الحضري يتوقع نهائي المغرب ومصر    المغرب في المهرجانات العالمية    وفاة سيدة دهساً بسيارة في طريق أحرارين بطنجة    حضور مُستشارَيْن فقط في أشغال لجنة المرافق بجماعة تطوان.. هل مصير الدورة الاستثنائية على كف عفريت؟    جلالة الملك محمد السادس يدشن ويزور مشاريع كبرى بالعاصمة الاقتصادية للمملكة    اتحاد طنجة يكشف مجموع مداخيله من مقابلتي حسنية أكادير وأولمبيك آسفي    تقرير: 68% من المغاربة يشعرون بالأمان عند السير ليلا    إسرائيل تكثف قصف غزة بالدبابات والطائرات وسط موجات نزوح غير مسبوقة    "الفيتو" الأمريكي .. ترخيص دائم لقتل الفلسطينيين باسم القانون الدولي    كرة القدم.. المغرب والبرتغال يتبادلان وجهات النظر حول عدد من المواضيع المتعلقة بمونديال 2030    تدشينات ملكية تؤجل لقاء وزير الداخلية بقادة الأحزاب الممثلة في البرلمان    الصين: الاشادة باتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسات المماثلة بافريقيا، برئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي، لدوره في تعزيز التعاون الصيني الافريقي    إسرائيل توقف المساعدات عبر الأردن    أزولاي: الدينامية الثقافية في المغرب تجسد غناه وقدرته على الانفتاح على العالمية        الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    ميناء الحسيمة يسجل ارتفاعا في عدد المسافرين خلال عملية مرحبا 2025    المصادقة على تعيينات جديدة في مناصب عليا    العقوبات البديلة بالمغرب .. هذا تسهر منصة على تنفيذ المراقبة الإلكترونية        شيرين وحسام حبيب يقضيان عطلة في "ماربيا"    البحرين تواجه "أسود الأطلس" بالرباط    توقيف حكم مباراة اتحاد طنجة وحسنية أكادير بسبب الأخطاء التحكيمية    امطار مرتقبة بالريف وشرق الواجهة المتوسطية    ترويج الكوكايين والأقراص المهلوسة بالعرائش يطيح بشخصين    الأرصاد الجوية توصي بزيادة الحذر    رغم حضور لطيفة رأفت .. محاكمة "إسكوبار الصحراء" تتأجل إلى أكتوبر    آسية رزيقي تواصل التنافس بطوكيو    المغرب يقتحم سوق الهيدروجين الأخضر ويعزز موقعه كمركز عالمي للطاقة النظيفة    الخطوط المغربية تدشن خطا جويا جديدا مباشرا بين الدار البيضاء ونجامينا    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    فيلم «مورا يشكاد» لخالد الزايري يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان وزان    الفنان مولود موملال: جمالية الغناء الأمازيغي وفاعليته التوعوية    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    "مجلس حقوق الإنسان" يطالب بحرية التعبير الرقمي وحماية المواطنين من دعاوى التشهير الحكومية        350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    العباس يطمئن رؤساء أندية الشمال: التصويت سري لاختيار رئيس شاب جديد أو التجديد لمعمِّر قديم    لماذا ‬رحبت ‬قمة ‬الدوحة ‬بقرار :‬        الولايات المتحدة.. ترامب يعلن تصنيف حركة "أنتيفا" اليسارية المتطرفة منظمة إرهابية    النفط يتراجع وسط مخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي وتخمة المعروض    أكثر من 200 مليون دراجة هوائية في الصين            الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    آلام الرقبة قد ترجع إلى اختلال وظيفي في المضغ        ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل من المعقول أن يستمر تعدد الأجور والتعويضات وبحجمها المرتفع، والبلاد في أزمة؟
نشر في العرائش أنفو يوم 14 - 10 - 2020

سؤال موجه إلى أصحاب القرار وإلى كل من يهتم بالشأن العام
يعاني المغرب، كما هو معلوم، مثله مثل باقي دول العالم، من الآثار السلبية لفيروس كورونا المستجد (كوبيد 19). فإلى جانب الآثار الصحية والنفسية، فللجائحة تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة. فالقطاعات الإنتاجية والخدماتية ببلادنا تأثرت كثيرا، وانعكس ذلك على الوضع الاقتصادي والاجتماعي بشكل كبير (ارتفاع الهشاشة الاجتماعية بفعل ارتفاع البطالة وانحصار مصادر الدخل).
