التهراوي: المنصات الجهوية للمخزون والاحتياطات الأولية ستعزز قدرة المنظومة الصحية على التدخل السريع في حالات الطوارئ    إحباط محاولة جديدة للهجرة السرية على سواحل إقليم الجديدة    المجلس الجماعي للجديدة يصادق على جميع نقاط جدول أعمال دورة ماي 2025    الدردوري: منصات المخزون والاحتياطات الأولية تجسيد للرؤية الملكية في تعزيز الجاهزية لمواجهة الكوارث    الدولي المغربي أشرف حكيمي يقود باريس سان جيرمان لنهائي دوري الأبطال    الشرطة القضائية بالعرائش تتمكن من إحباط محاولة تهريب طنين من مخدر الشيرا وتوقيف ثمانية أشخاص    بعد جلسة استمرت 12 ساعة.. المحكمة تحجز ملف النقيب زيان للمداولة    الشرطة تحبط محاولة تهريب طنين من الشيرا بالعرائش وتفكك شبكة إجرامية متورطة في التهريب الدولي عبر البحر    الطيران الباكستاني يؤكد تفوقه ويسقط مقاتلات هندية متقدمة داخل مجالها الجوي    ارتفاع أسهم شركة "تشنغدو" الصينية بعد تفوق مقاتلاتها في اشتباك جوي بين باكستان والهند    منتدى التعاون الصيني الإفريقي: كيف أرسى أسس شراكة استراتيجية؟    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    تفكيك شبكة دولية للمخدرات بين العرائش وتطوان    اتفاقية رقمنة تصدير منتجات الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي بالمغرب    حكيمي يقود سان جيرمان لتجديد الفوز على أرسنال وبلوغ نهائي الأبطال    عبد اللطيف حموشي في زيارة عمل إلى فيينا ويلتقي مسؤولي أجهزة استخبارات من قطر وتركيا والسعودية والإمارات وباكستان    غزة تُباد.. استشهاد 102 فلسطينيا في سلسلة مجازر إسرائيلية وإصابة 193 خلال 24 ساعة    وهبي: "أشبال الأطلس" مستعدون لمواجهة أي منتخب في الدور القادم    بلقشور يكشف عن موعد إجراء مباراتي السد ويؤكد تواجد تقنية "الڤار"    التجسس على "واتساب": القضاء الأمريكي يغرم "إنزو" الإسرائيلية بمبلغ 168 مليون دولار لصالح "ميتا"    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    تصعيد خطير في جنوب آسيا: سلاح الجو الهندي يتكبد خسائر بمئات الملايين بعد هجوم باكستاني دقيق    لمواجهة الكوارث.. الملك يعطي انطلاقة إحداث منصة للمخزون والاحتياطات الأولية    المصطفى الرميد: لا تعارض بين الانحياز لقضايا المغرب ونصرة غزة    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    رئيس الحكومة الإسبانية يثني على مساهمة المغرب في تجاوز أزمة انقطاع التيار الكهربائي    مجلس أوربا: قانون العقوبات البديلة "منعطف تاريخي" في المنظومة القضائية المغربية    العصبة تكشف برنامج الجولة الأخيرة من البطولة الاحترافية    الجزائر تواصل مطاردة المثقفين.. فرنسا تتلقى مذكرتي توقيف دوليتين ضد كمال داود    صحيفة أجنبية: المغرب يعد الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ملاحظة نقدية من طرف ألفونس ويلهانز حول جان بول سارتر والعقل الجدلي    ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    أبو الأسود الدؤلي    توقيف مواطنين فرنسيين من أصول مغربية يشتبه تورطهما في قضية تتعلق بالسكر العلني وارتكاب حادثة سير بدنية مع جنحة الفرار    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    إسبانيا تمول محطة تحلية عملاقة بالمغرب ب340 مليون يورو    