الصين تطلق قمرا صناعيا لرصد الكوارث الطبيعية    "الداخلية" توقف واليي مراكش آسفي وفاس مكناس    فريدة خينتي تطالب وزير الداخلية بإحداث سوق عصري نموذجي بجماعة بني أنصار    توقيف مشتبه به في سرقة عنيفة بالدار البيضاء    الأهلي يتعادل في افتتاح الموندياليتو    بنهاشم يثمن تحضيرات نادي الوداد    من حكيمي إلى بونو .. 31 أسداً مغربياً يشعلون ملاعب مونديال الأندية    ابتداءً من الإثنين .. موجة حر خانقة تجتاح المغرب    تبادل للقصف بين إسرائيل وإيران    16 دولة تدق ناقوس الخطر لمواجهة التغيرات المناخية على خلفية مؤتمر "كوب 30"    مديرية الدريوش تحتل الرتبة الرابعة في نتائج الباكالوريا بجهة الشرق بنسبة نجاح تجاوزت 91%    تواركة في نصف نهائي الكأس العرش    حرب الإبادة في غزة مستمرة.. إسرائيل قتلت 90 فلسطينيا خلال يومين أغلبهم من طالبي المساعدات    30 من نجوم كرة القدم المغاربة يشاركون في كأس العالم للأندية لكرة القدم بأمريكا    الدار البيضاء.. توقيف مشتبه في تورطه في سرقة بالعنف في الشارع    الولايات المتحدة تُعد قائمة حظر سفر جديدة تشمل 36 دولة بينها ثلاث دول عربية    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء تترأس حفل نهاية السنة الدراسية 2024-2025 لمؤسسة للا أسماء    تفكيك شبكة إجرامية تستغل نساء راغبات في الهجرة للاستيلاء على عشرات السيارات    أوزين ينتقد "جفاف الرؤى الحكومية" .. ويؤكد وحدة صف الحركة الشعبية        برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى رئيسة جمهورية الهند على إثر تحطم طائرة ركاب هندية بأحمد آباد    عمر الحريري وهبة بناني يتصدران نتائج الدورة العادية للبكالوريا    تكريم الفنانين أحمد حلمي ويونس ميكري في حفل افتتاح مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي    برشلونة يخوض مباراة ودية بالدار البيضاء في غشت المقبل    غوغل تُحوّل نتائج البحث إلى بودكاست صوتي باستخدام الذكاء الاصطناعي    تخصيص ميزانية 113 مليون درهم لتحديث وتأهيل مطار العروي    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الانخفاض    جيلان تتألق في "ها وليدي": ملحمة فنية مغربية تنبض بالحب والولاء للوطن.. المغرب لا يُغنى عنه، بل يُغنّى له    المغرب يحتفي باليوم الوطني للتبرع بالدم لتعزيز روح التضامن والإنقاذ    إسرائيل تواصل غاراتها على إيران ونتنياهو يقول إن "ضررا حقيقيا" لحق ببرنامج طهران النووي    تامر حسني يكشف تطورات الحالة الصحية لنجله    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى عاهل المملكة المتحدة بمناسبة عيد ميلاده    "صفعة للاستثمار وضربة لصورة المغرب".. نخرجو ليها ديريكت يكشف كواليس توقيف مشروع فندقي ضخم في قلب الدار البيضاء    إيران تعلن مقتل 3 علماء نوويين و 2 قادة عسكريين جدد        اجتماع وزاري لتفعيل التوجيهات الملكية حول إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية    مطالب للحكومة باتخاذ إجراءات ملموسة تحفز اندماج القطاع غير المهيكل بالاقتصاد الرسمي    إيران تقرر إغلاق الأجواء حتى إشعار آخر    حصيلة وفيات تحطم طائرة هندية ترتفع إلى 270 شخصا    لامين يامال يفجر "ضجة كبيرة" بشأن صفقة نيكو ويليامز    الطالبي العلمي يستقبل وفد المنتدى البرلماني الإفريقي لبحث قضايا الدفاع والخارجية    ريال مدريد يضم اللاعب الأرجنتيني ماستانتوونو    أجواء حارة في توقعات طقس السبت    مهنيو و فعاليات الصيد البحري بالجديدة يعترضون على مقترحات كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري    " التحول " معرض فردي للفنانة حياة قادري حسني برواق باب الرواح بالرباط        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    أسماء غنائية عربية تعتلي خشبة موازين في دورته العشرين    مهرجان حب الملوك بمدينة صفرو يتوج ملكة جمال حب الملوك    مُحَمَّدُ الشُّوبِي... ظِلُّكَ الْبَاقِي فِينَا    ما أحوجنا إلى أسمائنا الحقيقية، لا إلى الألقاب!    شهادات مرضى وأسرهم..    مشاكل الكبد .. أعراض حاضرة وعلاجات ممكنة    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    متحور ‬كورونا ‬الجديد ‬"NB.1.8.‬شديد ‬العدوى ‬والصحة ‬العالمية ‬تحذر    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور الجديد: غرابة الصياغة في "تَظلّ العربية.."
نشر في لكم يوم 13 - 07 - 2011

في إحدى حلقات النقاش التلفزيوني حول مشروع الدستور الجديد، كان متدخل ذو نظر قد أبدى ملاحظة ذات معنى: قال ما مفاده أن ثمة تناقضا صارخا بين بطء الانتقال الديمقراطي في المغرب والسرعة "الجنونية" (هذا النعت من عنديّاتي) التي طبعت الأيام والساعات الأخيرة قبيل تقديم الوثيقة الدستورية.
