إمريكا: مغترب كلما فتحت موضوع إسرائيل وأفعالها، تجد الوجوه تلونت، وتجد الأصوات خفتت، والخوف أخذ القلوب، والكل يتفادى الخوض في الموضوع، وحرية التعبير وئدت، والحناجر صمتت.. وتعساً لمن يتحدث بعد ذلك في هذا الموضوع . ... بأم ريكا 1 دهشة كنت أتمشى أنا وصديقي الأمريكي البوليفي الأصل، وآخر من الأمريكيين السود؛ قبل منتصف الليل بقليل، وفوجئنا بكلبين يعبران الشارع، وبشكل بطئ ومتردد؛ مما يدل على أن الكلبين يسيران على غير هدى، وبدون وجهة محددة، وبدون صاحب، أو بما يعتبر محليا عندنا كلابا شاردة ومتشردة.. وأصابتني الدهشة؛ كوني منذ وقت طويل لم أر قط متشردا، أو كلبا متشردا في شوارع أمريكا، وهو أمر طبيعي، كون الناس هنا يحبون تربية الحيوانات، ولا يقبلون تشردها، وبنفس الوقت هنالك جهات مختصة بجمع الحيوانات المتشردة ورعايته حتى تجد من يربيها.؟ المضحك هنا أني سألت أصدقائي هل أنتم مندهشون مثلي لهذا المنظر العجيب؟، فردوا بالإيجاب، وبنفس الوقت سألتهم، هل ستندهشون لو كان المتشرد هذا من الناس المواطنين بهذا البلد، فردوا بصوت واحد" لا" ، وضحكنا معاً..! 2 اعتداء كنت أدخل أماكن متنوعة من منازل ومكاتب، فأجد أن المتواجدين فيها اكتفوا بساعة يد، أو ساعة منبه، أو ربما الساعة على الهاتف الجوال، وكان الله بالسر عليما.. وتجد هؤلاء الناس أحرص ما يكونون على الوقت، والوقت هنا ثمين جداً، أثمن من الذهب، فلا هم يضيعونه بشئ تافه، ولا هم يضيعون المواعيد، ولا هم يضيعون وقت الآخرين.. وعلى الجانب الأخر، تجد العربي يمتلك ثلاث ساعات، وثلاث موبايلات، ومن أفخر الأنواع.. مع هذا، هو لا يهتم بوقت الآخرين، ويضيع المواعيد، وكل همه ضياع يومه، ربما بدعوى الملل، أو انتظار لنهاية دوامه بالعمل ليذهب فيتناول طعامه ثم ينام! 3 ترحم كنت أظن فيما مضى أن الشعب الأمريكي لا يحب الحديث في الدين ولا السياسة، وأيضا لا يحب السؤال عن دين الفرد وبلده الأصلي، كون الشعب الأمريكي أصلاً كله من المهاجرين، ولكنني اكتشفت العكس؛ حيث إن الأمور مفتوحة، وحرية الكلام مفتوحة؛ بشرط ألا تتطرق لموضوع واحد فقط، لا تشمله حرية التعبير والكلام، وهو أي موضوع يشمل اليهود أو إسرائيل!. إنك تجد هنا كل شيء مباح؛ لدرجة أنه من المباح التهكم على الرئيس أو الحكومة بالكلام والرسم، وكل وسائل التعبير، وكذلك التهكم على الأديان والأنبياء بما فيهم عيسى المسيح عليه السلام، وموسي كليم الله عليه السلام، وكل ما تشاء، ويضم للقائمة بالطبع سيدنا محمد عليه أفضل الصلوات والسلام ودينه الإسلام.. ولا حول ولا قوة إلا بالله. المضحك هنا أنني كلما فتحت موضوع إسرائيل وأفعالها، تجد الوجوه تلونت، وتجد الأصوات خفتت، والخوف أخذ القلوب، والكل يتفادى الخوض في الموضوع، وحرية التعبير وئدت، والحناجر صمتت.. وتعساً لمن يتحدث بعد ذلك في هذا الموضوع . رحمة الله على حرية التعبير في بلد الحريات المزيفة.