المنصوري: الحكومة تنقصها "لمسة الشعبوية" والتعديل الحكومي مهم لضخ نفس جديد    حماس تعلن وفاة أحد الرهائن الإسرائيليين متأثرا بإصابته في غارة جوية    كأس العرش لكرة القدم .. الرجاء الرياضي يبلغ نصف النهائي بفوزه على حسنية أكادير (4-2)    تحذير وزاري لمستعملي الطرق السيارة    حضور متميز لأسود الأطلس في نهائيات المسابقات الأوروبية للأندية    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض وتلون السماء بأضواء قطبية    انطلاق المهرجان الدولي للفروسية "ماطا" بمنطقة "بن مشيش"    الأزمي ينتقد تضارب المصالح في الصفقات العمومية الكبرى واستخدام قوانين المالية لذلك    القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية تكشف تفاصيل مناورات "الأسد الإفريقي"    المنصوري تقول إن أعضاء حزبها ال44 ألفا غالبيتهم ليسوا فاسدين مع تبني "ميثاق الأخلاقيات"    شبكات المخدرات تواصل عملياتها بسواحل الجديدة.. الدرك أوقف 6 متهمين والمهربون نجحوا في تمرير 95 رزمة حشيش    مبابي يعلن رسميا مغادرته باريس سان جيرمان    اضطرابات في حركة سير القطارات بين الدار البيضاء والقنيطرة    جماعة طنجة تساهم بنحو 13 مليون درهم لتطوير وتوسيع مطار ابن بطوطة الدولي    مركز الاستثمار يروج لمؤهلات جهة طنجة في ملتقى اقتصادي بالامارات المتحدة    العين الإماراتي يسقط ذهابا أمام يوكوهاما الياباني في ذهاب نهائي دوري أبطال آسيا    فاطمة سعدي ضمن لائحة أعضاء المكتب السياسي للبام    بعد اعتقال بعيوي والناصيري.."البام" يصدر ميثاق الأخلاقيات    نشرة إنذارية | زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بالبرَد بعدد من مناطق المغرب    وزارة التجهيز تحذر مستعملي الطرق    البحرين تحضر لانعقاد القمة العربية    دار الشعر بتطوان تفتتح ليالي الشعر في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    الكراوي يتناول "معطيات مرجعية" لتجربة تدريس العلوم الاقتصادية في المغرب    القنصل العام للسنغال بالداخلة: لا وجود لمهاجرين عالقين في الصحراء المغربية    المغرب يشيد باعتماد الأمم المتحدة قرار دعم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    مكافحة الاتجار بالبشر.. الولايات المتحدة تمنح 2.5 مليون دولار للوكالات الأممية بالمغرب    المعرض الدولي للكتاب والنشر.. المجلس الأعلى للتربية والتكوين يناقش الرافعات الكبرى لحكامة المنظومة التربوية الوطنية    إطلاق أشغال إنجاز خط سككي بين الدار البيضاء وبني ملال قريبا    هلال: المبادرة الأطلسية مقاربة متبصرة لتحقيق التنمية المشتركة        بعد شهر على الانتخابات.. أمير الكويت يحل مجلس الأمة ويعلق بعض مواد الدستور    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تبرز الأدوار التاريخية والرهانات المستقبلية لقنواتها الأمازيغية في المعرض الدولي للنشر والكتاب    كونفدرالية الصيادلة تشتكي "مستشفى الشيخ زايد" بالرباط وتطالب بفتح تحقيق في توزيعه الأدوية    بنسعيد: المغرب منخرط في خلق صناعات ثقافية وإبداعية قوية وتنافسية    فرقة كانديلا ارت الفنيدق- تطوان تترافع عن التراث الوطني في المهرجان الوطني لهواة المسرح بمراكش    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الفيضانات أفغانستان تودي بأكثر من 200 شخص    الإمارات تستنكر تصريحات نتنياهو حول دعوتها للمشاركة في إدارة غزة    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    أطروحة نورالدين أحميان تكشف كيف استخدم فرانكو رحلات الحج لاستقطاب سكان الريف    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    تصفيات كأس العالم لكرة القدم النسوية لأقل من 17 سنة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الجزائري    "الطاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    جديد موسم الحج.. تاكسيات طائرة لنقل الحجاج من المطارات إلى الفنادق    مدرب الجيش مطلوب في جنوب إفريقيا    صدمة جمهور الرجاء قبل مواجهة حسنية أكادير    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرعية الشعبيّة صمّام أماننا ..
