برعلا زكريا لم يكن الجدل الذي أثاره قضية الممثلة غيثة عصفور مفاجئا، بل كان نتيجة حتمية ومتوقعة لخطأ فادح في التقدير، ناهيك عن أن طريق الشهرة تضع صاحبها تحت مجهر دائم لا يرحم. وبغض النظر عن قرار النيابة العامة القاضي بحفظ الملف (وهو قرار يستند إلى نصوص قانونية واضحة أو بتنازل المشتكية وعدم توفر أدلة مقنعة)، فإن القضية برمتها كشفت عن حقيقة راسخة، أحيانا لا يكفي الالتزام بالقانون، وإنما يجب أيضا الابتعاد عن الشبهات. وإذا كان الخطأ الجسيم المرتكب في هذه الواقعة قد خلف جدلا قانونيا، فقد كان هناك إجماع على أن الضرر اجتماعي وأخلاقي بامتياز. ويتمثل هذا الخطأ في القبول بلقاء، أيا كانت طبيعته أو هدفه، في ظروف تصرخ من كل جوانبها بالشبهة. فترتيب لقاء في ساعة متأخرة من الليل، داخل بيت زوجية، وفي غياب تام للزوجة، مع وجود مشروبات كحولية، هو خرق سافر لكل الأعراف والتقاليد، وتصرف لا يمكن تبريره بمنطق اجتماع عمل الذي بدا كذريعة أضعف من أن تقنع طفلا، فضلا عن رأي عام يراقب ويحلل. دعونا لا ننسى أن الملفات الأخلاقية الممزوجة بتوابل الشهرة والإثارة تفوز دائما باهتمام الرأي العام، لأن الجمهور يشعر بأن قدسية الأسرة هي ملك جماعي له الحق في الدفاع عنها، ولو رمزيا عبر النقاش والتداول. لقد بنت المؤثرة شعبيتها عبر مشاركة متابعيها على مواقع التواصل الاجتماعي بعض تفاصيل حياتها اليومية، وعندما اهتزت هذه الصورة بفعل سلوك غير محسوب، كان رد الفعل قويا وعنيفا، وهي ضريبة متوقعة لكل من يختار الوقوف تحت الأضواء. القضية إذن لم تعد تتعلق بما جرى فعليا داخل تلك الشقة، بل بما ترمز إليه الواقعة برمتها من استهتار بالحدود الاجتماعية، وضعف في تقدير العواقب، وتناقض صارخ بين الصورة المصدرة للعلن والسلوك في الخاص. لقد طوي الملف في ردهات المحكمة، لكنه سيظل مفتوحا كدرس عملي في إدارة الصورة والسمعة يؤكد أن الابتعاد عن مواطن الشبهات ليس مجرد فضيلة، بل هو ضرورة قصوى.