العرائش أنفو شهدت مدينة طراسة الكتالونية في السنوات الأخيرة أحداثاً عديدة تمس مختلف المجالات، من السياسة إلى الحياة الاجتماعية والثقافية. وعندما نتحدث عن هذه المجالات، فإننا نعني في عمقها مسألة الخصاص في مقومات العيش الكريم بالنسبة للشعوب المقيمة بالمدينة، خصوصاً في الأحياء ذات الطابع المتعدد الثقافات كحي Ca n'Anglada. فعلى المستوى السياسي، برزت انقسامات داخل المجالس المنتخبة، حيث تحولت بعض الهيئات إلى أدوات لمصالح شخصية لا تمتّ للسياسة العامة بصلة. ومع ذلك، لا تزال بعض الأحزاب اليسارية بالمدينة تحافظ على مبادئ التعايش والانفتاح، وتحاول أن تصون وجه طراسة المتعدد والمنفتح، رغم محاولات اليمين المتطرف، وعلى رأسه حزب VOX، فرض منطق الإقصاء عبر شعارات مثل: "لا لأسلمة طراسة"، و"لا للتعايش في Ca n'Anglada". لقد استغل حزب VOX هشاشة المشهد السياسي المحلي لتعزيز حضوره، من خلال خطابات تقسم ولا توحد، وتستهدف بشكل مباشر المهاجرين ومساهمتهم في الحياة اليومية للمدينة. ورغم هذه الرياح المعاكسة، فإن الأمل لا يزال قائماً، ما دام صوت اليسار حاضراً، فهو الضامن لاستمرار التعددية وبناء مستقبل أكثر عدلاً للأجيال القادمة. ومن أبرز مظاهر هذا التعايش، نجد احتفالات Fiesta Mayor، وهو حدث سنوي شهير يجمع الآلاف من سكان الحي في أجواء من الفرح، وتبادل الثقافات، والنقاشات المفتوحة. إنه مشهد حي يعكس واقعاً مغايراً لما تروجه بعض الخطابات الإقصائية، واقع يعيش فيه الجميع معاً، في انسجام رغم الاختلافات. ومن المهم التأكيد على أن على المواطنين من أصول مهاجرة أن يتحملوا مسؤوليتهم في الحفاظ على مثل هذه المبادرات التي تعزز التعايش داخل الحي، من خلال الانخراط الفعلي والمباشر في الحياة العامة، وبناء علاقات متينة مع السكان الأصليين للمنطقة. فالتقارب والتفاعل اليومي هو المنفذ الحقيقي نحو اندماج إيجابي ومستدام. أما الاعتماد فقط على بعض الجمعيات التي تسعى وراء مصالح ضيقة هنا وهناك، فلن يخدم سوى العزلة والتهميش، بل قد يساهم في تعميق الهوة بين مكونات الحي. Ca n'Anglada، هذا الحي المعروف بتنوعه، يثبت مرة أخرى أن التعدد ليس تهديداً، بل ثراءً حقيقياً يساهم في بناء مجتمع أكثر إنسانية ووعياً.