الخطوط الملكية المغربية و"المبنى رقم 1 الجديد" في مطار JFK بنيويورك يبرمان شراكة استراتيجية لتعزيز تجربة المسافرين    بركة: نعيش سنة الحسم النهائي للوحدة الترابية للمملكة    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    الزمالك المصري يقيل المدرب بيسيرو    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على كافة المستويات.. وخطابها "مستفز" ومخالف للواقع    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    فليك يتهم الحكم بإقصاء برشلونة ويُخاطب لاعبيه قبل الكلاسيكو    دافيد فراتيزي: اقتربت من فقدان الوعي بعد هدفي في شباك برشلونة    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لجنة التحقيق الدولية بديلا للجنة التحقيق الإسرائيلية : الورطة الصهيونية الكبرى
نشر في مرايا برس يوم 27 - 07 - 2010

منذ الهجوم الصهيوني البشع على سفينة مرمرة؛ التي كانت ضمن قافلة سفن الحرية؛ المتجهة لفك الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة؛ منذ ذلك الهجوم و الجرح الصهيوني ينزف بدون توقف؛ و كلما ازداد النزيف اشتد الخناق على مجرمي الحرب الصهاينة أكثر. الآن يبدو أن الجرح وصل درجة التعفن؛ و لم تنفع جميع الوصفات الطبية في علاجه؛ لذلك يبدو أن السقوط هذه المرة كان مريعا؛ و لذلك لن تسلم الجرة بل ستتكسر؛ و ستصيب شظاياها رؤوس مجرمي الحرب الصهاينة.
الخبر الجديد الذي يعتبر المؤشر الحقيقي على هذا السقوط المريع؛ هو تعيين مجلس حقوق الإنسان؛ التابع للأمم المتحدة؛ فريق خبراء دوليين يوم الجمعة (23 يوليوز2010)؛ للتحقيق في الهجوم الذي نفذته القوات الخاصة الصهيونية ضد قافلة سفن أسطول الحرية، الذي كان متجها في مهمة إنسانية إلى قطاع غزة المحاصر أواخر شهر مايو/ أيار الماضي.
و يعتبر هذا الإعلان الجديد صفعة قوية؛ توجه إلى الآلة الإرهابية الصهيونية؛ في وقت وصلت فيه المتابعات القضائية للمجرمين الصهاينة ذروة؛ لم يعهدها هذا الكيان منذ تأسيه؛ فمن وزيرة الخارجية السابقة (تسيبي ليفني) إلى وزير الدفاع الحالي (أيهود باراك) ؛ و القائمة مفتوحة الآن على أسماء إجرامية جديدة .
و في ظل هذا الوضع الدولي الجديد؛ الذي يبشر بنهاية مرحلة صهيونية قديمة؛ و بزوغ مرحلة أخرى؛ هي الآن تفضح كل الشعارات التافهة؛ التي روج لها اللوبي الإعلامي الصهيوني عبر العالم. في ظل هذا الوضع الجديد؛ يجد المجتمع الدولي نفسه في موقف حرج؛ فإما يدعم الإرهاب الصهيوني؛ فيقع في تناقض بين الشعارات و الممارسة؛ و إما يعمل على ردع الآلة الإرهابية الصهيونية؛ على الأقل عبر قرارات أممية؛ تخفض من درجة السعار الإرهابي الذي أصاب مجرمي الحرب الصهاينة.
إن القرار ألأممي الحالي؛ الذي أصدره مجلس حقوق الإنسان؛ و الذي صوت لصالحه المجلس المكون من 47 عضوا؛ خلال الشهر الماضي؛ و القاضي بإجراء تحقيق دولي؛ للنظر فيما وصفها بانتهاكات للقانون الدولي؛ خلال الهجوم الصهيوني الذي تم في المياه الدولية؛ وأسفر عن استشهاد تسعة متضامنين أتراك وجرح عدد آخر. هذا القرار ألأممي يعد الورقة الصفراء الأولى؛ التي يوجهها المجتمع الدولي للكيان الصهيوني - بعد الإنذار الشفوي خلال تقرير كولد ستون- و التي ستفتح الباب أمام إنذارات جديدة مستقبلا؛ ستكشف بالمباشر ورقة التوت؛ التي كانت تغطي عورة هذا الكيان الإجرامي.
