الرباط.. التوفيق يبرز بواعث الحاجة إلى المذهب المالكي في ظل التحولات المجتمعية    من شفشاون إلى الرباط: ميلاد مشروع حول الصناعة التاريخية    تطبيق "يالا" يربك الصحافيين والمشجعين قبل صافرة انطلاق "كان المغرب 2025"    كأس العرب.. السكتيوي: تحدونا رغبة كبيرة في الفوز على المنتخب الإماراتي وبلوغ النهائي    أوجار من الناظور: الإنجازات الحكومية تتجاوز الوعود والمغاربة سيؤكدون ثقتهم في "الأحرار" عام 2026    توحتوح: المغاربة لم يفقدوا الثقة في السياسة بل في من أخلفوا الوعود    آيت بودلال: قميص المنتخب شرف كبير    عشرة قتلى على الأقل إثر إطلاق نار عند شاطئ بونداي بأستراليا خلال احتفال بعيد يهودي    تمديد فترة الترشيح للاستفادة من الدورة الثانية من برنامج "صانع ألعاب الفيديو" إلى 21 دجنبر الجاري    ائتلاف يدعو إلى وقف تهميش المناطق الجبلية وإقرار تدابير حقيقية للنهوض بأوضاع الساكنة    أمن مولاي رشيد يوقف 14 مشاغبا اعتدوا على الأمن وألحقوا خسائر بسيارات عمومية    تخصيص 24 ملعبًا لتداريب المنتخبات المشاركة في كأس الأمم الإفريقية 2025 بالمغرب    قبل أيام من انطلاق الكان... لقجع يؤكد الإنجازات التي حققتها الكرة المغربية    شغب رياضي يتحول إلى عنف خطير بالدار البيضاء    بعد فاجعة فاس... لفتيت يحرك آلية جرد المباني الآيلة للسقوط    دعم 22 مشروعًا نسويًا بالمضيق-الفنيدق بتمويل من المبادرة الوطنية    احتفال يهودي بأستراليا ينتهي بإطلاق النار ومصرع 10 أشخاص    قتيلان و8 مصابين في إطلاق نار بجامعة براون الأمريكية    مقتل 10 أشخاص في إطلاق نار خلال فعالية يهودية في سيدني    قوات إسرائيلية تعتقل 25 فلسطينيا    استقالات جماعية تهز نقابة umt بتارودانت وتكشف عن شرخ تنظيمي.    مجلس النواب والجمعية الوطنية لمالاوي يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون البرلماني    الجيش الموريتاني يوقف تحركات مشبوهة لعناصر من ميليشيات البوليساريو    إقبال كبير على حملة التبرع بالدم بدوار الزاوية إقليم تيزنيت.    "الفاو" ترصد إجهادا مائيا يتجاوز 50% في المغرب.. والموارد المتجددة للفرد تهبط إلى 776 مترا مكعبا    إسرائيل تندد ب"هجوم مروع على اليهود"    كرة القدم.. إستوديانتس يتوج بلقب المرحلة الختامية للدوري الأرجنتيني    طلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير يعلنون تصعيد الإضراب والمقاطعة احتجاجاً على اختلالات بيداغوجية وتنظيمية    مباراة المغرب-البرازيل بمونديال 2026 الثانية من حيث الإقبال على طلب التذاكر    ألمانيا: توقيف خمسة رجال للاشتباه بتخطيطهم لهجوم بسوق عيد الميلاد    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    زلزال بقوة 5,1 درجات يضرب غرب إندونيسيا    أخنوش من الناظور: أوفينا بالتزاماتنا التي قدمناها في 2021    مسؤول ينفي "تهجير" كتب بتطوان    افتتاح وكالة اسفار ltiné Rêve إضافة نوعية لتنشيط السياحة بالجديدة    إطلاق قطب الجودة الغذائية باللوكوس... لبنة جديدة لتعزيز التنمية الفلاحية والصناعية بإقليم العرائش        البنك الإفريقي للتنمية يدعم مشروع توسعة مطار طنجة    إسرائيل تعلن استهداف قيادي بارز في "القسام" بغزة و"حماس" تتهمها بخرق وقف إطلاق النار    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    محمد رمضان يحل بمراكش لتصوير الأغنية الرسمية لكأس إفريقيا 2025    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    تعاون غير مسبوق بين لارتيست ونج وبيني آدم وخديجة تاعيالت في "هداك الزين"            من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    الممثل بيتر غرين يفارق الحياة بمدينة نيويورك    بنونة يطالب ب «فتح تحقيق فوري وحازم لكشف لغز تهجير الكتب والوثائق النفيسة من المكتبة العامة لتطوان»    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    تيميتار 2025.. عشرون سنة من الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وروح الانفتاح    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوهام ماوراء المتوسط: -الحريك-
