نشرة إنذارية .. موجة حر مع الشركي وزخات رعدية بعدد من مناطق المملكة    فرق التدخل تطفئ آخر بؤر حريق شفشاون وتواصل عمليات الإخماد    الدولار يستقر بعد بيانات تضخم قلصت رهانات خفض الفائدة الأمريكية    هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة: ارتفاع صافي الأصول تحت التدبير بنسبة 9,12 في المائة متم شهر يوليوز (جمعية)    لبنان رهينة بندقية "حزب الله" .. السلاح أولًا والدولة آخرًا    ترامب يتوجّه إلى ألاسكا للقاء بوتين    هولندا.. العثور على جثة سيدة مسنة داخل منزلها والشرطة تشتبه في جريمة قتل    الحكومة تراهن على "التوازن" بين رعاية الحيوانات الضالة والأمن العام    الشرطة الإسبانيا تطالب باتفاق مع المغرب لإعادة المهاجرين    الحسيمة.. المضاربة ترفع أسعار الدجاج والسردين إلى مستويات قياسية    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية الهند بمناسبة عيد استقلال بلادها    سبيس إكس تطلق 28 قمرا صناعيا إضافيا إلى الفضاء    بطولة إنجلترا.. الأنظار نحو شيشكو ويوكيريس في قمة يونايتد وأرسنال    هويلوند يرحب بالانتقال إلى ميلان الإيطالي    رئيس خيتافي ينتقد مقترح إقامة مباراة برشلونة وفياريال في ميامي الأمريكية    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط تندد باعتقال ابتسام لشكر وتعتبره تعسفياً    طقس حار في توقعات اليوم الجمعة بالمغرب    أكادير.. توقيف شخصين بشبهة التورط في وفاة مشكوك فيها والتخلي عن الجثة بالقرب من أحد المستشفيات    كرنفال وعروض موسيقية وفروسية في افتتاح مهرجان وادي زم    منظمة حقوقية تشكل لجنة لتقصي أسباب حرائق شفشاون    المغرب يتبنى مقاربة تنظيمية وإنسانية للحد من ظاهرة الحيوانات الضالة    بورصة البيضاء تفتتح على ارتفاع    محاكمة أم في ألمانيا بتهمة قتل رضيعتيها التوأمين    العين يفتقد رحيمي في افتتاح الدوري    "الإساءة للذات الإلهية" تشعل الاتهام ب"التحريض" بين الجامعي والرميد    تقرير استراتيجي يبرز دور الاستخبارات المغربية في تعزيز السيادة الوطنية    الدولار يستقر بعد بيانات تضخم قلصت رهانات خفض الفائدة الأمريكية    اختتام المؤتمر العالمي الخامس للتصوف بفاس بإعلان تأسيس "التحالف العالمي لأهل التصوف"    79 سنة سجنا لافراد شبكة لترويج الكوكايين بالناظور والدريوش    العثور على جثة بالقرب من غابة في هولندا يرجح أنها تعود لسيدة مفقودة        إحتارن يقترب من محطة جديدة في الدوري الهولندي        تنديد عربي واسع بعد تطرق نتانياهو إلى "رؤية إسرائيل الكبرى"    تحذير أممي لإسرائيل وروسيا من إدراج قواتهما في قائمة الجهات المشتبه بارتكابها جرائم جنسية            "كارثة طبية" أدت لوفاة العشرات في الأرجنتين    انتشار الصراصير في أحياء طنجة يثير استياء السكان ومطالب بتدخل عاجل    طاقم الإسعاف بتعاونية الجرف SST... جندي الخفاء بموسم مولاي عبد الله    نهاية نجم حاول ابتلاع ثقب أسود    تهديدات ترامب ترفع أسعار النفط        المستثمر المغربي بمدريد.. محمد النقاش عريس سهرة الجالية بمسرح محمد الخامس    عادل شهير يطرح كليب أغنيته الجديدة سيري باي باي -فيديو-    القضاء الكوري يرفض تعويض ملحن أمريكي    سعر "بيتكوين" يبلغ 124 ألف دولار    المغرب يعزز موقعه في صناعة السيارات بمشروع توسعة ضخم لمصنع ستيلانتيس    ألفيس بيريز: البطل الذي فتح... صخرة    دراسة: ألم "فصال الركبة" يخف بتدريب المشي    نصائح ذهبية لتجنب حوادث الآلات الكهربائية    الدورة الثانية لمهرجان "سيني بلاج" من 15 إلى 30 غشت الجاري بعدد من مدن المملكة    سلطان يلهب الجمهور ب"الركادة"    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الباري عطوان "القدس العربي": من يريد ان يصبح ديكتاتورا؟
نشر في مغارب كم يوم 18 - 04 - 2011

النهاية المزرية التي انتهى اليه حكم الانظمة الديكتاتورية العربية في اكثر من دولة عربية بفضل الثورات الشعبية المباركة ستجعل من الصعب على اي ديكتاتور قادم، او راهن، الاستمتاع بالحكم بالطرق التقليدية المتعارف عليها، مثل سرقة المال العام، والاستعانة بالبطانة الفاسدة، والاعتماد على تغول الاجهزة الامنية، ومصادرة الحريات.
