اطلاق فعاليات الأبواب المفتوحة لفائدة الجالية المغربية بالخارج    الحجابة الملكية تسلم هبة للأمغاريين    ارتفاع طفيف لتداولات إغلاق البورصة    المغرب: انخفاض نفقات المقاصة إلى 6.5 مليار درهم حتى نهاية يوليوز الماضي    ذروة "شهب البرشاويات" تزين سماء المغرب في منتصف غشت الجاري    الناشط أسيدون في وضع صحي حرج    نهائيات "الشان" .. خروقات في مباراة المغرب وكينيا تغضب "الكاف"    السنغال تتعادل مع الكونغو في "الشان"    الجماهير تصوت على حكيمي وبونو    السياحة الجبلية تنعش الاقتصاد المحلي بإمليل    سجن عراقي يقلق عائلات في المغرب        إنقاذ مهاجرين غير نظاميين في البرتغال وسط إجراءات ترحيل صارمة    صحفي هولندي يرجح انتقال زياش إلى أياكس أو تفينتي        المغرب ضيف شرف الدورة ال 21 لمعرض بنما الدولي للكتاب    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    رحيل الفنانة التشكيلية المغربية نجوى الهيتمي عن عمر يناهز 46 سنة    احتجاجات متواصلة في المدن المغربية تنديدا باستهداف الصحافيين في غزة وتجويع القطاع    القنيطرة تحتفي بمغاربة العالم وشعارها: الرقمنة بوابة لتعزيز الروابط وخدمات القرب    مواقف ‬المغرب ‬الثابتة ‬التي ‬لا ‬تتزعزع ‬في ‬سياق ‬محيط ‬إقليمي ‬غير ‬مستقر    ابتسام لشكر أمام وكيل الملك بالرباط    رئيس كوريا الجنوبية والرئيس الأمريكي يعقدان قمة في 25 غشت    حكيمي وبونو... أيقونتان مغربيتان تقتربان من معانقة المجد الكروي العالمي    الرجاء الرياضي يعير لاعبيه أنور العلام وكريم أشقر إلى نادي رجاء بني ملال    ما ‬هكذا ‬تورد ‬الإبل ‬يا ‬حكام ‬قصر ‬المرادية ...‬    توقيف عدائين سابقين بعد تعنيف قائد خلال وقفة احتجاجية أمام مقر جامعة ألعاب القوى بالرباط    غلاء الخدمات السياحية وعزوف مغاربة الخارج عن قضاء عطلتهم بالمغرب يجر الحكومة للمساءلة البرلمانية    كرة القدم.. المدافع زابارني ينتقل إلى باريس سان جيرمان    المغرب يمد يد العون للبرتغال بطائرتي كنادير لمواجهة حرائق الغابات (فيديو)    مجلة "فوربس" تتوج رجل الأعمال المصري كامل أبو علي رائدا للاستثمار الفندقي في المغرب        ارتفاع أسعار النفط بعد تمديد الولايات المتحدة والصين هدنة الرسوم الجمركية    "شين أنتر" تختتم احتفالية بالجالية        الدوزي يلهب الحماس في "راب أفريكا"    الرباط تحتضن أولى نسخ "سهرة الجالية" احتفاءً بأبناء المهجر (صور)    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    وفاة السيناتور الكولومبي أوريبي.. الأمم المتحدة تجدد دعوتها لإجراء تحقيق "معمق"    الأحزاب والانتخابات: هل ستتحمل الهيآت السياسية مسؤوليتها في‮ ‬تطهير السياسة من المرشحين المشبوهين‮ ‬وتقديم الأطر النزيهة لمغرب المستقبل؟    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    كان يُدَّعى أنه يعاني من خلل عقلي.. فحوصات تؤكد سلامة الشخص الذي اعترض السيارات وألحق بها خسائر بطنجة ومتابعته في حالة اعتقال    مالي وبوركينا فاسو والنيجر توحد جيوشها ضد الإرهاب    بعد نشر الخبر.. التعرف على عائلة مسن صدمته دراجة نارية بطنجة والبحث جار عن السائق    سيرغي كيرينكو .. "تقنوقراطي هادئ وبارع" يحرك آلة السلطة الروسية    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    الدولة والطفولة والمستقبل    هل يمكن أن نأمل في حدوث تغيير سياسي حقيقي بعد استحقاقات 2026؟    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى السيد عصيد .. الثورات العربية متدينة بالفِطرة
نشر في لكم يوم 09 - 11 - 2011

