وسط حضور دبلوماسي وسياسي رفيع.. السفارة السعودية بالرباط تحتفي باليوم الوطني ال95    ترامب يسخر من الأمم المتحدة: كل ما تقوم به هو صياغة رسائل شديدة اللهجة لكنها مجرد كلمات فارغة    "أسطول الصمود" يتعرض لهجوم بمسيرات قبالة سواحل اليونان وسماع دوي انفجارات في بعض السفن    لقاء مغربي إسباني على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة    بوروندي تجدد تأكيد موقفها الثابت الداعم للوحدة الترابية للمغرب وسيادته على الصحراء ودعمها لمخطط الحكم الذاتي        الرابطة الفرنسية تحتسب هدف مارسيليا ضد سان جيرمان لماركينيوس وتحرم أكرد من ثاني أهدافه    فلسطينيون في الضفة الغربية يحتفلون باعتراف بلدان غربية بدولة فلسطين        بورصة البيضاء تغلق على الانخفاض    أوناحي يسجل أول هدف في "الليغا"    صدور كتاب هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي        سلا.. إجهاض تهريب 7200 قرص مخدر على الطريق السيار    الجواهري: لا أرى مبررا لعدم وفاء الحكومة بالتزاماتها في تدبير المالية لأننا في سنة انتخابية    أولى استعدادات أشبال الأطلس بالشيلي تأهبا لانطلاقة المونديال..        بنك المغرب يتوقع استقرار التضخم عند 1% خلال 2025 قبل ارتفاعه إلى 1.9% سنة 2026    الهند تشيد بالشراكة الدفاعية مع المغرب بعد تدشين منشأة المدرعات ببرشيد    باراغواي تعتزم فتح قنصلية بالصحراء    رئيس البارصا: والد يامال متحمس جدا                وزير الدفاع الهندي: مصنع المركبات المدرعة ببرشيد يفتح فصلا جديدا في الشراكة الاستراتيجية بين الهند والمغرب        السعودية تعلن وفاة مفتي المملكة        ضرب الكرة بالرأس في كرة القدم قد يغيّر بنية المخ ويؤثر على الذاكرة    منتدى أصيلة الثقافي يتوج الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي    محكمة الاستئناف بالحسيمة تُعدل أحكام قضية هتك عرض قاصر    الخنوس في التشكيلة المثالية للجولة الرابعة من البوندسليغا    الجمعية العامة للأمم المتحدة.. انطلاق المناقشة العامة رفيعة المستوى بمشاركة المغرب        وفاة المصور الصحفي مصطفى حبيس بالرباط    نجل فضل شاكر يكشف عن أغنية جديدة مع سعد لمجرد    توقيع برنامج عمل لتكوين السجناء في الحرف التقليدية واتفاقية إطار لتنزيل قانون العقوبات البديلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    هل ظُلم أشرف حكيمي في سباق الكرة الذهبية؟    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    اضراب وطني يشل الجماعات الترابية باقليم الحسيمة    سهرة فنية كبرى بمراكش تجمع سعيد الصنهاجي ويوسف كسو    للمرة الثانية على التوالي.. تتويج أيوب الكعبي بجائزة أفضل لاعب أجنبي في الدوري اليوناني    الذهب عند ذروة جديدة وسط رهانات على مواصلة خفض الفائدة الأمريكية    وفاة عاملتين وإصابة 16 في حادثة سير يجدد المطالب بتحسين ظروف عمل العاملات الزراعيات    وكالة الأدوية الأوروبية ترد على ترامب: لا صلة بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد    مورو: تحديات الشيخوخة والديمغرافيا والإدماج الاجتماعي "مسؤولية جماعية"    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        غزة.. دول غربية تعرض المساعدة في علاج المرضى                    حمزة عقاري ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً بكلية الحقوق بالجديدة    الرميد يحذر من "انزلاق خطير" بعد أدعية لجيش الاحتلال في حفل يهودي بالصويرة    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخانية عبد الله العروي


في الصورة عبد الله العروي
نادى الكاتب المغربي عبد الله العروي، منذ مشاريعه النظرية الأولى إلى ضرورة انتقال العرب والمسلمين إلى عالم الحداثة و زمن التاريخ العالمي.. وقد كان لعيشه ثلاث لحظات أساسية في حياته الفكرية؛ لحظة المغرب، لحظة مصر والناصرية، ولحظة فرنسا والغرب. إلى جانب تكوينه النظري الواسع و الشامل دور في تبني مفاهيم كونية كبرى تتجاوز إطارها المحلي الضيق.
ولازال يدافع بما لا يدع مجالا للشك على استمرار دفاعه على روح ما نادى به منذ مدة طويلة "الدعوة إلى الانخراط الفكري في تاريخ لم نصنعه، لكننا مطالبون باستيعابه لنتمكن من معاصرة فعلية، بدلا من الاكتفاء بالنسخ المقلد، الذي يجعلنا معاصرين في الظاهر، دون أن يتمكن وعينا وعقلنا، من إدراك المآل الذي انتهينا إليه..." (كمال عبد اللطيف، في الدفاع عن الحداثة و نقد التراث (ملاحظات عامة في السيرة الفكرية للعروي والجابري.)جريدة الاتحاد الاشتراكي/ الملحق. 6 مارس 1998).
