات واللوجستيك، وهو ما يعزز الطلب على المبادلات التجارية داخل المنطقة وخارجها. ويظهر المغرب في الرسوم البيانية المقارنة التي أدرجها التقرير ضمن مجموعة من الاقتصادات الإقليمية التي تشمل السعودية والإمارات وقطر وعُمان والكويت ومصر، حيث يبرز أن معدل النمو المتوقع للمغرب في سنة 2026، والمحدد في 4.8 بالمائة، يظل أدنى من بعض اقتصادات الخليج النفطية، لكنه يعكس في المقابل تحسناً ملحوظاً مقارنة بالسنوات السابقة، ويؤكد الاتجاه التصاعدي للنمو خلال أفق التوقعات إلى غاية 2027، عندما يرتقب أن يصل إلى 5.5 بالمائة. فيما يخص التضخم، أشار التقرير إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مرشحة لتسجيل استقرار نسبي في مستويات التضخم خلال سنة 2026، مع ارتفاع طفيف من 4.0 بالمائة سنة 2025 إلى 4.1 بالمائة سنة 2026 على المستوى الإقليمي، بينما تستفيد دول مثل المغرب ومصر من تراجع الضغوط التضخمية مقارنة بذروة السنوات السابقة، نتيجة تحسن الاستقرار النقدي وتراجع الصدمات السعرية، وهو ما يساهم في خلق بيئة أكثر قابلية للتنبؤ بالنسبة للمنتجين والمستثمرين. كما يتوقع أن يتراجع معدل النمو العالمي من 3.3 بالمائة سنة 2025 إلى 3.1 بالمائة سنة 2026، مع استمرار الضغوط المرتبطة بإعادة تشكيل سلاسل التوريد، وتصاعد التوترات التجارية، وارتفاع الرسوم الجمركية في بعض الاقتصادات الكبرى، غير أن التقرير يشير إلى أن اقتصادات ناشئة عدة، من بينها بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ستواصل تسجيل معدلات نمو تفوق المتوسط العالمي، مستفيدة من الطلب الداخلي ومن تحسن شروط التجارة لبعض القطاعات. كما يشير التقرير إلى أن التجارة الإقليمية في سنة 2026 ستتلقى دعماً من ارتفاع إنتاج النفط والغاز في المنطقة، ومن توسع أنشطة الخدمات والنقل واللوجستيك، وهو ما يخلق فرصاً غير مباشرة للاقتصاد المغربي، الذي يرتبط بعدة سلاسل قيمة إقليمية، ويعتمد جزئياً على دينامية الطلب الخارجي، خاصة في القطاعات المرتبطة بالإنتاج المحلي والفلاحي. أيضا، يضع التقرير المغرب ضمن فئة الاقتصادات التي يُتوقع أن تستفيد من تخفيف نسبي للسياسات النقدية على المستوى الإقليمي، حيث يشير إلى أن الظروف النقدية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مرشحة لأن تصبح أكثر مرونة خلال سنة 2026، بفعل تراجع التضخم واستقرار أسواق الصرف، خاصة في الاقتصادات التي عانت من اختلالات قوية خلال السنوات السابقة.