بتنسيق مع "الديستي" و"الأنتربول".. أمن مراكش يطيح بمواطن فرنسي مبحوث عنه دوليًا    في انتظار نتائج تحقيق في حادثة "تسمم" تيزنيت يَفتح ملف السلامة الصحية بالداخليات ومدى التزام الشركات بذفتر التحملات.    مطارات المملكة تتزين بألوان كأس أمم إفريقيا 2025 توتال إنيرجيز    الارتقاء بالهيكلة التنظيمية لمطار الرباط-سلا من مفوضية خاصة إلى منطقة أمنية    السكوري: البطالة في تراجع .. وبرنامج التدرج المهني يدمج شباب العالم القروي    برمجة 5 ملايين هكتار للزراعات الخريفية    كوريا والولايات المتحدة تعززان تعاونهما في مجال الأمن السيبراني    الحسيمة.. غرفة الجنايات تدين 6 قاصرين على خلفية أحداث إمزورن    جنوب إفريقيا تحقق في ملابسات وصول "غامض" ل 153 فلسطينيا وتحذر من أجندة لتطهير غزة    عودة كابوس الخطف بنيجيريا .. 25 تلميذة في قبضة مسلحين    دار الشعر بمراكش .. الموسم التاسع لورشات الكتابة الشعرية للأطفال واليافعين    بوانو يجدد مطالبته في البرلمان بإحداث لجنة لتقصي الحقائق حول صفقات الأدوية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    بعد إدانتهم ابتدائيا.. استئنافية الرباط تؤجل محاكمة 13 مناهضا للتطبيع وسط مطالب بتبرئتهم    سجلماسة.. مدينة ذهبية تعود إلى الواجهة رغم لغز أطلالها الصحراوية    الهيئة المغربية لسوق الرساميل تعيد هيكلة مجلسها التأديبي    مرصد يطالب بفتح تحقيق في زيادات مفاجئة طالت أسعار أدوية أساسية    عبد الله وزان جاهز لمباراة مالي غدا في ثمن نهائي كأس العالم لأقل من 17 سنة    سباق جهوي في رياضة الدراجات الهوائية بجرسيف    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الموقع الهولندي المتخصص "فوتبولزون": المغرب "يهيمن" على القوائم النهائية للمرشحين ل"جوائز كاف 2025″    الجيش الملكي يعلن استقبال الأهلي المصري بملعب مولاي الحسن    انعقاد مجلس للحكومة الخميس المقبل    التنقل النظيف.. تعبئة أزيد من 78 مليار درهم بالمغرب في أفق 2029    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يقدم تجارب سينمائية آسرة لجميع أفراد العائلة    بنكيران يتقدم باعتذار لمدينة بركان    "الماط" ينفرد بالصدارة على حساب رجاء بني ملال وشباب المحمدية يواصل نزيف النقاط    إعلام عبري: شركة إسرائيلية تفتح مصنعا لإنتاج الطائرات الانتحارية المسيرة في المغرب    خبير: قدرة المغرب على التوازن الاقتصادي تكمن بإدارة الأزمات وسرعة الاستجابة للصدمات الخارجية    حركة ضمير تدعو إلى نموذج سياسي جديد يعيد الثقة للمغاربة    انعقاد ‬الدورة ‬العادية ‬الثالثة ‬للمجلس ‬الوطني ‬لحزب ‬الاستقلال    دعم الحبوب… "أرباب المخابز": تصريحات لقجع "غير دقيقة ومجانبة للصواب"    قطاع الفلاحة يتصدر جلسة مسائلة الحكومة بمجلس النواب ب13 سؤالاً    قضاء