الداخلية تحدد آخر أجل لملء استمارة الإحصاء الخاصة بالخدمة العسكرية    حزب الاستقلال يظفر بمقعد برلماني في الانتخابات الجزئية ببنسليمان    المغرب الاتحاد الأوروبي.. التوقيع على مشروع تعاون جديد بقيمة 43 مليون درهم    المغرب وإسبانيا .. استجابات مشتركة لتحديات التغير المناخي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مفوض حقوق الإنسان يشعر "بالذعر" من تقارير المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    اتجاه إلى تأجيل كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025 إلى غاية يناير 2026    انتقادات تلاحق المدرب تين هاغ بسبب أمرابط    المنتخب الوطني الأولمبي يخوض تجمعا إعداديا مغلقا استعدادا لأولمبياد باريس 2024    حقيقة "النمر" الذي خلف حالة هلع بين ساكنة طنجة..    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    بنسعيد يبحث حماية التراث الثقافي وفن العيش المغربي بجنيف    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    إساءات عنصرية ضد نجم المنتخب المغربي    وزير إسباني : المغرب-إسبانيا.. استجابات مشتركة لتحديات التغير المناخي    توقيف 5 أشخاص بأكادير يشتبه تورطهم في الاتجار في المخدرات    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    أساتذة جامعة ابن زهر يرفضون إجراءات وزارة التعليم العالي في حق طلبة الطب    إقليم فجيج/تنمية بشرية.. برمجة 49 مشروعا بأزيد من 32 مليون درهم برسم 2024    تفكيك عصابة فمراكش متخصصة فكريساج الموطورات    بنموسى…جميع الأقسام الدراسية سيتم تجهيزها مستقبلا بركن للمطالعة    "إل إسبانيول": أجهزة الأمن البلجيكية غادي تعين ضابط اتصال استخباراتي ف المغرب وها علاش    شركة Foundever تفتتح منشأة جديدة في الرباط    نوفلار تطلق رسميا خطها الجديد الدار البيضاء – تونس    للمرة الثانية فيومين.. الخارجية الروسية استقبلات سفير الدزاير وهدرو على نزاع الصحرا    هل تحول الاتحاد المغاربي إلى اتحاد جزائري؟    جمعية أصدقاء محمد الجم للمسرح تكشف عن تفاصيل الدورة الثالثة للمهرجان الوطني لمسرح الشباب    طقس الأربعاء... أجواء حارة نسبيا في عدد من الجهات    تخفيضات استثنائية.. العربية للطيران تعلن عن تذاكر تبدأ من 259 درهما على 150 ألف مقعد    ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟    المرصد الوطني للتنمية البشرية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية يوقعان إتفاقية لإطلاق بحوث ميدانية لتحديد احتياجات الساكنة المستهدفة    إسرائيل تكثف ضرباتها في غزة وتأمر بعمليات إخلاء جديدة بشمال القطاع    الكونغرس يقر مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك ب "الملياردير المتغطرس"    الصين تدرس مراجعة قانون مكافحة غسيل الأموال    نانسي بيلوسي وصفات نتنياهو بالعقبة للي واقفة قدام السلام.. وطلبات منو الاستقالة    بطولة انجلترا: أرسنال ينفرد مؤقتا بالصدارة بعد فوز كبير على تشلسي 5-0    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    توفيق الجوهري يدخل عالم الأستاذية في مجال تدريب الامن الخاص    الصين: أكثر من 1,12 مليار شخص يتوفرون على شهادات إلكترونية للتأمين الصحي    الولايات المتحدة.. مصرع شخصين إثر تحطم طائرة شحن في ألاسكا    إيلا كذب عليك عرفي راكي خايبة.. دراسة: الدراري مكيكذبوش مللي كي كونو يهضرو مع بنت زوينة        حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كَالو الروح الوطنية
نشر في ناظور سيتي يوم 19 - 05 - 2010

الروح الوطنية مفهوم كثير الاستخدام.. بل هو مفهوم ركبوه أصلا للاستخدام فقط... لا تعبيرا عن إحساس... للاستخدام من أجل خَدْم الوطن وخدْم من عليه..! والخدمة هنا بالمفهوم الدارج.. فماذا لو كانت هناك آلة لقياس هذه الروح.. كالآلة التي يُقاس بها معدل الكحول في جسم بني آدم...؟ حتما ستكون الكارثة... فهذه الروح لا نراها ولا نحس بها لأنها في سبات عميق.. نائمة لدى لاعب الكرة كما لدى الموظف، لدى الأجير كما لدى المارة... ولدى حكومتنا الموقرة والمبجلة تبجيلا... ولا شك أن وراء الأمر سؤال... ألا يمكن أن يكون ذلك نتيجة سخط الوطن نفسه؟ هذا الوطن المغبون من فرط تزويره.. وتغيير جيناته..
