إسبانيا تنفي إنزال علمها من جزيرتي الحسيمة    بنكيران: نتائج انتخابات 2021 فاجأت حتى من أعدّوها.. ولا نسعى للانتقام لكن لن نصمت على العبث    الغلوسي: منتخبون بمراكش يؤسسون شركات للفوز بصفقات عمومية ويُراكمون ثروات طائلة    مندوبية التخطيط ترصد تراجع البطالة    انخفاض أسعار النفط بعد اتفاق "أوبك+" على زيادة الإنتاج    فنادق أوروبا تلاحق "بوكينغ" قضائياً        دعوات لاحتجاجات أمام ميناء الدار البيضاء رفضا لاستقبال "سفن الإبادة"    ضربات إسرائيلية تخلف قتلى في غزة        رابطة الكتبيين: التخفيضات المدرسية على "السوشل ميديا" خدعة تجارية    البحرية الملكية تتدخل لإنقاذ مهاجرين    شقيق مروان المقدم يدخل في اعتصام وإضراب عن الطعام أمام عمالة الحسيمة    حملة "التعمير والإسكان" تخدم الجالية    "الجايمة"..أشهر مطعم مغربي في ألميريا يُغلق أبوابه نهائيًا    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    إنتر ميامي يعلن غياب ميسي لأجل غير مسمى    الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تُصعد لهجتها ضد قانون مجلس الصحافة وتدعو لتعبئة مهنية موحدة دفاعا عن حرية الإعلام والتنظيم الذاتي    ‬تجديد ‬الاستعداد ‬لحوار ‬صريح ‬و ‬مسؤول ‬مع ‬الأشقاء ‬في ‬الجزائر ‬ما ‬دلالته ‬؟    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مقاومة الأداء الإلكتروني بالمغرب تعرقل جهود الدولة نحو الشمول المالي    وزير ‬الداخلية ‬يفتح ‬ورش ‬الانتخابات ‬التشريعية ‬بالمشاورات ‬مع ‬الأمناء ‬العامين ‬للأحزاب ‬السياسية ‬الوطنية ‬    مصرع سيدة في حادثة سير مروعة بطنجة    دونالد ‬ترامب ‬يقطع ‬دابر ‬التشويش ‬والمؤامرات ‬المتربصة ‬بالسيادة ‬المغربية ‬ويعلنها ‬صراحة :‬    لا أنُوء بغزّة ومِنْهَا النُّشُوء    مفتي القدس: الملك محمد السادس ثابت في نصرة القضية الفلسطينية وداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة    كأس أمم إفريقيا للاعبين للمحليين 2024.. المغرب مرشح قوي تترقبه أعين كل المنافسين على اللقب    ريال مدريد يحصن نجمه المغربي إبراهيم دياز بعقد جديد    وليد الركراكي يحضر لمفاجآت جديدة في معسكر شتنبر بضم لاعبين من أوتريخت وروما    ارتفاع في أعداد المهاجرين غير النظاميين الوافدين إلى سبتة ومليلية المحتلتين خلال 2025    أوروبا تشدد الرقابة.. نظام إلكتروني جديد يرصد تحركات المسافرين المغاربة بدقة    مسؤولون أمنيون إسرائيليون سابقون يطلبون مساعدة ترامب لوقف الحرب في غزة    الدخول المكثف للجالية يدفع الدرهم المغربي للارتفاع أمام الأورو    وفد من مجلس المستشارين يتباحث مع الرئيسة الجديدة للبرلمان الأنديني في أول لقاء رسمي لها    عاكف تتوج ببطولة "فريستايل إفريقيا"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    ترتيب شباك التذاكر في سينما أميركا الشمالية    أستراليا تتهم مواطنة صينية بالتجسس        توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب        فرنسا ترحل طالبة فلسطينية إلى قطر بعد اتهامها بكتابة منشورات "معادية للسامية"    وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما    بطولة انجلترا: تشلسي يتعاقد مع الظهير الأيسر الهولندي هاتو    حماس تقول إنها لن تسمح للصليب الأحمر بالوصول إلى الرهائن إلا إذا تم فتح ممرات إنسانية    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    نازهي يسائل وزير الثقافة حول اختلالات مسرح محمد عفيفي بمدينة الجديدة    "عرش المحبة حين يغني المغرب في قلب تونس"    النجمة أصالة تغني شارة "القيصر" دراما جريئة من قلب المعتقلات    المركز السوسيوثقافي أبي القناديل يحتظن حفلا مميزا تخايدا لذكرى 26 لعيد العرش المجيد    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل اشتراكي علمي لأحداث العيون.. والحكم للتاريخ
