تطوان.. تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم "الدولة الإسلامية" تنشط بين تطوان وشفشاون    المهدي بنسعيد : صناعة الألعاب ال0لكترونية قطاع واعد يساهم في تعزيز الإقتصاد الرقمي والتنمية المستدامة    الدار البيضاء تستعد لاحتضان النسخة السابعة من "أيام لقاءات الصناعة" في يوليوز 2025    المنتخب المغربي النسوي يرفع وتيرة التحضيرات قبل افتتاح "كان السيدات 2025"    حكيمي وبونو في التشكيلة المثالية لثمن نهائي مونديال الأندية    الهلال السعودي يعزز هجومه بعبد الرزاق حمد الله قبل مواجهة فلومينينسي في المونديال    وفاة سجين معتقل على خلفية قانون مكافحة الإرهاب بالسجن المحلي بالعرائش    بتعليمات ملكية.. مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق العمل ب13 مركزا جديدا في عدد من مدن المملكة    الوقاية المدنية بطنجة تسيطر على حريق أعشاب سوق درادب    الوزيرة السغروشني توقّع سلسلة اتفاقيات استراتيجية لتسريع التحول الرقمي بالمغرب (صور)    المغرب يحتضن المؤتمر الثامن لجمعية المحاكم العليا الفرنكوفونية بمشاركة 30 دولة    مطار الحسيمة ينتعش مجددا.. ارتفاع ب12 في المئة وعدد الرحلات في تصاعد    اعتقال اللاعب الجزائري يوسف بلايلي في مطار باريس    ألا يحق لنا أن نشك في وطنية مغاربة إيران؟    تمديد أجل إيداع ملفات طلبات الدعم العمومي للصحافة والنشر والطباعة والتوزيع إلى غاية 30 شتنبر المقبل    تفكيك شبكة نصب واحتيال خطيرة استهدفت ضحايا بهويات وهمية بجرسيف    نشرة إنذارية.. موجة حر مع الشركي وزخات قوية مرتقبة بالمملكة    تحالف دول الساحل يشيد بالمبادرات الملكية لصالح تنمية إفريقيا    بحث يرصد الأثر الإيجابي لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر على الأسر المغربية    مع اعتدالها قرب السواحل وفي السهول الداخلية .. يوعابد ل «الاتحاد الاشتراكي»: درجات الحرارة في الوسط والجنوب ستعرف انخفاضا انطلاقا من غد الجمعة    5 أعوام سجنا للرئيس السابق للرجاء محمد بودريقة مع المنع من إصدار الشيكات    تجاذب المسرحي والسرد الواقعي في رواية «حين يزهر اللوز» للكاتب المغربي محمد أبو العلا    في لقاء عرف تكريم جريدة الاتحاد الاشتراكي والتنويه بمعالجتها لقضايا الصحة .. أطباء وفاعلون وصحافيون يرفعون تحدي دعم صحة الرضع والأطفال مغربيا وإفريقيا    32 قتيلا في غارات على قطاع غزة    موجة الحرارة تبدأ التراجع في أوروبا    إيران تعلق التعاون مع الطاقة الذرية    سعر النفط يستقر وسط هدوء مؤقت    نتائج بورصة البيضاء اليوم الأربعاء    "الاستقلال" يدين استهداف السمارة    تفكيك خلية "داعشية" بين تطوان وشفشاون شرعت في التحضير لمشروع إرهابي    "تلك القبضة المباركة".. أسطورة بونو تتجذر من مونديال لآخر    تيزنيت تستعد لاحتضان الدورة الجديدة من «الكرنفال الدولي للمسرح»    ندوة توصي بالعناية بالدقة المراكشية    ‬بعد جدل "موازين".. نقابة تكرم شيرين        "المنافسة": سلسلة التوزيع ترفع أسعار الأغذية وتتجاهل انخفاضات الموردين    أنغام تخرج عن صمتها: لا علاقة لي بأزمة شيرين وكفى مقارنات وظلم    الأمني: حضور رئيس الحكومة في البرلمان.. بين مزاعم بووانو وحقيقة الواقع    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    عُطل مفاجئ يصيب منصة "إكس" ويثير شكاوى المستخدمين عبر مواقع التواصل    عائلة برلوسكوني تبيع نادي مونزا الإيطالي لصندوق أمريكي    اعتراف دولي متزايد بكونفدرالية دول الساحل.. مايغا يدعو إلى تمويل عادل وتنمية ذات سيادة    التنسيقية المهنية للجهة الشمالية الوسطى للصيد التقليدي ترفع مقترحاتها بخصوص '' السويلة '' للوزارة الوصية    الرعاية الملكية السامية شرف ومسؤولية و إلتزام.        