نشر في مرايا برس يوم 17 - 05 - 2010

للحريك عند المهاجرين المغاربة، عدة دلالات، وينطق فيه حرف الكاف في اللغة المغربية في الوسط مابين حرف القاف وحرف الكاف، وهي عموما كلمة مشتقة من الإحتراق وإن كان توظيفها في خطاب المهاجرين يعني بشكل عام الهجرة، والفرد منها "الحراك" (المهاجر السري)، ويعزى هذا الإشتقاق من الإحتراق إلى ظاهرة كانت تتم في بداية السنوات التي عرفت الهجرة إلى إسباتيا انطلاقتها الكبيرة كواقع مثير وجدير بالدراسة، آنذاك كان المهاجرون المؤهلون للهجرة السرية يقومون بحرق أوراق الهوية الوطنية حتى لا تعرف انتماءاتهم الجنسية، في حالة ماإذا وقعوا في يد شرطة الهجرة، ما يمكنهم من نفي هويتهم الوطنية وتمثلهم بهوية البلد الذي لا تربطه بأوربا (إسبانيا خصوصا) اتفاقية تهجير المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، حيث كان أغلب المهاجرين المغاربة يتظاهرون بانتمائهم للجزائر التي كانت تعرف الحرب الأهلية بسبب فوضى الإرهاب، مما دفع بالمختصين في إسبانيا لجلب متخصصين في الهويات لتفادي مثل هذا التحايل على الجنسية، في البداية جائوا بمتخصصين في ضبط اللغة الجزائرية التي كان يتقنها بعض مغاربة تخوم الحدود الجزائرية، ومن الطرائف التي كانت تحكى قبل هؤلاء المتخصصين هي ضبطهم للمغاربة من خلال وصم اللقاح ضد مرض السل ظهر الكتف الأيسر الذي يترك أثاره طيلة الحياة، اعتبر سمة المغاربة، وهو على طرافته ليس صحيحا من منطلق أن جيل السبعينات لقح في اليد اليسرى كما باقي العالم، وهو مادفع التقنيين إلى طرح بعض الأسئلة حول البلد من قبيل مثلا، ماهي عاصمة الجزائر وأين تقع وماهو نسيجها الإجتماعي وما إلى ذلك من الأسئلة التي توقع بالضحايا، لكن هذا الأمر أيضا لم يكن مقنعا تماما، بحيث يستطيع الدارسون منهم، الفيض في الشأن الجزائري بدون حرج، بل إن الكثير من المهاجرين يستقون الكثير من المعارف عن الجزائر قبل هجرتهم، ثم إن الكثير من المهاجرين المغاربة خصوصا السود منهم كانوا يتنكرون بالجنسيات الإفريقية للبلدان التي تعرف نزاعات دولية وحروب أهلية، وكان يكفيهم التكلم باللغة الفرنسية أو الإنجليزية التي لا يتقنها رجال الشرطة أو الحرس المدني لضمان بر الأمان للبقاء ببلاد العم خوسي، وأحيانا ليعاملوا معاملة خاصة، خصوصا إذا بدا كما لو كان هؤلاء مسيحيون أو وثنيون أو لايدينون بأية ديانة أويتكلمون لغة مبهمة كما لوكانت لهجة إفريقية.
مع تطور أساليب خداع المهاجرين مع مرور الوقت خلصت شرطة الهجرة وحرس السواحل، ومع ظهور تشريعات في قانون الهجرة، كقانون الأقدمية الذي تناولته سابقا، إضافة إلى انضمام دول أخرى إلى اتفاقية إرجاع المهاجرين، قلت، خلصت إلى أن الذي لا يتوفر على وثائق الهوية هو بمثابة زائر جديد ينطبق عليه الطرد الفوري أو احتجازه في مراكز الحجز لمدة معينة( الإتفاقية الأوربية الجديدة لحجز المهاجرين والتي تصل مدتها حتى ستة شهور) ، وهكذا لم يعد حرق وثائق الهوية مجديا في الظروف الراهنة، بل هو عامل بقاء يحصل بموجبه المهاجر على فرصة استئناف بقائه بتقديم وثائق تثبت أقدميته وإذا كان لايتوفر عليها يمكن طرده إذا وقع في أيديهم في المناسبة الثانية.