كتب السيد أحمد عصيد مقالا نشر في عدة مواقع على الانترنيت تحت عنوان "هل تحلّ التجربة التونسية معضلة الإسلام السياسي؟ وقد أورد صاحب المقال في قراءته للثورات العربية عدة أفكار تنم إما عن جهل لما يجري ويدور في الساحة العربية من حراك شعبي وشبابي، أو أن السيد عصيد أراد بذلك القفز على الحقائق السياسية والتاريخية التي لا تروقه ولا تتماشى و تصوراته الفكرية وقناعاته السياسية. فالسيد عصيد ذهب إلى حد وصف النظام التونسي البائد بالديمقراطي حين قال في مقاله المذكور " لقد اعتمد حزب النهضة خطة ذكية عمادها أربعة عناصر، منها بعث رسائل تطمين إلى التونسيين بعدم المسّ بمكاسبهم الديمقراطية التي هي مكاسب نهائية لا رجعة فيها"، وأنا أتساءل مع الأستاذ عن أية مكاسب ديمقراطية يتحدث؟ في ظل نظام مستبد بحزبه (التجمع الدستوري الديمقراطي)، الذي كان يحكم البلاد بالتجسس وبالمحسوبية والتسلط، وحكمت عليه الثورة والعالم بعد ذلك بالانهيار والنهاية. ثم يا سيد عصيد، لو كانت هناك "مكاسب ديمقراطية نهائية" لما قامت الثورة التونسية أصلا ولمَا خرج الناس في سيدي بوزيد وباقي الجغرافيا التونسية للمناداة بالحرية والديمقراطية والمساواة، وهو القائل في موقع آخر من مقاله السالف الذكر " إنه صوت الشارع الذي لا هوية له غير الديمقراطية، فمطالب الحرية والعدل والمساواة كانت في الواجهة، إطارا يضم جميع الحساسيات والأصوات المختلفة مرجعياتها وخطاباتها وأهدافها، إنه طوفان شعبي لا يتنازل عن حقه المبدئي في تقرير مصيره وصنع تاريخه بيديه ". إنه التناقض بعينه بين من ينادي بالديمقراطية ويخاف في ذات الوقت بالمساس بالمكاسب الديمقراطية.
ويضيف الكاتب متسائلا: "لكن هل يعني هذا أنّ الإسلاميين لم يعودوا مصدر خوف أو تهديد للديمقراطية وقيمها؟" ونتساءل بدورنا معه، متى كانت الحساسيات الفكرية الأخرى مصدر ارتياح للديمقراطية أو مطبقة لها بحذافرها أو فقط لجزء يسير منها؟ ونقصد هنا النخب العلمانية والقومية، ألم تتواطئ هذه الأخيرة مع نظام بن علي وباقي الأنظمة البائدة في سلب حرية الناس، وإجبارهم على السير في نمط اجتماعي وثقافي مستورد بعيد كل البعد عن الثقافة والبيئة التونسية المتشبعة بتربتها المتدينة؟ فقد كانت تونس بن علي إلى وقت قريب بالنسبة لعدد من المفكرين، من أمثال عصيد، النموذج الأمثل للعلمانية العربية، لكنها لم تترك للناس سوى ازدواجية الهوية، والخراب الفكري، والصراع العقدي بين الأصل الأصيل والوافد الغريب، فكانت الثورات ولا تزال خير مخلِّص للشعوب من التبعية العمياء لفكر ولحضارة مستوردة.
ولماذا التخوف من حكم الاسلاميين ماداموا لم يظهروا أية نوايا سيئة تجاه مصالح الناس وممتلكاتهم؟، ولماذا يتم إسداء النصح للإسلاميين مادام التخوف من صعودهم مسألة مبدئية في نظر الأستاذ عصيد. ويسرد كذلك قائلا: "علينا أولا أن نبحث في مدى استعداد الإسلاميين لتقبل النموذج التونسي"، إن مثل هذا الكلام ينم عن انهزام فكري، وهروب إلى الأمام، فالأولى التساؤل حول مدى استعداد النخب العلمانية لتقبل وصول الأحزاب ذات التوجه الاسلامي إلى الحكم. إنه اعتراف ضمني بانهزام العلمانية المزعومة في تونس، فقد حكم عليها الشعب بالموت حينما بوأ حزب النهضة الصف الأول معلنا بذلك رفضه لكل انسلاخ عن هويته ودينه وثقافته.
ويضيف عصيد قائلا: "فالنجاح الذي حققه حزب النهضة لم يكن قط بسبب شعارات الإسلاميين المعهودة، بل على العكس من ذلك، كان خطابا تطمينيا يتبرأ من تهمة تهديد المكاسب العلمانية، كالمساواة بين الرجال والنساء وحرية اللباس وحرية التفكير والتعبير والمعتقد، وهي الحقوق التي كان نظام بنعلي يخرق بعضها، لكنها مكاسب راسخة في ديمقراطيات العالم، التي هي كلها ديمقراطيات علمانية"، ونتساءل هل الديمقراطية في نظر الأستاذ عصيد تُختزل فقط في حرية اللباس؟ ولا ضير - في نظره- إذا كان النظام فاسدا شرط أن يحترم حرية اللباس والمعتقد؟ إن الديمقراطية كلٌّ لا يتجزأ، فإما أن تقبل بها كلية أو تتركها كلية.
فالحركة الإسلامية في تونس قامت بمراجعات في الفكر والمنهج أفضت إلى جملة من التوجهات تقوم على تأصيل الحرية والديموقراطية كمدخل لإصلاح المجتمع، مدخل يرسي أساس المواطنة في الدولة، ومشروع الحركة السياسية هو مشروع مجتمع مدني يقوم على التعددية السياسية والثقافية والانتصار للفئات الضعيفة.