نشر في أون مغاربية يوم 04 - 03 - 2012

زغلول النجار، عمرو خالد، صفوت حجازي، وجدي غنيم والبقيّة في الطريق.. كوكبة من الدعاة تتوافد تباعا على تونس، ومع ارتفاع حدّة الخطاب وصرامة المُحاجّة لدى الداعية ترتفع الأعداد التي ترتاد خطبه ومحاضراته، والمتابع للمشهد سيكتشف سريعا بأنّه ليس أمام جماهير عطشى للرقائق والمواعظ تتوق إلى نفحات الإيمان النديّة ومجالس العلم الغضّة التي طمستها جائحة تجفيف المنابع، بل هو أمام جماهير منهمكة في المغالبة ، ذلك لأنّ جلّ الجموع المتدفقة حينا والمتدافعة أحيانا نحو أفنية القاعات وأبهاء المساجد.. لا تطلب المعلومة الدينيّة والكلمة النافذة إلى القلب بقدر طلبها لألفاظ قويّة وشهب من الجمل الناريّة التي يمكن أن تغالب بها حالة من الاستفزاز أوجدها صائلا مخالفا بل مناقضا لها، هذه الجحافل التي يُشكّل الشباب سوادها الأعظم سوف تمضي بعيدا في بحثها عن دعاة حناجرهم أقوى وألسنتهم أطول وكلماتهم أحدّ حتى يتمكّنوا من ترجيح الكفّة أمام مشاهد سينمائيّة لا تعترف بالله ولا بسيدي وأمام مقاطع تلفزيّة عمدت إلى صورة "الربّ" فجسّدتها، وأمام صحف متحررة اتسع صدرها إلى صدور الشقراوات وتفسّحت صفحاتها في نشر اللحم الأحمر في الأكشاك وعلى قارعة الطريق وأمام حالة إعلاميّة ما فتأت تقرع طبول الفشل متطوعة لخدمة نخبة تسعى جاهدة لإتلاف أيّ محصول تنمويّ أو سياسيّ، وإن كانت هذه النخبة تعي جيدا ما هي بصدده الآن فإنّها لا تملك قطمير وعي بنتاجه وتداعياته على مستقبل بلادنا.
إنّ ما يحدث اليوم في تونس هو أمر في غاية الخطورة، فنحن أمام ثلّة من المراهقين السّياسيّين استهوتهم لعبة الأزرار القاتلة وتملّكهم سراب من الغرور فصوّر لهم اعتقادهم القاصر أنّه مثلما يمكنهم إشعال النّار يمكنهم كذلك التحكم في مساحة الحريق والتحرّك به في الاتجاهات التي يريدونها وكذا تحديد إقامته وإخضاعه للتوقيت الذي يتماشى ونزواتهم السّياسيّة، ولو أطفأوا نار الحقد وأضاءوا نور بصيرتهم لاقتنعوا بأنّ ما تسببه أعقاب السجائر قد تفشل في السيطرة عليه فرق مدججة من رجال الإطفاء المَهَرة ، لهذا ومن أجل أن نتجنّب الأسوأ، على بعض المبادئ الدنيا التي لا غنى لنا عنها أن تسود داخل المجتمع وتُعمّم على مكوّناته ونسيجه ، ولعلّ أهمّ ما يجب التوافق عليه أنّ الاختلاف والخلاف والتبيان والتنافر وحتى الكره والتباغض كل هذه المعاني وإن اجتمعت وتعاضدت لا يجب بحال أن تكون مؤهلة لسحب الشرعيّة والعبث بتركيبتها وإعادة إنتاجها بأشكال مشوّهة تغلب عليها الانتهازيّة ومبدأ "أنا أو الطوفان".