بنغلادش يحكم بالإعدام على رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة    استغلال جنسي لشابة في وضعية إعاقة نتج عنه حمل .. هيئة تطالب بفتح تحقيق مستعجل وإرساء منظومة حماية    انهيار أرضي يحطم حافلة ويخلف قتلى في فيتنام    الأعياد ‬المجيدة ‬تنبعث ‬في ‬الصيغة ‬الجديدة    عائشة البصري تكتب: القرار 2797 يعيد رسم معالم نزاع الصحراء.. وتأخر نشره يزيد الغموض المحيط بصياغته    أكادير تحتضن المعرض الدولي للتصوير الفوتوغرافي    الإذاعة والتلفزة تُقرّب الجيل الصاعد من كواليس عملها في التغطية الإخبارية للأحداث الكبرى    تصفيات مونديال 2026.. الكونغو الديموقراطية تعبر إلى الملحق العالمي بعد التفوق على نيجيريا بركلات الترجيح (4-3)    إرسموكن : "بصحة جيدة وقميص جديد"… أملال إرسموكن لكرة القدم يُطلق موسمه ببادرة مزدوجة    الطالبي العلمي يترأس الوفد البرلماني في أشغال المؤتمر 47 والدورة 84 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي    "جمهورية نفيديا".. سباق التسلّح التكنولوجي يبدّد وهم السيادة الرقمية    تشكيلنا المغربي..    التواصل في الفضاء العمومي    العرب في معرض فرانكفورت    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكوميديا الرمضانية في زمن الكورونا
نشر في العرائش أنفو يوم 08 - 05 - 2020

من خلال متابعتنا للدراما فى سوقها المزدحمة على مستوى التليفزيون في شهر رمضان الذي زادت جائحة الكورونا19 إقبالا عليه، كانت الملاحظة الجديرة بالاهتمام هى ندرة النجم الكوميدى و العمل الكوميدي، سواء كان على مستوى الكتابة، أو على مستوى التمثيل أو الإخراج، وتلك كارثة درامية يجب الالتفات إليها، و بطبيعة الحال هناك فارق كبير بين الضحك والكوميديا، فالضحك غريزة إنسانية فطر عليها الإنسان، نتاج تفاعلات كيميائة فيزيائية، لكن ما يعرض على شاشات التلفزة في مجمله لا يتجاوز التهريج و في أحسن الحالات الضحك، عبر تقديم أبطال هم أبعد ما يكونون عن الفن لكن بقدرة قادر أصبحوا للأسف رموزا للكوميديا. و المتتبع لمختلف الإنتاجات التلفزية المعروضة في مجال كوميديا الموقف/السيتكومات، لا يمكن أن يفوته أن يدرك طابع الهواية الذي يطبع هذه الإنتاجات، ولا يمكن أن يخفي امتعاضه من الابتذال المخل الذي يطبع حواراتها ومواضيعها أحيانا، أو طريقة معالجتها في حال نجحت في انتقاء مواضيع ذات أهمية. وبمتابعة بعض النماذج المعروضة على القنوات المغربية العربية خاصة في شهر رمضان حيث يتربص الناس أمام شاشات التلفزة بعد ملأ بطونهم التي ظلت فارغة طيلة اليوم، يمكن أن يلاحظ أن التركيز يكون على الفكاهة و الرغبة في انتزاع الضحكة عنوة من المشاهدين، على حساب المضامين وأشكال معالجتها فنيا، فيغيب الأثر والإنطباع الذي من أجله يمضي المتلقي ما يزيد عن 30 ديقية أمام الشاشة.