دورتموند يعبر مونتيري ويضرب موعدا مع الريال في ربع نهائي كأس العالم للأندية    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع المدافع الإيطالي رودجيري قادما من أتالانتا    ترامب يحث حماس على قبول "المقترح النهائي" لهدنة 60 يوما في غزة    نيوكاسل الإنجليزي يعتذر عن مشهد مسيء في فيديو الإعلان عن القميص الثالث    ملتقى فني وثقافي في مرتيل يستكشف أفق البحر كفضاء للإبداع والتفكير    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    أكادير تحتضن أول مركز حضاري لإيواء الكلاب والقطط الضالة: المغرب يجسّد التزامه بالرفق بالحيوان    وقت الظهيرة في الصيف ليس للعب .. نصائح لحماية الأطفال    حرارة الصيف قد تُفسد الأدوية وتحوّلها إلى خطر صامت على الصحة        ضجة الاستدلال على الاستبدال    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو.. قناة ألمانيا تكشف معاناة مهاجرين مغاربة يقطنون "براريك" بإسبانيا
نشر في ناظور سيتي يوم 05 - 08 - 2018

في جنوب إسبانيا، يقطن المئات من المغاربة أكواخَ الحرمان. لكن رغم قساوة الوضع، يرفض هؤلاء المغادرة، مصرّين على مناجاة النفس بأوراق الإقامة. DW عربية زارت مجموعة من هذه "التشابولات" ووقفت على حقيقة المعاناة.
أحلامٌ كثيرة غازلتهم وهم يعبرون إلى إسبانيا سراً على متن قوارب عقدت صفقات مع الحظ تارة ومع الموت تارة أخرى. منوا نفوسهم بحياة رغدة تُنسيهم ما اعتبروه عذاباً عاشوه في بلدهم الأصل، ولو كان ذلك عبر ركوب بحر تحوّل إلى مقبرة كبيرة تبتلع أجساد الآلاف سنوياً. لكن شطّ النجاة لم يكن بكل تلك الوردية التي لوّنت أمانيهم، إذ يعيشون هنا في مساكن من صفيح وبلاستيك وورق، ولا مورد يُعيل جلّهم غير سويعات عمل قليلة في الحقول، أو مساعدات توّزع بين الفينة والأخرى.
هنا في مساحات خالية في أطراف إقليم ويلفا (أو ويلبا) بجنوب إسبانيا، يعيش المئات من المهاجرين السريين في مساكن يطلق عليها "التشابولات" (كلمة تعني الأكواخ باللغة الإسبانية)، حيث لا ماء صالح للشرب ولا كهرباء ولا دورات مياه، وحدها غرف صفيحية تضم أسِرة وأغطية يحتلها الغبار من كل جانب. في بعض مجموعات "التشابولات" تختلط الجنسيات، بينما تكون بعضها أكثر حكراً على جنسية واحدة، كما عليه الحال بالعديد من المغاربة الذين كونوا هنا مجتمعا صغيرا يتقاسم كل شيء، بدءًا من الأحلام، وانتهاءً بواقع عنوانه المعاناة.
حوّل قاطنوا هذه الغرف أجزاءً منها إلى ما يشبه المطابخ حيث تتبعثر أوانٍ متسخة وأسطوانة غاز وبعضٌ من أساسيات الغذاء، بينما استطاع آخرون الظفر بمساحة خالية للطهي. زُرنا هذه المساكن في عز الصيف حيثُ تصطاد الحرارة العالية كثيراً من محاولات النوم، أما في الشتاء، فالمكان يتحوّل إلى كومة من الطين المبلل أو برك مائية تتسلل بعض قطراتها إلى الأسرة لتلتحم مع عرقٍ سبق واحتل الأركان في أيام الحرارة.