إن إسرائيل تعرف جيدا خطورة مثل هذه القرارات؛ التي تحقق غاية إستراتيجية كبرى و في غاية الأهمية بالنسبة للقضايا العربية ؛ و هي نزع الشرعية التاريخية و السياسية عن هذا الكيان الإرهابي؛ الذي تأسس بقوة النار و الحديد؛ و بنى أركان دولته فوق جثث الفلسطينيين؛ أصحاب الشرعية التاريخية و السياسية.
و لذلك يمكن أن نفهم درجة الاستنفار القصوى التي تعيش عليها إسرائيل هذا اليوم؛ لكنه استنفار مطبوع بالارتباك؛ و هذا ما يبدو على المسؤولين الإسرائيليين؛ الذين يريدون إقناع العالم بما لم يقتنعوا به أنفسهم. لكنهم للأسف شبوا و شابوا على تزوير الحقائق؛ و خداع الرأي العام الدولي؛ و لذلك فهم يمارسون هوايتهم المفضلة بدون انقطاع؛ حتى و لو فضحت الكاميرات بالمباشر و على الملأ إرهاب الجنود الصهاينة؛ وهم يقتلون مدنيين مسالمين و بدماء باردة.
إن المسؤولين الصهاينة؛ يقدمون بديلا للتحقيق الدولي؛ الذي أوصت به لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة؛ و هذا البديل أغرب من الحكايات العجائبية القديمة؛ فهو يقضي بتعيين لجنة تحقيق إسرائيلية؛ و كأن المجرم يوما حقق في جرائمه؛ أو اعترف بها كجرائم حتى !!! لكن للمسؤولين الصهاينة رأي آخر في الموضوع؛ فباعتبارهم دولة الديمقراطية و المؤسسات و الفصل بين السلطات ... !!!! يمكنهم أن يقوموا مقام اللجنة الأممية؛ و يحققوا مع أنفسهم؛ و إذا اقتضى الأمر سيقدمون أنفسهم للمحاكمة !!!
هذا ما تقوله الرواية الإسرائيلية؛ و التي تسعى إلى إقناع العالم بصدقيتها وواقعيتها؛ لكن أي متابع يشك في الصحة العقلية للرواة الصهاينة حتى ! و هذا ما كشف عنه الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون)؛ الذي أكد أن لجنة التحقيق الإسرائيلية تفتقر إلى المصداقية الدولية؛ و كرد عملي على هذا القرار الإسرائيلي؛ فقد أصدرت الأمم المتحدة بيانا لها اليوم الجمعة؛ أعلنت من خلاله؛ عن تعيين فريق دولي لتقصي الحقائق؛ يضم ثلاثة خبراء مستقلين هم : السير ديزموند دي سيلفا من بريطانيا؛ وكارل هادسون فيليبس من ترينيداد وتوباجو، وماري شانتي دايريام من ماليزيا.
و يعتبر هذا القرار ألأممي بداية جدية؛ لردع كل التصرفات الإسرائيلية؛ التي تنتهك القانون الدولي في واضحة النهار؛ في تحد واضح للشرعية الدولية؛ و للمؤسسات الحامية له؛ و هذا ما يشكل تهديدا وجوديا لهذه المؤسسات نفسها؛ التي تعد ثمرة نضال شعوب العالم؛ من أجل إقرار الشرعية الدولية؛ بعد مرحلة الفوضى التي عمت العالم؛ خلال الحربين العالميتين الأولى و الثانية .