لقد أنفقت البشريّة قرونا ، وقدّمت ملايين القرابين من أجل أن تصل إلى صيغة سلسة ليّنة تفرز بموجبها الجماهير طبقتها الحاكمة ، وقد ترقّبت تونس طويلا دورها من هذا المنتوج البشري الفعال حتى أدركت محطة الرابع عشر من أكتوبر فمن الصنهاجيّين إلى الموحّدين ومن الحفصيّين إلى الحسيّنيين وصولا إلى البايات والمراقبين والزعيم والجنرال ..وأهل هذه البلاد يحلمون بلحظة رحلوا ولم يدركوها ، وأدركناها نحن اليوم، اختُزلت أحلامهم في حلمنا لكن بعض قومنا يصرّون على تبذير هذه اللحظة وطمس مزاياها وإخبات بريقها.
إنّ كل المحاولات المشبوهة لإيجاد بدائل لخيارات الجماهير ولتمييع دور الصناديق ستكون عواقبها جدّ وخيمة، وكل الذين يجهّزون خلطات ومستحضرات بديلة للشرعيّة يجب عليهم أن يتيقنوا أنّهم بفعلتهم تلك يكونوا قد دفعوا أطرافا أخرى لتسرع بدورها في إعداد خلطاتها ومستحضراتها وإن كانت بعض النخب اعتلت منصّات الإعلام والفضاءات النقابيّة والثقافيّة وشرعت في قصف الشرعية فإنّ نخبا من نوع آخر اعتلت منصّات المنابر وشرعت في قصفهم وقصف الشرعيّة معهم، والذين سيطروا على منابع المجتمع المدني ولوّوا عنقه ثم استعملوه من أجل خلق شرعيّة بديلة مشوّهة سيواجَهون بمن يسيطر على منابع المقدّس ويلوي عنقه من أجل خلق شرعيّة تحشد لنفسها كوكبة من النصوص الموجّهة وتستعمل المقدّس لتضفي القداسة على فعلها.
كل تلك الجماعات والأفراد والهياكل المسكونة بهاجس إعادة التأسيس وتحييد ثقافة وتركيب أخرى واجتثاث سلوك وزرع آخر وتقليم الهوية والتخفف من ركائزها وتأهيلها لاستقبال الغريب والشاذّ أو شحنها بجرعات ثقيلة ومركزة.. كل هؤلاء وأولئك لم يقدّروا هذا الشعب حق قدره وأسرهم الغرور حين اعتقدوا أنّ الشعب الذي شكّل ثقافته وهويته من عمق التاريخ وجمعها بهدوء عبر حقب طوال بإمكانهم اليوم تفكيك ما أنتجته القرون واستبداله بما أنتجته أذهانهم في لحظة خمره أيديولوجيّة ذات جرعات عالية وفي غفلة من أبسط أبجديات المنطق والمعقول.
وحده احترام هذا الشعب سيمكّننا من إنجاز العبور وليس من بديل أمام الجميع إلا المزيد من تثمين واحترام وتبجيل إرادة الجماهير وعلى كل مكوّنات المجتمع أن تتدافع برفق من أجل الصالح العامّ وأن لا تقدّم نفسها على أنّها سفينة النجاة الوحيدة راكبها ناج وتاركها هالك ولابد من التأكيد على ثقافة الاحتكام إلى الشعب وتثبيت ذلك في العقول والقلوب والقطع النهائي مع البدائل الإلتفافيّة، فالذين أسّسوا لداء النسخ ويتسابقون اليوم لنسخ شرعية الجماهير بشرعيّة الحداثة والتنوير هم بذلك يقدّمون الذرائع على طبق من ذهب للآخر كي يستعمل فهمه للمُقدّس في نسخ الجميع.
إنّ الرايات الحمراء التي تجتهد اليوم في إسقاط رايات الشعب هي من حيث لا تشعرتستفز وتستدرج وتُهيّيج راياتا خضراء داكنة تلك التي تُجمل ولا تُفصّل،
تتحرك فلا تقف إلا إذا أتت على الأخضر واليابس.. يا أنتم هنا في تونسنا فتنة نائمة.. لعن الله من أيقظها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.