حموشي يجري زيارة عمل إلى تركيا    تأهب داخل الحلف الأطلسي.. روسيا تنفي انتهاك مقاتلاتها المجال الجوي الإستوني    هجوم إلكتروني في قلب أوروبا.. تضرر أنظمة وتوقف رحلات عدة مطارات        موسكو تُعيد رسم معالم النقاش حول الصحراء وتُضعف أطروحة الجزائر    فوز ثمين لأولمبيك آسفي أمام نجيليك النيجري في كأس الكاف            العمران تنظم محطة مدريد من معرض "إكسبو مغاربة العالم" لتعزيز روابط الجالية مع العرض العقاري الوطني    "الأحرار" يستحضر من الداخلة مسيرة نصف قرن من العطاء بالصحراء المغربية    المغرب والصين يرسّخان شراكتهما الاستراتيجية عبر حوار دبلوماسي مؤسساتي جديد    الرباط وبكين تؤسسان لحوار استراتيجي يرسخ المصالح المشتركة    كأس العالم لكرة القدم لأقل من 20 سنة (الشيلي 2025) .. تركيز "أشبال الأطلس" منصب الآن على عبور الدور الأول (الناخب الوطني)    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة لن يستضيف سان جرمان في ملعبه ال"كامب نو"    فيينا.. المغرب يترأس الاجتماع العام ال11 للشبكة الدولية للأمن والسلامة النوويين    الرسالة الملكية في المولد النبوي            برادة: 800 مؤسسة مؤهلة هذا العام لاستقبال تلاميذ الحوز    الحسيمة.. موعد طبي بعد أربعة أشهر يثير الاستياء    سيدي بنور.. حظر جمع وتسويق المحار بمنطقة سيدي داوود        حقوقيون يبلغون عن سفن بالمغرب    جمعيات تتبرأ من "منتدى الصويرة"    بعد الجزائر وموسكو .. دي ميستورا يقصد مخيمات تندوف من مدينة العيون    العداءة الرزيقي تغادر بطولة العالم    "الملجأ الذري" يصطدم بنجاح "لا كاسا دي بابيل"    سي مهدي يشتكي الرابور "طوطو" إلى القضاء    إعادة إنتخاب ادريس شحتان رئيسا للجمعية الوطنية للإعلام والناشرين لولاية ثانية    "حركة ضمير": أخنوش استغل التلفزيون لتغليط المغاربة في مختلف القضايا    منتخب الفوتسال يشارك في دوري دولي بالأرجنتين ضمن أجندة «فيفا»    أخبار الساحة    ترسيخا لمكانتها كقطب اقتصادي ومالي رائد على المستوى القاري والدولي .. جلالة الملك يدشن مشاريع كبرى لتطوير المركب المينائي للدار البيضاء    مشروع قانون يسمح بطلب الدعم المالي العمومي لإنقاذ الأبناك من الإفلاس        الصين تشيد بالرؤية السديدة للملك محمد السادس الهادفة إلى نهضة أفريقيا    مساء اليوم فى برنامج "مدارات" : صورة حاضرة فاس في الذاكرة الشعرية    حجز أزيد من 100 ألف قرص مهلوس بميناء سبتة المحتلة    ثقة المغاربة في المؤسسات تنهار: 87% غير راضين عن الحكومة و89% عن البرلمان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    ثماني تنظيمات نسائية حزبية تتحد لإصلاح النظام الانتخابي وتعزيز مشاركة النساء    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        السجن المؤبد لزوج قتل زوجته بالزيت المغلي بطنجة        زلزال بقوة 7.8 درجات يضرب شبه جزيرة كامتشاتكا شرقي روسيا    أسعار النفط دون تغير يذكر وسط مخاوف بشأن الطلب    المغرب في المهرجانات العالمية    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آمال موسى "الشرق الأوسط": زائرون غير مرحب بهم
نشر في مغارب كم يوم 01 - 03 - 2012

أصبحت تونس في الأسابيع الأخيرة قبلة بعض الدعاة المشارقة، حيث وجهت دعوة إلى الداعية عمرو خالد، وأيضا إلى الداعية وجدي غنيم. وإن كان الأول لم يتعرض لحملة رفض كبيرة فإن وجدي غنيم قد شكل حضوره في تونس صدمة بالنسبة إلى شق واسع من التونسيين، سواء النخب الحداثية أو مواطنين أو مجموعات من المجتمع المدني، بل مثلت زيارة غنيم سببا إضافيا في تعميق التوتر بين الحكومة والمعارضة وشخصيات ثقافية فكرية، رغم أن الزيارتين المشار إليهما ليستا في إطار رسمي وإنما بتأطير جمعياتي.