في وطننا المروكي يجب البحث أولا عن الروح قبل الحديث عن أي شيئ آخر.. فالروح عندنا أرواح... لا تستطيع رؤيتها ولا تشخيصها ولا حتى شمها... وللروح نفسها سبعة أرواح... غير قابلة للقبض ولا للمعاينة...
أما الوطن فاختزلوه بكثير من الفخر والعناية في قِدْر من الفخار فيه ما طاب ولذ وهم حوله يتناوبون مُنغمسون يُغمِسون... وبرباطة جأش وربطة عنق يبتسمون لنا، بعد الغسيل، في جو من التعبئة مفعمة بالروح الوطنية..! قبل أن يخلدوا بأرواحهم لغرف النوم ليُنَوِموا أحاسيسهم والوطن خارج الوطن يستجدي الحقيقة ويصارع الزيف... بحثا عن الروح...
وطن بلا روح لا تتذكره الأرواح... هو حال هذا الماروك... لقد علمونا أن الوطن يحتاج على الأقل لأرض وشعب... فإذا بنا في أرض وبين شعب ولا نرى وطنا... أرض بإشارات مرور ضوئية لا تمل.. بألقاب مزيفة ووجوه مُمَكْيَجَة عليها تعابير مستوردة وتقاسيم مفبركة لإخفاء ملامح الزمن كي يتفتت الأصل والنسب ويتيه الوطن.. حين يكبر الوطن..
الوطن يموت حين تُزيف الروح.. والروح نفسها تموت حين تغتالها الروح باسم الروح... لأن الأرواح في صراع والوطن واحد وحدة الأرض..
قد أبدو لكم غامضا... وتبدو كلماتي رزمة من عبث... لكن لنقترب للموضوع من جانب آخر ملموس... سنكتفي فقط بالحديث عن تلفتزنا العظيمة "دوزام" كي احتفلت منذ مدة بسنتها العشرين.. عشرون سنة في خَدْم الوطن.. يخدمونه تارة في الأخبار وكثيرا في البرامج والمسلسلات والإشهار ودائما يخدمونه بالإقصاء.. عشرون سنة من الروح الوطنية...! ماذا استفدتم أنتم سكان الأصل بالمغرب؟ ألستم شعبا ولكم أرضا؟ فأين الوطن إذن؟ عبثا تبحثون... لا أثر لكم ولا وطن.. ستأتيكم "دوزام" بالأخبار ما لم تزود... فهي لا تحشم ولا تستحيي حين تطبل وتزمر علينا كل صباح ومساء بتلك الوصلة الإعلانية الفاقدة للروح الوطنية الحقيقية.. عشرون سنة من...!!! كل يوم، وبلا روح، تغتال حقيقة الوطن، لترسم وطن في الأحلام.. في التلفزة... وبلا روح.