نشر في مرايا برس يوم 14 - 11 - 2010

مرة أخرى أظهر النظام المخزني أنّه لا يزال يعيش في القرون الوسطى حيث كانت الانتفاضات الشعبية من أجل المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقابل بالهراوات وحد السيف لإخماد صوتها وقمع طموحاتها. فالمخزن المغربي، الذي حاول عبثا ارتداء عباءة الحداثة والمعاصرة، مجبول بفطرته العنصرية والتاريخية على النظرة الإقطاعية لبنية المجتمع والتمييز الطبقي في تقسيم ثروات البلاد. إنّ الشعب لديه لا يمثل سوى طبقة الخدام وبالتالي لا حقوق له غير حق التفاني في خدمة طبقة الأسياد، وكل محاولة للتعبير عن السخط والرفض لهيمنة الإقطاع على موارد البلاد وأسلوبه في الاستفادة منها تعتبر عصيانا وخروجا عن القانون.. أي قانون يا سادة؟!
ما الذي حصل في العيون؟
بعدما علقت ساكنة الصحراء، أقول ساكنة الصحراء لا الصحراويين، آمالها على السلطة المغربية في حل مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية، اتضح لها مع مرور الزمن أنّها عانقت من ينهش لحمها ويرتشف دمها جرعة جرعة بنشوة ولذة، وشأنها في ذلك شأن ساكنة باقي المناطق المغربية الأخرى. والنتيجة كانت كما يقول المثل:"من يزرع الريح يحصد الزوبعة". هذه الزوبعة التي جاءت في شكل مخيم النزوح خارج مدينة العيون وهي تعبير واضح عن رفض الجماهير للعيش بالنمط القديم ومطالبتها بالحداثة والمعاصرة في بنية وأسلوب الحكم المغربي. فالمخيم كان تعبيرا حضاريا عن رفض المواطنين لفساد السلطات المحلية وتجاهلها لمشاكلهم اليومية إذ في بادئ الأمر رفع النازحون شعارات اقتصادية محضة، لكن السلطة المحلية والوطنية تعاملت مع المطالب المشروعة باستخفافها المعهود وبذلك قدمت مخيم النزوح على طبق من ذهب لمحترفي اللعب في الماء العكر من انفصاليين خدام الجيران (الذين ينتهجون سياسة المكيالين في قضية تقرير المصير فهي حلال على الانفصاليين المغاربة، حرام على الأمازيغ "القبايلية") وشردمة المشاغبين. هاتان المجموعتان استغلّتا بمكر وذهاء غضب الشارع وقادوه نحو ما يخدم مصالحهما. هنا نشير إلى عدم كفاءة السلطة المخزنية وتقادم عقليتها ومنهجيتها وأسلوبها في معالجة الأمور. فتدخلها الذي كان من المفروض إخماد نار الفتنة صبّ الزيت في النار كما نقول نحن المغاربة مما يفيدنا بأنّ المخزن عاجز على مسايرة الظروف التاريخية الجديدة. والنتيجة هي دعم موقف الانفصاليين من حيث لم يكونوا ينتظرون هم أنفسهم. فهل هذا تصرف من يريد إيجاد حل نهائي لمشكلة الصحراء ووحدة التراب الوطني؟
مغرب "العهد الجديد" بأساليب مغرب عهد النار والرصاص
الحقيقة أنّ العيون ليست وحدها من تعرضت للتدخل العنيف من طرف السلطة المخزنية الإقطاعية لمجرد أنها تجرأت على رفع لائها للظلم الاجتماعي في وجه السياسة اللاشعبية الممارسة بالمغرب. فقبلها تعرضت سيدي إفني والكل يعلم بهذه الأحداث وما تعرضت له ساكنتها من عنف وبطش لمجرد مطالبتها بحقها في العيش الكريم. وقبل الحدثين المذكورين كانت هناك أحداث أخرى بالمغرب نسرد أهمها:
1. سنة 1965: انتفاضة الطلاب كانت حصيلتها 1000 قتيل، دون الحديث عن المعتقلين..