ترمز كلمة الحريك في كثير من الأحيان إلى الولادة الفينيقية أو البعث الجديد للمهاجر، فكثيرا ما يقول شخص لآخر: "فلان الذي يعيش على الزلط في البلد أصبح شخصا آخر بمجرد هجرته، تحول إلى شخص آخر بعدما كان نذير ضياع وفقر مذقع وتحول إلى إنسان ذي مكانة اجتماعية". أي أنه تحول من شخص كانت تلزمه صفات معينة مرتبطة بوضعه الإقتصادي قبل الهجرة إلى شخص آخر في وضع آخر جلب له احترام الأهل والأصدقاء بعدما كان عالة.
الحريك أيضا كلمة مرتبطة بمآسي الهجرة وما يحدث خلالها من آثار نفسية وجسمية على مدى الحياة خصوصا منها تلك الحروق التي تنشأ أثناء السفر. معروف أثناء الرحلة، وللزيادة في الإحتياط، يصحب المهاجرون معهم في رحلتهم، في تلك الأفلاك الصغيرة، أكثر مما يلزم من البنزين في رحلة عادية، احتياطا للمناورة والبقاء في المياه الدولية حتى يختفي أثر تهديد معين من طرف دوريات الساحل، وقد يحدث أن يتغير الجو ويهيج البحر، وتنكب تلك البراميل على أجساد المهاجرين وتحدث حروقات والتهابات جلدية تؤدي أحيانا إلى وفيات أو حروق ملازمة للشخص قد لا تختفي ندوبها ، وما أكثر المهاجرين ممن حصلت لهم هذه الحروق ومازالوا يحملونها في أجسادهم حتى الآن.
تبقى كلمة الحريك أيضا هي السمة الملازمة للمهاجر حتى يسوي وضعيته، وهي عمليا، في بلاد المهجر يتقاذفها المهاجرون قدحيا للتمييز بين الذي سوى وضعيته والذي لم يسويها بعد، وبين القديم منهم حتى وإن لم يسوي وضعيته والجديد منهم، بين الذي يأتي بطريقة شرعية والذي أتى عن طريق الباتيرا (الفلك السري) ، وتبقى عموما قرينة أي هجرة لا شرعية حتى وإن اقترنت بأعمال تهريبية أخرى كتهريب الحشيش، فالحريك يعني القتل المعنوي للذات مقابل انبعاث جديد، فالمجموعة التي يضبط في تنقلها حشيش ويلزم بفريضة السجن لسنوات معينة تعتبر حريقا وانحطاطا للشخص من خلال فقدان ماكان يميزه اجتماعيا واقتصاديا، فالمجموعة المصاحبة لهذه العملية من التهريب، حتى وإن كان لا علاقة لها بالبضاعة، إن ضبطت معها البضاعة، قد ينالون نفس مصير المهربين، من هنا فالكثير من المهاجرين المغاربة في السجون الإسبانية هم أبرياء مما نسب إليهم في قضايا المخدرات، خصوصا إذا كانوا لايعرفون صاحب البضاعة الذي في الغالب لم يشاهدوه، وقد يكون قاطنا بإحدى المدن الإسبانية حيث أغلبهم يشرفون عن العملية من بعيد، وأحيانا يكون ربان الفلك نفسه لا يعرف عنه شيئا (كثيرا ماتكون عملية تهريب المهاجرين غطاء مقنعا لعملية تهريب الحشيش، بالنسبة لأصحاب البضاعة، يكون اقتناء الفلك ومحركه تغطية مالية من أموال المهاجرين وربحهم الكبير هو البضاعة، وهم غالبا لايهتمون بالفلك ومحركه في حالة نجاح الرحلة إذ يتركونه حيث نزلوا في السواحل الإسبانية، وفي حالة الضبط، يرمون البضاعة في البحر لتختزل العملية في الهجرة، أما في حالة ضبط البضاعة معهم فيكون مصير المجموعة السجن إذا لم يدلوا بصاحبها على اعتبار أنهم شركاء).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.