بقلم : ربيع الطاهري إن الحديث عن الكلية بالقصر الكبير كان حلما بعيد المنال و هذه حقيقة يعرفها من تجرعوا مرارة التنقل من أجل التحصيل العلمي و الاكاديمي لجيل كان يسافر إلى كلية الحقوق و الفلسفة و العلوم بفاس( ظهر المهراز) و كلية الشريعة ب ( سايس) أو كلية الآداب و العلوم الإنسانية بتطوان (عبد الملك السعدي ) ،أما بعض من المحظوظون بفضل التدخلات هنا وهناك يذهبون إلى الرباط ( السويسي) هكذا كان حال الطلبة و طالبات و عوائلهم ،حتى أن الصراع على الحي الجامعي كان من أجل تخفيف أعباء النفقات لبعض الأسر ، إضافة إلى أشواط من النزال و التخبط و القلق و الصراع النفسي من أجل الحصول على منحة و كأنه العرس الكبير قبل التحصيل . كانت مرحلة مهمة من حياة ذلك التلميذ او التلميذة،الذي التحول إلى طالب(ة) مناضل (ة) فكنت واحد منهم، في أول يوم يترك أسرته مناضل(ة) للتحصيل و لصون كرامته(ا) ،و شرف نيل تلك الشهادة بأقل تكاليف ممكنة لادخال الفرحة على ذاك الأب أو الأم أو أحدهما أو الأسرة المعيلة، لعله ينقلها إلى مرحلة أخرى من الاستقرار المادي أو البحث عن أفق أرحب وهذا نقاش آخر لا مجال للخوض فيه . إلى أن جاءت مرحلة الكليةالمتعددة التخصصات بطنجة وتوسيع التخصصات بتطوان ثم الحسيمة وهكذا …. كانت ولا تزال مدينة القصر الكبير منجم للخريجين و المتفوقين في تخصصات القانون و الاقتصاد و التاريخ و الجغرافيا و الفلسفة و الادب و أصول الدين و الشريعة دون أن يكون لهذه المدينة نصيب في الخريطة المجالية للعرض التعليمي العالي ،إلى أن فاجأتنا مدينة العرائش بكلية القانون و الإقتصاد وأدخلتنا آنذاك في دوامة النقاش يجب ان نستحضره جميعا،و كان التساؤل لازمة لنا " لماذا العرائش دائما" ؟!!! فيكون الجواب بتردد غير مقنع إلى حد بعيد "ربما لأنها العمالة " ….واليوم كان لابد من هذه التوطئة لإستحضار تلك المعاناة و النضال و الأمل و الحلم ،لأعرج بهذه السطور، وهذه الكرونولوجيا الضرورية، إلى طرح سؤال على العقلاء لماذا مدينة القصر الكبير في مراحل ما لم تكون موضوعة على خريطة الاستراتيجيات لعدد من القطاعات الحكومية كالتعليم العالي و الصحة و الرياضة و التجهيز و اللوجستيك .و النقل و الفلاحة … إلا حينما يتم الترافع و ايصال الأصوات و الحناجير مع الإصرار على التنزيل . حتى المعمل الوحيد (راي كي بير ) للأحذية الذي فتح بيوت و حرك العجلة الاقتصادية المحلية لعدد من الأسر إلى حد ما، كان هو الآخر على بساط الريح في صراع لتهريبه إلى القنيطرة لولا اصرار وترافع المدبر و المسؤول الإقليمي و بعض النخب السياسية في تلك الفترة فسار منجزا '"موطنا '" لفتح النقاش و التفكير في المنطقة الاقتصادية أو ذات الأنشطة الاقتصادية …. لا تهم التسميات بقدر ما يهم الإنجاز و اخراج هذه المدينة من دائرة الموت إلا حياة بالمفهوم الاقتصادي و التنموي المستدام . لنحاول ان نثفق ولو مرة واحدة على "الكلمة " أن التوطين يسبق أي نقاش قصد التثمين للمنجز ،ويسبق الصراع و التواصل السياسيين للفرقاء أغلبية و معارضة ،لنقل إن المصلحة العامة لهؤلاء الطلبة و التخصص بمفهومه الكمي يسبق النظرة النوعية مؤقتا ولو إلى حين ،حتى يستئنس المركز/ العاصمة بقطاعاته الحكومية بعنوان كبير إسمه "مدينة القصر الكبير " تستحق نصيبها من الاستراتيجيات التنموية القطاعية المستدامة لفائدة اجيالها القادمة ،فكفى من هذا التهميش ….!!!. هو "التوطين "الذي فتح شهيتنا وجعلنا اليوم نبحث عن إيجاد وسيلة أخرى للترافع و تحقيق مكتسبات إضافية نحو تخصصات نوعية او نخبوية أو ذات انسجام مع طبيعة ومؤهلات المنطقة (حوض اللوكوس الفلاحي ) وخلق معاهد تقنية على غرار باقي المدن بالمغرب لفائدة المتفوقين من ابناء المدينة و محيطها و كذا الإقليم و الجهة ،في الوقت الذي لم نكن نحلم حتى. أو نتوقع أن تعرف مدينة القصر الكبير كلية، أصبحنا اليوم ننقاش النوع و اضافة بعض التخصصات والمعاهد التقنية المتخصصة ، هذا بفضل "التوطين" و "الانجاز" على أرض الواقع كفرض للأمر واقع في مدينة منسية . هذا يفرض على الجميع أن ينخرط من و إلى فتح مستقبلا نقاشات جادة دون تبخيس للجهد والمنجز من طرف( النخب السياسية ) ،و دون مزايدات من طرف الموالين و الطبالين و المتملقين و الوصوليين ، مع ضرورة مشاركة كل فئات المجتمع ونسيجه السياسي و المثقفين و المجتمع المدني ، للدفع بالقطاعات الحكومية للمزيد من التوطين بمدينة القصر الكبير لعدد من التخصصات تساهم في تثمين العنصر البشري و تجويد التحصيل العلمي و الاكاديمي و التقني المنسجم مع سوق الشغل، وهذا يتطلب جهدا موحدا و إلتفافا حول هذا الطموح الذي لم يعد حلما بعيد المنال كما كان بالنسبة لنا كطلبة ،حيث الآن فتحت شهية( النخب السياسية) للنقاش بين المفهوم الكمي و النوعي إلى جعله نقاش مجتمعي ومطلب للساكنة . أقول بنظرة مستقبلية حالمة إن استراتيجية" التوطين المجالي" بالقصر الكبير سيجعلنا مستقبلا أقوى للمطالبة بإقليم / عمالة قابلة للحياة، منفتحة على محيطها وجوارها و قابلة للتنمية ومستقلة عن الجارة العرائش بكل مشاكساتها. هذا ويجب الإبقاء على تلك الملحقة كنواة للترافع في خاصرة باقي التخصصات لتقريبها إلى مجال جغرافية مدينتنا، وتحقيق القرب للطالب(ة) في القريب العاجل في بعض التخصصات ذات الطابع النوعي لا أن يتم إهمالها أو هدر الجهد نحو تحويلها في غير الهدف الذي وجدت لأجله. يمكن القول ختاما، جميعا بأعلى صوت : "الحمد لله أن مدينة القصر الكبير أصبحت ضمن اهتمام و استراتيجية بعض القطاعات الحكومية في وقت كنا مهمشين وبعيدين عن الركب التنموي المستدام" .