وللجائحة تأثير كبير على مداخيل الدولة من الضرائب وغيرها. وبالضرورة أن يشكل ذلك اتساعا للهوة، في الميزانية العامة، بين المداخيل والمصاريف. ونعلم جميعا أن المديونية الخارجية للمغرب (دون الحديث عن المديونية الداخلية) قد تفاقمت لدرجة قد تشكل تهديدا للقرار السيادي لبلادنا. ومن عاشوا أو عايشوا مآسي التقويم الهيكلي الذي فُرض على المغرب خلال الثمانينيات من القرن الماضي، لا شك أنهم يضعون أيديهم على قلوبهم، اليوم، مخافة تكرار التجربة.
في مشروع ميزانية 2021، تم إدراج بعض الإجراءات بهدف تقليص النفقات؛ لكن ذلك يبقى، في نظري المتواضع، محدودا جدا. فالوضعية تتطلب الاجتهاد أكثر وتتطلب التضحية ببعض الامتيازات التي تعتبر، في ظل الوضعية الحالية، ليس فقط تبذيرا وهدارا للمال العام؛ بل وأيضا ريعا وإسرافا وسفها…
وإذا كانت الوطنية تتطلب التضحية، فإنه ليس من الوطنية في شيء ولا من العدل في شيء أن تُطلب التضحيات من الطبقة المتوسطة ومن الفئات الهشة، ويستمر أصحاب الأجور المنتفخة وأصحاب التعويضات السمينة والمتعددة في التمتع بهذه الامتيازات، والبلاد تغرق في الديون وتئن تحت وطأة الأزمة الطارئة؛ خاصة وأننا بلد نام ومحدود الدخل؛ فمن السفه والعته، إذن، أن يستمر التعامل مع المال العام بنفس العقلية ونفس النظرة. فالوضعية تتطلب ترشيد النفقات والقطع مع "السخاء" الغير مقبول منطقيا وواقعيا في بعض الأجور والتعويضات.
لمواجهة الأزمة الناتجة عن جائحة كورونا وتحضيرا للشروط الملائمة لتنزيل النموذج التنموي المنتظر، أعلن جلالة الملك محمد السادس، في خطاب افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان (9 أكتوبر 2020)، عن خطة للإقلاع الاقتصادي، أرفقها بخارطة طريق لتحقيق مشروع مجتمعي ضخم وغير مسبوق يهدف إلى النهوض بالمجال الاجتماعي من خلال تقوية الحماية الاجتماعية؛ وذلك بالعمل على تعميم التغطية الصحية لجميع المغاربة، تعميم التعويضات العائلية لفائدة الأطفال الذين هم في سن الدراسة، توسيع الانخراط في نظام التقاعد لفائدة المواطنين الذين لا يستفيدون من معاش، وهم يمارسون عملا يتقاضون عليه أجرا، تعميم الاستفادة من التأمين على فقدان الشغل للذين يتوفرون على عمل قار…
وقد حدد الملك محمد السادس مراحل إنجاز هذا المشروع المجتمعي والاجتماعي الهام والكبير؛ وحدد لكل مرحلة سقفها الزمني؛ وأطولها تمتد لخمس سنوات كحد أقصى.