فعلا. فمن جهة، يستحق "مسلسلنا" الانتقالي لطوله أن يلقب ب"المكسيكي"، أي أن "الحلقة الأخيرة" منه لا أحد من عموم المتتبعين يعلم أوانها. يكفي أن نلاحظ مثلا أن الشباب الذين حصلوا قبل أيام على شهادة الباكالوريا كانوا، في السنة التي استقر المآل بعبد الرحمن اليوسفي في الوزارة الأولى بتواركة، لا يزالوا يَحْبُون.
ومن جهة ثانية، تم التضييق على عمل "آلية التتبع"، أولا بفرض المنهجية الشفوية في اجتماع قاعة الأكاديمية الماراطوني ليوم الثلاثاء 14 جوان، ثم ثانيا بمنح أعضائها سويعات معدودة للمشورة والردّ، بعدما لم يتم الإفراج عن المسوّدة إلا في وقت حرج.
لا أرمي هنا إلى التعليق على موضوع هذه العجلة غير المبررة وحيثياتها، فلكل أجندة صاحب، هو من يحدد الشروط والإكراهات، الأزمنة والأمكنة والقاعات ومساطر الاشتغال وهو الذي يقرر متى يَنسخ ويَطبع النص الكامل ومتى يكتفي بالدردشة حول "الخطوط العريضة". بل يهمّني التطرق إلى نقطة محددة متعلقة بإحدى فقرات الدستور الجديد، وبالضبط بصياغتها التي جاءت على شيء من الغرابة، متسائلا إن كان للتسرّع الذي سبق ذكره ضلع في ذلك.
جاء في الفصل الخامس من الدستور الجديد الجملة التالية: "تَظلّ العربية اللغة الرسمية للدولة."
يسترعي الانتباه هنا الفعل الناقص: "تظلّ". يبدو الأمر كما لو أن المؤسس الدستوري أراد التشديد على مكانة العربية، فلجأ إلى عبارة نوعا ما متوترة، تكاد تُشتَمّ منها رائحة التصعيد.
ولعل هذا الاختيار اللفظي يفهم أكثر حين نستحضر أسباب النزول. فلقد استمر الصراع بين دعاة دسترة الأمازيغية والمحافظين إلى آخر لحظة، حتى إنه تم التراجع، حسب الرواية المتوفرة، عن إدراج العربية والأمازيغية جنبا إلى جنب في "جملة واحدة"، حسب وصف عصيد ورفاقه، وذلك إرضاء للفاسي والخليفة وبنكيران والريسوني والحمداوي والآخرين.
غير أنّ "تظل" هذه التي أريد بها على الأرجح خدمة العربية والانتصار لها أتت في الواقع بنتائج عكسية. كيف ذلك؟
إن التعبير عن الهوية أيا كانت إما أن يتم بصيغة هادئة إثباتية، وإما فغير ذلك يجعله محط تساؤل وتشكيك. أن نقول: "تظل العربية اللغة الرسمية للدولة"، فمعنى ذلك أنه من قبيل الممكن ألا تظل كذلك. ثم إنَّ "تظلّ" تُدخل المسألة برمتها تحت طائلة الزمن، فيصير من المشروع التساؤل: تظل، أيْ نعم، ولكن إلى متى؟
ومعلوم لدى النفسانيين والمحللين أن أسلوب التشديد والإلحاح والتقوقع على الذات غالبا ما يشكل دليلا عكسيا على شخصية جزعة، مهتزة، فاقدة لإحساس الثقة والاستقرار.
تخيلوا معي مثلا أنّ بنتا تسألني في الشارع أو في القطار ما اسمك؟ فأجيبها بما يلي: "يظل اسمي عبد الهادي السعيد". ستفرّ ولا شك.
إذا كان المحافظون فعلا هم من "وسوس" لمعتصم بهذا العبارة، فما هي يا ترى بواعث القلق أو الخوف لديهم؟ هل يمكن الحديث في هذه الحالة عن فوبيا الأمازيعية، كما نتحدث عن فوبيا الحداثة والعلمانية؟
مهما يكن، فإنه من غير المعقول أن تحمل عبارات الدستور، الذي هو مبدئيا ملك لكل المواطنين، آثار وندوب معركة تم الزج بها إلى الكواليس في لحظات الوقت الضائع، على حساب النقاش العمومي المتكافئ والمستفيض.
في الختام، ومن باب حب الاستطلاع، أردت أن أجد تعبيرات مشابهة في بلدان أخرى. وإليكم النتيجة.
نقرأ في الدستور الفرنسي: "لغة الجمهورية هي الفرنسية."
وفي الإسباني: "القشتالية هي اللغة الاسبانية الرسمية للدولة (..)".
وفي الإعلان الدستوري المصري 2011 نقرأ بأن اللغة العربية هي لغة الدولة الرسمية.
وفي دستور جزر القمر: "اللغات الرسمية هي: لغة شيكومور الوطنية واللغة الفرنسية واللغة العربية."
لا أثر ل"تظل" ولا لأي من أخواتها. الصيغة الإثباتية ببساطتها وحيادها هي الغالبة في دساتير العالم.
ليست دسترة الأمازيغية كلغة رسمية سوى حلقة في مسار شاق وطويل. المؤمل إذاً في المستقبل القريب ألا تلقي "تظل" بظلالها على النقاش حول القوانين التنظيمية، أي ألا يغلب عليه طابع التشنج والأحادية والإقصاء والتبخيس سواء من هذا الطرف أو ذاك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.