اشتكت رئاسة النيابة العامة، في تقريرها لسنة 2024 من الخصاص في القضاة والموارد البشرية، ودعت إلى ضرورة الإسراع بتطوير التشريعات، خاصة القانون الجنائي ليستجيب للمستجدات الاجتماعية والاقتصادية، ووضع إطار قانوني واضح للتعامل بالعملات المشفرة يحدد الممارسات غير المشروعة وطرق الحجز والمصادرة، وإحداث بنيات مؤسساتية لتنفيذ تدابير الحماية المقررة لفائدة ضحايا الاتجار بالبشر والنساء والأطفال ضحايا الجرائم. وأبرز هشام بلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، خلال عرض التقرير السنوي أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن المعدل الوطني لقضاة النيابة العامة لا يتجاوز3 قضاة لكل 100 ألف نسمة، وهو معدل يبقى ضعيفاً بالمقارنة مع نظيره الأوروبي الذي يفوق 11 ممثلاً للنيابة العامة، وقدر عدد الخصاص في القضاة بحوالي 800 قاض.
ورغم أن عدد قضاة النيابة العامة العاملين بمحاكم المغرب بلغ في متم سنة 2024 ما مجموعه 1223 قاضياً وقاضية، بزيادة نسبتها 12.5% مقارنة بسنة 2023، إلا أنّ الزيادة النسبية تبقى غير كافية أمام حجم المهام المتنامي، لا سيما في ضوء التعديلات التشريعية الأخيرة، وبعد اعتماد قانون العقوبات البديلة… وشدد بلاوي على ضرورة تمكين النيابات العامة من العدد الكافي من الأطر والموظفين، مع إيلاء الأولوية لتوظيف المساعدين الاجتماعيين بحكم أدوارهم الجديدة في تنفيذ العقوبات البديلة، فضلاً عن توفير موظفين متخصصين في المجالين الإحصائي والمعلوماتي. كما دعا إلى ضرورة تعزيز المحاكم الابتدائية بعدد كاف من قضاة تطبيق العقوبات وتمكينهم من التخصص لمواكبة المستجدات التشريعية، إلى جانب دعم محاكم الاستئناف بالمستشارين بالنظر إلى التمركز الكبير للمعتقلين الاحتياطيين به. مع الرفع من الإمكانات البشرية والمادية للشرطة القضائية، والرفع من عدد الأطباء المتخصصين في الطب الشرعي بما يكفل التوزيع المتكافئ لتغطية الخصاص القائم. وكشفت معطيات سنة 2024، حسب ذات العرض، عن الحاجة الملحّة إلى مواصلة تطوير البنية التحتية وآليات العمل بما يعزز نجاعة النيابات العامة وجودة خدماتها، وتهيئة المحاكم بما يضمن فضاءات استقبال ملائمة للمشتكين والمرتفقين، وتوفير الربط المعلوماتي مع جميع المحاكم، وكذا مع الإدارات والشركاء الاستراتيجيين وفي مقدمتهم الشرطة القضائية، بما يسمح بإنجاز الأبحاث وإحالة المحاضر بشكل إلكتروني وآمن. ودعا بلاوي إلى الرفع من حصة المحروقات المخصصة لسيارات المصلحة المستعملة في زيارات أماكن الحرمان من الحرية، بما يضمن تغطيتها لتستجيب لالتزامات قضاة النيابة العامة المحددة قانوناً، فضلاً عن تهيئة المستشفيات العمومية لتوفير أمكنة خاصة باستشفاء السجناء وتعبئة الإمكانيات البشرية واللوجستيكية اللازمة لتأمين حراستهم، مع تعزيز المؤسسات الاستشفائية المتخصصة في الطب النفسي والعقلي لضمان إيداع السجناء المحكومين بانعدام المسؤولية الجنائية في آجال معقولة وتفادي بقائهم في السجون. وأكد رئيس النيابة العامة على الحاجة الملحة إلى الإسراع باعتماد مشروع القانون الجنائي في صياغة جديدة تستجيب للمستجدات الاجتماعية والاقتصادية، وتتجاوز الصعوبات التي أبانت عنها الممارسة القضائية في ظل النص الحالي، والتعجيل بإصدار النصوص المؤطرة لإصلاح المهن القانونية والقضائية وتوحيد مساطرها التأديبية، واعتماد نظام الأبوستيل الإلكتروني عن بعد بما يتيح تصديق الوثائق العمومية عبر منصة رقمية مؤمنة، وتطوير النصوص المنظمة لمراكز حماية الطفولة بما يضمن بنيات استقبال وإيواء ملائمة. وشدد على أهمية توفير الإطار التنظيمي اللازم لتمكين النيابات العامة من تفعيل مقتضيات الفصل الثامن من ظهير 21 ماي 1974 بشأن إيداع المدمنين على المخدرات في مؤسسات العلاج، مع إحداث بنيات مؤسساتية لتنفيذ تدابير الحماية المقررة لفائدة ضحايا الاتجار بالبشر والنساء والأطفال ضحايا الجرائم، وإلى وضع إطار قانوني واضح للتعامل بالعملات المشفرة يحدد الممارسات غير المشروعة وطرق الحجز والمصادرة، وكذا تعديل الإطار القانوني لتوسيع دائرة المستفيدين من الحق في التغذية ليشمل المقدمين أمام النيابات العامة في حالة انتظار الاستدعاء أو الإحالة الفورية على الجلسة وهم في حالة اعتقال.