رداء الحداد

تماسك أيها الليل الأخاد
وكن شاهدا على أنني حضرت في الميعاد
أنني كنت دائما على استعداد
اليوم جئت لذات المكان رافعا رداء الحداد
أرثي نفسي وأستمع إلى سخرية الأوغاد
لم نعد ندخن نفس الأنفاس
لن تقرع لنا بعد الآن طبول أو أجراس
لن نتبادل قبلة أو عناقا أو حتى إحساس
كنت حالما واخترتك من دون كل الناس
واعتقدت واهما أن كل حياتنا ستكون أعراس
حتما سيهزأ بي المارون
وسترصدني من كل صوب العيون
أنا الذي باركت قلبك الحنون
أنا الغبي المجنون
الذي كذب كل الشائعات والظنون
أقسمت وأقسمت أنها وحدها الأقدار
وحدها من ستفرقنا وغيرها لا توجد أعذار
ظننت أن شغفنا في حد ذاته انتصار
ولم أتصور أن ذلك سيجلب لي يوما العار
وأنك ستحرقينني بالنار
لم أشعر بك وأنت تتغيرين
لم أعهدك تتذمرين وتتأففين
ظننت أن حبنا سيكون لنا على الزمن معين
مرت ايام فقط حتى ركبت بحر الهائمين
وبعت كل شيء والشوق والحنين
رحلت وتركت كل مبادئنا و قناعاتنا
وحتى طاولة المطعم التي كانت شاهدا على لقاءاتنا
قاطعت كل شيء وخنت أحلامنا
ونكثت وعودنا وأنكرت كلامنا
عهودنا و نذورنا
لهاته الدرجة كان كل شيء بيننا بخسا رخيص ؟
وركبت قطار الرحيل دون التفات أو تمحيص
لم تترددي لحظة ولو حتى بصيص
متخفية على أطراف قدميك ولم تصدري أي كصيص
وتسللت واثقة تعلمين أنني لم أكن معك حريص
على شمس الوحدة أفقت ذات صباح
على منبه الدهشة والنواح
وأنا الذي كنت سأزف إليك جميل الأفراح
كنت كلي انشراح
للأسف لم تستحقي وفتحتي الجراح
رصيدك في بنك قلبي قد نفذ الآن
أراك اليوم ترافقين ممثلا أو فنان
تصاحبين فلان أو علان
يائسة تبدين، تفتقدين إلى الحنان
تنتقلين من عشيق لآخر علك تجدين الأمان
تتنقلين من سرير إلى سرير
تغازلين ستائر كلها صوف وحرير
أعرف أن رجولة من تعاشرينهم طعمها مرير
تفارقك الغفوة وجفنك ليس قرير
أعرف أعرف أن إحباطك اليوم كبير
اليوم يوم رثاء
للسنين التي قضيناها هباء
أيام كانت حاءا وباء
هوسا دون حياء
أضحى اليوم هراء
تماسكي أيتها الدقائق
اليوم لن تحجزي لنا ساعة في الحدائق
لن نتجنب معا لهيب الحرائق
لن نقرأ معا المنشورات ولا الوثائق
ولن نقفز على اكل الحواجز والعوائق
اليوم أصبحت في طي النسيان
لاصبر ولاسلوان
فقد مزقت من مذكرتي ذاك العنوان
وستعيشين بعدي في الحرمان
وتحسين مرارة الخذلان
حتما سيفتقدنا الغروب
سيبحث عنك سالكا كل الدروب
سأخبره أنك اخترت الهروب
أنك كنت حابلة بالعيوب
وامرأة لعوب
اليوم أنا على الميعاد
لأرثيك وألبس رداء الحداد
لا أرق ولا سهاد
ولن يكون لحبك في قلبي عناد
فاالوقت وقت السداد
رداء الحداد إهداء خاص لأحد الأصدقاء العزيزين على قلبي لأنه لبس رداء الحداد منذ مدة في انتظار أن يخلعه