ألم يريدو أن تكون "دوزام" دوزيام ماروك؟ دوزيام وطن؟ بمعنى أن تلغ الوطن الحقيقي لتخلق مكانه وطنا على الشاشة.. وطنا للأحلام المزيفة.. كيف يمكن أن تفسر لنا قناة عمومية يمولها هذا الشعب الحازق مرور نصف قرن تقريبا وهي تطحن فينا زيفا وإقصاء.. نحن الأمازيغ، أبناء هذه الأرض وهذا الوطن..؟ كيف استطاعت ببرودة دم أن تسكِر أبواب قناتها في وجه شعب تحلبه أنا شاءت..؟ عشرون سنة من العار... عشرون سنة ولا فيلم أمازيغي.. ولا مسلسل... ولا... ولا... إلا بعض برامج التي إن مَيكْنا وسميناها برامجا امازيغية، لا يمكن أن نُمَيِك على حموضتها وعلى فقرها وانعدام الاحترافية في إعدادها... وهي على كل حال عمَشٌ وليست عمى... ولكن العمى أحسن من العمش... وأن تتخيل التفاهة أهون من أن تراها...
عشرون سنة ودوزام تنهب ثقافتنا.. توشوش على أعرق حضارة في شمال إفريقيا... عشرون سنة من المهنية في التعتيم.. عشرون سنة ودوزام تَقُج هذا الوطن.. لتصنع منه وطنا آخر كي يتسنى لها الحديث عن الروح الوطنية.. سائرة على منوال عباس الذي يُعرب وطنا بكامله، يسلخه من أصله وفصله ويتشدق بعد ذلك بالروح الوطنية... إذا كانت الروح الوطنية وسيلة لتشويه الوطن وآلة لطمس معالمه فصلوا على شعب هذا الوطن وعلى الوطن نفسه صلاة الجنازة... أو صلاة الغائب... كما شئتم..
وبلا خجل تطل علينا شاشة دوزام برقم هاتفي وضعته خصيصا من أجل أن يتصل به أي شخص لديه مشاكل ويريد المصالحة مع أحد أقاربه أو أصدقائه بعد شقاق في برنامج جديد تعده وعلى الهواء... وبلا خجل أقترح على دوزام أن تعود الى رشدها وتتسلح بالروح الوطنية كي تخصص إحدى حلقات هذا البرنامج لكي تلتقي مع ملايين المشاهدين الذين فقصتهم فأقصتهم طيلة عشرين سنة، أن تلتقي بهم بعد غياب وتغييب.. أكيد أن لديهم الكثير كي يقولونه.. حان الوقت أن تجعل من الذكرى العشرين ذكرى فقط، ذكرى تلفزة عاقة وبلا روح وطنية...فتعلن توبتها ورجوعها لله... ستكون فعلا حلقة نموذجية ومعبرة... وكذا مفعمة بالروح الوطنية...
الآن يمكن أن نضع مفهوم الروح الوطنية في إطاره الحقيقي ونقول بأن كل من يعزل الوطن عن محيطه، ويغير أسماءه وبحاره ويشنقه إلى أن يزرق وجهه كي يغير لونه.. وكل من يحاصر وطنه بالكلمات.. ويصبره في المعلبات.. ليصدره مع أول ريح نحو الاغتراب... كي يستورد الشيشة والبخور وبقايا ألفاظ لفظتها المعاجم... كل من يفعل ذلك.. لا روح وطنية فيه... كل ما فيه أرواح تسكنه بدون عقد إيجار...
وشاء الله أن تكون لهذا الوطن روح أمازيغية... فمن ينكرها يخالف مشيئة الله كما قال ماس بودهان... وما دامت روح هذا الوطن أمازيغية فلا روح وطنية بدون روح أمازيغية... لأنها روح هذا البلد...
والروح الوطنية أولا وأخيرا تقتضي الوفاء.. الوفاء للوطن ولتاريخ الوطن وحضارته... ما عدا ذلك ليس كذلك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.