2. سنة 1981 انتفاضة الشعب والتي عرفت بانتفاضة الخبز خلّفت مئات الضحايا
3. سنة 1984 انتفاضة الجوع وما تلاها..
بالطبع عرف المغرب عدة انتفاضات شعبية من قبل مثل انتفاضة الريف 1958-1959 التي طالبت بإجلاء المستعمر، لكننا فضلنا الحديث عن الانتفاضات ذات المطالب الاجتماعية والاقتصادية فقط. كل هذه الانتفاضات الشعبية القديمة منها والجديدة لها عامل مشترك هو مطالبة الجماهير الشعبية بحقها في العيش الكريم وتعامل السلطة المخزنية مع هذه المطالبة بوحشية لاتقلّ عن وحشية السلطة الشيلية إبّان حكم السفاح بينوشيه.
إذا العيون ليست وحدها التي تعاني من الظلم الاجتماعي، فهذه سياسة طبقية ممنهجة للمخزن بالمغرب لا علاقة لها لا بالطائفية ولا القبلية ولا العقائدية أو العرقية. فالمخزن نظام إقطاعي يقسم المجتمع إلى أسياد وعبيد، ويتفاعل مع الجماهير الشعبية من هذا المنطلق. وكل تحليل لأحداث العيون ومخيم النزوح خارج هذا التفسير يبقى تحليلا ذو نزعة طبقية ومحاولة للتستر على سياسة المخزن اللاشعبية وطمس لحقوق الجماهير الشعبية المغربية في العيش الكريم ونكرانها أو محاولة لاستغلال الوضع لتمرير مواقف مخلة بمصلحة الوطن الترابية.
دور الإعلام النزيه
في مثل هذه الظروف العصيبة يبقى دور الإعلام النزيه الابتعاد عن السياسة الشعبوية والعزوف عن استغلال عاطفة الأميين السياسيين وتكريس كل المجهودات لتفسير حقيقة ما يحصل وتوضيح أسبابه الحقيقية للقراء والجماهير. فهذه هي رسالة الإعلام التي من أجلها وجد. إذ أنّه سلطة رابعة لها قوتها ويجب توجيهها في الاتجاه الصحيح، لأنّ تأثيرها في تشكيل رؤية قاعته الشاسعة للأحداث لا يستهان بها. أما الترويج لمغالطات المخزن أو أعداء الوحدة الترابية على حساب حقيقة الأمر، فإنها مجازفة خطيرة لن تغفرها الجماهير المناضلة من أجل العدالة الاجتماعية.
إنّ الإعلام المغربي بشقيه يجب أن يعلم أنّ التاريخ ليس أبا لأحد، فهو يدوّن ويسجّل كل الآراء والمواقف ويضعها في كفة ميزان حكم الشعب الذي لا استئناف له. أيها السادة، إنّ الليل مهما طال لابد له من الجلاء ولابد للشمس من الشروق، فلا تسترزقوا بمصير الوطن وجماهيره المستضعفة اليوم. فالنزاهة والاستقلالية في خط التحرير شفاعتكم يوم غد.
دور الأحزاب والتنظيمات السياسية الشريفة
ينحصر دور الأحزاب والتنظيمات السياسية العلنية منها والمحظورة في توعية الجماهير بحقيقة الأحداث وتوضيح ما يجري فعلا على أرض الواقع والعزوف عن نهج من ابتاع مرضاة السلطة المخزنية بالوطن والشعب رغم صعوبة الموقف ومخاطره، والخروج من صمتها والإفصاح عن موقفها وإن انفرد في جوقة المزامير المخزنية والقذائف الانفصالية. لابد من شرح لجماهيرنا، التي تخدر شق منها لا يستهان به بسموم الإعلام المسترزق، أنّ العيون إنما انتماؤها اجتماعي طبقي لا سياسي انفصالي كما تروّج له الجهات المخزنية، ويكفي مشاهدة أشرطة الفيديو للأحداث والإصغاء لها، من دون أذن موسيقية، لفرز اللكنة البيضاوية والرباطية .. من بين المتظاهرين بالعيون.