نشعر بمعاناة السيدة سوزان مبارك حرم الرئيس المصري المخلوع، ولكن لا نتعاطف معها، وهي تتنقل بين مستشفى شرم الشيخ، حيث يخضع زوجها للتحقيق حول امواله وتجاوزاته، وبين نجليها اللذين يقبعان حاليا في زنزانة عادية جدا في سجن طرة، حيث لا مكيفات، ولا تلفزيون، ولا صحف، فقط مروحة بدائية معلقة في السقف.
المليارات مجمدة في البنوك الاوروبية، وحتى ما جرى تهريبه منها في الربع ساعة الاخير من عمر الحكم من الصعب الوصول اليها، وكيف يتأتى ذلك واصحابها خلف القضبان يواجهون اتهامات بالسلب والنهب وسرقة المال العام، وفوق كل هذا وذاك التواطؤ في عمليات قتل اكثر من مئتي شاب من ثوار ميدان التحرير وباقي المدن المصرية الاخرى.
امبراطورية الرعب والفساد المصرية انهارت مثل بيت العنكبوت، وجاءت الضربة القاصمة بصدور قرار المحكمة بحل الحزب الحاكم (الحزب الوطني) ومصادرة جميع اصوله وممتلكاته، واغلاق فروعه في مختلف انحاء مصر، بعد اعتقال معظم قياداته ورموزه بتهم متعددة وعلى رأسهم احمد عز وصفوت الشريف.
الثورة الشبابية المصرية، ووعي قادتها كانا خلف هذه الانجازات جميعا، من خلال الضغط بسلاح التظاهر على المجلس الاعلى للقوات المسلحة، للتسريع بمحاكمة كل رموز الفساد والديكتاتورية، امام محاكم مدنية عادلة.
ولعل حال العقيد الليبي معمر القذافي واسرته اكثر سوءا من الرئيس حسني مبارك واسرته، فرغم حكمه الذي امتد اكثر من اربعين عاما، والمليارات التي انفقها في افريقيا وانحاء عديدة من العالم لتلميع صورته، ونظامه الدموي، لم يجد صديقا واحدا يدافع عنه، والاهم من ذلك ان الغالبية الساحقة من شعبه الذي تطاول عليه، بالفاظ نابية لا تليق حتى باولاد الشوارع (مثل نعتهم بالجرذان والمقملين) تطالب بمحاكمته بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية، بالنظر الى قتله الآلاف في هجومه على مصراتة والزاوية ودرنة وباقي المدن الليبية.
...
العقيد القذافي لا يجد دولة تقبله واسرته، ورجاله الخلص قفزوا من سفينته الغارقة، وامواله التي هربها الى المصارف الامريكية والاوروبية (اكثر من خمسين مليار دولار) اعتقادا منه انها في مأمن، باتت مجمدة ولن يرى دولارا واحدا منها، وهي الاموال التي حرم الشعب الليبي منها من اجل ان يصرفها على ملوك افريقيا ونصابيها.
واذا انتقلنا الى الرئيس اليمني علي عبدالله صالح فان ايامه باتت معدودة، وهو يحاول بكل الطرق والوسائل تأمين خروج مشرف له ولافراد اسرته، والخروج المشرف هنا يعني عدم مطاردته قضائيا من قبل من سيتولون الحكم من بعده بتهم عديدة، ابرزها اطلاق قناصيه النار على المتظاهرين في ميدان التغيير وقتل العشرات منهم.