معاناة بطعم المؤنث
تعيش فاطمة هنا منذ أشهر. عكس العديد من جيرانها، فهي حاصلة على أوراق الإقامة، لكن ندرة مواردها المالية دفعتها إلى هذا السكن المجاني. استقرت نهائياً في إسبانيا منذ 2011، قادمة من المغرب حيثُ تركت خمسة أبناء من طليقها. تزوجت مرة ثانية أخرى لكن القران لم يدم طويلاً بسبب مشاكل مع عائلة الزوج الإسبانية. تحكي لنا عن أن الخلافات العائلية هنا وصلت حدّ مرحلة التهديد بالقتل والمتابعات القضائية، وأنها لم تجد بداً من الهرب هنا لأنها لم تجد من يحميها حسب قولها.
"هاجرت إلى إسبانيا كي أحسن وضعي المادي وأنفق على أبنائي الخمسة، لكن وضعي المالي ساء كثيراً، خاصة وأنني لم أعد قادرة على العمل في الحقول بسبب معاناتي من مرض السياتيك" تقول فاطمة القادمة من منطقة ليساسفة بالمغرب، قبل أن تتحدث بحرقة عن أنها لم تتلّق أيّ دعم من السلطات الإسبانية رغم الاقتطاعات التي كانت تطال أجرها في أوقات عملها.
رشيدة وفاطمة (اسمان مستعاران)، مطلقتان بابنة لكل منهما. تحكي واحدة منهما: "تركت ابنتي لأسرتي حتى تتكفل بتربيتها، لا أستطيع العودة حالياً لأنني أحمل آمال أسرتي في إيجاد مورد رزق هنا يعيل ابنتي". تعيش الشابتان وسط العديد من الرجال في هذه المساكن الصفيحية، هي "مغامرة حقيقية وعندما اخترناها استعدنا للأسوأ، ومن ذلك احتمال تعرّضنا لاعتداءات جنسية، لكن وجدنا هنا شباباً ساعدونا وتفهموا أوضاعنا الصعبة".في "تشابولة" أخرى، كانت شابتان تعدّان وجبة الإفطار. أتتا إلى إسبانيا قبل أشهر لأجل العمل المؤقت في ضيعات الفراولة، لكنهما قرّرتا الاستمرار سراً في البلد بعد طردهما: "كان رئيسنا المباشر يتعامل معنا بقسوة، ويضاعف من ظروف العمل الصعبة. لم يكن راضيا عن عملنا رغم أننا اشتغلنا بكل طاقتنا. بعد 15 يوما من العمل أخبرنا أن عقدنا انتهى وأنه علينا العودة إلى المغرب، لكننا قررنا البقاء هنا لأننا لم نجن بعد حتى أقساط القروض التي حصلنا عليها لأجل السفر من المغرب" تقول إحداهن.
ندمنا على مجيئنا!
غادر سعيد (اسم مستعار) مقعده الدراسي أشهرا قليلة بعد التحاقه للمرة الأولى بالمدرسة. بعد سنوات كان الفقر عنوانها، هاجر سراً عبر البحر إلى إسبانيا حيث قضى عاما لحدّ الآن. لم يحتج سعيد، صاحب ال 20 عاما، وهو يستقبلنا في "التشابولة" حيث يعيش مع بعض أقرانه، لكثير من الوقت حتى يكشف ما يكتنف أعماقه من ألم:" طرقنا جميع الأبواب، لكنهم يرفضون تشغيلنا هنا بحجة أننا غير نظاميين. سمعنا في المغرب أن المال موجود في إسبانيا، لكن لما وصلت اكتشفت أن هذا الكلام غير صحيح". يوجه سعيد رسالة إلى الشباب المغاربة: " لا يغرّنكم من يتجّولون بسيارات ذات ترقيم أوروبي. فلو عاد بي الزمن للوراء لم أكن لأهاجر. أدرسوا وحققوا الإضافة في بلدكم، فلن تعانوا هنا غير الحرمان".
غير أن الوضع السيء لم يدفع برشيد إلى القول إن حاله في المغرب كان أحسن. في الثلاثينيات من عمره، كان يقطن في طنجة شمال المغرب، حيث كان يعمل مع شركة للعقار. بسبب خلاف مهني وجد نفسه خارج الشركة التي لم تمكنه من تعويضاته بسبب طبيعة عقده المؤقت معها حسب قوله. خلّفت واقعة طرده من عمله جرحاً في نفسه ظنّ أن الحل لإخماده هو الهجرة سراً، وهو اليوم أحد سكان "التشابولات". يقول لنا: "الحياة هنا أفضل. على الأقل لا يموت الناس تدافعاً لأجل الحصول على قفة مساعدات. في بلدي شاهدت الناس يموتون في المستشفيات لأنهم لا يتوفرون على الوساطات".