واقتناعا من الملك بأن "نجاح أي خطة أو مشروع، مهما كانت أهدافه، يبقى رهينا باعتماد مبادئ الحكامة الجيدة وربط بالمسؤولية بالمحاسبة" (كل الجمل والعبارات الموضوعة بين مزدوجتين، في هذا المقال، فهي مأخوذة من خطاب جلالة الملك)، فقد شدد على أن مؤسسات الدولة والمقاولات والمؤسسات العمومية يجب أن تعطي المثال في هذا المجال، "وأن تكون رافعة للتنمية وليس عائقا لها". ولذلك، جدد الدعوة للقيام بمراجعة جوهرية لهذه المؤسسات. كما دعا الحكومة إلى "القيام بمراجعة عميقة لمعايير ومساطر التعيين، في المناصب العليا، بما يحفز الكفاءات الوطنية على الانخراط في الوظيفة العمومية، وجعلها أكثر جاذبية".
هذا المقال المتواضع لا يقدم قراءة للخطاب الملكي القوي والعميق، ولا يزعم تقديم قراءة للأوضاع العامة ببلادنا، وإنما يغتنمها فرصة لإعادة طرح سؤال نهب المال العام باسم القانون. وهو سؤال يشغل بال صاحب المقال؛ بل ويؤرقه.
واعتمادا على ما جاء في الخطاب الملكي حول الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، فإني أتساءل: هل ليس من الحكامة الجيدة أن تراعى وضعية البلاد في تدبير الامتيازات التي يتمتع بها البض؟ وهل ليس من الحكامة الجيدة أن يراعى العدل والإنصاف في الأجور والتعويضات؟ أليس من الحكامة الجيدة وضع حد لتعدد الأجور والتعويضات؟ أليس من الحكامة الجيدة أن يتناسب الأجر مع النجاعة والفعالية والمردودية؟…فكم من أموال تهدر بسبب غياب الحكامة الجيدة !!!
ثم أليس من صميم ربط المسؤولية بالمحاسبة أن يتم تقييم مدى الالتزام بمبادئ الحكامة الجيدة وترتيب الجزاءات؟ وهل ليس من الإخلال بالمسؤولية عدم احترام الجهاز التنفيذي للمؤسسات الدستورية؟ على سبيل المثال: إهمال تقارير المجلس الأعلى للحسابات بدل تقديمها للسلطة القضائية المختصة. وهل ربط المسؤولية بالحاسبة لا يتطلب تقييم مردودية الموظف السامي الذي يتلقى راتبا أكثر من محترم؟… ففي غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة يصبح المنصب مجرد ترقية اجتماعية في إطار المحسوبية والزبونية…
خلاصة القول، حماية المال العام يجب أن تعتبر، دائما، من أوجب الواجبات؛ لكن، في المرحلة الراهنة التي من أسبقياتها خطة إنعاش الاقتصاد، كما جاء في الخطاب الملكي، يصبح الحرص على مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، من الآليات الناجعة ليس في حماية المال العام فقط؛ بل وأيضا في تنزيل المشروع الملكي (خطة الإقلاع الاقتصادي والنهوض بالمجال الاجتماعي) على أرض الواقع.
لكن، ما لم يتم القطع مع سياسة الريع، وما لم تتضافر الجهود لمحاربة كل أشكال الفساد، بما في ذلك الفساد الانتخابي والرشوة والمحسوبية ونهب المال العام، فإن الأهداف النبيلة التي أعلن عنها ملك البلاد قد تجد عرقلة في التفعيل والتنفيذ من قبل المستفيدين من الوضع القائم. وهنا، يبرز دور الإرادات الوطنية الخيرة التي تجعل المصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار. فعلى هذه الإرادات، حيثما وجدت، أن تشمر على ساعد الجد لتحقيق الأهداف من الخطة التي أعلن عنها رئيس الدولة، الملك محمد السادس. "فالمسؤولية، كما قال، مشتركة، والنجاح إما أن يكون جماعيا، لصالح الوطن والمواطنين، أو لا يكون". ومن لا يتجاوز تفكيره المصالح الضيقة (شخصية كانت أو فئوية)، لن يستوعب مثل هذا الكلام.
محمد إنفي، مكناس في 14 أكتوبر 2020


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.