من المؤكد ان الرئيس اليمني سيجد الصحبة الطيبة عندما ينتقل وافراد اسرته الى مدينة جدة قريبا، حيث الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وربما ينضم اليه آخرون قريبا، فالولايات المتحدة تبحث حاليا عن مكان لاستضافة الزعيم الليبي الذي قال البيان الثلاثي لقادة العالم الغربي (اوباما وساركوزي وكاميرون) انه ليس له مكان في الحكم ولا في ليبيا.
...
الرئيس بن علي غادر تونس ومعه ما تيسر من الاموال والذهب، ولكن كيف يصرف هذه الأموال، او ما لم يجمد منها، وهو سجين قصر فاخر لا يستطيع مغادرته، ويسمع يومياً عن مظاهرات ينظمها ابناء الثورة في تونس امام السفارات السعودية تطالب بتسليمه لكي يمثل امام العدالة، لمحاسبته واعادة اموال الشعب التي في حوزته.
لا نعرف اذا كان هؤلاء يشاهدون المحطات الفضائية العربية والاجنبية ويتابعون اللعنات التي تنصب عليهم من ابناء شعوبهم، ولكن ما نعرفه انهم قطعاً يعيشون حالة من الاكتئاب وانعدام الوزن، بعد ان جرى نزع الملك منهم بطريقة مهينة وغير مسبوقة وسريعة جداً. فالعروش تساقطت وستتساقط امام تسونامي غضب الشعوب.
لا لم ننس سورية، ولا نظامها الديكتاتوري، حيث يصارع الرئيس بشار الاسد بين نصائح حرسه القديم باستمرار التمسك بالاساليب القمعية الدموية لاخماد ثورة القاع المتفجرة، وبين تمنيات الكثيرين الذين يريدون تجاوبه مع مطالب شعبه المشروعة في الاصلاح، وبرز هذا التردد واضحاً في خطابه الذي ألقاه امام مجلس الوزراء الجديد حيث كرر وعوده السابقة بانهاء حالة الطوارئ في غضون اسبوع، واعتماد قانون جديد للاعلام.
...
الحديث عن مؤامرات خارجية تستهدف سورية لم يعد يقنع الكثيرين، او يقلل من عزائم المطالبين بالاصلاح، ولا بد للرئيس بشار هذا الطبيب الرقيق المتعلم في الغرب ان يتساءل بينه وبين نفسه عن حظه العاثر الذي اوقعه في هذه الورطة، فربما كان الخيار الآخر، اي ممارسة طب العيون في لندن، او حتى اي مدينة سورية اخرى، اكثر اماناً وراحة بال من وراثة حكم شعب من الاسود الغاضبة.
الانظمة الديكتاتورية العربية لم تدمر شعوبها، وتكسر كرامتها، وتنهب ثرواتها، وتقدم نموذجاً في القمع ومصادرة الحريات فحسب، وانما دمرت نفسها ايضاً، وعجلت بنهايتها بطرق مذلة مثل تلك التي نراها في اكثر من عاصمة عربية.
البدائل التي تطل برأسها من رحم الثورات الغاضبة ستكون مختلفة حتماً، مختلفة في تعاطيها مع الشعب، لانه هو الذي اختارها لكي تخدم مصالحه، وتعيد اليه كرامته، وتنهض بمقدراته، وتقوده الى مستقبل مشرق تتطلع اليه، وتقدم أرواحها من اجل تحقيقه.
الشعوب العربية تريد حكماً رشيداً يستند الى الحريات والديمقراطية واحترام حقوق الانسان والشفافية والمحاسبة، بعد ان عانت من البطالة والفساد والحكم الابدي، والورثة الفاسدين.
بأي حق يتحدث السيد سيف الاسلام القذافي ويهدد الشعب الليبي بالقتل والضرب بالاحذية، وبأي حق يقود اشقاؤه كتائب تقصف الابرياء وتروع الاطفال والمدنيين، وبأي حق يتصرف جمال مبارك كامبراطور يعين الوزراء والسفراء، وبأي حق يتهيأ احمد علي عبد الله صالح لحكم اليمن، وما هي المميزات التي تجعلهم فوق كل ابناء الشعب؟
نجلا الرئيس المصري يجب ان يحمدا الله كثيراً انهما انتهيا في زنزانة بسجن طرة سيئ الذكر موئل القتلة والمجرمين، فهي تشكل حماية لهما وكل رموز فساد حكم ابيهما من غضبة الشعب، ونتمنى ان يتعلم الزعيم الليبي وابناؤه من هذه النهاية، ويستوعبوا دروسها قبل فوات الاوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.