العروي يرى أن الطريق الوحيد للتخلص "من الانتقائية والسلفية هو الخضوع للفكر التاريخي بكل مقوماته: صيرورة الحقيقة، وإيجابية الحدث التاريخي، وتسلسل الأحداث ثم مسؤولية الأفراد عنها" )العرب و الفكر التاريخي). هذا الفكر التاريخي - في نظر العروي- هو الذي يستطيع تحريرنا من أصالة موهومة تمجد التراث، لذلك يدعو إلى ماركسية تاريخية، أو تاريخانية ماركسية. مقوماتها كما يقول الإيمان "بثبوت قوانين التطور التاريخي ووحدة اتجاهه وإمكانية اقتباس الثقافة (أو ما يطلق عليه وحدة الجنس)، ثم إيجابية دور المثقف والسياسي".
يرفض الجابري هذه الكونية الموهومة، وهو يتشبث بأهمية محاورة التراث لتملكه وجعله معاصرا لنا. أي النظر إليه نظرة تاريخية تعتمد على إضفاء المعقولية على الشيء المقروء وبالتالي البحث فيه عما يمكن أن يساهم في إعادة بناء الذات العربية وهي المهمة المطروحة في الظرف الراهن (الجابري: نحن و التراث). فليس رباطنا بتراثنا في نظر الجابري بمثل الرخاوة التي يتصورها العروي، ويرفض الجابري التخلي عن التراث لصالح الجانب الإنساني العام في التراث البشري. ذلك أن الشعوب لا تستعيد في وعيها، ولا يمكن أن تستعيد إلا تراثها أو ما يتصل به، وحتى إذا طلب منها استيعاب التراث الإنساني الأجنبي فإنها تستعيده على أساس كونه أجنبيا عنها بمواضيعه، ولغته وإشكالاته، فهي تعيش التراث الإنساني العام داخل تراثها لا خارجها. (الجابري: نحن و التراث).
في نفس خط الجابري يتحدث الخطيبي عن رفضه للنظر إلى التراث من خلال نزعة تاريخية ترد التاريخ إلى كلية ميتافيزيقية نسيجها الاستمرارية والعقلانية والميل إلى النظام والإرادة (الخطيبي: النقد المزدوج). ويرى أنه إذا أردنا أن نقطع مع التراث يفترض أن نكون قد أحببناه وتشبعنا به ونكون قد أصبحنا عارفين به كما يجب. لهذا فالخطيبي يدعونا إلى إفراغ الكتابة التاريخية وتطهيرها من المطلقات التي تقيد الشعب وتجمد الزمان الذي يحياه والمكان الذي يعيش فيه والجسد الذي يحيا به. التاريخانية حسب الخطيبي كانت مرحلة ضرورية اقترنت بفترة الدعوة إلى الوحدة القومية المطلقة فلم يعد لها مبرر.
و يكمن تلمس التاريخانية في فكر العروي مثلا في الآراء المواقف التي يطرحها حول القضية الفلسطينية التي يرى أنها قضية تاريخية ويجب النظر إليها كذلك من أجل نظرة واقعية موضوعية للقضية .
ومن ملامح تاريخانية العروي أنه يدعو إلى "الحسم"، حسم الدول الإسلامية في العديد من القضايا العالقة والتي بتأخرها في الحسم تعيش قلقا وتشويشا وبلبلة في جذورها و إيديولوجيتها الفكرية والوجودية.
كما أنه يتحدث فيما يخص ابن خلدون عن "المتاح"، الذي كتب من خلاله ابن خلدون مقدمته وما بعدها من كتاب العبر. وأنه لم يكن ابن خلدون ليكتب أو ليصل فيما كتب أكثر مما وصل إليه لأنه كان محكوما بالمتاح في عصره واقعا ومعاشا. لذلك علينا أن نستفيد نحن من "المتاح للبشرية جمعاء"، من علوم وتاريخ ومعارف حتى ننخرط في زمن العالم ولا نبقي خارجين عنه.
إن مفاهيم العروي شمولية ومنخرطة في التاريخ العالمي رغم مقاربته للمحلي، وحتى مقاربته للمحلي تكون بكتابة تاريخية منفتحة وعالمية غير منغلقة منتمية للفكر التاريخي العالمي المعاصر، مجمل القول فإن العروي يهمل التواريخ الفعلية لحساب تاريخ كوني وكلية ميتافيزيقية.
إن مشكلة العروي ليست مع التراث، ولكن مع استخدامات الأنظمة للتراث، والعقلانية التي يدعو إليها العروي، عقلانية تاريخانية، يدعو فيها العرب والمسلمين إلى التفكير في موضوعاتهم والمواضيع العالمية بعقلانية كونية وليس بعقلانية محلية محددة. وأهمية التاريخ ثم التاريخانية في الفكر المعاصر أنه يصنع التكافؤ بين الثقافات.
ثم إن التعامل مع الواقع بتاريخانية هو التعامل بدنيوية؛ ولا تظهر هذه الواقعية وتلك الدنيوية إلا من خلال إفصاح العروي الباحث والناقد عن مواقفه بشجاعة تامة، واعترافه بكينونته الثقافية والتاريخية وبدورها في توجيه عملية التأويل وتصور الأشياء، كدليل على تاريخانية الإنسان نفسه وكحتمية لا يمكنه الانفلات منها. ثم إنه قبل العروي لم يكن مستطاعا الحديث عن ثقافة مغربية خارج الإنتاج الثقافي للحركة الوطنية الذي يطغى عليه الهاجس السياسي الإصلاحي، كما أنه لا يعثر على فكر من عيار الفكر الذي بلور فيه العروي دفاعه العميق عن الفكر التاريخي، والماركسية الموضوعية، ومبادئ التاريخانية...
لقد بلورت آراءه دفاعا عن التاريخ والتاريخانية، وحتمية التعلم من الثقافة الغربية باعتبارها المستقبل المنظور لإرادة في السياسة والفكر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.