أمين أحرشيون بينما تواجه الجالية المسلمة – خصوصاً المغربية – في مدينة طراسة ضغوطاً يومية: عنصرية، تمييز، حملات تشويه، وصراعاً مستمراً من أجل الاندماج والكرامة... يصرّ بعض المسؤولين في مسجد بدر على استقدام شيوخ من المشرق في زيارات تحمل الكثير من البروتوكول، والقليل جداً من الفائدة الحقيقية للجالية. هذه الزيارات تُسوّق على أنها "تأطير ديني"، لكن الجميع يدرك أنها رحلات مرفَّهة: تذاكر سفر مدفوعة، فندق فخم، ضيافة كاملة، وسيارات خاصة. وفي النهاية يُقال للجالية إن الهدف "وجه الله"! لكن أيّ دعوة هذه التي تكلّف ما لا يقل عن تكاليف مشروع اجتماعي كامل؟ الخطاب الذي يأتي به هؤلاء الشيوخ لا يعرف شيئاً عن واقع المسلمين في إسبانيا، ولا عن تحديات المدرسة والعمل والقانون والاندماج. إنه خطاب يعيش في الماضي، بعيد كلياً عن المشهد الاجتماعي والسياسي الذي تحيا فيه الجالية. وفي الوقت نفسه، يعاني أبناء طراسة من غياب التأطير الحقيقي: لا مواكبة قانونية، لا دعم تربوي، لا برامج للشباب، لا تفكير في المستقبل... فقط عروض دينية جاهزة لا تغيّر شيئاً في واقعهم. الجالية تحتاج مشروعاً، لا ضيوفاً. تحتاج عملاً، لا صوراً. تحتاج فكراً نقدياً، لا خطباً مستوردة. ويبقى السؤال الذي يطرحه كثيرون اليوم، وأكثر من أي وقت مضى: من يمول هذه الزيارات؟ ولماذا؟ وما العائد الحقيقي على مسلمي طراسة؟ وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم الذي يجب أن يُطرح بوضوح وجرأة: هل نحتاج فعلاً شيوخاً قادمين بالطائرة... أم نحتاج من يدافع عنّا ونحن نخوض معركة الوجود داخل مجتمع مُعقّد التحديات؟