لن نغفل هنا بعض التنظيمات السياسية ذات ماض غني بالتضحيات الجسيمة والتي خرجت إلى الحقل العلني دون الدخول في اللعبة المخزنية، وإننا إذ نحيّيها على صلابة موقفها وثبات مبادئها، نناشدها إعادة النظر في بعض مواقفها من القضايا الوطنية والتشبث بوحدة التراب الوطني والتمييز بين مناهضة الإقطاع والدفاع عن حدود الوطن. فقضية الصحراء ابتدأت، كما تحقون ذلك، كقضية نضال سياسي ضد النظام المخزني من طرف مجموعة يسارية ماركسية تبنت النضال المسلح دون الأخذ بعين الاعتبار قوة النظام. والنتيجة أنها ارتمت في أحضان نظام مستبد آخر لا يقل إقطاعية عن المغربي. إنهم مثل من أراد مقاومة بينوشيه ولجأ لسوموزا، فهل هذا منطقي؟ إننا مع التغيير الديمقراطي، لكن التغيير لا يجب أن يكون على حساب الوطن لأنه أرضنا التي طالما سقيناها بدمائنا، ولازلنا كذلك، وبالتالي لا يمكن التفريط في شبر منها. ولكم القدوة في الاتحاد السوفياتي السابق الذي استرجع بيلاروس الغربية، والصين الشعبية التي تطالب لحد الآن بالتايوان ولا تسمح لأي كان الاعتراف بها كدولة مستقلة عنها. أم أنكم تعتقدون بأنّ أعداء الوحدة الترابية المغربية، "أنصار" حق تقرير المصير للشعوب، سيسمحون للقبايلية حتى بالحكم الذاتي وبالأحرى الانفصال؟
إنّ أعداء وحدة ترابنا الوطني إنما يطمحون ليصبحون القوة الأولى في المنطقة بدون منازع، لذلك يعملون كل ما في وسعهم لاستغلال القضية لإقصاء منافس يبدو لهم قوي. فهل نساعد أعداءنا على أنفسنا؟ هل الثوار الروس أو الصنيون عملوا على إضعاف بلديهم أم تقويتمها وجعلمها قوتين عالميتين؟ إننا نضال ضد الإقطاعية من أجل بناء مغرب مستقل اقتصاديا وبالتالي سياسيا أي دولة قوية، لأنه لا حياة لضعيف في عالم السياسة. إننا عندما ندافع عن وحدة المغرب الترابية، فإننا لا ندافع عن مواقف السلطة المخزنية بل ندافع عن إرثنا ليوم الغد. فهل من مستوعب؟
ختاما نقول إنّ أحداث العيون تبقى ضمن إطار رفض السياسة اللاشعبية للنظام المخزني المنهوجة داخل البلاد ولا علاقة لها بالانفصالية، رغم أنّ هذه الأخيرة حاولت استغلالها لصالحها, فما تعانيه جماهير ساكنة العيون هو نفسه ما تعيشه باقي المناطق المغربية المهمشة. لنلاحظ كيف أنّه لم يخروج شيوخ القثبائل والأعيان الكبار للتظاهر بل خرج للتعبير عن سخطه الفقراء (يكفي مشاهدة أشرطة الفيديو للتأكد من ذلك من خلال ملابس المتظاهرين). وهذا يعني أنّ أحداث العيون تحمل طابعا طبقيا لا سياسيا. كما أنّ انتفاضة العيون لم تخرج عن سيناريو الانتفاضات الأخرى التي حصلت بمناطق مغربية أخرى من إحراق ممتلكات الدولة والإقطاعيين أو الرأسماليين. فإذا لم يكن هذا دليل على طبيعتها الطبقية لا العرقية أو الانفصالية فعلى ماذا يدل؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.