علماء الاسلام والثورات العربية
ظل التخويف من الإسلاميين السياسيين، معتدليهم ومتطرفيهم، الشغل الشاغل عند بعض الشخصيات العلمانية، وهمْ بذلك يتقاطعون في هذا الأمر مع بعض الأنظمة العربية الساقطة أو السائرة في طريق السقوط، لكن شاءت الأقدار الإلهية أن يكون الإسلام رائد الثورات العربية ويكون بذلك قيادييوه وزعماءه أكثر الدعاة نشاطا هذه الأيام على الساحة العربية، وقد ظهر ذلك من خلال عناوين الجُمَع المتوالية والتي طغى عليها الطابع الديني الإسلامي، في مصر وليبيا واليمن وسوريا ...، أو من خلال توجيهات بعض الدعاة الذين يُشهد لهم بالاستقلالية في الفكر والقرار، ممثلين في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، من أمثال الدكتور يوسف القرضاوي الذي حل شخصيا بميدان التحرير وآزر ثوار القاهرة، فكانت الثورة المصرية سببا في دخوله مصر بعد سنوات من المنع، أما الدكتور محمد علي الصلابي القيادي في إخوان ليبيا والمقيم بقطر فقد حاول توجيه الثورة الليبية حتى لا تسرقها أيادي خفية ظلت تتحين الفرصة لذلك، وقد قال في مقابلة مع "الجزيرة.نت": "لن يسمح الليبيون لأحد بعد اليوم بأن يتكالب على ثروتهم، أو يطمس هويتهم، أو يحاربهم في دينهم". أما الدكتور أحمد الريسوني فقد كتب سلسلة مقالات عن الثورات العربية نأخد مقتطفات من بعضها. ففي إحدى حواراته قال الريسوني تعليقا على حضور العلماء في الثورات العربية "حينما دخلوا وبرزوا (أي العلماء) سواء في مصر بالدرجة الأولى أو في اليمن أو في سوريا، هذه الوجوه العلمية لها تأثير كبير، وحضورهم زاد الناس حماسة وزادهم ثقة، وزاد الشباب اندفاعا لأن الناس، وخاصة، إذا كان الناس ممن يقيسون الأمور بمقياس ديني وشرعي، عندما يرون هؤلاء العلماء يحسم الأمر عندهم: أن هذا جائز أو أن هذا واجب، أو أن هذا ليس حراما.." وزاد على ذلك قائلا: " فإذن دخول هؤلاء العلماء بأي شكل: ببياناتهم، بفتاواهم، بحضورهم في الميدان له تأثير كبير، ويعد زادا، ويعد شهادة بالمشروعية وهذا هو الأهم. فموقف العام قد لا يكون ميدانيا وعمليا ذا شأن كبير، لكن قيمته المعنوية في إضفاء الشرعية والطابع الديني على التحرك، وأنه سديد وأنه مقبول شرعا.. هذا له تأثير كبير".
و تجدر الاشارة إلى أن هذه الثورات ظلت ثورات شعوب بامتياز، غير أنها استطاعت لمَّ شمل كل الحساسيات الدينية والعقائدية والفكرية والسياسية ... لكن ظل الحس الاسلامي البوصلة التي توجهها بحكم أنها تقع في بلدان اسلامية بشعوبها وبتاريخها العريق.
صعود الاسلاميين ... تحصيل حاصل
أما في تونس، فقد أشرنا في مقال سابق تحت عنوان "النهضة التونسية .. من الصحوة إلى الحكم"، إلى أن صعود الإسلاميين ممثلين في حركة النهضة نتاج عمل سنوات من المنفى والاضطهاد، فقد ضاقت حركة النهضة وقياديوها الويلات في ظل نظامي بورقيبة وبن علي. فلعنة النظام لاحقت راشد الغنوشي ورفاقه حتى بعد الإطاحة الهادئة بحكم الرئيس الحبيب بورقيبة، وعلى الرغم من أنّ راشد الغنوشي بارك حكم الرئيس الجديد زين العابدين بن علي وأعتبر نظامه تجديديّا وضروريا لنهضة تونس وبناء الديموقراطية، إلاّ أنّه جرى اعتقاله مجددا في عهده. ففي18 يوليوز 1981 ألقت السلطات التونسية القبض على قيادات الحركة ليقدموا في شهر شتنبر للمحاكمة بتهم الانتماء إلى جمعية غير مرخص لها، والنيل من كرامة رئيس الجمهورية‏، ونشر أنباء كاذبة، وتوزيع منشورات معادية. وقد حكم على الغنوشي بالسجن لعشر سنوات ولم يفرج عنه إلا في غشت 1984. وشهدت منتصف الثمانينات صعودا جديدا للحركة وتناميا للصدامات مع السلطة. وصلت أوجها سنة 1987 و الحكم على الغنوشي بالأشغال الشاقة مدى الحياة، واتهام الحكومة للحركة بالتورط في التفجيرات التي إستهدفت 4 فنادق في الساحل التونسي، ولم يفرج عنه إلى يوم 15 ماي 1988.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.