ازدياد أعداد المهاجرين سراً
تشير المعطيات الرسمية الإسبانية أنه يوجد 18081 مغربي في قائمة الترحيل الفوري، لكن لم يتم تطبيق ذلك إلاّ على 1363 حالة .ووفق ما نشرته وكالة الأنباء الإسبانية هذا العام، فعدد المهاجرين غير النظاميين المغاربة يصل بإسبانيا إلى حوالي ربع مليون، من أصل ما بين 700و 800 ألف مغربي في البلد. وحسب وكالة "فرونتيكس"، يحمل حوالي 40 في المئة ممّن عبروا البحر سراً في اتجاه إسبانيا عام 2017 الجنسيتين المغربية أو الجزائرية.
أرقام الهجرة السرية في اتجاه إسبانيا ارتفعت عام 2018 بسبب تشديد المراقبة على الخط البحري الذي كان يُستخدم للهجرة السرية بين ليبيا وإيطاليا، إذ تشير بيانات منظمة الهجرة الدولية، إلى وصول قرابة 20 ألف شخص إلى السواحل الإسبانية، وذلك فقط خلال الأشهر السبعة من هذا العام، بينما لم يتجاوز الرقم، خلال الفترة ذاتها من عام 2017، 6513 مهاجراً.
وما زاد من عدد المهاجرين المغاربة بشكل غير نظامي في إسبانيا خلال عام 2018، بقاء مجموعة من العاملات الموسميات بشكل سري بعد انتهاء عقودهم، حسب ما توصلّت إليه DW عربية من أكثر من مصدر، علماً أن قرابة 18 ألف عاملة موسمية مغربية وصلت إسبانيا خلال هذا العام.
الحلم بأوراق الإقامة
لا يهتم المهاجرون هنا بكل هذه الأرقام. خلقوا مجتمعا صغيراً يجمع من يملكون أوراق الإقامة بمن لا يملكونها. في بعض مجموعات الأكواخ المتناثرة هنا وهناك، تختلط روائح المأكولات المغربية بأخرى إفريقية من جنوب الصحراء وأخرى من بلاد الرومان، ومن حين لآخر يرتفع صوت الأذان ليدعو مسلمي الأكواخ إلى الصلوات الخمس. وأمام بعض هذه المساكن البلاستيكية، تتوقف سيارات، متوسطة الثمن. هي تعود في الغالب لمهاجرين نظاميين، اختاروا السكن هنا لأجل توفير المال. منهم من يعمل في الحقول، ومنهم من يعمل "خطافاً"، أي من ممتهني النقل السري في هذه الأرجاء.
كثيرة هي المواضيع التي يتداول فيها سكان هذه "التشابولات"، لكنهم توّحدوا في هذه الفترة من العام حول موضوع يخصّ إمكانية تسوية السلطات الإسبانية لأوضاع غير النظاميين. يحتل هذا الموضوع جلّ الأحاديث هنا منذ تشكيل الحكومة الإسبانية بداية يونيو/حزيران 2018، لكن لا يعلم الكثير من سكان "التشابولات" أن الحكومة الجديدة بقيادة بيدرو سانشيز لم تعط بعد أيّ إشارة حقيقية على أنها ستعيد سيناريو 2005، عندما سوّت حكومة رودريغيز ساباتيرو أوضاع 740 ألف مهاجر غير نظامي في البلد.
وفي انتظار تأكيدات التسوية من عدمها، يبقى عدد من هؤلاء المهاجرون في هذه "التشابولات"، بينما يعمد آخرون، وبمجرّد نهاية موسم جني الفواكه الحمراء، إلى الانطلاق إلى مناطق أخرى داخل إسبانيا للبحث عن لقمة العيش، وجزء منهم يُنقلون، في حال القبض عليهم إلى مراكز احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء. قصصهم هنا متعددة، لكنهم، وبعدما كان حلمهم في السابق أن يطأوا أرض إسبانيا، بات الكثير منهم يتوحدون في الحلم باليوم الذي يعودون فيه للمغرب، وقد حصلوا على وثائق الإقامة، حتى يعانقوا أفراد أسرهم، وتحديداً أمهاتٍ لا تعلم الكثير منهن، كمّ الألم الذي يقاسيه أبناؤهن في "النعيم الأوروبي".
DW - إسماعيل عزام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.