إذن ما هي أسس الكوميديا الهادفة؟ و متى ظهرت الكوميديا أو بصيغة أخرى ما تاريخ الكوميديا؟
يحاول أرسطو أن يجيب عن بداية الكوميديا بالقول بأن مراحل تطورها غامضة ومجهولة لعدم الاهتمام بها منذ البدء، وأن الأرخون Archon لم يؤلف الجوقة الكوميدية في أثينا إلا في وقت متأخر ” ربما عام 486 ق.م ” و كان أفراد الجوقة من المتطوعين الهواة، ومنذ ذلك الحين اتخذت الكوميديا الشكل الفني الذي وضعه لها الكتاب المسرحيون . هؤلاء الكتاب هم الذين ابتكروا للكوميديا أقنعتها ومقدماتها و العدد الكبير من الممثلين . و أول من صاغ الموضوعات بالكوميديا في البناء الدرامي كان الشاعر الصقلي ” إبيخارموس ” و الشاعر فورميس ” Phormis ” ، حيث إن الكوميديا وفدت من صقلية ، و في أثينا كان أول كتابها “كراتيس ” Krates ” الذي هجر الطابع الهجائي المقذع وارتقي بموضوعات الكوميديا . و من أهم كتاب الكوميديا الذين ظهروا قبل أريستوفانيس نذكر كراتينوس و براتيناس و فيريكراتيس و يوبوليس و غيرهم. و في كتابه “فن الشعر” يرى أرسطو الكوميديا عبر التراجيديا، فلكي نضحك لا بد أن يكون السبب غماً، لذلك اعتبر أن الكوميديا و الضحك نوع من التطهير الذاتي، و صار الضحك مع فرويد بمثابة إطلاق للطاقة النفسية المكبوتة، بمعنى أن الضحك يخلصنا من المشاعر المكبوتة و الناجمة عن مواقف مؤلمة مررنا و نمر بها في حياتنا. بينما المدرسة التطورية في الأنتروبولوجيا ترجع الضحك إلى سلوك من سلوكات أسلافنا الأوائل و يسمونه “كشف الأسنان”، و هو نوع من إظهار الطاعة و الخضوع لمن هم أعلى شأنا منا، بمعنى أسلافنا كانوا يبتسمون تملقا لرؤسائهم و ورثنا التملق عنهم. في حين يرى الكوميدي الاسترالي جون فورهاوس أن الكوميديا هي الحقيقة ممزوجة بالألم، بمعنى ما يضحكنا هو هروبنا من ألم الحقيقة “كثرة الهم تُضْحِك” على حد تعبير المثل المغربي، إذن العمل الكوميدي سواء كان مسرحية أو فيلما أو سيتكوم أو مسلسل يحتاج إلى نص كوميدي. فهل لدينا كتاب الكوميديا القادرين على تحويل ألم الواقع و حقيقته إلى مواقف مضحكة؟
تعود الكتابة الكوميدية إلى عهد الإغريق الذين كان لهم السبق في وضع قواعدها عبر أريستوفان و ميناندز و قد نشأت في أثينا من خلال الإحتفالات بأعياد إله الخصب و النماء و الخمر و اللهو ديونيزيوس أو باخوس. لكن هل لدى العرب تاريخ كوميدي؟ أو بالأحرى هل هناك كوميديا عربية؟ طبعا نجد ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻜﻠﻡ ﻋﻥ ﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺴﻤﺎﺕ ﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺔ ﻤﺜل ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺒﺨﻼﺀ ﻟﻠﺠﺎﺤﻅ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻔﻅ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﻨﻭﺍﺩﺭ ﺍﻟﺒﺨﻼﺀ ﻭﻜﺘﺏ ﺍﻟﺤﻤﻘﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻔﻅ ﻨﻭﺍﺩﺭ ﺍﻟﺤﻤﻘﻰ ﻭﺍﻟﻤﺎﺠﻨﻴﻥ ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ و كلها ﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻨﻤﻁﻴﺔ ﺘﻭﻟﺩ ﺍﻟﺴﺨﺭﻴﺔ ﻭﺘﺠﻌﻠﻨﺎ ﻨﻀﺤﻙ ﻤﻨﻬﺎ ﻭمعها ﻭﺒﺎﻟﻁﺒﻊ، لن ننسنى أشعب الطفيلي أو جحا ملك الحمق و الحكمة في نفس الوقت، أو مقامات الزمن الهمداني. و ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﻘﺼﺹ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭﺓ للأرجنتيني ﻟﺒﻭﺭﺨيس ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ “بحث عن ﺍﻟﻤﺠﻨﻭﻥ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻭﻑ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ابن رشد” أوضح ﻜﻴﻑ ﻜﺎﻥ ابن رشد ﻤﺸﻐﻭﻻﹰ ﺒﺘﺭﺠﻤﺔ ﺃﻋﻤﺎل ﺃﺭﺴﻁﻭ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﻭﻗﻔﺘﻪ ﻜﻠﻤﺘﺎ ” ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴا ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺠﻴﺩﻴﺎ ” و ﻜﺎﻥ ﺜﻤﺔ ﺃﻁﻔﺎل ﻴﻠﻌﺒﻭﻥ ﺘﺤﺕ ﻨﺎﻓﺫﺘﻪ تمثيلية الوزراء و الأمراء و كان ضوضاء لعبهم يتعالى إليه مشوشا تفكيره فعجز عن ترجمة الكلمتين، و ركهما على حالهما. إذن ﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺔ ﻭﺃﺨﺭﻯ ﻏﻴﺭ ﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺔ؟ ﻭﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻭﻗﻑ ﻏﻴﺭ ﻜﻭﻤﻴﺩﻱ ﻭﺁﺨﺭ ﻜﻭﻤﻴﺩﻱ؟ ﻭﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻻ ﺘﺼﻠﺢ ﺇﻁﻼﻗﺎ ﻟﻌﻤل ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ؟ ﻭﻫل ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ ﺨﻔﻴﻑ ﺍﻟﻅل ﻭﻤﺭﺤﺎﹰ؟ ﺃﻋﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺩﻭ ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﺒﺩﻴﻬﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻜﺫﻟﻙ، ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ ﺒل ﻭﺒﻌﻀﻬﺎ ﺨﺎﻁﺊ ﻤﻥ ﺃﺴﺎﺴﻪ لأن اﻓﺘﺭﺍﺽ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺔ ﻟﻥ ﻴﺨﻠﻕ ﻋﻤﻼﹰ ﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎﹰ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺴﻴﺨﻠﻕ ﺘﻜﺭﺍﺭﺍﹰ ﻨﻤﻁﻴﺎﹰمضحكا.