وبعيدا عن وقع الصدمة وموقف الرفض القطعي من زيارة هؤلاء الدعاة وغيرهم، نعتقد أن هذه المسألة تجرنا إلى نوع من القراءة المتأنية والبعيدة قدر الإمكان عن التشنج.
طبعا أسباب حدوث صدمة في صفوف الكثير من التونسيين كثيرة، لعل أولها أن تونس كانت ممنوعة على الدعاة، بل إن كتب الكثير منهم كانت تحجز ولا يسمح للناشرين بعرضها في معرض تونس الدولي للكتاب. ذلك أن النخبة السياسية الحاكمة قبل اندلاع ثورة 14 يناير كانت بالمرصاد لكل أطروحة دينية لا تتماشى مع قراءة الدولة للإسلام ولما تعتبره قراءة حديثة للدين. ومن ثمة فإن أبواب تونس أمام دعاة الدين الذين تمتلئ بهم الفضائيات الدينية كانت موصدة وبإحكام شديد.
السبب الثاني قد يعود إلى السياق الذي وردت فيه زيارة وجدي غنيم، وهو سياق عرف بروز التيار السلفي وأعمال العنف التي طالت بعض الإعلاميين والمثقفين المناهضين فكريا للأطروحات السلفية. لذلك بدت زيارة داعية معروف بقبوله وموافقته على مسألة ختان الإناث وغير ذلك من الأفكار المتطرفة، وكأنها تنضوي ضمن خطة كاملة تهدف إلى فرض التيار السلفي فكرا ورموزا.
لا شك في أن انزعاج النخبة الحداثية وكثير من الأطراف في المجتمع المدني من زيارة وجدي غنيم هو انزعاج مبرر ومفهوم باعتبار أنه يهدد التحديث في تونس ويعتدي - ولو رمزيا - على مكاسب حداثية تشمل المرأة ومسألة العلاقة بالدين، وهي مكاسب غالية جدا على التونسيين، أو لنقُل بأكثر دقة، شِق واسع من التونسيين. غير أن تجاوز مرحلة الصدمة والانزعاج والرفض المبدئي يتطلب التفكير في ما كشف عنه توافد هؤلاء الدعاة وتحديدا وجدي غنيم، ذلك أن الرجل لو لم يلقَ الاهتمام الجماهيري لما كان سيحظى بكل هذا الغضب والنقد والرفض.
هناك حقائق لا ينفع القفز عليها، وهي أن آلاف التونسيين حضروا أمسيات وجدي غنيم الدينية، وهو ما يعني أن له ولغيره جماهير غفيرة في داخل تونس الدولة الوطنية الحديثة.
وفي الحقيقة هناك نقطة تم التغافل عنها، وهي تأثير وسائل القنوات الدينية وتكنولوجيا الاتصال الحديثة، حيث إن وسائل الاتصال خارج سيطرة أجهزة الدول، ومن ثم فإن الكثير كان يتابع منذ سنوات هذه القنوات وينصت إلى برامج الدعاة فيها، خصوصا أن عملية مشاهدة هذه القنوات كانت ممارسة ثقافية معزولة، بمعنى أنه طيلة العقود الأخيرة عاش التونسيون فراغا دينيا بعد تهميش المؤسسة الزيتونية ورموزها ودولنة الشأن الديني، لذلك لم يكن من الصعب اختراق فئات من التونسيين ولو كانوا غير مقتنعين بكل الأفكار التي يعرضها هؤلاء الدعاة. والإيجابي في ما أظهرته زيارة وجدي غنيم أنها كشفت عن عمق الحاجة إلى استعادة الزيتونيين لدورهم وأن يدركوا أن واقع الحرية الجديد يستدعي أن يلعبوا دورا دينيا، خصوصا أن المؤسسة الزيتونية معروفة بثقافة دينية معتدلة، وهي في حاجة إلى إعادة إحياء كي تستعيد جاذبيتها السابقة. التجاوب الذي حصل مع هؤلاء الدعاة يعبر عن نوع من الهجرة نحو أفكار دينية أخرى مغايرة لخصوصيات البيئة الدينية التونسية. فالحل ليس في سياسة غلق الأبواب ولا في تحجير مشاهدة القنوات الدينية الأجنبية رغم استحالة ذلك. الحل يكمن بالأساس في شجاعة مواجهة الظاهرة وملء الفراغ الديني الذي تعيشه فئات واسعة من المجتمع بخلق إعلام ديني وطني بديل وبنشر معرفة دينية تتماشى مع مقاصد الشريعة والرؤية المجتهدة وخصوصيات العقل الديني والثقافي والحضاري التونسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.