إن أكثر ما تخشى منه إسرائيل في هذا القرار ألأممي؛ هو قوة الدعم الغير مسبوق؛ و الذي تقوده تركيا بقوتها السياسية و الاقتصادية؛ و بديمقراطيتها و مؤسساتها المنتخبة. و هذه شروط لم تتوفر بخصوص القرارات السابقة؛ التي كانت تسقط بضربة من الفيتو الأمريكي؛ الذي يعتبر الدراع الواقي للإرهاب الصهيوني .
و بالإضافة إلى هذا الدعم الدولي الحكومي؛ فإن الدعم الأهم لهذا القرار ألأممي؛ يأتي من الرأي العام العالمي؛ الذي أصبح يدعو بإلحاح إلى حماية الشرعية الدولية؛ عبر تطبيق القانون؛ و ذلك من منطلق وعيه الجديد؛ الذي شكلته الأحداث الأخيرة؛ سواء في غزة أو لبنان؛ حيث تابع العالم عبر الشاشات قوة الدمار؛ و بشاعة الإرهاب الذي يمارس بالمباشر على الشيوخ و النساء و الأطفال من دون تمييز .
لكن أين هو الدور العربي في كل ما يجري من أحداث؟
هل يمكن أن ننتظر دعما عربيا للجنة التحقيق الدولية؛ أم إن التحالفات السرية/تحت الطاولة مع الكيان الصهيوني؛ ستجهض أية محاولة من هذا القبيل ؟
و في هذه الحالة هل ستتحول دولنا إلى كيانات مراهقة لم تصل بعد سن الرشد؛ و بالتالي يمكن لولي أمرها التركي أن يتولى شؤونها في انتظار نضجها ؟!
إن الفعل السياسي الحكومي في عالمنا العربي؛ لم يرق بعد إلى التفاعل مع مثل هذه الأحداث و الاستفادة منها؛ و ذلك راجع إلى حسابات سياسوية ضيقة؛ تتعامل مع السياسة كسمسرة؛ و ليس تخطيطا و استراتيجيات؛ و هذا ما يدفعنا إلى الحكم منذ الوهلة الأولى على قيمة الفعل السياسي العربي بالعقم و التردي؛ الشيء الذي لا يمكننا كدول من المشاركة في صناعة القرار الدولي .
لكن و في ظل هذا الوضع السياسي الحكومي الراكد؛ يبقى دور الشعوب العربية دورا محوريا؛ في قيادة و توجيه الصراع مع الكيان الصهيوني؛ و نحن نقصد هنا النخب السياسية و الفكرية؛ القادرة على صياغة الرأي و ترويجه؛ بهدف صناعة رأي عام عربي قادر على التأثير على القرار السياسي الحكومي؛ و توجيهه لخدمة مصالح أمتنا العربية و الإسلامية.
و نحن هنا لا ننطلق من فراغ؛ بل إن الشعوب العربية بجميع تياراتها الفكرية و السياسية؛ من المحيط إلى الخليج؛ واجهت حكوماتها الراكدة؛ و خرجت بمسيرات مليونية؛ كما ناضلت بالكتابة و الفكر الحر؛ في فضح التواطؤ الحاصل؛ و الذي يهدد مصالحنا القومية؛ كما يهددنا في المستقبل القريب بله البعيد تهديدا وجوديا.
إن تكاثف الجهود العربية و الإسلامية أولا ؛ و الدولية ثانيا؛ هو القادر لوحده على تغيير الوضع السائد؛ و صياغة وضع جديد؛ تعود فيه الحقوق لأصحابها؛ و تطبق الشرعية الدولية؛ بدون تمييز بين الشعوب و الدول. و هذا –في الحقيقة- ليس حلما؛ بل هو ثمرة نضالات متواصلة؛ يجب على الشعوب العربية و الإسلامية –خاصة- أن تخوضها؛ من أجل استرجاع الحقوق المسلوبة .
** كاتب و باحث أكاديمي مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.