ل ا شك أن العنصر الغريب يصنع الكوميديا يقول أسامة القفاش في كتابه “فن الكتابة الكوميدية” الذي يعرض فيه أسس الكتابة الكوميدية، حيث أن ﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ يجب ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻨﻅﻤﺎﹰ ﻴﻌﺭﻑ ﻜﻴﻑ ﻴﺼﻨﻊ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻡ ﺘﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ. ﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ ﺼﻴﺎﺩ، ﺇﻨﻪ ﻴﻘﺘﻨﺹ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺫﺍﺕ ﺍﻹﻤﻜﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺔ من واقع الناس، ﻴﺼﻁﺎﺩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﻟﺩ ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ ﻭﺘﻔﺠﺭ ﺍﻟﻀحك ،إنها آﻟﻴﺔ تحبس ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻤﻠﺔ ﺒﺎﻟﺨﺼﺎﺌﺹ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌﻠﻨﺎ ﻨﻀﺤﻙ ﻓﻲ ﺫﺍﻜﺭﺘﻪ ﻭﻤﺨﻴﻠﺘﻪ ﻭﻴﺨﺭﺠﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﻗﺘﻬﺎ. ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ ﻫﻲ “ﺍﻟﺘﺸﺎﺒﻪ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻑ ﻭﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺘﺸﺎبه” كما ﺘﻘﻭل ﺍﻟﻜﺎﺘﺒﺔ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻤﺩﺍﻡ ﺩﻱ ﺴﺘﺎل. و يرى ﺒﻌﺽ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺃﻥ ﺍﻟﻀﺤﻙ ﻴﺄﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺍﺤل ، ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻫﻲ ﺍﻟﺫﻫﻭل ﻭﺍﻟﺘﺨﺒﻁ ، و ﺍﻟﺨﻠﻁ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻻﻨﺴﺠﺎﻡ ﻫﻨﺎ تكون ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﺫﻫﻥ ﺍﻟﻤﺘﻔﺭﺝ بنوع من الإندهاش قائلا: ﻤﺎ ﻫﺫﺍ؟ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻫﻲ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﻬﻡ و استيعاب الموقف بكل تشعباته و تشابكه، ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻫﻲ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﺍﻟﻜﺎﻤل ﻟﺴﺒﺏ ﻭﻫﻜﺫﺍ يأتي ﺍﻟﻀﺤﻙ ﻤﻤﺎ ﻴﺴﻤﻴﻪ اسامة القفاش، من ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ لتحقيق اﻟﺫﻫﻭل ﺜﻡ ﺍﻹﺩﺭﺍك. لذلك يجب أن ﺘﺤﺘﻭﻱ ﻜل ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼﺭ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺄﺓ. و هنا ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻹﻴﺭﻟﻨﺩﻱ ﺍﻟﺴﺎﺨﺭ ﺠﻭﺭﺝ ﺒﺭﻨﺎﺭﺩ ﺸﻭ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺇﺤﺩﻯ ﺸﺨﺼﻴﺎﺘﻪ ﻓﻲ ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ” العودة إلى متوشالح”
” ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻀﺤﻙ ﻤﻥ ﺸﻲﺀ ﻤﺎ إﺒْﺤَثْ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴقة ﺍﻟﻜﺎﻤﻨﺔ فيه” ﺍﻟﻨﻜﺘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺘﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺨﻴﻁ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘيقة ﻭﺘﺩﻕ ﻋﻠﻰ ﻭﺘﺭ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺴﺎﻤﻌﻴﻥ ﻫﻲ ﻨﻜﺘﺔ ﻨﺎﺠﺤﺔ. ﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ﻫﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻴﻀﺨﻡ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻴﻭﻤﻴﺔ ﻭﻴﻀﻌﻬﺎ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻤﺠﻬﺭ ﻓﻨﺭﻯ ﺍﻟﻌﻴﻭﺏ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﻭﻨﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﻭﻨﺩﺭﻜﻬا. و يعتبر ﺴﻴﺠﻤﻭﻨﺩ ﻓﺭﻭﻴﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻜﺘﺔ ﻭﺴﻴﻠﺘﻨﺎ ﻟﺘﻔﺭﻴﻎ ﺍﻟﻨنوازع العدوانية المكبوتة عندنا، فعندما ﻨﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻨﻬﺎﺠﻡ ﻗﺎﺩﺓ ﺴﻴﺎﺴﻴين ﻨﻀﻊ ﻨﻜﺘﺔ ، وعندما ﻨﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻨﻬﺎﺠﻡ ﺤﻤﻭﺍﺘﻨﺎ ﻨﻀﻊ ﻨﻜﺘﺔ، و أيضا عندما نريد أن نهاجم رجال دين نضع نكتة ، ﺇﻨﻨﺎ ﻨﻬﺎﺠﻡ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻴﺨﻠﻕ ﺘﻭﺘﺭﺍﹰ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ، بحيث أن المهاجِم يضحك و المُهَاجَم ينجو. و كذلك من بين سمات الكوميديا الإيجاز لذلك يقول ﺸﻜﺴﺒﻴﺭ : “الإيجاز هو روح الكوميديا” إذن الكوميديا تقوم على هذا التسلسل في ﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﻭﺘﺭ ﺜﻡ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻭﺘﺭ ﺜﻡ ﺇﻁﻼﻕ ﺍﻟﺘﻭﺘﺭ ﻓﻲ ﺸﻜل ﻀﺤﻙ.
و ﺘﻘﺴﻡ ﺠﻴﻨﻲ ﺭﻭﺵ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻬﺎ ” ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩية ” ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:
1- اﻟﻨﻜﺎﺕ ﺍﻟﻠﻔﻅﻴﺔ ﺍﻟﺴﺭﻴﻌﺔ
2 السكيتشات
3 الكتابة للراديو
4كوميديا الموقف
5 المسرح الكوميدي
6 كوميديا الشخصية
7 الكرتون و القصص المصورة
و هناك من أضاف الفيلم الكوميدي
لكن ما هو موضوع الكوميديا؟ لا شك أن الموضوع الأثير للكوميديا هو ما يدخل تحت يافطة الثالوث المحرم (الدين و السياسة و الجنس) باعتبارها موضوعات ممنوع الخوض فيها، أو على الأقل تحيط بها خطوط حمراء ينصح بعدم تجاوزها خصوصا في مجتمعات الإستبداد. إذن ماذا بقي للكاتب الكوميدي من مواضيع إذا مُنِع من الإقتراب من هذه القضايا؟ اﻟﻤﻭﻀﻭﻉ المتبقى ﻫﻭ انتقاد الظواهر الإجتماعية و السياسية و ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻐل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﻤﻌﻴﻥ و ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻥ ﻤﻌﻴﻥ. و أن تتميز بالإﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﺯﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ أي ﺃﻨﻪ ﻴﺸﻐل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﺍﺭ ﻋﻘﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﺘﻘﺭيبا و لم يتغير، طبعا لن تجد أكثر من معاناتهم مع البطالة و الغلاء و نفاق السياسيين و النصب عليهم و خداعهم و مصادرة حرياتهم و التضييق عليهم في معيشهم اليومي، لكن في بلد إعلامه مصادر و إبداعه محاصر أيضا لا يمكن أن تشاهد مثل هذه الكوميديا، و بالتالي أنجح الكتاب هو من يحاول الإلتفاف و اللجوء إلى الترميز لإيصال رسالته.
وعلى سبيل الختم أقول لابد من توفر ضوابط للكتابة الكوميدية قبل البحث عن من يؤدي الأدوار، لأنه ليس الممثل من يجعل الموقف كوميديا بقدر ما أن النص يشكل أحد الأعمدة الأساسية للكوميديا، فمهما كان الممثل محترفا و متخصصا في فن الكوميديا إذا لم يكن النص كوميديا فلن يبدو سوى مجرد مهرج لا أقل و لا أكثر، لذلك تحتاج الكتابة الكوميدية إلى قواعد تنطلق من الخصائص التالية:.
1- الواقعية: أي قدرة الكوميدي على محاكاة معطياة الواقع في بعديه المكاني و الزماني و التعبير عنه بشكل مكثف.
2 – المعايشة: بمعنى نقل نبضات المجتعات الإنسانية من خلال معيشها اليومي في تفاعلاته بأسلوب عيشها اليومي و نمط تفكيرها.
3 – القصدية: اي تحديد المقاصد من العمل الكوميدي، خصوصا و نحن نعرف أن العمل الفني لا يكتفي بالتسلل إلى وجدان المتلقي و اختراقه فقط، بل يعمل على احتوائه و التحكم فيه و إعادة تشكيل عواطفه و اهتماماته.
4 – الإرتقاء بالذوق الجمالي: من المؤكد أن الذوق الجمالي لا يمكن تنميطه لأنه يتباين باختلاف ثقافة المتلقين ومزاجهم وأوضاعهم النفسية والاجتماعية، وكوميديا الموقف/السيتكوم على غرار المسرح والسينما، تجميع لفنون أخرى كالموسيقى والشعر والفن التشكيلي وغيرها من الأنماط التعبيرية التي يتوسل بها لدعم عرض المواقف وضمان أقصى درجات التفاعل والتأثير النفسي. وتطوير الذوق الجمالي والارتقاء به يمر عبر انتقاء واع للصور وللقطع الموسيقية وكلماتها، و هذا الوعي لا يمكن أن يتشكل دون الاستناد إلى مبادئ علم الجمال، وإلى السيميوطيقا وعلم الاجتماع الجمالي، لأن اعتباطية الانتقاء أو الاستناد إلى الذوق الفردي كما هو حاصل مع كتابنا و مخرجونا بدرجات متفاوتة طبعا، سيفضي حتما إلى رداءة العمل الفني، رداءة تعكسها سماجة العرض وتخلف المضمون و السقوط في التهريج و التضحيك عوض الضحك. لأن المتلقي في حاجة دائمة إلى استثارة وعيه بالجمال وتحفيزه، وهي حاجة نوعية لن تتحقق دون استهداف مشاعره من خلال مؤثرات جمالية تجعله يدرك تجليات الجمال في هويته وحضارته وثقافته ويحافظ عليها، وتعزز كفاءته في تمييز مظاهر السلبية وتفادي استهلاكها.
وهي أشياء لا يمكن تكوينها وبلورتها خارج واقع المتلقين الثقافي والاجتماعي، وعليه فإن استدعاء فنون أخرى وتوظيفها ينبغي أن يكون بالشكل وبالقدر الذي يضمن المشاركة الجمالية والتذوق الجمالي من قبل فئات مجتمعية مختلفة، بل وبالكيفية التي توجه عنايتهم إلى هذه الفنون وتجعلهم ينفتحون عليها.
الترفيه: و هي أهم الأهداف التي وجدت من أجلها الكوميديا، بما تخلقه في النفس البشرية من ترويح و تنفيس عن مصاعب الحياة اليومية.
و مصداقية هذا القول كامنة في كون المنتوج المعروض على شاشاتنا يتم تمويله من الميزانيات العامة المشكلة في جزء كبير منها من جيوب الناس عبر الضرائب المباشرة و غير المباشرة.
و كل حجر و أنتم ضاحكون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.